المحول الحفاز
عبدالوهاب السيد
بداية المشكلة الغازات المنبعثة من عوادم السيارات تعتبر مشكلة الغازات المنبعثة من عوادم السيارات من المواضيع التي أثارت اهتمام وقلق المهتمين بشؤون البيئة منذ مدة طويلة فعوادم السيارات تطلق كميات هائلة من الغازات الخطرة والتي تتسبب غي كثير من الضرر علي صحة الإنسان كما تتسبب في تلوث البيئة والإخلال بالتوازن الطبيعي وقد يكون خير مثال علي تلك الغازات الخطرة غاز أول أكسيد الكربون (co) والمركبات الهيدروكربونية (Hc) ومخلفات مركبات الرصاص وبالتحديد رابع إيثيل الرصاص (T.E.L) فغاز أول أكسيد الكربون له القدرة علي الالتصاق بكريات الدم الحمراء في جسم الإنسان أكثر بخمسمائة مرة من الأوكسجين مما يسبب نقصا هائلا في كمية الأوكسجين في دم الإنسان وهذا ما يجعلة غاز شديد السمية حيث إن إستنشاق كمية قليلة منه قد تقتل إنسانا بالغا .. وفي بعض الدول المزدحمة بالسكان مثل تايلاند (59 مليون نسمة ) يستشق رجال شرطة المرور كميات كبيرة من الأوكسجين عبرالأجهزة الخاصة بالتنفس قبل مباسرة عملهم في الشوارع حتي لا يواجهوا أي صعوبات في التنفس وذلك بسبب الكمية الهائلة من الغازات المنبعثة من عوادم السيارات وعلي رأسها غاز أول أكسيد الكربون .
وبالنسبة للمركبات الهيدروكربونية فيؤكد العلماء أنها تساهم بشكل مباشر في إصابة الإنسان بالسرطان ووجودها في الهواء الجوي يعتبر غير صحي بكل الأحوال .
أما مخلفات مركبات الرصاص فلها تأثير سلبي كبير علي صحة الإنسان فهي تسبب نقص كريات الدم الحمراء ف جسم الإنسان كما أنها تترسب في نخاع العظام مما يؤدي مع مرور الوقت الي الاخلال بالجهز العصبي وقد أثبتت الابحاث التي قامت بها بعض الجامعات الأمريكية بما لا يدع أي مجال للشك أن الأطفال الذين تحتوي دماؤهن علي نسبة عالية من مركبات الرصاص يقل معدل ذكائهم عن باقي الأطفال كما تعتبر مركبات الرصاص ذات تأثير سلبي علي المباتات والحيوانات أيضا .
المحول الحفاز
ومن هذا المنطلق كان علي خبراء السيارات إيجاد الوسيلة المناسبة للقضاء علي هذه المشكلة
وكان الحل يتمثل في المحول الحفاز ذلك الجهاز الذي ظهر لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف السبعينات ثم انتشر بعد ذلك في باقي بلدان العالم وهو عبارة عن جهاز علي شكل قرص العسل مطلي بالبلاتين والروديوم وقد يضاف أو يستبدل الروديوم بالبلاديوم وهي جميعها عناصر حفازه والعناصر الحفازه هي العناصر التي تعمل علي زيادة سرعة التفاعل الكيميائي دون أن يدث لها أي تفاعل في العملية الكيميائية ويتم تركيب المحول الحفاز في ماسورة العادم الخاصة بالسيارة وذلك لتقليل نسبة الملوثات الغازية الناتجة عن عملية إحتراق البنزين في محرك المركب والمنبعثة من العادم الي الغلاف الجوي حيث يؤدي استخدام المحول الحفاز الي تحويل نسبة كبيرة تصل الي أكثر من 50 % من الغازات الخطرة المنبعثة الي غازات أقل خطورة مثل ثاني أكسيد الكربون (co2 ) غاز النيتروجين (N2) أكاسيد النيتروز (Nox) وبخار الماء (H2o)
طريقة عمل المحول الحفاز
وحتي يتم شرح طريقة عمل المحول الحفاز لابد من أن نعرف أولا سبب انبعاث الغازات الخطرة من عوادم السيارات .
تبدأالمشكلة في عدم احتراق الغازات المنبعثة كليا في عملية احتراق البنزين والتي تتم فيمحرك السيارة وسبب ذلك هو قلة كمية الأوكسجين الموجودة في غرفة المحرك ولأن المدة التي تتم فيها عملية الاحتراق تعتبر قصيرة جدا.
ووظيفة المحول الحفاز الاساسية هي دمج الأوكسجين غير المستخدم في عملية الاحتراق والمركبات الهيدروكربونية التي لم تجد الوقت الكافي لتحترق أثناء عملية الاحتراق وغاز أول أكسيد الكربون وهنا يأتي دور العناصر الحفازة فعند مرور غازات العادم من خلال المحول الحفاز فإن العناصر الحفازة تعمل علي زيادة سرعة تفاعلات الأكسدة مما يعمل في النهاية علي تقليل نسبة الغازات الخطرة المنبعثة وتحويلها الي غازات أقل خطورة تنبعث من الماسورة الطاردة للغازات المستنفدة ( ماسورة العادم ) .. مما جعل البعض يطلق علي المحول الحفاز اسم فلتر وهو في الواقع اسم صحيح إلي أحد بعيد فهذا بالضبط ما يقوم به المحول الحفاز .
وعلي الرغم من أن استخدام كمية كبيرة من البلاتين كعنصر حفاز في العملية الكيميائية سوف يحد تماما من انبعاث جميع الغازات الخطرة فإن الشركات ومصانع السيارات لا تجرؤ علي فعل ذلك لأن البلاتين باهظ الثمن ويعتبر أعلي العناصر الموجودة في العالم واستخدام كمية كبيرة منه يعني أ ضرورة أن ترتفع أسعار السيارات حتي تكاد أن تصل الي ثلاثة أضعاف السعر الأصلي وحتي أكثر من ذلك .. فقط لتغطية أسعار العناصر الحفازة مما سيتسبب في نقص هائل في مبيعات السيارات وبالتالي سيحدث أزمة مالية كبيرة لشركات وتجار السيارات .
المحول الحفاز والبنزين الخالي من الرصاص وعلي الرغم من أن مادة الرصاص المضافة الي البنزين مضرة من الناحية البيئية فإن لها أهمية كبري في زيادة كفاءة محرك السيارة فهي تعمل علي تحسنين احتراق الوقود داخل المحرك دون تصفيق ولذلك فقد كات من الضروري استبدال مادة الرصاص بسبب تأثيرها السلبي علي البيئة بمادة تقوم بنفس الأداء ولمن دون أن تسبب الضرر بالبيئة أو بصحة الإنسان وهذا ما حدث بالفعل فقد تم استخدام المادة والتي تسمي اختصارا (M.T.B.E) بدلا من مركبات الرصاص .
وكانت هذه الخطوة إيجابية وبداية الطريق لاستخدام المحولات الحفازه حيث أن المحولات الحفازه تعمل فقط مع وجود البنزين الخالي من الرصاص فعند استخدام المحول الحفاز مع وجود البنزين المحتوي علي مادة الرصاص لفترة طويلة تكسو طبقة من الرصاص طبقة المحول الحفاز المطلية بالعناصر الحفازة مما يجعل من طبقة الرصاص حاجزا بين العناصر الحفازة والغازات المنبعثة من المحرك وهذا يمنع العناصر الحفازة من القيام بدورها ومن ثم تقل كفاءة عمل المحول الحفاز تدريجيا الي أن يعجز الجهاز تماما عن إنجاز عملة ويتلف لذا كان لابد من إستخدام البنزين الخالي من الصاص عند استخدام المحولات الحفازة وهذا ما جعل المحول الحفاز الحل الأمثل للمشكلتين : مشكلة الغازات الملوثة الناتجة عن عادم السيارات ومشكلت مركبات الرصاص المضرة بالبيئة والتي يحتوي عليها البنزين فلكي تبدأ مصانع و شركات السيارات باستخدام المحولات الحفازه كان عليها أولا إستخدام البنزين الخالي من الرصاص منها دول صناعية عظمة كالولايات المتحدة الأمريكية ، اليابان ، الصين ، بريطانيا ، بلجيكا ، وهولندا .. وبعض الدول العربية كالإمارات العربية المتحدة ، مصر ، والمملكة العربية السعودية .
وقد ألزمت الغالبية العظمي من الدول التي وضعت قوانين لتحديد نسبة التلوث بمصانع السيارات بتركيب المحول الحفاز فقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بذلك عام 1975 ثم تبعتها بعد مدة قصيرة اليابان وأوروبا ودول متفرقة من العالم ، أما بالنسبة لدولة الكويت فقد بدألإستخدام الوقود الخالي من الرصاص مع نهاية عام 1998 وهي خطوة طيبة يتبعها إن شاء الله خطوات إخري عندما تقرر الحكومة تحديد نسبة التلوث المنبعث من عوادم السيارات ومن ثم استخدام المحول الحفاز .
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 15