مربو النحل في الأرجنتين يفتقدون حقول البرسيم
عنود القبندي
تتعرض الأرجنتين إلى طفرة في مجال الزراعة وخاصة في زراعة فول الصويا والتي غيرت الكثير على المزارعين ومربي النحل في الحقول، فلقد كانت الأمور سهلة على مربي النحل حين كانت الماشية تتجول بحرية في أنحاء حقول سهول «بامباس» الغنية بالزهور في الأرجنتين. فقد أصبحت البراري الأسطورية بسرعة واحدة من أكثر الأراضي المحصولية كفاءة على وجه الأرض تاركة مساحة لا تذكر للزهور البرية مما دفع مربي النحل في الدولة رقم واحد في تصدير العسل على مستوى العالم إلى نقل خلاياهم بل وزرع زهور خاصة بهم.
حقول الصويا
في بلدة «بامباس» والتي تقع على بعد نحو 160 كم من العاصمة الأرجنتينية «بيونيس ايرس» يذهب النحل ويتحرك أينما ذهبت الأبقار حيث أن النحل يتبعها فهم يعيشان في تناغم حيث يستفيد كل منهما من الزهور لكن جميع هذه الأمور تغيرت، وذلك بسبب انتشار حقول فول الصويا والذرة والقمح في أنحاء السهول الخصبة في الأعوام الأخيرة وذلك نتيجة للطلب العالمي الطردي والمتزايد على الطعام والوقود الحيوي، فقد قام بعض المزارعين وأصحاب مزارع الماشية المنتجة للالبان بنقل قطعانهم الى مناطق بعيدة حيث لا يزدهر فول الصويا، كما تربى اعداد متزايدة من الحيوانات في حظائر لاخلاء الارض الصالحة للزراعة للمحاصيل في اي مكان ممكن. وشهدت تشيفيلكوي انخفاضا حادا في مناطق الرعي مما أثار قلق مربي النحل بالمنطقة البالغ عددهم 300 والذين يسعون جاهدين لمواجهة تناقص انتاج النحل وهي صورة متكررة في أنحاء المنطقة في ظل ازدياد ندرة الزهور البرية. وتمد الزهور النحل بالرحيق وحبوب اللقاح اللازمين له ليتغذى وينتج العسل وهناك أنواع متعددة تمده باحتياجاته لأشهر كثيرة.
ولقد تأثرت الأرباح المتوقعة من هذا الانتاج حيث أنها لم تعد كما كانت ولم تعد هناك حقول متبقية بالفعل لا تستخدم في الزراعة وأن 13 في المئة اضافية من الاراضي في تشيفيلكوي ستزرع بفول الصويا هذا الموسم. وأدى وصول فول الصويا المعدل وراثيا والطلب المتزايد من الصين الى بلوغ انتاج الأرجنتين من هذه البذور الزيتية اكثر من الضعف خلال عشر سنوات مما أخرج صناعة الزراعة من تراجع استمر لعقود..
مستعمرات نحل
وتعد الأرجنتين ثالث دولة مصدرة لفول الصويا في العالم بعد الولايات المتحدة والبرازيل، حيث يمثل محصولها منه قرابة ربع اجمالي عائدات التصدير. وقد سبب فول الصويا حالة جديدة من الرخاء في البلدات النائمة في «بامباس» ولعب دورا مهما في تعافي البلاد من أزمة اقتصادية عانت منها عامي 2001 و2002. إن خلية النحل العادية كانت تستخدم لانتاج 60 كيلوجراما من العسل في العام لكن الإنتاج انخفض إلى الثلث تقريبا في أماكن كثيرة مما يعني أن مربي النحل يحتاجون إلى مزيد من المستعمرات للحفاظ على الإنتاج. وتتفجر الصراعات من وقت لآخر حيث يتنافس مربو النحل على اكثر المواقع ازهارا كما بدأت عدة مناطق تشتهر بحقول الموالح والتفاح في تحصيل رسوم من مربي النحل الذين يسافرون إلى تلك المناطق بخلايا النحل في موسم الأزهار.
ولم يكن على مربي النحل في الارجنتين مواجهة نفوق النحل الغامض بأعداد كبيرة مثلما حدث في الولايات المتحدة حيث يقول العلماء في هذا المجال أن السبب الرئيسي في هذا ربما يرجع إلى إصابتها بمرض ما، أو على أساليب الزراعة الحديثة والتي ساهمت في انخفاض أعداد النحل في أوروبا وأمريكا الشمالية وبالفعل هو اتجاه يمكن أن يضر في نهاية المطاف بإمدادات المحاصيل الغذائية التي تعتمد عليه في التلقيح.
إنتاجية الخليفة
في الأرجنتين يعتقد مربو النحل أن هبوط انتاجية الخلية يتصل بطفرة المحاصيل على الرغم من أن الطقس شديد الجفاف أو شديد الرطوبة أضر بالانتاج في العامين الأخيرين على وجه الخصوص. ويقول خبراء في العسل بالارجنتين الذي أشارت وزارة الزراعة الى أنه يمثل 25 في المئة من اجمالي صادرات العسل على مستوى العالم ان الانتقال الى مناطق بعيدة يسفر عن انتاج أنواع غير معتادة من العسل من نباتات محلية ومنتجات عضوية.
وأشار «بياتريز اتشافال» الذي ساعد في وضع خطة وطنية مدتها عشرة اعوام خاصة بتربية النحل وتسعى إلى تشجيع التنوع المتزايد في العسل الذي تنتجه البلاد الى أن «التغيرات في تربية النحل في الارجنتين هائلة وتحدث بسرعة شديدة.»
وأدرت صادرات العسل على الارجنتين نحو 134 مليون دولار عام 2007 وهو مبلغ صغير جدا مقارنة بالمكاسب التي تقدر بعدة مليارات من الدولارات من مبيعات الحبوب، وارتفعت أسعار العسل العالمية في الاعوام الاخيرة ويرجع هذا جزئيا الى نقص الامدادات، وانحفضت صادرات الارجنتين باكثر من 20 في المئة في العام الماضي فيما يتعلق بالحجم.
وفي «تشيفيلكوي» تم زرع نباتات الحقول التقليدية مثل البرسيم الوردي والابيض والبرسيم الحجازي ذي الزهور القرنفلية التي كانت متوفرة ذات يوم، ولا يزال المزارعون متفائلون بشأن مستقبل الصناعة على الرغم من التحديات، فما زال العسل يحظى بتقدير كبير على مستوى العالم ومربو النحل لديهم قدرة هائلة على التكيف فهم مبدعون للغاية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 108