مثمرة وتقاوم والتملح
هذه النباتات هزمت التصحر
عنود القبندي
من المتوقع أن يقضي التصحر على ثلثي الأراضي الزراعية في المناطق الجافة، ويهدد حياة 900 مليون نسمة بسبب تردي التربة. وأيا كانت المبالغة في هذه الأرقام، فالجميع متفقون على ضرورة حماية البيئة الطبيعية كلما توجهت التنمية الاقتصادية نحو المناطق الجافة أو القاحلة.
يؤدي شح المياه في المناطق القاحلة وشبه القاحلة إلى بطء العمليات البيدولوجية الخاصة بتكوين التربة وتجددها بتفكك النبات، فالترَب المتكونة في مناخ وصلت إليه المياه حديثا ترب هشة معرضة للانجراف بالرياح والمياه. وإذا لم تتهيأ لهذه الترب حماية بكساء نباتي فإن سرعة انجرافها تكون مرتبطة بحالة سطوحها. وهكذا فإن نشر تقانات مكننة زراعية مطبقة في أوساط معتدلة أو رطبة، ودونما دراسة مسبقة، يزيد من أخطار التردي.
أخطاء تقنية
تسهل التقنيات المختلفة للحراثة أو الفلاحة تسرب المياه داخل التربة. إن إحلال محاريث الأقراص أو السكك محل المحاريث التقليدية عرض التربة للانجراف، وقد دلت التجارب المقارنة الحديثة لمختلف الآليات المستعملة في الفلاحة، بمعهد المناطق القاحلة في تونس، على أن محراث الشحب هو الأكثر ضررا في انجراف التربة. وهو محراث مؤلف من عدة صفوف من أقراص مائلة تقلب كمية كبيرة من التربة وتسهل سرعة انجراف الطبقات السطحية بالرياح والأمطار.
كما أن الإسراف في ممارسة الزراعة الجافة التي روجتها الولايات المتحدة الأمريكية لزراعة الحبوب قد ذر الطبقة السطحية للتربة وهدم البؤر التي يصعد بوساطتها ماء الشعرية وتَرَك التربة عارية فترة طويلة لا تمارس فيها الزراعة بهدف الحفاظ على مخزون التربة من الماء ومنع استخدامها لغير النافع من النباتات، ولكنه أثار ضياع كميات كبيرة من التربة التي جرفتها الرياح في السنوات العجاف.
وفي تونس، سمحت الزراعة الجافة بالتوسع في زراعة الزيتون بالسهوب: فزراعة السهوب بالأشجار تحمي التربة من الانجراف أكثر من زراعتها بالحبوب، وانجراف التربة يبدو مقبولا في الأراضي المروية حتى خط عرض صفاقس سوسة. أما في الجنوب، حيث تهبط كمية الأمطار السنوية إلى ما دون 150 ملم، فقد وسعت المسافة بين أنساق الأشجار إلى ما بين 15 و20 م لتحقيق الكفاية المائية. وبعد بضع سنوات من بدء الزراعة اجتيحت كروم الزيتون بكثبان رملية صغيرة. وأمام مشهد هذا الانجراف أُقيمت تجارب حديثة تدعم سطح التربة بالبقايا النباتية.
ومن مساوئ المكننة التنقية التدريجية للحقول من الأحجار السطحية التي لها دور إيجابي في الحفاظ على تربة المناطق الجافة، فهي تسهل تسرب المياه في التربة، كما تحميها من الانجراف بالرياح ومن صدمات قطرات المطر. كما تخفف الأحجار من تراص أجزاء التربة وتسهل نفاذ الجذور إلى الأعماق وتحقق توزعها المنتظم. فالأراضي المحجرة تلائم زراعة الأشجار أكثر من زراعة النباتات الحولية، لأن الأحجار تعرقل خروج النبات من التراب بعد الإنبات.
أشجار مقاومة للتصحر
تهدد هذه الظاهرة الأراضي الزراعية، ويتمثل بتزايد كميات التربة المنقولة بالرياح، وما توضع الرمل سوى صورة مرئية لنقل له أثر ميكانيكي ضار بالأجزاء النباتية الغضة. ويكافح هذا الزحف أشجار النخيل في الصحراء، حيث أن هجرة الرمال من الأمور الطبيعية، بالطرائق التقليدية، وذلك بإقامة سد من أشجار نخيل في قمة كثيب آخذ بالتشكل على حدود الواحة. توقف هذا السد الرمال وتسمح بنفاذ الهواء، وإذا ما غمرت بالرمل أقيمت سدود أخرى، يرتفع الكثيب حتى يتوازن عند ارتفاع ما بين 10 و15 م. وتعتبر هذه الطريقة ناجعة في حالات اعتدال زحف الرمال. ولكن هناك أيضا أشجار أفريقية مثمرة ومقاومة للتصحر والتملح والمتمثلة في:
* الباؤباب – أدانسونيا ديجيتاتا
يمكن لجذع شجرة الباؤباب المجوف بطبيعته أن يخزن نحو 10000 لتر من الماء كما يستخرج صباغ أحمر اللون من جذور هذه الشجرة وربما تكون هذه الشجرة الشجرة الوحيدة التي يتم تثبيتها على الخرائط الرسمية كنقاط علام.
وتنتج هذه الشجرة ثمار ضخمة بحجم ثمار جوز الهند كما تتميز هذه الشجرة بلحائها السميك 10-15 سم ويتضمن الجزء الداخلي من اللحاء أليافا شديدة الصلابة والمرونة تصلح لصناعة الخيوط والنسيج والحبال والورق الصالح لصناعة العملات الورقية ويعتقد علماء النبات بأن ألياف لحاء الباؤباب تتفوق على الألياف الصناعية في المرونة والقوة ومقاومة العوامل الجوية وعوامل التلف، لكن الحصول على الألياف يتطلب انتزاع لحاء هذه الشجرة وكما نعلم فإن معظم الأشجارتموت عندما يتم انتزاع لحائها، ولكن شجرة الباؤباب بالذات لا تموت عند انتزاع لحاء جذعها بل إنها تعيد تشكيل هذا اللحاء مجدداً.
تعتبر هذه الشجرة مقاومة للجفاف حيث يمكن أن نجدها في مواقع لا تتلقى أكثر من 200 ملم من الأمطار سنوياً، ويعتقد بأن هذه الشجرة لا تحتمل الصقيع، وكان التجار المسلمين قد قاموا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر بإدخال هذه الشجرة إلى الهند وسريلانكا ومناطق مختلفة من آسيا ومن الممكن في أيامنا هذه أن نعثر على هذه الشجرة في استراليا وأمريكا.
لايعرف الموطن الرئيسي لشجرة الباؤباب لكن مدغشقر تحوي 6 أنواع منها تنمو بشكل طبيعي فيها ولذلك فمن الممكن أن تكون هي الموطن الأصلي لهذه الشجرة ومن أشهر أصناف الباؤباب التي تنتشر في مدغشقر نجد الصنف أدانسونيازا كما تنتشر هناك أصناف أخرى كالصنف Adansonia grandidieri والصنف Adansonia suarezensis وتتميز بذور هذا الصنف بمحتوى عالي من الزيت لكن هذا الصنف مهدد بالانقراض.
وفي ذاكرة كل إفريقي تقريبا حيز لشجرة تسمى «الباوباب». وبقدر ما يعتز سكان المتوسط بشجرة الزيتون ويتباركون بها لكونها جزءا من الهوية والتاريخ المتوسطيين، بقدر ما تحيط بكل شجرة باوباب في ذاكرة سكان القارة الإفريقية وبعض سكان شبه الجزيرة العربية حكايات وذكريات وطقوس هي جزء من هويتهم وتاريخهم.
وظلت شجرة «الباوباب» في إفريقيا وبخاصة في جزيرة مدغشقر منذ قديم الزمان رمزا لعلاقة جيدة بين الإنسان والطبيعة. فهذه الشجرة التي يتجاوز قطر الواحدة منها ثلاثين مترا كانت فؤوس الحطابين لا ترتاح إليها لأن جذعها مشبع بالمياه حتى بعد قطعها وبالتالي فإنه من الصعب تحويلها إلى خشب الوقود. بل إن سكان جزيرة مدغشقر يحفرون في جذوع أشجار «الباوباب» صهاريجا لحفظ مياه المطردون أن يؤدي ذلك إلى ألحاق ضرر بهذه الأشجار. وظل سكان مدغشقر أجدادا وأحفادا يتوارثون شجرة «الباوباب» لصنع ألياف وحبال من قشور الغطاء الذي يغطي الجذع أو بعض الأغصان وللتغذي على ثمارها وقص الحكايات والأساطير وقرض الشعر وإقامة الحفلات من حولها. ولكن هذه العلاقة المتوازنة بين سكان القارة الإفريقية وشجرة «الباوباب» بدأت تختل منذ عقود لعدة عوامل واعتبارات منها احتداد ظواهر كثيرة منها استخدام الأراضي التي تنبت فيها إلى مزارع للرز وبالتالي تعويم أشجار «الباوباب» بالمياه أكثر من اللزوم. من هذه الظواهر أيضا في إفريقيا الجنوبية والسنغال على سبيل المثال استخدام أوراقها أعلافا بشكل مكثف وهي في مرحلة النمو واحتداد ظاهرة الجفاف الطويل.
وقد بدأ الباحثون والصناعيون يهتمون بهذه الشجرة في الآونة الأخيرة بعد أن اكتشفوا أن لثمارها فوائد صحية كثيرة وأنها تصلح لصنع أدوية ومستحضرات طبيعية للتجميل. كما اهتدوا إلى أن من خاصيات هذه الشجرة أنها قادرة أكثر من أشجار كثيرة أخرى على أن تنبت من جديد حتى بعد قطعها.
وما يخشاه حماة البيئة اليوم أن تستثمر الشركات العالمية الكبرى في المستقبل في شجرة «الباوباب» لا للحفاظ على علاقتها التي كانت جيدة مع سكان أرياف القارة السوداء وغاباتها ولكن لتحويلها إلى منتج لا يستفيد منه إلا المستهلك الغربي.
* كاريسا ماكروكاربا
نبات إفريقي شائك ومثمر يزرع على نطاق واسع في الولايات المتحدة كنبات تزييني وقد نجحت زراعة هذا النبات على الشواطئ وفي الصحارى الساحلية لأنه نبات مقاوم للتملح كنبات البالانايتس الذي سبق ذكره.
وشجيرة الكاريسا هي شجيرة شائكة تحوي صمغاً حليبياً milky latex كالصمغ الحليبي الموجود في شجرة التين وتزهر هذه الشجيرة طوال الربيع والصيف وتمتاز أزهارها برائحتها الجميلة التي تشبه كلاً من رائحة الياسمين ورائحة أزهار البرتقال.
وتنمو شجيرة الكاريسا بشكل طبيعي على الكثبان الرملية في الصحارى الساحلية كما تنمو كذلك على شواطئ البحار لأنها نبات مقاوم للتملح.
* المارولا
عائلة شجرة المانغو وتحوي ثمار هذا النبات مقداراً من فيتامين C يعادل أربعة أضعاف المقدار الموجود في البرتقال كما أن بذور هذا النبات صالحة للأكل ويستخرج منها زيت قابل للاشتعال.
وينتمي هذا النبات إلى العائلة النباتية Anacardiaceae وهي العائلة النباتية التي تضم نباتات مثل المانغو Mango والكاشو cashew والفستق pistachio وتحوي بذور المارولا نسباً مرتفعة من الزيت تصل إلى %60 ويحوي هذا الزيت أحماضاً دهنية غير مشبعة كحمض الأوليك oleic acid %70 وحمض اللينوليك linoleic acid %8 من محتوى الزيت وليس من محتوى البذرة كما تحوي نسباً مرتفعة من البروتين من 20 إلى %30.
وتمت زراعة هذه الشجيرة بشكل تجريبي في صحراء النقب Negeve Desery في فلسطين كما تمت زراعتها كذلك في مناطق أخرى.
شجيرة المارولا هي من الشجيرات المقاومة للتملح فمن الممكن ريها بمياه مالحة، كما أنها شجيرة مقاومة للجفاف والتصحر، وزراعتها قد نجحت في صحراء النقب كما أنها تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في الصحاري. كما تصلح هذه الشجرة للزراعة كشجرة حراجية في الأراضي الجافة لذلك فإن هذه الشجيرة تنتشر اليوم بشكل واسع جداً في أحراج فلسطين وعلى جوانب الطرقات.
وكان هناك اعتقاد شائع بأن المارولا نبات ذو خواص مخدرة أو خواص محدثة للهلوسة لكن الدراسات الحديثة أثبتت عدم صحة هذا الاعتقاد.
ويمكن زراعة هذه الشجيرة في مناطق جافة لاتزيد معدلات الأمطار فيها عن 250 ملم سنوياً وجذور هذه الشجيرة هي جذور عصارية تقوم بتخزين الماء لا ستخدامها في مواسم الجفاف وتنمو شجيرة المارولا بشكل طبيعي في ناميبيا في مناطق جافة لاتزيد معدلات الأمطار فيها عن 250 ملم سنوياً وكذلك فإن هذه الشجيرة تحتمل الصقيع لكنها تتأذى عندما تتدنى درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، كما أنها تحتمل درجات الحرارة العالية لذلك فقد نجحت زراعتها في وادي عربة Arava Valley في فلسطين حيث درجة الحرارة تصل إلى 45 درجة مئوية.
لكن أهم ميزات هذه الشجيرة على الإطلاق تتمثل في مقاومتها الشديدة للتملح بل إن هذه الشجيرة هي واحدة من أشد النباتات الإفريقية مقاومةً للتملح وقد كانت هذه الشجيرة تروى في فلسطين بماء مالح درجة ملوحته تصل إلى ( ds/m 32 EC).
* التمر هندي، تاماراندوس إنديكا
بالرغم من الاعتقاد الشائع بأن الهند هي الموطن الأصلي لشجرة التمر هندي كما يشير إلى ذلك اسمها العلمي – Tamarind أو Tamarindus وهذه الكلمة مشتقة من اللغة العربية وتعني «تمر هندي» ولكن الموطن الأصلي لهذه الشجرة هو القارة الإفريقية.
وشجرة التمرهندي شجرة دائمة الخضرة كما أنها مقاومة لرذاذ البحر المالح ولذلك فإنها تصلح للزراعة على السواحل، كما أن هذه الشجرة مقاومة للجفاف والحرائق.
وتفرز هذه الشجرة صمغاً شديد الاحمرار ويمكن لهذه الشجرة أن تفقد أوراقها بشكل تام عند تعرضها للجفاف وهي شجرة معمرة تستطيع أن تحافظ على إنتاجيتها لأكثر من 100 عام وبما أن هذه الشجرة بقولية فإن ثمارها وبذورها تتوضع داخل قرون كما أن أزهارها تتوضع على شكل عناقيد زهرية.
وتذكر بعض المصادر أن بإمكان هذه الشجرة أن تعيش في مناطق شبه جافة لا تتلقى أكثر من 500 ملم من الأمطار سنوياً ويعتقد بأنها لا تحتمل الصقيع ولكنها تحتمل درجات الحرارة المرتفعة حتى 50 درجة مئوية.
ونجد هذه الشجرة في الطبيعة في المواقع ذاتها التي تنمو فيها شجرة الباؤباب وهذا يعني أن متطلبات نموها مشابهة لمتطلبات تلك الشجرة وتحتمل هذه الشجرة الحموضة الشديدة في التربة PH 4.5 كما تحتمل القلوية الشديدة PH 8.7.
وزيت التمرهندي يمتلك قابلية جزئية للجفاف مثل زيت الكتان linseed oil لذلك فإن هذا الزيت يصلح لصناعة الطلاء )الورنيش( أما أخشاب هذه الشجرة فهي شديدة الصلابة وتصلح لصناعة المفروشات والأثاث المنزلي والقوارب ويسوق خشب شجر التمرهندي تجارياً تحت اسم
Madeira Mahogany لكن تصنيع هذا الخشب هو أمر شديد الصعوبة نظراً لصلابته الشديدة
والفحم المصنع من خشب التمر هندي هو فحم ذو جودة عالية حيث يعطي الكيلوغرام الواحد منه خمسة آلاف سعرة حرارية عند اشتعاله ولذلك فإن هذا الفحم يستخدم في صناعة البارود.
تزرع أشجار التمرهندي في تايلاند بواقع 500 شجرة في الهكنار الواحد ويجرى تقليم شديد لهذه الأشجار بحيث يتم التخلص من الأفرع القديمة ويتم تشجيع الأفرع الفتية المنتجة للثمار على النمو.وتستطيع أشجار التمرهندي الاستمرار في إنتاج الثمار لمدة خمسين عاماً على الأقل.
إن التمرهندي يمتلك مقاومة معتدلة للجفاف لكن إمكانية الحصول على إنتاجية جيدة عند زراعة هذه الشجرة في مناطق جافة هو أمر مستبعد وبالرغم من أن هذا النبات هو من الأشجار البقولية القرنية فإنه لايقوم بتثبيت النتروجين الجوي في التربة بالرغم من وجود مايشبه العقد الجذرية على جذوره.
* بوسيكا سينيغالينسيس
تنمو هذه الشجيرة في المناطق الشمالية الجافة من إفريقيا )الصومال – السودان – مصر- موريتانيا( وهي شجيرة صحراوية مقاومة للجفاف والتصحر والرعي بل إنها شجرة رعوية وحراجية بامتياز فالمواشي والحيوانات البرية لا تستسيغها ولا تقتات عليها إلا عندما لا تجد شيئاً آخر تأكله وبالإضافة إلى مقاومة هذه الشجيرة للجفاف والرعي فإنها تحتمل درجات الحرارة العالية حتى °45 كما أنها تحتمل العيش على الكثبان الرملية وبين الصخور ويمكن أن نجد هذه الشجيرة في مناطق لا تزيد معدلات الأمطار فيها عن 100 ملم لكنها تنمو بشكل جيد في المناطق التي تتلقى 250 ملم من الأمطار سنوياً، وترجع مقاومة هذا النبات الشديدة للجفاف إلى بنيته التشريحية المتميزة فأوراقه مغطاة ببشرة Cuticle سمكها 20 ميكرون كما أن مسام الأوراق stomata غائرة في فوهات عميقة بحيث لا تكون على تماس مباشر مع الجو الخارجي كما أن كل مسامة محمية بجدار واقي.
كما تمتلك هذه الشجرة خاصية تنقية المياه من الملوثات والشوائب وذلك بتقطيع لحاء جذورها وأوراقها ورمي تلك القصاصات على سطح الماء الذي نريد تنقيته وبعد 24 ساعة من ذلك نلاحظ بأن جميع الشوائب والملوثات قد رست في القاع وهناك شجيرة إفريقية أخرى تتفوق على هذه الشجيرة في تنقية الماء وهي شجيرة المورينغا Moringa لكنها لاتنمو في المناطق الجافة التي تنمو فيها شجيرة البوسيكا.
بعض التقارير العلمية تؤكد بأن جميع المساعدات الدولية التي قدمت للسودان خلال مجاعة العام 1984 كانت في كفة وما قدمته هذه الشجيرة كان في كفة أخرى وأن هذه الشجيرة قد أنقذت حياة آلاف الأرواح فهذه الشجيرة هي النبات الوحيد الذي يبقى على قيد الحياة في ظروف الجفاف الشديد.
* تفاح الرمال
شجيرة بلا جذع حيث تنبعث أغصانها مباشرةً من الجذور أو بالأصح من الريزوم ( الساق الأرضية) وقد دعيت هذه الشجيرة بتفاح الرمال لأن نضج الثمار يتطلب أن نقوم بدفنها في الرمال لفترة من الزمن. كما أنها مقاومة للجفاف ويمكن أن تنمو على الكثبان الرملية ويمكن أن تعيش على السواحل.
* ايكاسينا
شجيرة صغيرة مقاومة للجفاف تنتج ثماراً وبذوراً، ويعتقد بأنها تستطيع البقاء حيةً لأكثر من أربعة أعوام دون أمطار وذلك بالاعتماد على مخزون درناتها الأرضية الضخمة.
يبلغ ارتفاع هذه الشجيرة متر واحد ونادراً ما تتجاوز هذا الارتفاع وتدعى هذه الشجيرة بشجيرة «اليم الزائف أو اليم الكاذب».
* ستريكنوس سبينوزا
شجيرة شائكة نجدها في المناطق الجافة في إفريقيا وهي من النباتات المقاومة للجفاف ويتطلب نضج ثمارها أشهراً طويلة وربما عام كامل وتكون ثمار هذه الشجيرة ملتصقة بقوة ولا يمكن قطافها إلا باستخدام أداة حادة قبل أن تتم نضجها، لكن الثمار تسقط من تلقاء نفسها عندما تنضج ويحوي لحاء الشجرة وبذورها وقشور ثمارها مركب الستريكنين السام ذو المذاق المر لذلك ينبغي تجنب تناول تلك الأجزاء.
* العنب البري «لانيا إيدوليس»
ينمو جذع هذه الشجرة تحت سطح التربة بشكل كامل وتنبعث الأغصان من ذلك الجذع من تحت سطح التربة لذلك فإن هذه الشجرة تنمو بشكل أفقي فوق سطح التربة وتغطي عشرات الأمتار المربعة.
وجذور هذه الشجرة تتعمق بشكل مدهش في التربة لذلك فإن شجرة العنب البري تعد من الأشجار المقاومة للتصحر والجفاف. وتظهر ثمار هذه الشجرة على شكل عناقيد كعناقيد العنب فوق سطح التربة.
* بالانايتس
شجيرة صغيرة مقاومة للجفاف والحرارة وذات جذور متعمقة في التربة تنتشر في شمال إفريقيا وبشكل خاص في السودان والجزائر وتعرف هذه الشجيرة بإنتاجيتها المرتفعة حيث تنتج الشجيرة البالغة في الظروف المثالية أكثر من عشرة آلاف ثمرة سنويا وثمار البالانايتس بحجم ثمار البلح وتحوي هذه الثمار نحو 40% من وزنها سكر كما أن بذورها صالحة للأكل وغنية بالزيت %50 والبروتين 30%.
وجذور شجيرة البالانايتس وتدية متعمقة في التربة لتساعدها على مقاومة الجفاف ولحاؤها ثخين ومقاوم للحرائق كما أنها نبات مقاوم لتملح التربة ومقاوم للرذاذ الملحي لذلك فإنها تصلح للزراعة على السواحل وفي الصحارى الساحلية. لقد وجدت ثمار البالانايتس في مقابر الفرعونية عمرها أكثر من 4000 عام، ولا يقتصر انتشار هذا النبات في القارة الإفريقية فهو موجود في آسيا كذلك في الأردن ووادي عربة Aranva Valley في فلسطين كما توجد كذلك في شبه الجزيرة العربية وفي باكستان وإيران والهند في مناطق قاحلة شديدة الجفاف. وتحوي بذور هذا النبات على مركب الدايوسجينين diosgenin وهو المادة الأولية التي يستخرج منها الستيرويد steroids والأدوية الستيرويدية steroidal drugs كالكورتيزون cortisone وحبوب تنظيم الأسرة وهرمون الإستروجين estrogen والعوامل المضادة للالتهابات وغيرها.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن بإمكان السودان وحده أن ينتج أكثر من 1000 طن من مركب الدايوسجينين من شجرة البالانايتس وهذه الكمية تكفي نصف احتياجات العالم من هذه المركبات الدوائية الشديدة الأهمية.
وأخشاب هذه الشجيرة مقاومة للنمل الأبيض كما أن الفحم المستخرج منها يعطي مقداراً جيداً من الطاقة الحرارية ومقداراً قليلاً جداً من الدخان ويمكن زراعة هذه الشجيرة الشائكة كأسياج حول المزارع لحمايتها من البشر والمواشي.
وبالرغم من أن خلاصة ثمار ولحاء البلانايتس غير سامة للإنسان والثدييات فإنها قاتلة للرخويات كالحلزون الذي تتخذه دودة البلهارسيا schistosomes كمضيف ريثما تنتقل إلى جسم الإنسان، كما أن خلاصة هذا النبات تقتل دودة غينيا Guinea worm المسببة لداء التنينات وكذلك يستخرج من بذور هذه الشجيرة قطران يستخدم في علاج الجرب الذي يصيب الإنسان.
تحوي بذور البلانايتس نسباً مرتفعة من الزيت 50% الذي يتألف بشكل رئيسي من حمضي اللينوليك linoleic والأوليك oleic ويصنف هذا الزيت في عداد الزيوت غير المشبعة unsaturated كما تحوي البذور كذلك نسباً عالية من البروتينات مقاربة للنسب التي نجدها في البقوليات كالحمص والفول غيرها.
نبات مثالي
هذا النبات مثالي عندما يزرع كنبات أسيجة وعندما يزرع كنبات رعوي أو عندما يزرع كنبات حراجي لأغراض بيئية وتزيينية فهذا النبات مقاوم للتصحر حيث يتفوق في هذا المجال على أشجار كاليوكاليبتوس والنيم وذلك لأنه يستطيع العيش على الكثبان الرملية في مناطق لا تتلقى أكثر من 250 ملم من الأمطار سنوياً. وتنتشر شجيرة البالانايتس اليوم في جنوب آسيا كما تنتشر كذلك في جزر الكاريبي وبالأخص في جزيرة بورتوريكو حيث أدخلت زراعتها إلى تلك الجزيرة منذ 100 عام تقريباً.
الكمثرى الافريقية
ثمار هذه الشجرة غنية بالبروتين والحمــــــوض الدهنيــــــة غير المشبعة ( 30 %50-) بالإضافة إلى الأحماض الدهنية غير المشبعة فإن ثمار الكمثرى الإفريقية تحوي أحماضا دهنية مشبعة مثل السيتريك setric والبالميتيك palmitic وعندما نضع الدهون المستخرجة من هذا النبات في حرارة °22 يصبح بالإمكان فصل الدهون المشبعة عن الدهون غير المشبعة حيث تذوب إحداها وتبقى الأخرى بحالتها الجامدة. ويمكن استخدام خشب هذه الشجرة كبديل لخشب الماهوغني. يعيش الأجاص الإفريقي في مناطق رطبة ودافئة لكنه يتحمل العيش في المناطق شبه الجافة لكن التأكد من هذا الأمر يتطلب القيام بالمزيد من التجارب الميدانية الحقلية.
اكثارها
يتم إكثار هذه الشجرة بواسطة البذور لكن بذور هذه الشجرة تفقد قابليتها للإنبات بعد أسبوع واحد أو ثلاثة أسابيع لذلك يتوجب زراعة هذه البذور بأسرع وقت ممكن قبل أن تفقد صلاحيتها للإنبات، وغالباً ما تزرع بذور هذه الشجرة في مستنبتات ثم تنقل بعد ذلك إلى الأرض الدائمة عندما تصبح بعمر عام واحد حيث يتم نقلها في بداية موسم الأمطار، أما الإكثار الخضري vegetative propagation فهو شديد الصعوبة لكن بالإمكان إكثار هذه الشجرة بالترقيد الهوائي air layering وبالتطعيم بالبرعم bud grafting.
يعتقد بأن الغابون هي الموطن الأصلي للنوع النباتي داكريوديس Dacryodes الذي تنتمي إليه شجرة الكمثرى الإفريقية وذلك لأن هنالك 11 صنفاً من هذا النبات تنمو في الغابون بشكل طبيعي من بين 19 صنف موجود قي القارة الأفريقية. كما يعتقد علماء النبات بأن ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من °23 يمكن أن يقلل من إنتاجية هذه الشجرة كما يعتقدون كذلك بأن زراعة هذه الشجرة لاتنجح في المناطق التي تقل معدلات الأمطار فيها عن 600 ملم سنوياً.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 131