الخبراء : صدام عاجز عن اطلاق الأسلحة الكيميائية
عند الهجوم الكيماوي يفضل البقاء في الطوابق العليا
نبال نخال
أكد مدير المختبر المركزي التحليلي في معهد الكويت للأبحاث العلمية د. علي العمير أن صدام حسين غير قادر على قصف الكويت بالأسلحة الكيميائية؛ لأن الطرق المتوفرة لديه هي إما القصف الجوي بواسطة طائرات على ارتفاع 30 أو 50 متراً فقط. كما فعل في حلبجة وهذا بالطبع مستحيل أن يحدث في الكويت، وإما عن طريق القصف بصواريخ بعيدة المدى بواسطة الصواريخ التي كان يمتلكها وهي صواريخ الحسين التي يصل مداها إلى 650 كيلو متراً وصواريخ العباس التي يصل مداها إلى 900 كيلو متر والصمود 150 كيلو متراً وصواريخ أبابيل 150كم.
والمعروف حالياً أن الأمم المتحدة قامت بنزع صواريخ العباس والحسين والصمود، مما يؤكد عدم تمكين صدام من قصف الكويت بصواريخه الحالية التي لا يصل مداها إلى أبعد من حدود أراضيه.
ونوه د. العميري في الوقت ذاته إلى أن صدام مازال يمتلك الأسلحة الكيماوية، إلا أنه عاجز عن استخدامها خارج حدود بلاده.
من جانبها أفادت نائب مدير المختبر المركزي التحليلي في المعهد د. فاطمة حيدر أنه من الأجدر حالياً التأكد من وجود كميات كبيرة من المضادات الحيوية التي تعطي عن طريق الحقن "أتروبين وأوكسيم"، وذلك في حالات التعرض لغازات الأعصاب، موضحة أن ذلك من مهام وزارة الصحة التي يجب أن تتزود بالمضادات الحيوية وتقوم بتوزيعها على المستوصفات والصيدليات.
المضادات الحيوية
أضافت د. حيدر أن العراق يمتلك غازات الأعصاب "سارين و VX والخردل" وذلك طبقاً لتقارير الأمم المتحدة والتجارب السابقة للحروب مع النظام العراقي، مؤكدة أن التوجه الحالي يجب ألا يكون عبر إرهاب المواطنين والمقيمين وفي نفس الوقت، يجب ألا يكون عبر إغفال الحقائق عنهم.
ونوهب د. حيدر إلى أنه ي حال حدوث هجوم كيماوي، وهو مستبعد بسبب الحماية الكبيرة التي تمتع بها الكويت إما بصواريخ الباتريوت أو بجنود التحالف، فإن المخيف في هذا الهجوم هو استخدام غاز VX الذي يعتبر أشد الغازات خطورة.
أضافت أن في أحوال الهجوم الكيميائي يفضل البقاء في الطوابق العليا من المباني؛ لأن الغازات أثقل من الهواء وتهبط إلى الأسفل. أما الخطوة الثانية، فهي لبس الأقنعة وفي حال عدم تواجدها تنزع الملابس بالكامل وتوضع في أكياس محكمة بعيداً عن الناس، ومن ثم الاستحمام بالماء والصابون ولف الجسم بالبطانيات، على أن يتم وضع كمامات ماء وصابون على الأنف، وموضحة أن الصابون ضروري لاحتوائه على مواد قلوية تقلل من تأثيرات المواد الكيماوية.
ونصحت د. حيدر بوضع كمية من الكلوروكس تصل من 0.5 إلى 5 بالمائة من الماء لمسح الجلد، خاصة الذي يتعرض للحروق جراء الإصابة بغاز الخردل. إضافة إلى خلط بيكربونات ذات صوديوم بنسبة 2 إلى 10 في المائة مع الماء لتطهير الجلد.
العوارض والعلاج
الباحثة في المختبر المركزي التحليلي د. أمل الرشدان قالت أن انتشار أي من الروائح الغريبة التي قد تحدث غثياناً أو إسهالاً أو نوبات مرضية ليس معناه أن هناك غازات كيماوية، ويجب في بداية الشعور بأي تغيرات في الجو المحيط أو الصحة أو الجسد، إتباع السكينة والهدوء وبرودة الأعصاب، مع عدم التفكير بالهلع لأنه يسبب عدم السيطرة على الموقف، موضحة أن الخطوة التي تلي ذلك مراقبة الناس المحيطين بالموقع الذي انشترت به الروائح الغريبة للتعرف عما إذا كانوا يشعرون بما أحس به، أو أنهم يعانون من نفس الأعراض.
إذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بنعم معناه أن هناك انتشاراً لمواد كيماوية، ويجب أخذ الاحتياطات اللازمة، وهي بداية نزع الملابس والاغتسال من الأعلى إلى الأسفل ثم لف الجسم بقطعة قماش نظيفة والبقاء في غرف مغلقة بالكامل.
وأشارت د. الرشدان إلى أن العوامل المؤثرة على الأعصاب هي التابون والسارين والسومان والخردل، وهي الأكثر سمية وتخترق البشرة والعينين والرئتين، وتسبب فقدان الوعي والنوبات المرضية والاختناق، وفي حال التعرض لكميات كبيرة منها يمكن حدوث الوفاة.
ونوهب د. الرشدان إلى أن أجهزة الجسم التي تستجيب للاستيل كولين المؤثر على الأعصاب، هي الغدد والعضلات اللاإرادية، والعضلات الهيكلية، وتكون أعراض إصابات الغدد الإفرازات الزائدة، والدموع واللعاب والرشح والتعرق والإفرازات في منافذ الهواء تؤدي إلى انسدادها، والإفرازات في القناة المعدية والمعوية.
أضافت أنه بالنسبة إلى العضلات اللاإرادية فإن الأعراض التي تصيبها هي انقباض في بؤرة العين، وانسداد في القناة الهوائية ونشاط زائد في المعدة والأمعاء مما سبب الغثيان والقيء والإسهال، في حين أن الأعراض التي تصيب العضلات الهيكلية هي الشلل، بينما يتأثر الجهاز العصبي المركزي بغاز الأعصاب وتكون عوارضه فقدان الوعي والنوبات المرضية والاختناق والآثار النفسية الفورية والطويلة المدى.
وحول تأثيرات غاز الخردل على الصحة. قالت د. حيدر إن التأثيرات تكون عبر إصابة الجلد وظهور بثورة صغيرة تندمل بعد فترة وحدوث تقرحات، إضافة إلى إصابة مجري التنفس، حيث يحدث الرعاف يتبعه التهاب في الحلق ومن ثم سعال متقطع وحشرجة في الصوت، وتكون البلغم.
أضافت أن الخردل يصيب أيضاً المعدة والأمعاء وتكون الأعراض في الـ 24 ساعة الأولى غثيان وقيئاً وبعد 3 إلى 5 أيام تدميراً في الخلايا المبطنة.
وأشارت د. الرشدان إلى أن علاج الجلد في هذه الأحوال يكون عبر التطهير خلال 5 دقائق، واستخدام محاليل مرطبة للغسل المتكرر واستخدام المضادات الحيوية الموضعية إضافة إلى علاج مخفف للألم، مع المبالغة في استخدام الماء؛ لأن حروق الخردل ليست حرارية.
أضافت أن علاج العينين في حال التعرض لغاز الخردل يكمن في وضع مضادات حيوية في حدقة العين ووضع فازلين على الجفنين، في حين أن علاج الجهاز التنفسي يكمن في أخذ مهدئ للحكة وعمل التنفس الصناعي للمصاب بالأعراض.
سلبيات الأقنعة
في حين أكد الباحث المشارك في دائرة السواحل وتلوث الهواء في معهد الكويت للأبحاث العلمية د. سالم الحجرف أن للغازات الكيماوية عمراً معيناً بعد انتشارها في الهواء لا يتعدى الثلاثة أيام، موضحاً أن لا خوف من السلاح الكيماوي على المدى البعيد، منوهاً إلى أن خير دليل على ذلك أن السلاح الكيماوي الذي أطلقه صدام حسين على الأكراد في جنوب العراق تلاشى أثره بعد يومين من انتشاره مما سمح للإعلاميين والمسعفين بدخول المنطقة المنكوبة.
أضاف د. الحجرف أن أخطر الأسلحة هي الجرثومية لأنها تنتشر بسرعة بين الناس عن طريق العدوى والرياح، مطمئناً الرأي العام بأن أخذ الاحتياطات اللازمة في حال حدوث هجوم كيماوي يمكن أن ينقذ الأرواح وتمنع تسرب الغازات الكيماوية إلى المنازل.
ونصح الباحث د. الحجرف المواطنين والمقيمين عند حدوث هجوم كيماوي بضرورة التوجه إلى غرف أو ملاجئ محكمة الإغلاق بلاصق متين أو بمادة السيليكون لعزل الهواء، والبقاء فيها لمدة 3 أيام إلى حين تلاشيء آثار الغازات.
ولفت د. الحجرف إلى ضرورة وضع أشرطة لاصقة على الزجاج نفسه حتى لا يقع أرضاً في حال حدوث انفجارات، ما يسمح بالهواء الملوث بالغازات بالدخول إلى الغرف المغلقة.
وعما إذا كان الهواء المنبعث من المكيفات يمكن أن ينقل الغازات إلى اخل الغرف المذكورة، أفاد د. الحرف أن ذلك ممكن، مؤكداً أن المكيفات التي تسحب الهواء الداخلي وتعيد فلترته ثم تنشر داخل البيوت أكثر أماناً، داعياً المواطنين والمقيمين إلى استخدام المراوح الكهربائية في حال حدوث هجوم كيماوي؛ أغلب المكيفات الموجودة في منازل الكويت تعمل على سحب الهواء من الخارج.
كما نصح د. الحجرف بتغطية خزانات المياه على الأسطح بطريقة محكمة للغاية؛ لأن الأمطار يمكن أن تتساقط أخذ الاحتياطات اللازمة عند حدوث الهجوم الكيماوي أو البيولوجي ينقذ الأرواح ويمنع تسرب الغازات إلى المنازل.
وحول المؤشرات التي تدل على وجود غازات في الأجواء، أفاد د. الحجرف أن المخلوقات الضعيفة هي أول من يتأثر بالغازات كالحشرات والطيور والقطط، وغيرها من الحيوانات حيث تموت بسرعة فور استنشاقها الغاز، نظراً لمقاومتها الضعيفة، في حين أن التأثير السلبي للغازات يمكن أن يظهر على النباتات بعد عدة أيام، وغالباً ما تكون النتيجة الإبادة.
وعما إذا كانت حالة الطقس تساعد في انتشار الغازات الكيماوية أو تلاشيها، قال د. الحجرف المناخ البارد يساهم بشكل فعال في إبقاء الغاز الكيماوي في الأجواء لفترة طويلة قد تصل إلى 6 أيام بينما يعمل المناخ الحار على تلاشيه بعد يومين كأقصى حد من بداية انتشاره.
وعن المساوئ الصحية الناجمة عن استخدام الأقنعة الواقية عديمة الصلاحية أو الجودة أكد د. الحجرف أن استخدام الأقنعة الواقية يجب أن يتبع إجراءات ومواصفات معينة، موضحاً أن التأثيرات السلبية للكمامات الواقية الجيدة كثيرة جداً في حال تم وضع الكمامات على الجلد مباشرة فكيف يكون الحال بالنسبة لتلك الرديئة، لذلك ينصح بارتداء الزي الواقي على كامل الجسم، كما يفعل الجنود عادة وإلا فإن الأمراض الجلدية سوف تهاجم الجسم وتفتك بصاحبه لدرجة الموت المحتم، موضحاً أن الكمامات تمنع دخول الغازات إلى الرئة إلا أنها تحمل من التأثيرات السلبية التي لا يحمد عقباها.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 55