بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

المحميات الطبيعية في الكويت

تحقيق حول قسم المحميات الطبيعية في إدراة الموارد الحية بدولة الكويت

حنان القلاف

إدارة الموارد الحية

تسحر المناظر الخلابة الإنسان، وتبعث في نفسه الراحة والانتعاش تماماُ كما تؤثر الرائحة الذكية والوجبة اللذيذة وأيضا الوجه الحسن.. وتزخر دولة الكويت بكل هذه العوامل التى تبهج الإنسان ماعدا المناظر الطبيعية الجميلة والتى تكاد تقتصر رؤيتها على موسم الربيع حين تزدهر النباتات الحولية، وتتفتح الأزهار في أرجاء الصحراء .. فتتحرك جموع من البشر للانتقال من الحياة المدنية إلى الحياة الريفية، من أجل الترفيه عن النفوس المتعبة، وكسر الروتين المدني الثقيل، فيقتحمون تلك الأراضي، والتى اكتست بحلة خضراء نضرة- بمركباتهم ومدينتهم، ضاربين بهدوء المكان وانتشار الأزهار وسلامة اعشاش الطيور عرض الحائط. وذلك بإقامة المخيمات بكثافة، والصيد والرعي الجائرين، فتتحول قطع الأرض الخضراء إلى صحراء قاحلة وموحشة توحي بالخوف والملل، حيث تفر الطيور من اعشاشها، وتهرب الحيوانات من أوكارها.

ومما يدعو للحزن أن الإنسان يدمر بيئته. بيديه والتى يبنى بهما مدينته ورفاهيته، ويهدر ثرواته القيمة المجهولة ويحيلها حطاماً يقف حائراً أمامه.. فلذلك لابد من تضافر الجهود، والعمل على حماية بيئتنا من التدهور والمحافظة عليها بشتى الوسائل.

وهنا يأتى دور قسم المحميات الطبيعية في إدارة الموارد الحية التابعة للهيئة العامة للبيئة، بتولى زمام الأمور لإدارة المحميات، وتحويل القطعة الجغرافية المحمية إلى مكان أفضل لبلوغ الهدف المرجو من الحماية، سواء كان الهدف علميا أو تربوياً أو اجتماعيا ( محمية تراث طبيعي).

وقد كان لنا لقاء مع السيد ناصر الدين باقر أسد من قسم المحميات الطبيعية حيث قال: بدأت مسؤولية القسم في عملية الحصر الدورى للكائنات الحية (نباتات وحيوانات) في المحميات التابعة للهيئة العامة للبيئة (محميتي الدوحة والجهراء) ومتابعة بعض الأمور المتفرقة فى الشؤون الإدارية.

وأخذت هذه المسؤولية بالتوسع عندما التزمت دولة الكويت باتفاقية التنوع البيولوجي، وذلك عندما قام سمو أمير البلاد بالمبادرة الجليلة بتوقيع اتفاقية التنوع البيولوجي في قمة رأس الأرض سنة 1992 فى ريو دي جانيرو في البرازيل، حيث أصبح موضوع التنوع البيولوجي في حيز التطبيق منذ ذلك الوقت، حيث تنص الاتفاقية على تخصيص 10% من مساحة الدولة كأراض محمية، وأدى ذلك إلى تواتر الجهود المحلية عن طريق تأسيس اللجنة الوطنية لحماية الحياة القطرية، والتى أصبحت تسمى اللجنة الوطنية للتنوع البيولوجي، والتى تضم بوتقة من المسؤولين والخبراء الكويتيين المهتمين بحماية البيئة فى دولة الكويت، في سبيل وضع استراتيجية وطنية للتنوع البيولوجي، والتى تمر الآن في مراحل التشريع المختلفة.

وماذا عن المحميات التى يشرف عليها القسم؟

أنشئت محميتا الجهراء والدوحة لأغراض الدراسات العلمية في نهاية الثمانينيات بمساحة 2.5 كيلو مترمربع و4 كيلو مترات مربعة على الترتيب. وتعد المحميتان من المحميات الساحلية،

حيث تتميز محمية الجهراء بكونها المحطة الطبيعية للطيور المهاجرة عبر قارتي أوروبا وأفريقيا خلال موسمي الهجرة في الخريف والشتاء.

وتأتي اهمية محمية الدوحة من حيث وجود مسطحات الطمي التي تعد بيئة غنية بالكائنات الفطرية البحرية والبرية، كما تستقبل هذه المحميات أعداداً لا مأمن بها من الطيور مثل: الحمام البري(Turtle Dove)، الشرياص(Castrol)، الخضيري ( Blue check bee eater)، إضافة إلى النحام الكبير ( Flamingo )، واللقلق ( Heron ) وهناك مجموعة الطيطويات والزقزاقيات والتي تعرف باللهجة الكويتية بالرهيز، والمغردات مثل المغرد الكبير وهي ماتعرف بالمرادم.

وهناك تنوع في النباتات كالنباتات الملحية مثل: الشتان ( Seridlitza rosmarinu)، والهرم ( Zygoplyllem )، والتس توجد بكثرة في محمية الدوحة، بينما في محمية الجهراء تنتشر أنواع من النباتات المساندة مثل الطرفة ( Mari aucheri )، والقلعان ( Suaeda aegyptiaca)، وأيضا االبوص (Pharagmites australis).

وهناك النباتات التي تنمو في المناطق السهلية الرملية مثل: الحماط(Moltkiopsis )، والصمعة (Stipa Capensis )، وشدق الجمل ( Cardyus Pycnocephalus).

وبعد أن وقعت دولة الكويت على اتفاقية التنوع البيولوجي، تم الإعلان عن أول محمية محيط حيوي بمساحة 150 كيلو مترامربعاً، وتشمل العديد من النظم البيئية مثل النظام البيئي الساحلى والكثبان الرملية، والسهول الحصوية والسهول المنبسطة بكل ماتحتويه من تنوع فى الكائنات الفطرية، حيث تمتد ما بين جال الزور والروضتين، وسميت بمنتزه الكويت الوطني.

وسألناه عن طبيعة العمل في قسم المحميات الطبيعية فأجاب قائلاً:

إن طبيعة العمل جانباً جمالياً يتمثل فى أن أعضاء القسم يعملون في الحقل (خارج المكاتب) فى المناطق الهادئة، وخاصة في ساعات الصباح الأولى، وفي ساعات متأخرة من الليل، وهذه المناطق عادة ما تكون خالية من التلوث في معظم الأحيان، إلا أنها بطبيعة الحال، لاتخلو من الأخطار من حيث وجود الزواحف السامة، والتعرض للدغ الأفاعي والثعابين، والتى تعيش بكثرة فى المناطق التي نعمل بها فى الحقل، وأضاف السيد ناصر الدين بأن ما يعحبنى في طبيعة العمل هي أنه لا يوجد روتين يومي بل إن هناك دوماً تجدداَ وتغيراً في التعايش في أجواء العمل الخارجية، مما يضفي عليها متعة ونشاطاً، ومن جانب آخر فإن طبيعة العمل أبرزت لدى هواية التصوير الفوتوغرافي، وذلك من أجل توثيق الكائنات الحية التي نراها في المحمية أو في البر، والهدف من ذلك هو شد اهتمام الناس إلى الصحراء والدعوة للمحافظة عليها بواسطة الصور الجميلة.

ويشترك الزملاء العاملون في قسم المحميات وهم اليادة هاني التميمي وخالد الغانم ويحيى الشهابي ونادية الصقر ونادية الظفيري إضافة إلى رئيس القسم الآنسة منال الدليمي – بالرغم من إختلاف تخصصاتهم مابين علم الحيوان والنبات والجغرافياوبيطرية الحيوانات البرية، في تكوين مجموعة متجانسة تعمل بجد، والتقاط الصور المختلفة لنباتات وطيور وحيوانات المحميات في سبيل جمع الوثائق الفوتوغرافية عن الكائنات الفطرية في دولة الكويت. وهذا العمل بهدف إلى نقل الصور الجميلة التى نراها في تلك المناطق النائية إلى العامة، وذلك لتنمية الحس البيئي في الشارع الكويتي، والهدف الآخر من عملية التوثيق هو محاولة إظهار جانب من الجوانب المفقودة للثروات القيمة في صحراء دولة الكويت على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ثم سألناه : المعروف أنه كما توجد إيجابيات فى كل عمل فإنه لا يخلو من بعض السلبيات فهلا حدثتنا عن ذلك في عملكم؟

أجاب السيد ناصر الدين قائلاً: إن التركيز عادة ما يكون على السلبيات، ثم الإيجابيات.. والمعوق الرئيسي في العمل يتمثل في عدم وجود قانون للمحميات الطبيعية في دولة الكويت، يمكننا من خلاله تنفيذ قانون العقوبات للحد من مخالفة المتجاوزين. وبصورة خاصة في محمية الجهراء، حيث يكثر صيد الطيور باستعمال الأسلحة الناريةن وإتلاف أجزاء من السياج لدخول المحية.. ولذلك فإننا نأمل أن يسن هذا القانون، والعمل على تخصيص مواقع أخرى للحماية.

ومن جانب آخر فإنه فى فترات الصيف القاسية، حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 60 درجة أو اكثر، فإن الكثير من الحيوانات تختبئ فى الجحور تفادياً للحرارة العالية، لذلك فإننا نعمل لمراقبتها وتصويرها فى أماكن تواجدها فى الحقل في أوقات متأخرة من الليل، حيث ترتفع نسبة التعرض للأخطار.

أما عن أهم الإيجابيات، فإننا عندما نذهب إلى منتزه الكويت الوطني والمناطق المحيطة به(كاظمة)، فإننا نشعر بالإنتماء إلى الأرض والراحة التامة والسرور، حيث يختص هذا المكان بتعدد الأنظمة البيئية، والمسطحات الطينية والكثبان الرملية الحصوية، ووادي المم والنتوءات الصخرية لسلسلة مرتفعات جال الزور، مما يتيح لنا الفرصة لمشاهدة كم هائل من أنواع وأصناف الكائنات الحية، بمعنى أن منتزه الكويت الوطني يتمتع بتنوع الأنظمة البيئية، والذى يؤدي إلى الحصول على أرقى أنواع التنوع البيولوجي.

وكذلك الحال بالنسبة إلى وادى الباطن الذى يتميز بتنوعه البيولوجي الجميل.

هلا حدثتنا عن المشاريع والأفكار المستقبلية لقسم المحميات الطبيعية؟

يمكن تلخيص هذه الأفكار في نقطتين رئيسيتين هما :

* برنامج لزيادة الوعي البيئي بأهمية المحميات لدى فئات المجتمع المختلفة، ويتركز خاصة على الشباب منطلبة المدارس في المراحل الدراسية المختلفة، فعندما يزداد الإدراك بأهمية هذه المحميات نحو المحافظة على التنوع الإحيائي، وبالتالى المحافظة على الموروث الشعبي في ارتياد البرية للنزهة، واستخدام الوسائل الفديمة للصيد، وخاصة صيد الطيور مثل الحبال، وبنادق الهواء بدلاً من بنادق الرش والتى تقتل عدداً كبيراً من الطيور بطلقة واحدة. وبدأت الخطة بإنشاء مركز الجهراء التعليمي الذى يضم قاعة للمحاضرات ومختبراً ومكتباً إدارياً، وسيقوم هذا المركز بعد تشغيله بعقد عدد من الدورات والرحلات لطلبة المدارس، وذلك لترسيخ فكرة أهمية المحميات في المحافظة على البيئة الكويتية.

* برنامج إعادة توطين الكائنات المعرضة للانقراض، فكما هو معروف لدى الكويتيين وخاصة من كبار السن حيث تغنوا بذلك في قصائدهم وجود الغزلان في بر الكويت والتى انقرضت بسبب الصيد، وكذلك طيور الحبارى، إضافة إلى النباتات التى انقرضت نتيجة للرعي الجائر والاحتطاب مثل نبات العرفج والأرطي والحماد والهرم، لذا يهدف القسم للقيام بإكثار هذه الكائنات وخاصة الطيور في المحميات ثم إطلاقها فى البرية، بعد وصولها إلى عمر معين يسمح لها بالاستمرار والاستقرار فى البيئة الكويتية.

سؤال أخير للسيد ناصر الدين هل من كلمة فى نهاية اللقاء؟

أتمنى أن تقام المحميات الطبيعية بعد إتمام إقارا قانون المحميات ، وذلك لأن إقامة المحميات هى الآلة الأمثل لإعادة تأهيل النظم البيئية المتدهورة، وإعادة التنوع البيولوجي إلى سابق عهده، فهذا له الأثرالطيب على الإنسان فمن خلال المحافظة على البيئة جيدة يهنأ الإنسان بالعيش فيها....

كما أتنى أن تصل المحميات في دولة الكويت إلى المستويات التى وصلت إليها دول الخليج العربي الشقيقة، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، علماً أن الكويت هى الدولة الخليجية الأولى التى بادرت في طرح قضية حماية اليبئة..

إضافة إلى أن الحصول على مناطق محمية مثالية يتيح للدولة الفرص للحصول على مردودات مالية، من خلال استغلال المحميات الطبيعية، وجذب الرواد والسائحين إليها كما هو الحال فى الدول الخليجية الشقيقية، وكذلك أثنى على جهود الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية متمثلة بإدارة التحريج والمراعي لما بذلوه في إخلاء منتزه الكويت الوطني من المحميات والجواخير والشاليهات بالتعاون البناء مع بلدية الكويت من خلال لجنة الإزالة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 27