مرت بسلسلة من العمليات الطبيعية
الينابيع الحارة : منافذ بركانية وحمم فوارة وقدور طين
أمل جاسم
الينبوع مصدر طبيعي للمياه ينبع من الأرض، حيث تتسرب مياه الأمطار ومياه الثلوج الذائبة إلى الأرض، وترشح خلال مسام وشقوق التربة، ثم منها إلى الطبقات الصخرية، إلى أن يصل الماء إلى طبقة لا يستطيع المرور منها. ويسمى هذا الماء المحتجز تحت الأرض المياه الجوفية وربما تتسبب الجاذبية الأرضية في دفع المياه إلى أعلى حتى يجد منفذا إلى السطح مكون ينبوعا.
توجد أكبر الينابيع في مناطق الحجر الجيري، حيث يسيل الماء تحت الأرض في قنوات على شكل كهوف وتصل مثل هذه القنوات إلى السطح وتتدفق منها كميات كبيرة من الماء الخارج من باطن الأرض.
تتوقف درجة حرارة مياه الينبوع على درجة حرارة التربة أو الصخور التي تتدفق من خلالها، المياه الجوفية التي تجري قريبا من السطح تحدث ينابيع أكثر دفئا في الصيف عنها في الشتاء، بينما الينابيع التي تأتي من مناطق أكثر عمقا لا تتأثر بدرجة حرارة السطح.
العمليات الطبيعية
أما الينابيع الحارة فهي ينابيع تتدفق من مياه سخنت بسلسلة من العمليات الطبيعية داخل الأرض، وتكون معظم الينابيع الحارة أنهارا اطرادية الانسياب أو بركا ساكنة من المياه، لكن الكثير منها قد يكون منفذا بركانيا أو حمما فوارة، أو قد تكون بركا فوارة من الطين تسمى قدور الطين أو براكين الطين. كما يطلق على الينابيع الحارة أيضا الينابيع الحرارية.
تنشأ الينابيع الحارة أصلا عندما تتسرب المياه السطحية التي تنتج عن الأمطار والثلوج إلى باطن الأرض. وينكون عدد كبير من الينابيع في المناطق البركانية حيثما تتكون الصخور الحارة المنصهرة التي تسمى الصهارة قرب سطح الأرض، تسيل المياه السطحية بالتدريج إلى أسفل خلال طبقات من الصخور حتى يتم تسخينها بالصهارة، بعد ذلك يرتفع الماء إلى السطح خلال القنوات الموجودة في الصخور.
منتجع فيسبادن
فيسبادن منتجع يقع على بعد 10 كيلومترات شمال شرقي ماينتس بألمانيا، وتقع في واد على المنحدر الجنوبي من جبال تاونس. تجذب الينابيع الحارة فيها الزوار، كما أن ينابيع المنطقة كانت معروفة لدى الرومان، وقد اكتشفت بقايا آثار عديدة للعصر الروماني هناك، وكان الاسم اللاتيني للمدينة هو أكوا ماتيا كورم ويعني مياه الماتياسيين وهي قبيلة ألمانية، أما الاسم الألماني فيسبادن فانه يعني حمامات على المروج.
كما تنشأ الينابيع الحارة أيضا في المناطق التي يوجد بطبقات صخورها تحت الأرضية تصدعات أو طيات. حيث تمكن هذه التصدعات والطيات المياه السطحية من النفاذ إلى باطن الأرض حيث ترتفع درجة الحرارة كلما زاد العمق وبذلك يتم تسخين المياه السطحية.
الطاقة الجوفية
الينابيع الحارة مصدر للطاقة الحرارية الجوفية، وهي الطاقة التي تنتج بالبخار أو المياه الحارة الموجودة داخل الأرض، توجد لدى العديد من الدول ومنها نيوزلندا والاتحاد السوفيتي (سابقا) والولايات المتحدة وحدات لتوليد القدرة تستخدم الطاقة الحرارية الجوفية لتوليد الكهرباء.
يعتقد الكثير من الناس أن أملاحا معدنية موجودة في الينابيع الحارة قادرة على شفاء أمراض مختلفة، ومنذ القدم أدى هذا الاعتقاد إلى قيام الناس بالاستحمام فيها وشربهم من مائها، وتتمركز المنتجعات الصحية الشهيرة حول الينابيع الحارة، ومن هذه الأماكن، المنتزه القومي للينابيع الحارة في كل من آركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية وأخن وبادن بادن وفيسبادن في ألمانيا.
منتجع صحي
بادن بادن من أشهر المنتجعات الصحية في العالم وتقع في الشمال الغربي من الغابة السوداء في ألمانيا، تمتاز العديد من الينابيع الحارة داخلها وحولها بمياه معدنية تتراوح حرارتها بين 47م و 68م. وقد استخدم الرومان هذه الينابيع قبل أكثر من ألفي عام تقريبا، كما يوجد في بادن بادن آثار حمام روماني قديم.
يعتبر منتزه يلوستون الوطني أقدم منتزه وطني في العالم ويقع في ولاية وايومنغ بالولايات المتحدة الأمريكية، يشتهر هذا المنتزه بروائعه الطبيعية ففيه ينابيع مياه حارة وينابيع بخارية أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.
تكونت معظم المظاهر السطحية لهذا المنتزه بسبب الثورانات البركانية التي حدثت منذ أكثر من 60.000 عام، ولا تزال كتل كبيرة من الأحجار المصهورة موجودة تحت السطح الخارجي للمنتزه، ويسخن الصخر المعروف باسم الصهارة مياه الينابيع والنوافير البخارية، ويحتوي هذا المنتزه، على أكثر من 200 نافورة بخارية وآلاف من الينابيع المائية الحارة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 119