العرب أطلقوا عليها " البرداء " وفي الغرب حمى المستنقعات
الملاريا أمصال مضادة وعقاقير للتغلب على الطفيل
دلال جمال
الملاريا... أي الهواء الفاسد في إشارة إلى توالد بعوض الملاريا في المستنقعات والمياه الراكدة، وكان القدماء يعتقدون أن الملاريا ينقلها هواء المستنقعات، لهذا كان الإنجليز يسمونها حمى المستنقعات بالإنجليزية: swamp fever، والعرب يطلقون عليها البرداء لأنها تسبب الرعشة الشديدة. فالملاريا مرض التهابي خطير يصاب به الانسان دون باقي الكائنات الحية، يسببه طفيلي خاص يسمى، قاتل تنقله إناث البعوض من النوع أنوفيلس Anopheles يدخل إلى كرات الدم الحمراء في جسم المريض فيخربها، ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض والعلامات أهمها الرعشة والانتفاضة والحمى والعرق والصداع والغثيان والقيء وآلام في العضلات وبراز مدمم ويرقان وتشنجات وإغماءات، وارتفاع في درجة الحرارة قد تصاحبه قشعريرة وعرق غزير وصداع. والملاريا تحدث أعراضاً أشبه إلى حد كبير بأعراض أمراض أخرى خاصة نزلات الأنفلونزا وتظهر تلك الأعراض، عادة، بعد مضي 10 أيام إلى 15 يوماً على التعرّض للدغ البعوض.
البلدان الفقيرة
ينتشر هذا المرض في بلدان العالم الثالث الفقيرة وينتقل إلى الأطفال عبر أكثر من طريقة، أهمها عن طريق البعوض، الذي يكثر بعد هطول الأمطار، وخاصة في المناطق الفقيرة والمهملة، والتي لا يوجد فيها تصريف صحي جيد لمياه الأمطار والمجاري. فالملاريا توجد في 100 دولة و40 % من سكان العالم معرضون لخطرها. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلا أن الملاريا تنتشر في قارة إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط وبعض بلدان أوروبا وجنوب شرق أسيا وغرب المحيط الهـــــــادي إلا أن 90 % من الإصابات تتركز في إفريقيا خاصة غرب ووسط وشرق القارة وأنثي بعوضة أنوفليس Anopheles هي الأكثر قدرة على نقل الطفيلي المسبب للملاريا أثناء امتصاصها لدم الإنسان الذي تحتاجه لتتمكن من وضع البيض مع ملاحظة أن ذكر البعوض لا يتغذى على الدم ولكن على رحيق الأزهار وعصارة النباتات.
حالات وفاة
ومعظم حالات الوفاة من الملاريا نجدها في الأطفال لأن جهازهم المناعي لم يكتمل والحوامل لأن جهاز المناعة لديهن يكون مثبطا أثناء حملهن ولاسيما لو كان الحمل لأول مرة، وبعض الأشخاص لديهم مناعة وراثية ذاتية تقاوم الملاريا وتمنع الطفيل من النمو والتوالد بأجسامهم، وتسبب مرض الملاريا طفيليات من الأوليات تنتمي إلى جنس المتصورات، تحملها و تختلف درجة الإصابة من موسم لآخر فأعلي معدل يكون في مواسم الأمطار نظراً لانتشار البعوض بكثرة لوجود برك ماء. ويكثر البعوض الناقل للملاريا في المناطق الدافئة الرطبة ويؤدي استقرار المناخ إلي انتشار المرض لفترة طويلة قد تمتد طوال العام أنواع معينة من حشرة البعوض، ومن أجل أن تتم الطفيليات دورتها الحياتية يجب عليها أن تدخل أجسام البعوض والبشر، لا توجد أمصال واقية لهذا الطفيل. هناك سلالة و نوع خطير من طفيل الملاريا يسمى بلازموديوم فالسيبارم (أي الشبيه بالمنجل) وهو مسئول عن اغلب الوفيات المتعلقة بالملاريا، هذا ولا يوجد تحصين فعال له.
انتقال المرض
تمر دورة حياة الطفيل بعدة مراحل نمو في الإنسان والبعوض الذي ينقله من شخص لديه عدوى الملاريا عن طريق لدغ أنثي بعوضة من نوع أنوفيلس ِAnopheles عاده لشخص مصاب بالملاريا حيث يمتص الطفيل المسبب للملاريا من دم الإنسان المصاب ولابد لهذا الطفيل أن ينضج في القناة الهضمية للبعوض ولمدة أسبوع أو أكثر ليكون قادراً علي إصابة شخص سليم ينتقل بعدها إلي الغدد اللعابية للبعوضة ويسمى هذا الطور باسم سبوروزيت Sporozoite وعندما تلدغ هذه البعوضة شخصاً سليماً فإن الطفيل ينتقل إلي دم الإنسان في كل مرة تمتص فيها دمه. يهاجر الطفيل مباشرة إلى كبد الإنسان ويدخل خلاياه وينمو فيها متكاثراً وفي خلال هذة الفترة التي يتواجد فيها الطفيل داخل الكبد لا يشعر الإنسان بأعراض المرض. وبعد فترة تتراوح بين 8 أيام إلى عدة شهور ينتقل الطفيل من الكبد ليدخل كرات الدم الحمراء حيث ينمو ويتكاثر بداخلها ثم تنفجر الكرات ليخرج منها أعداد كبيرة من الطفيل تهاجم كرات دم جديدة ويخرج من الكرات أيضاً سموم هي التي تؤدي إلى الشعور بالمرض وفي هذة الفترة إذا تمكن البعوض من لدغ الإنسان المصاب فإنه يمتص الطفيل من الدم ليظل في جسمه لمدة أسبوع أو أكثر بعدها يصبح قادراً على نقل المرض لشخص آخر. حيث يمتص دمه ليصيب شخصا سليما بالمرض عن طريق بث لعابه بعد لدغ جلده. واللعاب به إسبيروزريدات (sporozoites) التي تعيش في الغدد اللعابية للبعوض.
طرق الوقاية من الملاريا
الحذر من لدغ البعوض عن طريق ارتداء الملابس الطويلة و تغطية معظم أجزاء الجسم واستخدام مواد طاردة للبعوض وصواعق الحشرات بأنواعها المختلفة، والنوم تحت شباك واقية (ناموسية السرير) في حالة المعيشة في غرف غير مكيفة أو لا تحتوي على نوافذ مثبت عليها أسلاك واقية للحشرات، ونقع ناموسية السرير في مبيد برميثرين Permethrin لمنع البعوض من الاقتراب منه. الرش الدوري للمصارف والبرك بالمبيدات أو الكيروسين لقتل يرقات البعوض، تربية الأسماك كالبلطي وغيره من الأسماك والضفادع لتلتهم يرقات البعوض في المياه الراكدة. يمكن استعمال خليط من زيت الليمون والكافور أو زيت السترونيلا لدهان المناطق المكشوفة بالجسم، واستعمال الدهانات والسبراى الطاردة للحشرات على الملابس والأماكن المكشوفة من الجسم قبل الخروج لهذه المناطق، عدم المشي علي المسطحات الخضراء عقب حلول الظلام، الأدخنة لطرد البعوض من حدائق المنازل ويوجد لوالب ُمدخنة يمكن استعمالها في الأماكن المكشوفة· يتم تسخين سخان كهربائي لتبخيرأقراص المبيدات النباتية أغلبها مركبات نباتية أهمها البيرثرم، لطرد البعوض من الأماكن المغلقة. استخدام صواعق للحشرات أو اللمبات الحرارية الطاردة للبعوض في الأماكن العامة والمحلات والنوادى، تجنب استعمال الملابس الداكنة اللون حيث أنها تجذب البعوض، تناول عقاقير مضادة للملاريا للوقاية من الإصابة في فتره تعرض الإنسان للدغ البعوض إلا أن ظهور سلالات من الملاريا مقاومة للعقاقير المستخدمة يجعل المشكلة أكثر تعقيداً.
وهناك أبحاث تجرى لمحاولة الحصول على أمصال مضادة وتوليفات جديدة من العقاقير للتغلب على مشكلة السلالات المقاومة التي تظهر بين الحين والآخر ولكن لن يكون ذلك متاحاً قبل مرور سنوات.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 118