بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

قنديل البحر

قنديل البحر

لدغاتها تشير إلى الرعب وتتربص بالسياحة

اكتشاف فصيلة جديدة من قناديل البحر لها أذرع بدلا من الأهداب

اكتشف الباحثون نوعاً جديداً من قنديل البحر يختلف عن القناديل الأخرى، لدرجة أنه يستحق أن يشكل فصيلة فرعية بذاته  اطلق الباحثون اسم ديكفانوس على قنديل البحر الذي يعيش في المياه العميقة في كاليفورنيا ويشبه شكل الجرس وله أربعة اطراف واطلق الباحثون في البداية اسم ذي النتوءات على قنديل البحر الجديد لأنه مغطى بكثير من النتوءات الصغيرة لكنهم حولوه إلى الاسم الجديد وهو اسم علمي هو ستيلا ميدوسافينتانا «تحت فصيلة ديكفانوس».

ويقول كيفين راسكوف الاختصاصي في الاحياء البحرية بمعهد الابحاث البحرية بكاليفورنيا مكتشف النوع الجديد أن كلمة ستيلا تشير إلى لونه الابيض، المضيء والأذرع المتدلية منه، مما يجعله يشبه نجماً سياراً، أما كلمة ميدوسا فهو اسم شائع لقنديل البحر.

يختلف هذا القنديل عن غيره في أن له اذرعاً بدلاً من الاهداب كما يقول راسكوف وتخرج الاذرع من داخل جسم القنديل الذي يشبه الجرس وتقوم بعمل الشفتين لتساعد في دفع الطعام نحو الفم والنتوءات عبارة عن عناقيد من خلايا دقيقة تساعد القنديل في القبض على الفريسة.

والتشريح وسلوك القنديل الجديد يختلفان بدرجة كافية ليكون فصيلة فرعية، ويقول راسكوف أن هذا اكتشاف حقيقي، مثل الاسود والقطط المنزلية المستأنسة، فهي من نفس العائلة، لكن من فصيلتين مختلفتين واطلق راسكوف اسم ستيلا ميدوسيتا على الفصيلة الفرعية الجديدة، وبذلك تصل الفصائل الفرعية لقنديل البحر إلى ثمانية.

وقد انتظر راسكوف وزميله جورج ماتسو سنوات بعد العثور على أول نوع من الفصيلة الفرعية الجديدة قبل نشر الاكتشاف بهدف جمع مزيد من المعلومات عنه وقد اكتشف راسكوف وزميله هذا النوع منذ 13 سنة عثروا فيها عليه سبع مرات فقط، منها خمس مرات في خليج مونتري في كاليفورنيا ومرتين في خليج كاليفورنيا على مسافة بضع آلاف من الكيلومترات  ولا يعرف الباحثان أين يوجد هذا النوع خلاف هذين المكانين وهو يعيش علي عمق 150550 متراً تحت سطح المياه، تحت المسافة التي تصلها أشعة الشمس  هذه المنطقة المظلمة من المياه يوجد بها العديد من أنواع الأحياء المائية من قنديل البحر والجيلاتينيات الأخرى.

وتقول كلوديا ميلز اختصاصية الاحياء البحرية في معامل فرايدي هاربور بجامعة واشنطن لابد أن هذا النوع من قناديل البحر نادر جداً، فلم يلاحظه أحد من قبل، كما أنه من الصعب العثور عليه.

وقد عثر راسكوف وزميله خلال غوصهما على هذا القنديل واحضراه إلى المعمل حيث غذياه على القريدس وانواع من الحبار  انزلق الطعام نحو القنديل والتصق بالنتوءات والبروزات، ثم نقلته الاذرع نحو الفم المفتوح المنتظر للطعام. ويحتمل أن تقوم النتوءات والبروزات بضخ السم في الفريسة لقتلها، كما يتوقع ديفيد كونواي اختصاصي الاحياء البحرية برابطة الاحياء المائية البريطانية

ويعتقد راسكوف أن يكون غذاء هذا القنديل مثل غذاء اقرانه من قناديل البحر، ويذكر أن طوله يبلغ نحو 20 سم وعرضه 10 سم.

قناديل البحر السامة

ويعيش في مياه استراليا نوع من الاسماك الهلامية يعرف باسم قنديل البحر الصندوقي ويعتبر من أشد الحيوانات سمية في العالم، وتتسبب لدغاته في نقل مئات الناس سنوياً إلى المستشفى في حالة اسعاف، يعاني العديد منهم مما بات يعرف بـ «عارض اريو كاندي» نسبة إلى اسم أحد اصناف هذه الكائنات البحرية الصغيرة الفتاكة  ولا يتجاوز حجم قنديل اريو كاندي حجم حبة الفول السوداني، ومع ذلك فإنه على الأرجح المخلوق الأكثر سمية على وجه الأرض.

تسبح هذه القناديل في الماء متخفية عن الأنظار تقريباً، حيث تكون اجسامها الشفافة مغطاة من الرأس حتى أطراف المجسات بخلايا لاسعة تطلق حرابها السامة لدى ملامسة أي جسم لتنغرس في الجلد.

وغالبا ما تكون اللسعة خفيفة، بحيث يكاد الضحية لا يلاحظها، إلى أن يسري السم في جسمه، حيث يشعر بألم رهيب ويبدأ بالتقيؤ ويعاني من صعوبة شديدة في التنفس، وعندما يصل الشخص المصاب إلى المستشفى يسارع الاطباء إلى اعطائه جرعة كبيرة من المسكنات، لكنهم لا يعطونه مصلاً مضاداً للسم، وذلك لعدم توفر مثل هذا المصل فبرغم شدة لسعات قناديل اريو كاندي وكثرة تكرارها، لم يتم إلى الآن التعرف على الخصائص المميزة لسمها، أو سم أي نوع آخر من القناديل الصندوقية وفي الحقيقة أن الغموض يكتنف كافة جوانب هذه المخلوقات، إذ تقول ليزا جيرشوين خبيرة الأسماك الهلامية في جامعة جيمس كوك الاسترالية  «نحن نجهل حتى الحقائق الأساسية حول القناديل الصندوقية».

مقتل 67 شخصاً

ولا يقتصر جهل العلماء على قنديل «اريو كاندي» وحده، بل إنهم لا يعرفون سوى النزر القليل عن قنديل متوحش آخر يدعى «شيرونكس فليكري» بحجم الكعكة التقليدية المستخدمة في الحفلات ومسلح بـ 60 مجساً لاسعاً  وقد قتل هذا القنديل 67 شخصاً في استراليا منذ بدء توثيق مثل هذه الحوادث في عام 1883 ويمكن أن يصرع رجلاً بالغاً خلال ثلاث دقائق، ومع ذلك لا أحد يعرف طبيعة سمه الفتاك ويبدو واضحاً بشكل متزايد أن هذا الجهل يخلق خطراً على الصحة العامة.

فبرغم الاجراءات المشددة للفصل بين الناس والقناديل الصندوقية العام الماضي استقبلت المستشفيات أعداداً قياسية من المرضى المصابين بعارض الاريو كاندي.

ولأول مرة تم توثيق حالات وفاة ناجمة عن لسعات هذا القنديل  ففي شهر يناير العام الماضي، توفي البريطاني ريتشارد جوردان، البالغ من العمر 85 عاماً، متأثراً بقصور قلبي بعد تعرضه للسعة قنديل قبالة جزيرة هاميلتون  ثم بعد ذلك في شهر ابريل توفى رجل أميركي يدعى روبرت كينغ في الـ 44 من عمره متأثراً بنزيف دماغي شديد بعد تعرضه للسعة في الحيد المرجاني العظيم.

وفي أعقاب هذه الحوادث، سارعت صناعة السياحة المتأثرة بهذه السمعة السيئة إلى البدء في ضخ المال في ابحاث القناديل الصندوقية وما وجده الباحثون إلى الآن كان مفاجأة كبيرة غير متوقعة أولاً، تبين أن قنديل البحر الصندوقي ليس قنديلاً على الاطلاق، إذ يبدو وكأن هذه الأسماك تشق لنفسها مساراً نشوئيا منفصلاً من العصر ما قبل الكمبري قبل 543 مليون عام، والادهى من ذلك أن البحر، كما اكتشف الباحثون يعج بأصناف مجهولة من القناديل، بعضها أشد خطورة حتى من الاريو كاندي.

وحتى من منظور سلوكي أيضاً، فإن القناديل الصندوقية تبدو مختلفة  فالقناديل الحقيقية هي كائنات بحرية بليدة تنجرف مع تيارات المحيط، لكن الاسماك الهلامية الصندوقية هي كائنات سريعة مفترسة تنقض على فريستها برشاقة ووحشية لا تصدق، كما أنها تنام في الليل، وهو سلوك غير معروف بين المخلوقات البدائية المشابهة، وهي تمتلك أيضاً نظاماً حسياً متطوراً يتضمن عينين من نوعين مختلفين من العيون ومن الغريب أنها مع ذلك لا تمتلك دماغاً لمعالجة المعلومات.

عيون بشرية

واكتشف العلماء أن للقنديل الصندوقي نظاماً بصرياً غريباً يتكون من 24 عيناً مقسمة إلى أربع مجموعات، موزعة على جوانب جسمها المكعب، ولاحظوا أن بعض تلك العيون شبيهة بالعين البشرية من الناحية التشريحية حيث تحتوي على عدسة وشبكية وقرنية  ويعزي الخبراء تلك القدرات الخارقة التي تمتلكها هذه الكائنات إلى طريقة عيشها التي تعتمد على تصيد الاسماك وافتراسها بكفاءة عالية.

وفي حين تستنفر صناعة السياحة لتهدئة المخاوف من هذه الكائنات الرهيبة، يخشى بعض الخبراء أن المخاطر الصحية تفوق الأرقام المعلن عنها مشيرين إلى الحقيقة أن لسعة القنديل الصندوقي لا تترك علامات خارجية على الجسم مما يجعل حالة الوفاة مفتوحة لعدة تشخيصات أخرى، وهو ما يعني أن عدد ضحايا لسعات هذه القناديل المتوحشة ربما يفوق بكثير العدد المعلن عنه رسمياً.

ويوافق جامي سيمور، عالم الأحياء الاستوائية في جامعة جيمس كوك على هذا الرأي مشيراً إلى أنه في السابق كان يعتقد أن وجود قناديل «شيرونكس» القاتلة محصور في المياه الاسترالية الشمالية ولكن تبين الآن أنها موجودة في بابوا نيوغينيا، ماليزيا، اندونيسيا، الفلبين، تايلاند وفيتنام  كما أن قناديل الاريو كاندي أيضاً يرجح أنها منتشرة على نطاق واسع في المحيط الهادي.

ويقول سيمور «هناك اشخاص يتعرضون للسعات هذا الكائن ويلقون حتفهم في مختلف أنحاء المناطق الاستوائية، دون أن يعلم أحد بأمرهم».

ومع تدفق كل هذه الاكتشافات، وربما يكون الاستراليون معذورين إذا تهيبوا النزول في الماء بعد الآن لكن هذا الوعي المتزايد بدأ يؤتي ثماره باحراز تقدم معهم في ابحاث المصل المضاد واستنباط طرق علاجية فعالة لعارض اريو كاندي  وتعتمد على حقن المصاب بمادة فوفسفات المغنيزيوم في هذه الاثناء اكتشف فريق سيمو مركباً يستطيع على ما يبدو منع الخلايا اللاسعة من حقن سمومها في الجسم، ويقول الباحثون أن المركب قد يستخدم في كريم واق من الشمس مقاوم للماء يضعه الناس على أجسامهم لحمايتهم من لسعات القناديل السامة في الماء.

 

 

المصدر :مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 67