يعد إنشاء المحميات الطبيعية البرية والتوسع فيها وإنمائها نوعاً من الالتزام الايجابي والفاعل من جانب الدولة تجاه البيئة الصحراوية من منطلق أن هذه المحميات تعتبر خط دفاع رئيسي في مواجهة وضبط مشكلة التصحر التي تعاني منها البيئة الصحراوية الكويتية، وآلية مهمة في حماية الأحياء الفطرية البرية ( نباتية وحيوانية ) بما يسهم في صون تنوعها البيولوجي. ومن هذا المنطلق أعدت اللجنة الوطنية الدائمة للتنوع البيولوجي ( مشروعاً بقانون المحميات الطبيعية )، والذي يأتي في مقدمة أهدافه وضع حد للممارسات الخاطئة في حق الأحياء الفطرية والمحافظة على التنوع البيولوجي وصونه، وإعادة توطين الأنواع المنقرضة أو المهددة بالانقراض من أحياء فطرية ونباتية وحيوانية، وتقديم الرعاية البيطرية والغذائية للحيوانات الفطرية في المحميات الطبيعية بما يساعدها على التكاثر والنمو بصورة طبيعية. وأخيراً اجراء البحوث العلمية والميدانية على الحياة الفطرية بالمحميات بما يسهم في دعم حمايتها وتنميتها من خلال توفير أنسب الظروف الحياتية لهذه الأحياء. ولتحقيق الأهداف السابقة الذكر على أرض الواقع تم تخصيص أربع مناطق محمية في دولة الكويت هي محمية صباح الأحمد الطبيعية ( منتزه الكويت الوطني سابقاً) وهي أكبر المحميات الطبيعية في الكويت، ومحمية بركة الطيور شرق الجهراء، ومحمية خليج الصليبخات (الدوحة)، ومحمية الصليبية (كبد). وتقدر مساحة المناطق المحمية الحالية والمقترحة في المشروع بقانون للمحميات الطبيعية البرية بحوالي 3900 كيلومتر مربع أي ما يعادل 22% من المساحة الكلية للبلاد، وهي نسبة معقولة جداً واذا ما تحققت فسوف تسهم في تدعيم الجهود المبذولة لمكافحة التصحر وصون التنوع البيولوجي للبيئة الكويتية البرية. وقد شهدت البيئة البرية في الكويت منذ الثمانينات من القرن الماضي، وخاصة بعد إنشاء الهيئة العامة للبيئة وتعظيم دور الهيئة العامة لشؤون الزراعة الثروة السمكية والتعاون الايجابي من جانب بلدية الكويت في تحديد المناطق المطلوب حمايتها حراكاً بيئياً فاعلاً غير مسبوق في إنشاء المحميات الطبيعية وتطويرها وتنميتها. وفيما يلي شرح تعريفي موجز للمحميات البرية الطبيعية الموجودة حالياً والمحميات المقترح انشاؤها على المدى المنظور.
* محمية صباح الأحمد الطبيعية تقع محمية صباح الاحمد الطبيعية في المنطقة الشمالية الغربية من جون الكويت، وقد أنشئت هذه المحمية في عام 1988 تحت مسمى ( منتزه الكويت الوطني) بناء على قرار بلدية الكويت رقم (87) لسنة 1988، وتقدر مساحتها بنحو 330 كيلومتراً مربعاً، ومن ثم فهي أكبر المحميات الطبيعية مساحة ،وتشرف عليها الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بناء على القانون 9 لسنة 1988 الخاص بتعديل القانون 94 لسنة 1983 بشأن الهيئة العامة لشؤون الزراعة الثروة السمكية، وهو القانون الذي أضاف الى مسؤوليات الهيئة إنشاء إدارة جديدة هي ( إدارة المحميات الصحراوية) التي تتولى مهمة إدارة المحميات الطبيعية ومن بينها منتزه الكويت الوطني. وتقديراَ لجهود سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئيس المجلس الأعلى للهيئة العامة للبيئة في حماية البيئة وصيانتها، والذي شهدت المسيرة البيئية الكويتية خلال فترة رئاسته للمجلس الاعلى للهيئة حراكاً بيئياً فاعلاً ونشاطاً غير مسبوق في المسيرة البيئية، تم تغيير مسمى منتزه الكويت الوطني الى محمية صباح الاحمد الطبيعية عام 2003، وهي محمية متفردة لما تتمتع به من تنوع في مظاهرها التضاريسية التي تتباين بين سهول ساحلية وكتل صخرية وجروف ووديان وكثبان رملية وسهول منبسطة، ويعتبر جرف جال الزور ووادي أم الرمم من أكثر الظواهر التضاريسية المتميزة في المحمية. وقد أعلنت مركز للعمل التطوعي التي كان لها شرف القيام بإعادة تأهيل المحمية بالتعاون مع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية عن افتتاح ( محمية صباح الأحمد الطبيعية) في 3 مارس 2004 حيث تفضل سمو الشيخ صباح بافتتاحها. وعلى مستوى الأحياء الفطرية تزخر المحمية بتنوع نباتي، وقد رصدت الدراسات المسحية الأحيائية في المحمية 39 نوعاً من النباتات المقاومة للملوحة التي تنمو في المناطق الساحلية حيث تنتشر السبخات، هذا الى جانب 87 نوعاً من النباتات الصحراوية . ومن النباتات المقاومة للملوحة التي تنتشر في هذه المحمية الهرم والثليت والغردق وعشائر العرفج وعشائر الرمث، هذا الى جانب العضرس والقرضي والأرطة. أما بالنسبة للأحياء الحيوانية فقد تم التعرف في هذه المحمية على 151 نوعاً من الطيور، منها 14 نوعاً متوطناً أو شبه متوطن في المحمية مثل البومة الصغيرة والقبرة المتوجة وزقزاق السرطان، هذا الى جانب 21 نوعاً من الزواحف وخاصة في منطقة جال الزور من مثل الضب والورل وزواحف أخرى . وتم تسجيل 22 نوعاً من الثدييات منها 7 أنواع مهددة بخطر الانقراض مثل ثعلب الفنك، والقنفذ طويل الأذن، وغرير آكل العسل، وغيرها.
* محمية شرق الجهراء للطيور تقع هذه المحمية في المنطقة الغربية من جون الكويت في منطقة التحريج التابعة للهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية، ومن الأشجار المزروعة في هذه المحمية الأثل والصفصاف، وينتشر بها نبات القصباء الذي يجذب أنواعاً عديدة من الطيور المهاجرة . وقد تم انشاؤها بناء على القرار رقم 236 لسنة 1987، وتبلغ مساحتها حوالي 3.5 كيلومتر مربع، وتقع المحمية في مسار طرق الطيور المهاجرة من أواسط آسيا وسيبيريا الى أفريقيا ومناطق جنوب غربي شبه الجزيرة العربية. وتعد محمية شرق الجهراء من محميات الاراضي الرطبة حيث تضم المحمية بركة للمياه تكونت نتيجة لتجمع مياه الأمطار، إضافة إلى طرح معظم مياه الصرف الصحي المعالجة من محطة الجهراء. ويتجمع في موسم الهجرة الذي يبدأ عادة من شهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام أكثر من 250 نوعاً من الطيور المهاجرة ( طيور الترانزيت ) في رحلتها التقليدية السنوية، ومن أهم هذه الطيور طائر البلشون الرمادي والبلشون الذهبي وبط البركة والفلامنغو ودجاج الماء وأنواع الزقزاق والنورس والهدهد.
* محمية خليج الصليبخات ( الدوحة ) من المحميات الساحلية، وقد أنشئت في عام 1988، وتبلغ مساحتها 4.5 كيلومتر، وهي محمية طبيعية للطيور المهاجرة ( الوافدة)، وتشتمل المحمية على انواع عديدة من النباتات الساحلية، منها نبات الهرم والطرفاء والسواد والغرقد وغيرها، وتشرف على هذه المحمية الهيئة العامة للبيئة بالتعاون مع الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية.
* محمية الصليبية ( كبد ) من المحميات القديمة، حيث أنشئت في عام 1975، وتبلغ مساحتها حوالي 20 كيلومتراً مربعاً ، وهي محمية مخصصة للأبحاث والدراسات البيولوجية ويشرف عليها معهد الكويت للأبحاث العلمية، وتضم المحمية أنواعاً عديدة من النباتات أهمها نبات الرمث والعرفج والثمام، إضافة إلى 80 نوعاً من النباتات الحولية ، وتضم انواعاً من الأحياء الحيوانية منها الضب والجربوع والثعابين وأنواعاً من الطيور الوافدة.
* محمية ضلع القرين
انشأتها شركة نفط الكويت بالتعاون مع مركز العمل التطوعي وذلك برغبة أميرية سامية في تاريخ مارس 2011، وذلك بهدف إعادة تأهيل البيئة الكويتية إلى ما كانت عليه في السابق وذلك من خلال إعادة توطين النباتات والكائنات الحية التي انقرضت من البيئة المحلية بعد أن اشتهرت بها على مدى عقود طويلة. خاصة بعد أن تدهورت البيئة الصحراوية بشكل كبير بسبب الرعي الجائر وإقامة المخيمات وحركة المركبات والنشاط البشري بعد أن كانت البيئة الصحراوية تمتاز بغطاء نباتي كثيف كالعرفج والثندي وتعيش فيها العديد من الكائنات الحية.
إن لموقع وتسمية المحمية دلالات تاريخية وجغرافية هامة، فـ«القرين» هو الاسم القديم للكويت. إن من شأن المحمية أن تعيد التوازن البيئي إلى المنطقة، وتشغل المحمية مساحة 6.25 كيلومترات مربعة، ويحيط بها سور طوله 10 كم وفيها بئر ماء ووحدة لتحلية المياه.
«ضلع القرين» تغيرت طبيعتها عن ما كانت عليه في السابق وأصبحت مساحتها أضغر نتيجة لإصرار العديد من الشركات على أخذ الرمال من هذه المنطقة. لقد تم نقل الكثير من بذور النباتات الموجودة في محمية صباح الأحمد، كالعرفج والثندي والأرطى إلى محمية ضلع القرين على أمل أن يساعد هطول الأمطار على نموها في هذه المنطقة. وقد شهدت المنطقة ظهور العديد من الثعالب البرية، كما أن لدى محافظة الأحمدي مشروعا طموحا لتشجير الطريق المؤدي إلى المحمية على جانبيه وكذلك المناطق المجاورة لها والممتدة بعدها.
سميت بـ«ضلع القرين» نسبة لوجود مرتفع منفرد يقع في منتصف المحمية، وتقع المحمية ضمن منطقة البرقان التي توجد بها العديد من التلال مثل وارة والبرقان والقرين وتتميز أرض المحمية بأنها منخفضة منحوت في تكويناتها الصخور الرملية الكلسية الغير متماسكة التابعة لمجموعة الكويت،وتغطي المنطقة الرمال المنبسطة المعروفة باسم الدكاك جزءا كبيرا منها بالإضافة إلى الحصى، وتتميز التلة بأنها ذات قمة مسطحة.
* محمية أم النقا تقع في شمالي شرقي الكويت، وتتميز بكثافة غظائها النباتي، ومن النباتات المنتشرة فيها نبات الرمث والعرفج.
وهناك عدد من المسيجات ( محميات طبيعية صغيرة) تهدف الى دراسة إيكولوجية الأحياء الفطرية في بيئتها الطبيعية وهي : - محمية الشقايا تقع في المنطقة الشمالية الغربية على طريق السالمي، وتم انشاؤها عام 1989، وتبلغ مساحتها مليون متر مربع. - محمية الروضتين، وهي محمية قديمة تم انشاؤها عام 1974.
هذا بالاضافة الى محمية المطلاع ، ومحمية المناقيش والمقوع وهي مسيجات صغيرة تضم نبات الثندة والربلة والحاذ. إلى جانب المحميات القائمة حالياً، فإن هناك عدداً من المحميات المقترح انشاؤها لتوسيع دائرة المحميات الطبيعية لدعم دورها الايجابي في ضبط التصحر وصون التنوع البيولوجي، وهي أهداف استراتيجية تسعى إلى تحقيقها عملية التوسع في إقامة المحميات الطبيعية. هذه المحميات هي : محمية وادي الباطن – محمية الهويملية – محمية الحريجة- محمية أم قدير – محمية الخيران- محمية الجديلية – محمية أم نقا – محمية أم الهيمان – محمية المغيرة. وقد وقع الاختيار على هذه المناطق لحمايتها من منطلق أنها تضم انواعاً عديدة من النباتات الطبيعية بعضها من الانواع النادرة التي ينبغي حمايتها وتنميتها، مثل نبات القفعاء في أبرق الحباري، ونبات الكحيل في منطقة الدبدبة كما ينتشر فيها أنواع عديدة من الزواحف. ويمكن ان تستخدم هذه المحميات في توطين بعض الاحياء الحيوانية الفطرية التي تعرضت للانقراض مثل الغزال العربي.
|