الألوان الصناعية
"بيركنسن" أول من وضع علم الملونات الحديثة
دلال حسين جمال
ينتشر بيع الكثير من المنتجات وعصائر وشراب الفواكه الملونة في الأسواق، ويدعي مصنعوها أنها تحتوي على نسبة لا تقل عن %10 أو أكثر من لب الفواكه أو عصيرها الطبيعي، وتزعم بعض شركات إنتاج عصير الفواكه بأنه يحضر من عصير فواكه طبيعي %100 معاد تكوينه مع لب الثمار،وتزعم بعض شركات إنتاج عصير الفواكه بأنه يحضر من عصير فواكه طبيعي الألوان الإصطناعية هي المواد المضافة للأغذية والتي تؤثر على الصفات الحسية , ويعتبر وليام هنري بيركنسن اول من وضع أسس علم الملونات الحديثة عام 1856 بعد حصوله على الصبغة البنفسجية من التركيبة الكيميائية وتمثل بذرتين نيتروجين مرتبطتين برابطة مزدوجة وتشكل هذه المجموعة الكيميائية اليوم أكبر مجموعة ملونات مستخدمة في الصناعة بجميع اشكالها.
ويعتبر اللون من اهم العوامل التي تقاس بها جودة الغذاء وحيث أن تصنيع الغذاء يؤدي غالبا إلى فقد كلي أو جزئي للمواد الملونة الطبيعية مما يستدعي إضافة المواد الملونة للمحافظة على مظهر وجاذبية الغداء.
نباتي وحيواني
استخدمت المواد الملونة من عدة قرون حيث كانت الخلاصة الطبيعية لمواد ملونة من أصل نباتي أوحيواني , وتعرف وكالة الغذاء والدواء الأمريكية FDA المواد الملونة بأنها صبغة أو مادة أخرى يتم تصنيعها أو استخلاصها أو عزلها من النباتات و الحيوانات أو المعادن والتي عند إضافتها للغذاء والدواء ومواد التجميل تضفي لونا ورونقا خاصا. وتكمن الخطورة في أن هذه الملونات الصناعية لاتقتصر على الحلويات أو المعلبات لكنها امتدت إلى كل ما نأكله يوميا.
وظهر أكثر من 80 لونا صناعيا عام 1900 وتم بعد ذلك اكتشاف علاقة بين استخدام الملونات الصناعية وبروز أعراض مرضية على المستهلكين لهذه الملونات.
وعلى الرغم من وجود ملونات ذات مصادر طبيعية إلا أن الصانعين فضلوا الملونات الإصطناعية لأسباب اقتصادية كرخص السعر وسهولة الإنتاج وثبات اللون والحصول على درجات مختلفة من الألوان والقليل منها يكفي للوصول إلى الغرض المطلوب كما أن مشكلة الملونات الطبيعية انها تحمل طعم منتجاتها الأصلية معها بعد الاستخلاص حيث يعتبر انعدام الرائحة من مزايا الملونات الاصطناعية، لذا استفادت شركات الأطهمة من هذه الألوان فأدخلتها في صناعة كثير من المشروبات والعصائر والصلصات وغيرها.
معايير الأطعمة
في دراسة صادرة عن الباحثين من جامعة ساوثهامبتون، ومنشورة في مجلة «لانست» العلمية البريطانية، وتم تمويلها من جهة حكومية بريطانية محايدة، وليس من قِبل شركات تغذية أو غيرها، وهي وكالة معايير الأطعمة Food Standards Agency.وذكرت الدراسة بصريح العبارة ما مفاده أن المواد الكيميائية، غير الطبيعية، التي تتم إضافتها لأسباب شتى إلى المنتجات الغذائية food additives، وعلى وجه الخصوص تلك المواد الصناعية الملونة artificial food coloring، ترفع من مخاطر إصابات الأطفال بحالات فرط النشاط السلوكي وتدني مستوى التركيز الذهني، أو ما يُعرف علمياً «اضطراب تدني التركيز وفرط النشاط» (Attention-deficit hyperactivity disord (ADHD.
نشرات علمية
وأصدرت منظمة الصحة العالمية WHO بالاشتراك مع منظمة الأغذية الزراعية الدولية FAO وكذلك هيئات المواصفات والمقاييس في الكثير من دول العالم نشرات علمية كثيرة عن المواد الملونة المصرح استعمالها في صناعة الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل وحددت النسب القصوى الممكن استخدامه منها لكل كجم من وزن الجسم وتأثيراتها على حيوانات التجارب وما قد تسببه من مضاعفات الصحية في الجسم، ويستعمل في صناعة العديد من أنواع المياه الغازية مواد ملونة صناعية المصدر يحضر بعضها من قطران الفحم الحجري وتسمح بها القوانين الغذائية مثل لون أصفر الغروب ولونه أصفر وكارموزين ورمزه E121 ولونه أحمر وكذلك المركب E122 ولونه أحمر ومركب ترترازين Tartrazine ولونه برتقالي. و تحظر القوانين الغذائية في دول العالم في صناعة أغذية الأطفال الرضع كمستحضرات الحليب الصناعي ومساحيق الحبوب والبسكويت الخاص بهم استخدام المركبات الحافظة فيها مثل بنزوات الصوديوم وسوربات البوتاسيوم التي تعيق حدوث الفساد الجرثومي وكذلك المركبات الكيماوية التي تعيق حدوث تزنخ الدهون فيها، لكن شاع استخدام هذه المركبات في تحضير بعض الأغذية الخفيفة للأطفال والشوربات سريعة التحضير والمياه الغازية وعصائر الفواكه الصناعية التي يفضلها الأطفال على غيرها من أصناف الطعام، لذا يتحتم تشجيع أطفالنا على تناول الأغذية الطبيعية الخالية من المواد الكيماوية الصناعية لتجنب أخطارها المحتملة على صحتهم.
خلاصة
في الواقع لا يستطيع معظم المستهلكين الامتناع عن شراء السلع الغذائية المصنعة لأنها لم تحضر من مصادرها التقليدية لاسيما في ظروف قلة كميات الأغذية الطبيعية المتوفرة وارتفاع أسعارها في الأسواق , كما لا تستطيع الصناعات الغذائية أن توفر لجميع الناس سلع غذائية ترضي أذواقهم دون استعمال عدد من المركبات المضافة في تحضيرها , وتحدد القوانين الغذائية في دول العالم أنواع المواد المضافة المسموح استخدامها في صناعة الأغذية وهي تختلف أحياناً من بلد إلى أخر.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 98