رئيس مشروع إعادة التأهيل في منطقة اللياح
د. الحجرف : مقالع الصلبوخ دمرت 3% من المساحة الكلية لأرضي الكويت
ريهام محمد
استكمالا لتنفيذ قرار مجلس الوزراء والذي يقضي بردم وتسوية مقالع الصلبوخ بدولة الكويت والعمل على إعادة الحياة الفطرية فيها الى سابق عهدها، قام مجلس الوزراء ممثلا بلجنة متابعة القرارات الامنية بتكليف معهد الكويت للأبحاث العلمية بانجاز دراسة علمية لمدة خمسة اعوام يتم خلالها بحث وتجربة أفضل السبل، لإعادة تأهيل جميع الأراضي المتضررة جراء هذه الأنشطة والعمل على توفير البيئة المناسبة لعودة الحياة الفطرية الى سابق عهدها، ولتحقيق الأهداف المرجوة من الدراسة تم اختيار منطقة اللياح كنموذج للمناطق المتضررة وذلك لإجراء الدراسات والتجارب الخاصة بإعادة التأهيل، حيث يوجد بهذه المنطقة جميع أوجه التدهور وهي: مناطق حفر واستخراج الصلبوخ، ومنطقة جمع وتكسير الصلبوخ الخام، ومنطقة الإلقاء العشوائي للمخلفات الإنشائية، وشبكة من الطرق غير المعبدة والموصلة بين اماكن استخراج الصلبوخ ومواقع شركات الكسارات العاملة في هذا المجال.
وقام معهد الكويت للأبحاث العلمية بتشكيل فريق عمل لإنجاز المشروع. تم تقسيمه الى ست مجموعات عمل تقوم بتنفيذ الدراسة.
مجلة «بيئتنا» التقت رئيس مشروع إعادة تأهيل مقالع الصلبوخ في منطقة اللياح الدكتور سالم الحجرف للحديث حول كل ذلك وكان معه حوار هذا نصه:
* بداية نود أن تطلعنا على تاريخ عمليات استخراج الصلبوخ في الكويت؟
بدأت أنشطة استخراج الصلبوخ للاستخدامات الإنشائية منذ أوائل الستينات تزامنا مع الطفرة الحضارية والعمرانية للكويت الحديثة، وتم إنشاء أول شركة لاستخراج الصلبوخ بمنطقة الصبية شمال شرق مدينة الكويت، حيث كان الصلبوخ ينقل الى المدينة عن طريق السفن عبر جون الكويت، إلا أنه مع زيادة الطلب على هذه المادة الأساسية للبناء تم إنشاء العديد من الشركات التي ما لبثت ان انتشرت شمال البلاد وشمال غربها، حيث كانت تغطي حاجة سوق العمل من الصلبوخ إلى أن بدأ المهتمون في حماية البيئة البرية من الاندثار بإثارة القضية من منظور بيئي عندما وصل مجموع مساحة ما تم تدميره من مساحات وأراضي جراء هذه الأنشطة إلى 3% من المساحة الكلية لدولة الكويت والذي يقارب إلى حد كبير مساحة الأراضي الحضرية في البلاد استنادا الى معلومات مختبر الاستشعار عن بعد لمعهد الكويت للأبحاث العلمية.
ويتمثل هذا التدمير في أوجه متعددة كإزالة التربة السطحية للمنطقة المراد استخراج الصلبوخ منها، الأمر الذي نتج عنه تكون أخاديد تتراوح أعماقها مابين نصف متر إلى 15م، مما نتج عنه انحسار جميع النباتات السطحية والتي تعتبر الغذاء الرئيسي للعديد من الكائنات الحية والتي انقرضت تدريجيا نتيجة ذلك.
وقد أدى الإفراط في مزاولة هذه الأنشطة إلى آثار سلبية بالغة الحجم على البيئة الصحراوية بدولة الكويت والتي منها ما يلي :
- اختفاء الغطاء النباتي في مناطق استخراج الصلبوخ والأراضي المحيطة.
- انقراض الحياة الفطرية من طيور وحيوانات والتي كانت تعتمد على تلك النباتات كمصدر وحيد للغذاء.
- تعرض مساحات كبيرة من سطح الأرض للاختلال والانضغاط بفعل حركة الآليات في المنطقة.
- زيادة نسبة الأتربة المتطايرة.
- اختلال مسار المجاري الطبيعية لمياه الأمطار.
وكل ما سبق ذكره شكل ضرورة حتمية للعمل على إعادة تأهيل البيئة المتلفة بفعل مقالع الصلبوخ، ومن هنا كان الانطلاق للمشروع الذي شرفت برئاسته كبداية فعلية نحو تحقيق عملية التأهيل البيئية الشاملة وهو مشروع إعادة تأهيل مقالع الصلبوخ في منطقة اللياح.
* وما أهداف مشروع إعادة تأهيل مقالع الصلبوخ في منطقة اللياح؟
المشروع أو بالأحرى الدراسة الخاصة به تهدف بشكل أساسي إلى البحث في أفضل السبل لإعادة تأهيل مناطق استخراج الصلبوخ في منطقة اللياح الواقعة على بعد 40 كيلو مترا شمال مدينة الكويت، كما يهدف المشروع إلى وضع خطة للتعامل مع الوضع البيئي المتدهور في منطقة الدراسة والتي على ضوئها يتم الاستدلال على الأسلوب الأمثل لتعميم إعادة التأهيل على نطاق أوسع ليشمل جميع المناطق والأراضي المتضررة بسبب أنشطة استخراج الصلبوخ. وبشكل عام يركز المشروع على ثلاثة أهداف أساسية وهي على النحو التالي :
1- إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة بمنطقة اللياح من تربة وغطاء نباتي وحياة فطرية.
2- إجراء التجارب والدراسات الضرورية لمعرفة أنسب الطرق وأكفئها لعملية إعادة التأهيل.
3- وضع تصور شامل لعملية تأهيل سائر المناطق المتدهورة.
* وماذا عن الأضرار البيئية لأنشطة استخراج الصلبوخ من المناطق الصحراوية في الكويت؟
تعتبر مناطق استخراج الصلبوخ في البيئة الصحراوية بدولة الكويت واحدة من اكثر المناطق تضررا وذلك بسبب تدهور خصائص التربة مع الاختفاء التام للغطاء النباتي، والذي كان منتشرا وبكثافة عالية في هذه المناطق وحتى فترة الستينات من القرن الماضي، وما صاحب ذلك من انقراض تدريجي للحياة الفطرية التي كانت تعج بأنواع عديدة من الطيور والحيوانات والزواحف، كما كان لهذا التدهور البيئي دور أساسي في زيادة حدة التصحر التي اتسعت رقعتها في الكويت بشكل عام وفي منطقة الدراسة بشكل خاص، كما صاحب استغلال مناطق استخراج الصلبوخ مشاكل بيئية عديدة مثل زحف الرمال وتراكمها على الطرق والمنشآت وتكون العديد من المسطحات الرملية النشطة التي تتحول إلى مصادر للغبار عند هبوب الرياح.
كما شهدت المنطقة مؤخرا ظهور العديد من الكثبان الرملية صغيرة الحجم في مناطق مختلفة من الكويت لم يسبق ان ذكر وجودها قبل العام 1970، وكان لهذه الأنشطة الأثر البالغ في استنزاف وتدهور مكونات البيئة الصحراوية في دولة الكويت على مدى العقود الأربعة الماضية الأمر الذي دفع العديد من الجهات الأكاديمية والرسمية والأهلية للقيام بدراسات وأبحاث تهتم بتقدير وتصنيف الأضرار البيئية التي لحقت بالبيئة الصحراوية بسبب هذه الأنشطة. وتم تصنيف تدهور الأراضي الناجم عن أنشطة اقتلاع الصلبوخ الى أربعة أوجه كالتالي :
أولا- مواقع استخراج الصلبوخ : وهي عبارة عن حفر عميقة تشبه الأخاديد تقوم الشركة المستخرجة للصلبوخ بحفرها واستخراج التربة المخلوطة بالصلبوخ من أعماق مختلفة، ويتم فرز الصلبوخ الخام ذي القيمة التجارية من الرمال في جهاز يعرف باسم الغربال الذي يوضع داخل هذه الحفرة ويتم تحريكه تتبعا لمكامن الصلبوخ وذلك بشق طريق بعمق 5 إلى 15مترا وبعرض يصل الى نحو 50 مترا أما طول هذه الحفر فيعتمد على مخزون الصلبوخ في الموقع وطول المكمن تحت الأرض حيث يصل طول هذه الحفر إلى ما يقارب الكيلو متر. وتتسبب هذه العملية في تدمير كامل للغطاء النباتي في موقع الحفر وفي المواقع المجاورة لها، حيث تتم إزاحة وتجميع الرمال الناتجة عن عمليات الغربلة وكذلك تحرك الآليات الثقيلة ذهابا وإيابا حول الموقع.
ثانيا-: نقل الصلبوخ: بعد الانتهاء من فرز وتنقية الصلبوخ الخام في الموقع يتم تحميل الناتج من الصلبوخ بشاحنات نقل تصل حمولة الواحدة منها إلى نحو 20 مترا مكعبا من الصلبوخ، حيث تبدأ هذه الشاحنات بشق الطرق العشوائية خلال الصحراء حتى تصل إلى موقع شركات الكسارات في منطقة اللياح والتي يتجمع فيها اكثر من 20 شركة صلبوخ تستقبل إنتاج جميع شركات استخراج الصلبوخ المنتشرة في الصحراء، وقد نتج عن هذه الحركة الدائمة للآليات والشاحنات والمعدات الثقيلة ذهابا وإيابا أضرارا لحقت بالبيئة الصحراوية وأبرزها ما يلي:
* انضغاط سطح التربة وبالتالي موت الشجيرات والنباتات الصحراوية على طول هذه الطرق مع تعذر نمو نباتات جديدة نتيجة اختلال تركيبة التربة السطحية.
* اختلال المجاري الطبيعية لمياه الأمطار حيث أصبحت تتجمع وسط الطرق لعدة ايام حتى تتبخر قبل ان تتسرب الى مكامنها الطبيعية تحت سطح التربة.
ثالثا- كسارات الصلبوخ: تستقبل الكسارات الصلبوخ الخام حيث تتم عملية تكسيره إلى أحجام مختلفة حسب حاجة السوق، وينتج عن عملية التكسير والفرز كميات كبيرة من الغبار والاتربة عديمة الجدوى، أما الغبار فيتطاير إلى الأعلى وينتقل بفعل الرياح الى مناطق بعيدة تصل إلى المناطق السكنية نتيجة وجود هذه الكسارات في الجزء الشمالي والشمالي الغربي من البلاد، حيث تهب أغلب الرياح السائدة في المنطقة أما الأتربة فيتم إزاحتها باستخدام الجرافات إلى المناطق المحيطة بموقع التكسير الأمر الذي نتج عنه وجود العديد من التلال التي يصل ارتفاعها الى 20 مترا والتي تعرف بالرمبات.
رابعا- الانقاض والمخلفات: حيث تنتشر في المنطقة العديد من الانقاض والمخلفات التي أضافت تاثيرا سلبيا آخر على البيئة والحياة الفطرية في المنطقة، ومن هذه المخلفات:
* الزيوت وزيوت التشحيم الخاصة بالشاحنات والمعدات الثقيلة ومولدات الكهرباء وغيرها والتي عادة ما تلقى على سطح التربة.
* انتشار الإطارات المستهلكة من قبل أصحاب الشاحنات بشكل عشوائي على الطرق التي تسلكها هذه الشاحنات.
* قدوم الشاحنات التي تأتي من المدينة لجلب الصلبوخ من الكسارات وهي محملة بالمخلفات الإنشائية المختلفة لإلقائها بالطريق في مناطق صحراوية مفتوحة قرب الكسارات، الأمر الذي نتج عنه انتشار العديد من أكوام هذه المخلفات لتغطي مساحات شاسعة من الصحراء.
* وكيف تمت عملية تسوية وردم مواقع استخراج الصلبوخ باللياح؟
تعتبر عملية ردم وتسوية الحفر والتلال الناتجة عن عمليات استخراج الصلبوخ من باطن الأرض مرحلة أساسية لإعادة التأهيل، في بادية عملنا قمنا بتحديد مواقع استخراج الصلبوخ ومساحاتها ووزعناها على خريطة الكويت باستخدام صور فضائية عالية الدقة، وكذلك حددنا أماكن المخلفات الإنشائية، والإطارات المستهلكة، عقب ذلك قمنا بتقدير حجم الإمكانات المادية والبشرية والوقت المتوقع لإنجاز العمل، وتم تشكيل لجنة برئاسة مجلس الوزراء ممثلة بلجنة متابعة القرارت الأمنية وبعضوية كل من معهد الكويت للأبحاث العلمية وشركة نفط الكويت وبلدية الكويت ووزارة الدفاع والهيئة العامة للبيئة والهيئة العامة للصناعة والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية ووزارة التجارة ووزارة الداخلية ووزارة المالية، وتم تحديد المناطق المتضررة وقياس مساحتها بدقة والتي بلغت 3 % كما ذكرت، وبدأ العمل في ردم وتسوية مواقع استخراج الصلبوخ في موقع جال اللياح بتاريخ 1 أكتوبر عام 2002 وذلك باستخدام اكثر من 40 بلدوزر وآلية تعمل لمدة 8 ساعات في اليوم ويقوم البلدوزر الواحد بإزاحة نحو الردم والتسوية، وطوال فترة العمل التي تجاوزت الست سنوات نجحنا في تحريك ما يقارب من ستة ملايين متر مكعب التربة لتسوية مساحات شاسعة من مواقع استخراج الصلبوخ تتجاوز 90 كيلو مترا مربعا.
وقمنا بتقسيم خطة إعادة التأهيل إلى قسمين أساسيين هما التأهيل الطبيعي والتأهيل الصناعي.
بالنسبة إلى التأهيل الطبيعي فهو يعتمد على توفير الظروف البيئية المناسبة للصحراء وإعطائها الفرصة لإعادة بنيتها ذاتيا بدون تدخل للإنسان في ذلك عدا ترك المنطقة المراد تأهيلها بعيدا عن أية أنشطة من شأنها الإخلال بالظروف المراد توافرها لنمو النباتات وتكاثرها ومن ثم ازدهارها، وتعتبر عملية الحماية عن طريق التسييج الطريقة الفعالة والوحيدة لإعادة التأهيل ذاتيا، وقد بدأ العمل في منطقة اللياح بتسييجها بمحيط بلغ 60كيلو مترا، وأنجزنا في هذه المرحلة ثلاثة أعمال رئيسية هي:
1- ردم جميع المقالع داخل هذه المنطقة.
2- تسوية تلال الرمال والحصى الناتجة عن عملية التكسير وذلك بفرشها على سطح الأرض مشكلة تلالا انسيابية سهلة التضاريس.
3- تجميع وإزالة أطنان المخلفات والإطارات المنتشرة في منطقة الدراسة.
وقد مضى على إنجاز هذه المرحلة ما نحو 30 شهرا منذ بدء الدراسة، حيث تم وضع برنامج لمراقبة عملية التأهيل الذاتي لمساحات كبيرة من المنطقة المحمية وتم رصد 13 نوعا مختلفا من النباتات الموسمية والحولية مباشرة بعد بداية استكمال السياج، وأخذ التعدد بأنواع النباتات بالازدياد مع الوقت حتى وصل عدد أنواع النباتات التي تم رصدها إلى ما يزيد على 60 نوعا مختلفا تم توثيقها في سجلات فريق العمل.
أما التأهيل الصناعي فنلجأ إليه في المناطق الأكثر تضررا والتي عادة ما يصعب عودة النباتات للنمو فيها حتى وان تم حمايتها لفترات زمنية طويلة وفي هذه الحالة يتم جمع بذور النباتات الصحراوية من مناطق أخرى تتواجد فيها النباتات بكميات كبيرة، تنقل بعد ذلك هذه البذور للمختبرات ويتم تجفيفها وتنقيتها لتكون جاهزة للزراعة ثم تتم عملية التأهيل لهذه المناطق عن طريق زراعة هذه البذور بطريقيتين: الزراعة للبذور في البيوت المحمية المعدة لذلك على عدة مراحل حتى تصل شتلاتها إلى حجم محدد يتم بعدها نقل الشتلات إلى الموقع المراد تأهيله ومن ثم رعايتها ومراقبتها حتى تتكيف مع الظروف المناخية وتبدأ بالنمو بشكل تلقائي، والطريقة الثانية نقوم فيها بنقل البذور إلى الموقع المراد تأهيله وضعها تحت طبقة رقيقة من التربة وذلك خلال الفصل المناسب لنمو كل نبته على حدة.
ومن خلال مرحلة التأهيل الصناعي نجحنا في زرع العديد من النباتات ومنها:
* 50 شتلة عرفج تم نقلها من مختبرات محطة أبحاث المعهد بكبد إلى موقع الدراسة.
* تعقيل 4000 شتلة عوسج داخل البيوت المحمية ظهر منها نحو 3000 شتلة وصل ارتفاعها إلى 30سم خلال 12 شهرا وتم اختيار عدة مواقع داخل منطقة الدراسة وتمت زراعتها بالكامل خلال موسم 2006 / 2007.
* استزراع نبات الارطي عن طريق البذور في أحد المقالع المعاد ردمها وتسويتها.
* تجربة تعقيد عدد من النباتات الصحراوية المنتشرة في مواقع مختلفة من البيئة الصحراوية الكويتية حيث تم تعقيل 300 شتلة سدر بري و600 شتلة نبات ارطي و400 شتلة شجرة الطلح.
الحديقة الصحراوية
بما أن موقع أنشطة شركات الصلبوخ يعتبر من أكثر المناطق المتضررة بيئياً وعليه يصعب عودة النباتات الصحراوية للنمو فيها بشكل طبيعي، فقد تم اختيار هذا الموقع ليكون حديقة صحراوية أو واحة وسط الصحراء تضم كثافة عالية من الأشجار والنباتات المقاومة للجفاف والحرارة تستقطب بها الحيوانات والطيور البرية، تشكل هذه المنطقة ما يقرب من 46% من المساحة الكلية لمنطقة اللياح وهي على شكل دائري بمحيط يصل إلى 6 كيلو متر ومساحتها 12 كيلو متر مربع.
وقد تم إعداد البنية التحتية لهذه المنطقة بحفر بئر ماء ارتوازي وإقامة خزان مياه يتسع لـ24 ألف جالون بالإضافة إلى خزانات أصغر حجما تم توزيعها في المنطقة وكذلك تم تمديد شبكة ري بالتنقيط تصل لجميع أجزاء الموقع.
التأهيل لعودة الطيور والأحياء البرية
يقوم مبدأ تأهيل عودة الطيور والأحياء البرية على توافر عناصر عديدة من أهمها:
1- انتشار اعداد كافية من النباتات والأحياء الدقيقة مثل الحشرات والديدان التي التي تعتبر غذاءً رئيسيا لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة وكذلك الطيور المستوطنة، بالإضافة إلى اعتماد العديد من الحيوانات البرية في غذائها على النباتات والحيوانات الصغيرة كالزواحف والقوارب.
2- توافر مصدر دائم وقريب لمياه الشرب.
3- وجود أنواع من الأشجار القوية لبناء الأعشاش اللازمة لتكاثر الطيور وكذلك توفر التضاريس المناسبة للحيوانات البرية سواء آكلة الأعشاب أو آكلة اللحوم وذلك لعمل جحورها وأما تكاثرها فيها.
4- توفر البيئة الآمنة والبعيدة عن الضوضاء أو مخاطر الصيد، حيث أن الطيور قد تترك الأماكن غير الآمنة وتهاجر إلى مناطق أكثر أمنا بمجرد شعورها بالخطر حتى وان توافرت جميع الظروف السابق ذكرها.
تم اختيار منطقة الحديقة الصحراوية لتكون موقع لاستقطاب الأحياء البرية والطيور، حيث تتوفر جميع الظروف البيئية الملائمة لذلك.
وقد بدأت بالظهور في المنطقة العديد من أوجه عودة الحياة الفطرية من أشهرها تكاثر الثعلب البري والقنفذ الحبشي النادر والجربوع، أما الزواحف فقد تم رصد العديد منها مثل الضب والورل والثعبان، ومن الطيور العقاب والحبارى والبوم والدرج.
التوصيات
بعد مرور خمسة أعوام على بدء هذه الدراسة الهامة، يتضح أن تحقيق الهدف المنشود لإعادة الحياة الفطريقة لسابق عهدها في الصحراء الكويتية ليس بالأمر المستحيل، طالما كان هناك فهم دقيق وإدراك كامل لكيفية التعامل مع مكونات المنظومة الصحراوية وعناصرها، واتباع أفضل السبل لاستغلالها استغلالا مستداما.
وتمتلك البيئة الصحراوية في الكويت المقومات الضرورية لكي تعود إلى ما كانت عليه في السابق، حتى بعد تعرضها إلى العديد من أوجه التدمير كالذي حصل جراء أنشطة استخراج الصلبوخ على مدى نصف قرن، تعتبر هذه البيئة من البيئات شديدة التأثر سلباً وإيجاباً بأي تغير يطرأ عليها ويكون هذا التأثير سريعا في كلتا الحالتين.
خلصت هذه الدراسة إلى العديد من الدروس والنتائج القيمة، وعليه تقدم فريق العمل بجملة من التوصيات الكفيلة بوضع برنامج طويل الأمد يهدف إلى تعميم الاستفادة من هذه النتائج لإعادة تأهيل جميع المناطق المتدهورة بيئيا جراء أنشطة استخراج الصلبوخ وهي:
* ضرورة استكمال عملية ردم وتسوية مواقع استخراج الصلبوخ والانتهاء منها كخطوة رئيسية لإعادة التأهيل.
* وضع آلية للتحكم بالدخول والخروج من وإلى المناطق المراد تأهيلها شمال البلاد. بالإضافة إلى الحد من الرعي بالتجوال والصيد في المناطق الشمالية والشمالية الغربية.
* تحويل موقع الدراسة في منطقة اللياح إلى مشتل يؤمن حاجة جميع المناطق المراد تأهيلها بحاجتها من النباتات الصحراوية النادرة.
* التركيز في إعادة التأهيل على نباتات محلية أثبتت الدراسة إمكانية إعادة توطينها بعد انقراضها جراء الأنشطة المختلفة التي مورست عليها، من أهم هذه النباتات: العرفج - الرمث - الأرطي - العوسج - الطلح. كما يمكن إضافة نباتات مهمة مثل الثندي والثمام إلى القائمة بعد إجراء التجارب الضرورية عليها.
* وضع برنامج خاص لإعادة توطين عدد من الحيوانات البرية كالضبي والنعام بشكل متدرج لثلاثة أو أربعة أجيال متتابعة من كل فصيلة حتى تتم عملية تكيفها كليا مع الظروف البيئية السائدة واعتبارها حيوانات ذات دورة حياتية طبيعية. أما الطيور فسوف تعود تدريجياً متى ما وجدت البيئة الآمنة والمناسبة لتكاثرها وهذا ما تم ملاحظته أثناء تنفيذ هذه الدراسة.
* إن عملية إعادة تأهيل البيئة الصحراوية يتطلب التزامات طويلة الأمد، يتراوح ما بين 20 إلى 30 عاماً، حتى يتسنى استعادة دورة التوازن البيئي لوضعها الطبيعي. لذلك تظهر ضرورة إنشاء جهاز إداري خاص توكل له مهمة إدارة خطة إعادة التأهيل طويلة الأمد، يقوم هذا الجهاز بإعداد فرق دائمة لحماية ومراقبة المواقع المراد تأهيلها باعتبارها عماد نجاح هذا الجهاز، أما عمليات إعادة التأهيل ومتابعة التطور البيئي في المنطقة فتوكل إلى فريق متخصص في كل من النباتات الصحراوية والحيوانات والطيور البرية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 113