خطوط كهرباء الجهد العالي هل هي خطر على البيئة؟
تسبب خللا في تركيبة الخلايا وتدمر الدورة الدموية
م. خالد الشمري
من المعروف أن قطاع الطاقة الكهربائية من أهم القطاعات المؤثرة فى تقدم الشعوب لما لها من تأثير مباشر، وغير مباشر على مختلف نواحى النشاط الإنسانى – سواء فى الصناعة أو التجارة – أو حتى احتياجات الحياة اليومية للإنسان.
ولكي تصل الطاقة الكهربائية بشكل مناسب لجميع أماكن الاستخدام يجب توفر الوسائل الملائمة لتوصيلها إلى المستهلك أيا كانت نوعية استهلاكه وخطوط كهرباء الجهد العالى من أهم وأكفأ هذه الوسائل أما أهميتها فقد اكتسبت بسبب وضع مسارات هذه الخطوط بالقرب أو غير بعض المناطق الآهلة بالسكان مما يجعلها فى دائرة الاهتمام لمدى تأثيرها على المناطق المحيطة بما فيها من بشر وكائنات.
وأما الكفاءة فلأن وسيلة نقل الطاقة الكهربائية بواسطة خطوط الجهد العالى تعد من أكفأ وأقل وسائل نقل الطاقة تكلفة كما أنها أقلها تعرضا للتلف وأسهلها في الصيانة.
التأثرات المحتملة
إن التاثيرات الناجمة عن مرور التيار الكهربائى هى نفسها فى جميع أنواع التوصيلات الكهربائية سواء كانت أسلاكا فى المنازل أو كابلات تحت الأرض أو خطوط هوائية.. ولكن درجة تأثيرها تختلف باختلاف الجهد الكهربائى الواقع عليها.
ولنقترب من التفاصيل بدرجة توضح لنا مدى وكيفية هذا التأثير. إن توصيل الأسلاك بالجهد الكهربائى ينتج عنه تأثيران أساسيان:
التأثير الأول : تأثير ناجم عن مقدار فرق الجهد الكهربائى (الفولت) الناش من لاتوصيل، وهو ما يطلق عليه الشحنة الكهربائية الاستاتيكية، وهذا التأثير يولد مجالا كهروستاتيكيا على شكل دائرة مركزها السلك نفسه وتتسع هذ الدائرة بزيادة فرق الجهد، والواقع فى حدود هذا المجال يتعرض للصعق الكهربائى المباشر الذى قد يؤدى إلى الوفاة فأى جسم موصل يتعرض لهذا المجال يكون عاملا لتفريغ الشحنة الكرهبائية الموجودة فى السلك نيتجة فرق الجهد الكهربائى المشار إليه. أم التأثير الغير مباشر فإن من طبيعة الشحنات الكهربائية ما أن تكون سالبة أو موجبة ووجود الشحنة الكهربائية فى الأسلاك يوؤثر على الجو المحيط فتتأين جزيئات الهواء، وكذلك الأجسام الموجودة فى مجال التأثير ومن المعلوم أن جميع الكائنات الحية تتكون من خلايا من مكوناتها الذرات التى تحمل شحنات متعادلة كهربائية وعند تعرض هذه الذرات للمجال الكهربائى تتأين هذه الذرات مسببة خللا فى تركيبة الخلايا وعندما يصل التأثير إلى درجة معينة قد تظهر بعض الأمراض على الإنسان بعضها يتعلق بالدورة الدموية لسرعة تأثر خلايا الدم بهذا التأين.
التأثير الثانى: وهو الذى يتولد من مرور التيار الكهربائفى الأسلاك، حيث يتكون مجال كهرومغناطيسى على شكل موجات كهرومغناطيسية تؤثر على جميع الموجات الأخرى التى تعترض هذا المجال، وتختلف شدة تأثر الأجسام أو الأجهزة التى تستخدم فيها هذه الموجات مثل الراديو والتلفزيون وأجهزة الإرسال والاستقبال وغيرها من وسائل الاتصال حيث يزيد التأثير فى مواقع يمكن أن تتركز هذه الموجات عليه.
ويمتد تأثير هذه الموجات لعدة كيلو مترات فى بعض الأحيان.. وهذا ما يفسر التشويش الذى يحدث فى أجهزة افرسال أوا لاستقبال لاقريبة من خطوط الجهد العالى، لكن التأثير على الإنسان أو الكائنات الأخرى لم يأخذ الشكل المرضى إلا فى حدود ضيقة تتركز فيها هذه الموجات بشكل كبير.
معايير خاصة
ويتبادر إلى الذهن سؤال هام ... فل معنى ذلك أننا معرضون للأمراض بهذه الصورة الخطيرة نتيجة تأثير أجسامنا بالمجالات الكهربائية بسبب خطوط الجهد العالى هذه والإجابة على هذا السؤال دفعت بالقائمين على هذه الأنشطة الصناعية إلى عمل مقاييس، ومعايير تحدد كيفية استخدام هذه الطاقة الجبارة وحدود الأمان فى هذا الاستخدام.
وقبل التطرق إلى مستويات الأمان فى استخدام خطوط الجهد العالى علينا أن نعرف لماذا لجأنا إلى خطوط الجهد العالى بالذات لنقل الكهرباء.
إن إنتاج الطاقة الكهربائية يبدأ فى محطات القوى عن طريق مولدات تربينية تنتج هذه الطاقة بجهد معين، ولكى تنتقل هذه الطاقة إلى موقع الاستخدام يجب توصيلها من خلال موصلات كهربائية فى الكابلات أو الأسلاك لكى يمكن تمرير التيار الكهربائى فيها.. لكن كلما مر التيار فى الأسلاك يتعرض لمقاومة من هذهخ الأسلاك يفقد عندها قدراً من الجهد الكهربائى. وكلما زاد طول السلك زادت المفقودات فى الجهد من ناحية أخرى كلما زاد استهلاك القدرة الكهربائية زادت شدةالتيار الكهربائى التى يجب توصيلها لمقابلة معدلات الاستهلاك مما ينتج عنه زيادة فى درجة حرارة الأسلاك مما يعرضها للتلف عند حدود معينة.
وكان البدل إما زيادة قطر الأسلاك أو زيادة فرق الجهد الكهربائى، والحل الأول يعنى زيادة كبيرة فى أقطار الأسلاك، وبالتالى صعوبة فى نقلها أو إيجاد مسارات لها على الأرض أو تحتها، بالإضافة لتكلفتها العالية، أمال حل الثانى، وهو زيادجة فرق الجهد الكهربائى فإنه يغنى عن الاضطرار إلى زيادة قطر ا{لأسلاك، ويخفض درجة الحرارة لأن نقل القدرة يعتمد على زيادة فرق الجهد بدرجة كبرة وهو ما يعرف بلاجهد الفائق، وهو الذى يستخدم فى خطوط الجهد العالى، لكن المجال المتولد نتيجة هذا الجهد يجعل مرور الكابلات تحت الأرض بما فيها من صعوبة في إيجادا لمسارات الطويلة لتغطى مختلف المناطق على استاع الدولة، وما فيها أيضاً من نسبة تعرض عالية للخطورة، وأيضاً للتلف نتيجة التأكل تحت الأرض، يجعل ذلك من مرور الكابلات الأرضية عوامل خطركبيرة ويدفع إلى اختيار خطوط الجهد العالى كبديل أكثر أمانا وأقل تكلفة، وأكثر كفاءة، وهذا يعيدنا للإجابة على السؤال السابق نحو حدود الأمان فى استخدامات هذه الخطوط، أما المعايير الآمنة لاستخدام الخطوط فكانت عل الوجه التالى:
وأقصى جهد مستخدم فى خطوط الجهد العالى حاليا فى دولة الكويت هو 300 كيلو فولت أى أن حد الأمان لا يزيد عن خمسة أمتار ونصف تقريباً، وبالطبع جميع خطوط الجهد العالى يعادل ارتفاعها ضعف هذه القيمة على الأقل، وتوجد علامات تحذيرية على جميع هذه الخطوط لحماية الناس وتحذيرهم عند الاقتراب من هذه الخطوط، ولذلك لا مجال للخوف من تاثير هذه الخطوط من هذه الناحية أى التعرض المصعق الكهربائى، ما عن الارتفاع الزائد لأبراج الخطوط فإنه يضع فى الاعتبار تعرض الموصلات للعوامل الجوية المختلفة من غبار ورطوبة تؤثر على العوازل الحاملة لخطوط الجهد العالى أى أن هناك حسابات أمان أخرى تقلل من تعرض انسان للخطر.
أما خطر التأين فى خلاياجسم الإنسان فإن المسافات المحددة فى معايير السلامة تجعل من هذا الاحتمال مستبعداً إن لم يكن مستحيلاً فى هذه الظورف، ويتبقى تأثير الموجات الكهرومغناطيسية التى لا يمكن تفاديها، ولكن هذا لا يشكل خطرا مباشراً على الإنسان خاصة إذا علمنا أن تعرض الإنسان للموجات الكهرومغناطيسية وارد فى الأجهزة النزلية أو المكتبية، فعندما يجلس الإنسا أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفزيون فإنه قد يتعرض لكمية من هذه الموجات تعادل عشرة أضعاف الكمية التى يمكن أن يتعرض لها الساكن على بعد مائة و مائتى متر من أبراج خطوط الجهد العالي.
ولعل من المفيد للإنسان أن يقنن من استخدامه لتلك الأجهزة حتى لا يتعرض لمقادير ضارة من تلك الموجات، ودراسة جسم الإنسان كانت الهم الأكبر للأجيال المتعاقبة لمعرفة السرار وكيفية تحكمه فى حركاته، وما يتعرض له من أمراض وأسبابها.
والعلم الحديث يشير إلى أن الإشارات العصبية تكون على شكل موجات داخل منظومة الجهاة العصبى فيما يشبه النبضات الكهربائية، كما أن اطب الصينى يعالج جسم الإنسان بالوخز بالإبر المعدنية، وهى طريقة تعتمد على اعتبار أن الأصل فى جسم الإنسان أنه متعادل كهربائياً، وبالتالى يتم تصنيف الأمراض على أنها أنواع من لاخلل فى التعادل الكهربائى لمناطق معينة من الجسم تظهر معها أعراض المرض، ولذلك تستخدم الإبر المعدنية لاستعادة هذا التعادل. وأخيراً فإن اكتشاف واستخدام الطاقة الكهربائية يعد من أهم إنجازات البشرية فهى تعتبر شريثان الحياة المتحضرة، ولذلك يجب تقنين استخدامها والمحافظة عليها كإنجاز بشري لخدمة الإنسان، وليس لإلحاق الضرر به.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 34