بناء على معلومات نموذج حاسوبي جديد اعتمد على مساحات الصحاري وقوة الرياح وكمية الأمطار
الطوز في الغلاف الجوي ينخفض خلال 90 عاما
د. عادل سعد عبدالمحسن - جامعة عين الشمس
قد ينخفض الغبار أو" الطوز" في العالم مستقبلاً، كما يتوقع نموذج حاسوبي جديد، وسوف يؤدي ذلك إلى فوائد صحية للبعض لكنه قد يؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة الاحترار العالمي.
يقوم النموذج الحاسوبي الجديد على مساحات الصحاري على سطح الأرض وكمية الرياح التي تدفع بالغبار منها إلى الجو وكميات الأمطار.
استخدم تشاولو وناتالي ماوالد اللذان طورا النموذج الحاسوبي الجديد في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كلورادو ستة سيناريوهات مختلفة لتوقعات المناخ في المستقبل واستخدام الأرض للوصول إلى هذه التقديرات وتوصلا من حساباتهما إلى أن الغلاف الجوي سوف يفقد 60 في المئة من الغبار العالق به بحلول عام 2090، وأكثر السيناريوهات واقعية يأخذ في الاعتبار احتمالات ارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكربون لزيادة نمو النباتات وانخفاض مساحات التربة المكشوفة.
وتؤدي هذه العوامل إلى أكبر انخفاض في نسبة الغبار في الجو، لكنه حتى مع تثبيت عامل مصادر الغبار، سوف ينخفض الغبار في الجو بنسبة 20 في المئة.
زيادة الاحترار العالمي
ويقول رون ميللر الباحث بمعهد جودارد التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا إن أي شيء يؤدي إلى انخفاض الغبار في الجو سوف يؤدي إلى زيادة الاحترار العالمي. فالغبار يعكس بعض الطاقة إلى الفضاء ويمتص البعض الآخر ويحاصرها في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وهذا يحافظ على برودة سطح الأرض.
وانخفاض الغبار في الجو يعني تأثيراً على المحيطات أيضاً، فالغبار يمد البلانكتون " الأحياء الدقيقة" في المياه بالحديد، وانخفاض الحديد يعني انخفاض كمية البلانكتون وبالتالي انخفاض معدل امتصاص ثاني اكسيد الكربون فمن الممكن أن تفقد المحيطات قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون غير أن الوقت لايزال مبكراً جداً للحكم على ذلك، وتعمل مجموعتان أخريان للبحث على دراسة ذات المشكلة وتوصلتا إلى نتائج معاكسة، بأن المستقبل سوف يشهد مزيداً من الغبار في الجو.
عاصفة رملية
تقول ايناتيجين الباحثة في معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية في المانيا، وعضو أحد الفريقين اللذين توقعا زيادة الغبار في الجو إن النماذج الثلاثة تفترض نسباً مختلفة للغطاء النباتي وتوقعت مجموعة تيجين أن تظل مساحات الصحاري ثابتة، فيما توقع ماوالدلو أن تنخفض مساحات الصحاري. وتوقعت ستيفاني وودوارد الباحثة في مركز هادلي للتوقعات المناخية والأبحاث في انجلترا أن الغبار سوف يزداد بنسبة ثلاثة أضعاف خلال القرن المقبل
واستخدمت في ذلك نموذجاً حاسوبياً يأخذ في اعتباره العلاقة بين دورة الكربون والمناخ والغطاء النباتي وتقول إن غالبية الغبار الزائد في هذا النموذج تأتي من منطقة الأمازون.
ورغم أن الغبار قد يؤثر في المناخ المستقبلي، فقد تم إهماله في غالبية النماذج الحاسوبية للأضرار، وتقول وودوارد إن المسألة بكاملها لا تزال في مهد البحث ولابد أن نتوصل إلى اجماع ما، لكن الطريق طويلة قبل أن نتأكد تماماً.
الغبار في الوقت المناسب
حاول ماوالدلو أيضاً معرفة نسبة الغبار في الجو قبل عصر الصناعة لمعرفة أثر الإنسان ونشاطه على كمية الغبار لكنهم يقولون إنهم غير متأكدين من أثر العوامل المختلفة بالكامل.ويفترض نموذج ماوالدلو أن الإنسان كان يستطيع خفض الغبار بنسبة 24 في المئة خلال القرن الماضي، أو زيادة الغبار الحالي بنسبة 60 في المئة، والمهم هو أن النموذج يوضح أن الإنسان يستطيع أن يكون له أكبر الأثر على الغبار في الغلاف الجوي.
* أعلن فريق من علماء الفلك البريطانيين أن بعض النجوم المتفجرة لها عادات سيئة فهي تصدر كميات كبيرة من الدخان المعروف باسم الغبار الكوني. هذا الكشف يحل لغز عشرة مليارات عام يصدر خلالها هذا الغبار ويجيب عن أسئلة حول أصل أول جزيئات صلبة ظهرت في الكون.
قاس الفريق العلمي كمية الغبار الكوني البارد في مجموعة كاسيوبيا النجمية وهي بقايا انفجار نجمي في مجرتنا تقع على مسافة نحو 11 ألف سنة ضوئية من الأرض وكانت كمية الغبار التي قاسوها ألف ضعف ما تم قياسه من قبل، مما يفيد بأن هذه الانفجارات النجمية الهائلة من أهم الطرق الفعالة في تكوين الغبار النجمي كما يجيب ذلك على غموض حول كيفية تكون الكميات الكبيرة من الغبار النجمي التي اكتشفت من قبل.
الغبار الكوني ليس كالغبار الارضي حيث يتكون أيضاً من حبيبات صلبة صغيرة غالباً من الكربون والسليكات تطفو في الفراغ بين الأجرام السماوية الفضائية ، في حجم حبيبات دخان التبغ ويساعد وجود حبيبات الغبار النجمي حول النجوم في تكوينها وهو أيضاً المادة التي تتكون منها الكواكب. وتقول الدكتورة لوريتا ديون بجامعة كاردييف التي قادت البحث إننا نعيش على مجموعة هائلة من حبيبات الغبار النجمي في الواقع، والحقيقة أن السؤال عن أصل الغبار النجمي الكوني يعني أصل كوكبنا والكواكب الأخرى.
مدافع الدخان
الانفجارات النجمية العنيفة تقع في نهاية حياة النجوم ويمكن أن يصدر عن الانفجار النجمي طاقة أكبر من طاقة الشمس خلال عمرها بالكامل الذي يبلغ الآن تسعة مليارات عام. كما يصدر عن هذه الانفجارات كميات من العناصر الثقيلة مثل الكربون والاكسجين التي يلقى بها في الفضاء بين الأجسام الفضائية وبما أن هذه هي مكونات الغبار الكوني، كان هناك شك أن تكون الانفجارات النجمية لها دور هام في تفسير أصل الغبار، غير أن كميات قليلة من الغبار عثر عليها حتى الآن في النجوم المتفجرة مما جعل العلماء يعرفون أين مدفع الدخان لكن بدون دخان كاف.
ويقول هايلي موريجان بجامعة كاردييف أيضاً إن بعض الانفجارات النجمية هي النهاية الضيقة لنجوم تعيش حياة قصيرة وتموت في ريعان الشباب وتبلغ كتلة هذه النجوم أضعاف كتلة الشمس، وتحرق وقودها أسرع من الشمس بعشرات المرات خلال بضع ملايين من السنين فإذا كانت الانفجارات النجمية هي مصانع انتاج الغبار النجمي فهذا يعني أن كلا منها ينتج غباراً تزيد كتلته على كتلة الشمس.
رصد الفريق مجموعة كاسيوبيا النجمية وهي بقايا عمرها 300 سنة من انفجار نجمي، وتكونت عقب انفجار نجم كتلته أضعاف كتلة الشمس 30 مرة. ولا تزال المادة الناتجة عن الانفجار تجوب الفضاء بسرعة 100 ألف كيلومتر في الساعة وتجرف في طريقها الغاز المحيط والغبار إلى خيمة الموجة الانفجارية. وتحجب حبيبات الغبار الكوني نحو نصف الضوء المرئي القادم من النجوم والمجرات، لكن السحابة الغبارية مبطنة بطبقة فضية تعكس أيضاً ضوء الشمس إلى الخارج على شكل موجات تحت حمراء وموجات أقل من الملليمتر في طوله. استخدم الفريق آلة تصوير سكوبا أقوى آلة تصوير في العالم للموجات الاقل من الملليمتر طولاً، المثبتة على تلسكوب جيمس كلارك ماكسويل في هاواي لكشف هذه الموجات الضوئية المنعكسة.
الدليل القاطع
كشفت سكوبا عن خيمة الانفجار في كاسيوبيا بكتلة كلية تتراوح بين ضعف وأربعة أضعاف كتلة الشمس ويقول الدكتور ستيف ايلز بجامعة كارديف أيضاً إن هذه الكمية أكبر من الكميات المقاسة من قبل بنحو اكثر من ألف ضعف ولابد أن مجموعة كاسيوبيا فعالة ونشطة جداً في انتاج الغبار الكوني من العناصر المتاحة بها . ويقول الاستاذ مايك ادموند مدير كلية الفلك بجامعة كارديف إن علماء الفلك كانوا يبحثون عن الغبار الكوني في بقايا الانفجارات النجمية منذ عقود غير أنهم اكتشفوا كميات بسيطة من الغبار الدافئ نسبياً.
لكن آلة تصوير سكوبا مكنتنا اخيراً من رؤية الغبار البارد جداً، عند درجة حرارة 257 تحت الصف، كما كشفت سكوبا في السنوات الأخيرة أيضاً عن مجرات بعيدة مليئة بالغبار الكوني وتبعد عن الأرض اكثر من عشرة مليارات سنة ضوئية ويستغرق الضوء القادم منها فترة طويلة جداً لدرجة أننا نراها كما لو كان عمر الكون مليار عام فقط أي أقل من عشر عمره الحقيقي.
صور الانفجار النجمي
اصل هذا الغبار القديم كان غامضاً وظن العلماء أن الغبار الكوني يتكون في الرياح القادمة من نجوم عملاقة باردة في اواخر فترات حياتها لكن شمسنا مثلاً استغرقت تسعة مليارات عام لتصل إلى هذه المرحلة لذلك كان من المستحيل أن يتكون الغبار بفعل الرياح النجمية خلال المليار عام الأولى من عمر الكون وقد اتضحت اجابة اللغز الآن بعد أن عرفنا أن الغبار يتكون بسرعة من الانفجارات النجمية.
ويقول ديون إن الغبار الكوني يتراكم تحت السجادة الكونية ويعتبره العلماء من فترة طويلة عنصر إزعاج بسبب الطريقة التي يعوق بها ضوء النجوم، لكننا وجدنا فيما بعد أن هناك غباراً على حافة الكون في أقدم النجوم والمجرات ولاحظنا اننا كنا نجهل أصله الآن وقد اتضح أن الانفجارات الكونية هي مصدر الغبار الكوني، يمكننا تفسير كيف تكون هذا الغبار على حافة الكون.
غبار الصحراء الأفريقية يمتد إلى طبقات الجو العليا
قد يسبب الغبار المتصاعد من الصحراء الأفريقية الكبرى إحداث تغيرات في السحب والامطار في كل من أفريقيا وعلى الجانب الأخر من المحيط الاطلنطي"المناطق المدارية" حتى باربادوس أيضا.
هذا ما توصلت إليه احدث الدراسات باستخدام بيانات الاقمار الصناعية والقياسات الارضية والنماذج الحاسوبية اجرت الدراسة ناتالي ماولد العالمية بالمركزالوطني للابحاث الجوية وجامعة كاليفورنيا بالتعاون مع زملاء لها. ونشرتها مجلة جيوفير تيكال ربشيرس لترز.
تقول الدراسة إن الجزيئات الرملية تعمل عمل أسطح لبخار المياه لتلتصق بالسحب المنخفضة وبللورات الجليد لتتكون في السحب وابروسولات الهواء أمر حيوي لفهم التغيرات المناخية.
وتلعب السحب دورا مهما في انعكاس وامتصاص أشعة الشمس.والاشعاع المنعكس من سطح الأرض،وبتفاعل الغبارمع السحب ليؤثرا في انماط الامطار فوق الصحراء الكبرى ومناطق في الجنوب.
وتعد هذه الدراسة إقليمية طويلة المدى تؤكد أن الايروسولات المعدنية أو جزيئات الغبار في الجو يمكن أن تشكل أسطح في الهواء. كما أنها اول دراسة تقول إن غبار أفريقيا بتفاعل مع السحب ليؤثر في اقليم هائل المساحة.
المياه تعلق في جزيئات الغبار في السحب المنخفضة فوق الصحراء الكبرى الأفريقية. وتركزات الغبار في الطبقات الأعلى يمكن أن تحبس الامطار ويؤدي إلى تكون سحب خفيفة منخفضة وانخفاض كبير في كمية المطر.
وهناك أدلة على أن جزيئات الغبار في السحب المرتفعة فوق المناطق الأكثر رطوبة جنوبي الصحراء الكبرى توفر أسطح لتكوين بلورات الجليد ويزداد حجم البللورات بسرعة وتجذب الرطوبة من نقاط المياه المخزونة في السحب المجاورة. وبذلك تصبح البللورات اثقل وزنا وتسقط وتؤدي إلى مزيد من الامطار وانخفاض حجم السحب المرتفعة.
ويتزايد الغبار المنبعث من الصحراء الكبرى الافريقية في الغلاف الجوي منذ الستينيات ورغم أن سبب ذلك غير معروف بوضوح إلا أن بعض العلماء يعتقدون أن هذا التزايد قد يكون له علاقة بالنشاط البشري.
استخدم الباحثون بيانات متوسطات شهرية من قراءات الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية ونماذج حاسوبية من اجل فحص العلاقة بين خصائص السحب والايروسولات المعدنية " جزيئات الغبار في الجو"واكتشف الباحثون علاقة إيجابية بين كميات السحب المنخفضة والغبار على سواحل أفريقيا جهة الشمال، مما يؤيد النظرية التي تقول بأن جزيئا الغبار تكون محطات لنقاط المياه لتكون سحبا منخفضة خفيفة.
كما اكتشف الباحثون علاقةسلبية (عكسية) بين السحب المرتفعة والغبار على طول خط الاستواء عبر النصف الشمالي من أفريقيا والمحيط الاطلنطي.
ويعني ذلك أن تزايد جزيئات الغبار يؤديإلى تكوين جزيئات جليلة في السحب المرتفعة تجعلها تسقط امطارا ويقلل ذلك في النهاية من السحب المرتفعة. وبما أنه لا تتوفر بيانات طويلة المدى عن الغبار والسحب المرتفعة في تلك المناطق، ومن الصعب متابعة هذه السحب المرتفعة عن طريق الأقمار الصناعية، من الصعب تأكيد الاستنتاجات حول السحب المرتفعة وهطول الامطار وتكوين الجليد حول جزيئات الغبار.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 64