قنديل البحر .. سموم لها فوائد علاجية
دلال حسين جمال
قنديل البحر... حيوان بحري هلامي يشبه الجيلي يعيش عادة قرب الشواطئ، ويحمي نفسه من الأعداء بواسطة إطلاقه لخلايا تحمل سموما تلتصق بجلد من يلامسه مما يسبب التهابا شديدا يبقى لعدة أيام، هذه القناديل أكبر مفترس بحري على الإطلاق وعمرها يزيد عن 650 مليون سنة أي تعتبر أكبر من الديناصورات , ويوجد أكثر من مائتي نوع مختلف من قناديل البحر في كل محيطات وبحار العالم وتعد من أجمل الكائنات البحرية وتتشابه مع المرجان وشقائق النعمان. عادة يتواجد في فصل الصيف نظرا لوفرة الغذاء كما أنه يعتبر غذاءً لبعض الكائنات الحية الأخرى مثل السلاحف البحرية وبعض الأنواع القليلة من الأسماك.
حجمه
يتبع هذا الكائن فصيلة اللافقاريات فليس له عظام ولا عمود فقري ولا معده , فهو يستقبل طعامه عن طريق الأمعاء ويشكل الماء نسبة عالية من جسمه حيث يصل إلى %95 من وزنه لذلك تتحلل بسرعة ولاتترك على الشاطئ سوى آثار بسيطة لمكوناتها العضوية سرعان ما تختفي.
تتراوح أحجام هذا الكائن حسب الأنواع حيث أن أصغر الأنواع لايزيد عن بضع سنتمترات ولكن قد تتجاوز أكبر الأنواع منها 6.3 أقدام.
شكل الجسم
يأخذ جسم قنديل البحر الشكل القرصي ويشبه المظلة حيث يتحدب سطحه العلوي ويبدو مقعرا من الناحية البطنية وتزين حوافه بلوامس مجوفه بها العديد من الخلايا اللاسعة كما توجد على الحواف ثمانية لوامس تحتوي على أعضاء حسية تعرف بالأكياس اللمسية وظيفتها حفظ التوازن تجعله دائما في وضع ثابت بحيث يكون فمه للأسفل وظهر مظلته للأعلى، ويوجد الفم في السطح البطني للمظلة ويتدلى بارزا على ما يشبه المقبض ويحتوي على لوامس أو أذرع فميه مزودة بخلايا حسية ومولدات الخيط التي تساعده في الحصول على الغذاء والدفاع عن نفسه أو اصطياد الفرائس أو الإلتصاق بالمرتكز وهذه الخلايا هي التي تسبب الألم والحروق لجلد الإنسان عندما يقترب منه وذلك لأن الأكياس الخيطية تحتوي إما على مواد شديدة القلوية شرهه جدا للماء تساعد على اندفاع الخيط بدخول الماء إليه عند الإثارة أو على سوائل بروتينية سامة ينغمس فيها أطراف تلك الخيوط التي تنطلق ناقلة تأثير تلك المواد السامة إلى جسم الإنسان أو الحيوان مسببه لها الحروق والإلتهابات المؤلمة التي تؤدي أحيانا إلى الوفاة حيث يصل سمها إلى %75 من سم «الكوبرا الملك» ومصدر سمها يأتي من الحبال المتفرعة من بطنها.
التكاثر والتغذية
تولد قناديل البحر من خلال فتحة فم الأم وتكون في شكل كتل صغيرة من خلايا ذات أذناب سوطية تتحول وهي تسبح إلى نماذج مصغرة من آبائها ثم يزداد حجمها إلى أن يكتمل نموها.
يأخذ قنديل البحر ألوان قوس قزح أو ألوان متدرجة مخضبة بالأبيض أو الأسود والبعض الآخر يشبه بلورات الزجاج الرقيق وبعضه قد يتحول لونه إلى البرتقالي أو الأرجواني، وبعض قناديل البحر تتوهج ليلا فتبدو وكأنها ملايين المصابيح المضيئة في ظلمة الليل ومن هنا جاء اسم قنديل البحر. يتغذى القنديل بشكل عام على بيوض ويرقات الأسماك و على الهائمات الأخرى من العوالق البحرية الحيوانية بواسطة مجساته الطويلة وأهدابه التي تحيط بالفم , وأحيانا يكون لديه أكثر من فم.
تأثرها بالعوامل البيئية
أما سرعة هذه المخلوقات فتتأثر بالرياح والمد والجزر والتيارات المائية وهي في ذاتها قليلة السرعة جدا , فالقناديل البطنية سرعتها 3.6 مترات بالساعة والسرعة القصوى لبعض أنواع القناديل 540 متر بالساعة. وتسبح القناديل باستخدام الدفع النفاث من خلال عضلات أسفل جسمه تقوم بدفع الماء للوراء مما يدفع القنديل للأمام ويسبح بشكل فتح المظلة.
اقتصاديا
يمكن استغلال قنديل البحر اقتصاديا سواء بعمليات فصل المادة القلوية واستخدامها في الأغراض الطبية والصناعية أو محاولة تصنيع جسمه ليصبح مادة غذائية خاصة أنه يحتوي على نسبة من البروتين الحيواني , وتقوم بلدان شرق آسيا على استخدامه كغذاء فقد وجد بعض المواطنين من هذه الدول يقومون بطهي القناديل وتقديمها كوجبة غذائية وهم يستسيغونها ويقبلون عليها خاصة جسم القنديل الذي يشبه المظلة وبعض الأفراد في هذه الدول يستخدمون القنديل في العلاجات عن طريق نزع السموم من الزوائد اللاسعة ويؤكدون أن هذه السموم لها فوائد علاجية.
القناديل والتلوث
ثمة علاقة بين التلوث وقناديل البحر إلا أن هذا الأمر لم يتم التأكد منه نتيجة أن قناديل البحر تهاجم الشواطئ الأكثر نظافة وأقل في التلوث وهذا لايعني أن تلوث البيئة البحرية ليس له علاقة بالقناديل ولكن هذه العلاقة ليست مباشرة إنما قد يكون للتلوث أثره في زيادة أعداد الهائمات الأخرى التي يتغذى عليها قنديل البحر وهذا الأمر لم تثبته الدراسات حتى الآن ولكن المؤكد أن التيارات البحرية هي التي تدفع قناديل البحر تجاه الشواطئ.
ويقول العلماء أن ظاهرة انتشار القناديل على بعض الشواطئ قد تنحصر في الأعوام القليلة القادمة بسبب تغير اتجاهات التيارات البحرية لتصيب شواطئ أخرى وهكذا فعملية تغير المناخ بصورة حادة قد تساعد في انحسار ظاهرة القناديل من شواطئ معينة لتصيب شواطئ أخرى لم تكن موجودة فيها وهكذا فيما يشبه الدورة المناخية ويرجع سبب ارتفاع عدد قناديل البحر في اماكن معينة الى ارتفاع درجة حرارة مياه البحر، ايضا استنزاف انواع معينة من الاسماك بسبب الصيد الجائر الأمر الذي يؤدي الى تشكل فراغ تملأه قناديل البحر.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 100