بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الايقاع البيولوجي

حكاية الإيقاع البيولوجي

د. راشد الرشود

تلقيت أكثر من مكالمة تلفونية .. تحمل تساؤلا عن حكاية الايقاع البيولوجى .. لقد سمع الناس هذا التعبير أو ذلك الاصطلاح ولم يفهموه .. والحقيقة أنه ببساطة شديدةجدا يعنى التفاعل بين الكائن الحى والكون من حوله .. انه يعنى الايقاع الحيوى .. ذلك أن كل كائن حى هو فى الحقيقة جزء من الكون .. فالكائن الحر يتأثر بالبيئة من حوله .. والبيئة تتأثر بما حولها .. وفى النهاية تجد أن الكون كله يتجاوب مع بعضه البعض .. فيقال .. إنه اذا اهتزت ورقة شجرة فى الصين تجاوب لها النسيم فى أنحاء الارض عاجلا أو آجلا .

ولكى نقرب مفهوم الايقاع الحيوى نقول .. عندما تشتد الحرارة .. يسارع جسم الانسان بإفراز العرق .. هذا العرق يعمل على خفض حرارة الجسم .. وبذلك يعمل على حفظ درجة حرارة الجسم فى حدود معلها .. حوالى 37 درجة مئوية .. فقد تصل درجة حرارة الجو الى 40 درجة مئوية .. ويظل الجسم محتفظا بدرجة حرارته شبه ثابتة .. هذا السلوك الحيوى يحدث دون تدخل من أحد، وهذا هو معنى الايقاع الحيوى .. هذا مجرد مثل بسيط .. ولكن البحوث والدراسات فى هذا المجال أثبتت أن الكائن الحى .. كل كائن حى نبات أو حيوان .. يخضع لدورة تعرف بدورة الاربع والعشرين ساعة يتأثر فيها الجسم الحى .. طبقا لساعات الليل والنهار .

مثلا فى لحظات الفجر .. يكون الايقاع الحيوى مختلف عنه فى العاشرة صباحا – وعند الظهيرة يختلف عنه فى الرابعة مساء .. وكذلك فى الثامنة مساء يختلف عنه عند منتصف الليل .. وهناك جداول للضغط ودرجة الحرارة وإفراز الهرمونات .. ومدى نشاط الانسان .. ومدى استجابته للعقاقير .. طبقا لذلك الايقاع الحيوى الذى هو نتيجة الاستجابة للعوامل البيئية .. أو بمعنى أدق العوامل الكونية من حوله .

والحقيقة أن أول من لاحظ هذا التميز البيولوجى فى الجسم الحى .. نتيجة للبيئة الكونية هو العالم الالمانى النمساوى الشهير البروفسور كارل يونج وله مركز آخر يعمل به تلاميذه بألمانيا بالقرب من مدينة ميونيخ فى بافاريا .. حيث تجرى البحوث على الطيور مثل الحمام والبط وبعض أنواع العصافير .. وبعض الحيوانات مثل الفئران والزواحف والقردة .. ولا تقتصر ردود فعل الآلة الحية .. على تغيرات ساعات الليل والنهار .. بل أيضا على العوامل الكونية الاخرى مثل العواصف والزلازل والبراكين .. ومثل الاحداث الطارئة كالحروب .. بل ومثل الحوادث الانسانية .. التى ينتج عنها الحزن والاكتئاب .

لقد سجل هؤلاء العلماء .. الكثير من التغيرات البيولوجية .. التى تصيب الحمام مثلا .. عندما يفقد الزوج وليفته .. أو العكس .. وفى النهاية يصل هؤلاء العلماء الى فلسفة كونية حيوية .. تؤكد أننا بعضا من هذا الكون وارتباطنا ببقية الكون .. ارتباط حيوى .. وما من نبتة خرجت من باطن الارض .. بأمر ربها .. الا ارتبطت بالدنيا من حولها .. شعاع الشمس .. قطرة الندى .. نسمة الهواء وما بها من أكسجين .. جاذبية الارض .. دورة الارض حول نفسها .. لتحيا الليل والنهار .. ودورة الارض حول الشمس .. لتعيش الفصول الاربعة .. وتسبح رب العالمين .

المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 61