تبعد 20 ميلا عن العاصمة السنغالية دكار
البحيرة الوردية تمد العالم بالملح
عنود القبندي
بحيرة مستقلة بذاتها وردية اللون، ظهرت إلى الوجود في شكلها الحالي قبل حوالي 35 عاما فهي جزء من المحيط الأطلسي وبفعل الجفاف انفصلت عنه. بحيرة مالحة وردية اللون خلابة وساحرة يأتي لونها هذا نتيجة تفاعل الطحالب وطفيليات بالبحيرة في غياب الأوكسجين مع ضوء الشمس مع الرياح بالإضافة إلى وجود نوع من البكتيريا يعطيها هذا اللون المميز تعرف بالبحيرة الوردية، فكلما كانت أشعة الشمس قوية وسرعة الرياح كبيرة يميل لون البحيرة بسرعة إلى الوردي فتتحول البحيرة إلى لوحة فنية وردية اللون.
تبعد حوالي 20 ميلا عن العاصمة السنغالية دكار فقد أصبحت معلما سياحيا يزوره الناس عندما أعلنت ذلك الأمم المتحدة بالإضافة إلى أنها أصبحت مصدر رزق للعديد من سكان القرى المحيطة. فهي بحيرة مالحة يستخرج منها أنقى أنواع الملح ولكن بطريقة بدائية من مياه زهرية اللون، يستخرج منها ما يقارب سنويا 23 طنا من الملح ويباع بأسعار زهيدة ، أنه عمل شاق لا يخضع لأي سلطة أو رقابة.
يبلغ طول البحيرة 5كم وبعرض نحو 300م وبعمق 3م، في الليل وعند هدوء الرياح يعود لون المياه إلى طبيعته. ونتيجة انحسار المياه في البحيرة وعدم تبدلها أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في مياهها، حيث تبلغ نسبة وجود الملح في اللتر الواحد من المياه نحو 400 جم في فصل الصيف ويقل عنه قليلا في الشتاء بسبب الأمطار، أي أن نصف مياه البحيرة من الملح والنصف الآخر من المياه. وهذا ما شجع سكان القرى المحيطة بالبحيرة إلى استخراج الملح وبيعه وبالفعل فقد تحولت البحيرة إلى منج للملح.
يعمل سكان القرى يوميا في استخراج الملح، منهم من يستأجر قاربا ويبدأ في العمل في الصباح الباكر حتى المساء، تحت أشعة الشمس الحارقة وسط مياه شديدة الملوحة. ومنهم من يحتاط باستخدام بعض الكريمات والزيوت مثل زيت النخيل لتقيه تأثير الملوحة على جسمه، يستخرج كل شخص ما يقارب ثلاثة أطنان كل يوم ويبيع الطن بمائتي ألف فرنك سنغالي، ويتم تقسيم المردود بينه وبين صاحب القارب والمرأة التي تنقل الملح من القارب إلى شط البحيرة لتجفيفه وتعبئته شريطة أن تكون أولوية البيع للمرأة لتشجيع النساء على هذا العمل الشاق ويتحدد عمل المرأة هنا في تفريغ الزوارق من الملح.
يتجمع الكثير من الزبد على أطراف البحيرة حيث يستخرج منه بعد تجفيفه أنقى أنواع الملح حيث يستخرج نحو 23 ألف طن من الملح سنويا من البحيرة، كل يوم يأتي التجار والوسطاء مع ناقلاتهم الكبيرة لشراء الملح من مستخرجيه بأسعار تعد زهيدة مقارنة بأرباح التجار كما هي العادة. يتم توريد الملح هذا إلى بعض الدول الأوروبية ودول من غرب إفريقيا. إن حصاد هذا الذهب الأبيض مشهد رائع فهذه البحيرة تمثل مصدر الدخل لكثيرين من السكان ليس من السنغال فقط وإنما من غينيا وجمهورية مالي.
وبسبب اللون الوردي للمياه الكثير من الزوار يأتون هنا لزيارة البحيرة التي أصبحت معلما سياحيا في السنغال، وهناك أقيمت بعض المنتجعات خصيصا لإيواء الزوار الذين يبيتون بجوار البحيرة للتمتع بمنظر مياهها الفريد من نوعه في الأرض.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 125