بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الإشعاع

الإشعاع

مصادره ما بين طبيعية وصناعية

الوقاية من الإشعاع للحماية من الانحراف الجيني

أمل جاسم

تكثر مصادر الإشعاع من حولنا، من هذه المصادر ما هو طبيعي ومنها صناعي، قد نعرف مصادر بعض هذه الإشعاعات ونراها ولكن بعضها الآخر لانعرف مدى خطورته وكيفية تحاشي التعرض له. في عام 1957م تسببت إحدى المحطات النووية في كارثة شمالي إنجلترا، حيث تلوث الهواء بكميات كبيرة من اليود131، والسترونشيوم90، والسيزيوم 137، وتبين أن التركيز الأكبر لهذه العناصر المشعة كان على بعد (3.2كم) من المحطة، وقد وجدت العناصر المشعة في حليب الأبقار التي تعيش على مسافة تقدر بـ(500كم²) حول المحطة.

مصادر الإشعاع الطبيعية

تمثل مجموعة الإشعاعات التي توجد حولنا في الطبيعة دون تدخل الإنسان فيها، حيث تختلف حسب الموقع الجغرافي للمنطقة وتشكل ما يسمى بالخلفية الإشعاعية للمنطقة، من أهم الإشعاعات الطبيعية ما يلي:

1-  الإشعاعات الكونية: تتألف من جزء أساسي يمثل الجسيمات الكونية الكبيرة مثل البروتونات والميزونات التي تدخل الغلاف الجوي للأرض، أما الجزء الثانوي فهو الذي يتألف من الإشعاعات المتولدة من تفاعل الجزء الأساسي مع الغلاف الجوي.

تعتبر المجرات والشمس المصدران الرئيسيان للإشعاعات الكونية، حيث تمتلك الإشعاعات القادمة من المجرات طاقة هائلــــة تقدر بالجيجا إلكترون فولت (GeV's)، أما الإشعاعات الشمسية فتكون طاقتها في حدود الميجا إلكترون فولت ( MeV's). وما نشعر به من إشعاعات على سطح الأرض هي من المصادر الشمسية حيث تتفاوت حدتها بحدود + 10 %  و - 10 % من وقت لآخر اعتمادا على ما يحصل من اضطرابات شمسية، وكذلك تتأثر حدتها بزيادة الارتفاع عن سطح الأرض حيث تزداد إلى الضعف كلما ارتفعنا 1800 متر عن سطح الأرض حيث تقل كثافة الهواء في الطبقات العليا مما يسمح بمرور تلك الإشعاعات.

2-  القشرة الأرضية: معظم المواد المشعة الموجودة على سطح الأرض بشكل طبيعي مصدرها القشرة الأرضية، وتتواجد المصادر الأرضية على هيئة منفردة أو على شكل مجموعات (سلاسل).  

أما بالنسبة للمواد المشعة المنفردة فمن أهمها عنصر البوتاسيوم المشع K40 حيث يكون حوالي 0.02 % من البوتاسيوم الطبيعي على سطح الأرض، ويوجد حوالي 140جم من البوتاسيوم المشع في جسم الإنسان الذي يزن 70م.

وبالنسبة للعناصر التي تتواجد ضمن سلاسل ترتبط بعضها مع البعض ضمن خط تحللي متسلسل حيث يتحلل العنصر الأولي مولد العنصر الثاني وبدورة يتحلل مولد العنصر الثالث، وهكذا تستمر العملية حيث ينشأ عنها سلاسل تؤدي جميعها إلى عنصر الرصاص المستقر، وهذه السلاسل هي سلسلة الثوريوم وسلسلة اليورانيوم وسلسلة الأكتينيوم وسلسلة النبتونيوم.

في شهر أغسطس من عام 1945م فجرت الولايات المتحدة الأمريكية في اليوم السادس من الشهر القنبلة النووية الأولى في سماء مدينة هيروشيما اليابانية على ارتفاع 580م وبقوة انفجار بلغت 15 طنا تقريبا من الكيماويات المتفجرة، وفي اليوم التاسع من نفس الشهر فجرت قنبلة ثانية في سماء مدينة ناغازاكي على ارتفاع 500م إلى الشمال من مركز المدينة، وبالإضافة إلى الآثار التخريبية التي نتجت عن الطاقة الانفجارية المتولدة فإن الطاقة الحرارية التي نتجت كانت من الكبر بحيث أحرقت كل الأجزاء العارية من جسم الإنسان حتى على بعد 4كم من مركز الانفجار. 

المصادر الصناعية

تتضمن كافة العناصر المشعة المنتجة من قبل الإنسان والأجهزة المولدة للإشعاع والنوى المشعة الناتجة من التفجيرات النووية وما يلحقها من نواتج الوقود النووي. تشمل هذه المصادر كل من:

- الاستخدامات الطبية: يعد التشخيص والعلاج الإشعاعي من أكثر المصادر الصناعية المسببة للجرعات الإشعاعية المضافة إلى الخلفية الإشعاعية في هذه الأيام، حيث يعتبر التشخيص الإشعاعي بمختلف جوانبه من الوسائل المهمة في تشخيص الأمراض.

- التعرض المهني: يمثل التعرض لنسبة قليلة من الناس الذين يعملون في مجال الإشعاع أو أن يكون موقع عملهم حتى لو كانت طبيعة العمل مكتبية ضمن منشأة تتعامل مع الإشعاع.

- متساقطات التفجيرات النووية: تضيف النوى المشعة المتساقطة على الأرض والمزارع والماء الناتجة من التفجيرات النووية نسبة عالية من التعرض الإشعاعي لكافة الناس في منطقة التفجير والمناطق المحيطة بها حيث لوحظ زيادة في مستويات الإشعاع في النصف العلوي من الكرة الأرضية حيث تراوحت مستويات التعرض الإشعاعي الناتج عنها بحدود GYµ20→ 10 خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن العشرين ( وهي الفترة التي تسارعت فيها عمليات الاختبارات النووية ).

- المفاعلات النووية ودورة الوقود النووي: تبدأ دورة الوقود النووي من عملية استخراج خامات اليورانيوم الطبيعي من مناجمه داخل الأرض إلى حين تنقيته وتصنيعه كوقود نووي ثم استخدامه في المفاعلات النووية لتوليد الطاقة. تتولد خلال تلك المراحل مجموعة كبيرة من النفايات المشعة التي لابد من التخلص منها لما لها من تأثير على الصحة العامة وذلك عن طريق دفنها تحت التربة أو في المحيطات.

في السادس والعشرين من إبريل عام 1986م حدث انفجار وحريق في محطة تشرنوبيل في أوكرانيا، نتج عنه نشوء سحابة ضخمة من النظائر المشعة انتشرت فوق أوكرانيا وعبرت أجزاء عديدة من الدول الأوروبية، وعلى الرغم من استمرار الحياة العادية في مدينة كييف التي تبعد 130كم عن مفاعل تشرنوبيل النووي، إلا أن آثار التلوث دفعت المسئولين في المدينة لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية المواد الغذائية وماء الشرب من أخطار التلوث.

تأثير الإشعاع على الجسم

تأثير الإشعاع على جسم الإنسان هو نتيجة لتدمير الخلايا منفصلة ويقسم إلى مجموعتين:

أولا: التأثيرات الجسمية الظاهرية: منها التأثيرات الجسمية المبكرة وهي التي تظهر عند تعرض الجسم أو جزء كبير من الجسم إلى جرعة كبيرة من الإشعاع في فترة زمنية قصيرة جدا (يوم واحد أو أقل) وتسمى بالتأثيرات الحادة. ومن أهم أعراض التعرض لجرعات عالية من الإشعاع في وقت قصير الغثيان والقيء، تغير مكونات الدم حيث يتناقص معدل كريات الدم البيضاء، وتناقص الكريات اللمفاوية بعد أيام قليلة من التعرض، احمرار البشرة، الحمى، تساقط الشعر. دلت الإحصائيات في اليابان على أن نسبة المصابين بسرطان الدم من بين سكان هيروشيما وناغازاكي الذين نجوا من خطر القنبلة النووية تزيد تسعة أضعاف عنها في سائر أنحاء اليابان، وقد ظهرت أعراض سرطان الدم عندهم بعد مرور عدة سنوات من الانفجار.

أما بالنسبة للتأثيرات الجسمية المتأخرة فهي تنشأ عن التعرض المزمن لجرعات إشعاعية صغيرة وقد تؤدي الجرعات العالية إلى ظهور أعراض متأخرة بعد اختفاء الأعراض الحادة. ومن أهم أنواع التأثيرات الجسمية المتأخرة للإشعاع سرطان الدم (اللوكيميا)، سرطان العظام، سرطان الغدة الدرقية، سرطان الثدي، عتمة عدسة العين، قصر فترة الحياة.  حدثت في الولايات المتحدة أكثر من 2300 ظاهرة تسرب نووي، منها كارثة (ثري مايل آيلاند) التي وقعت عام 1979م والتي استمرت أعمال التطهير لآثارها حتى عام 1985م.

ثانيا: التأثيرات الوراثية للإشعاع: يؤدي تعرض الخلايا للإشعاع المؤين إلى تغيرات في تركيبها تسمى بالطفرة الوراثية، والعوامل الغير طبيعية التي تسهم في إحداث الطفرات الوراثية هي الصدمات الحرارية، المحفزات الكيميائية، الأشعة تحت الحمراء، والإشعاعات المؤينة. ولا تظهر هذه التأثيرات الوراثية على الشخص المتعرض للإشعاع بل تظهر على الأجيال اللاحقة كطفرات تشتمل على الشذوذ الجيني الذي لا يحدث تغيير في تركيب الكروموسومات أو عددها بل يغير موقع أحد هذه الجينات أو مجموعة منها مؤديا إلى ظهور صفات مختلفة عن صفات الأبوين على هيئة طفرات وراثية.

التغذية والوقاية من الإشعاع

أثبتت الدراسات أن للغذاء تأثيرا على الصحة العامة حيث يدخل في تكوين مواد كيميائية أو جذور حرة مؤكسدة Lipid peroxides،Rancid lipids التي يمكنها أن تدمر بعض المكونات الحيوية والحساسة داخل الخلية، وعلى العكس يمكن أن يحتوي الغذاء على مواد مضادة للأكسدة تستطيع أن تعطل عمل الجذور الحرة والعوامل المؤكسدة الضارة بالجسم. بعض المعادن وأنواع من الفيتامينات تعتبر من العوامل المضادة للأكسدة لذا فإن وجودها داخل المحيط الخلوي يمكنه أن يزيل تأثير تلك العوامل المؤكسدة، كما أن بعض أنواع الفيتامينات تعتبر أساسية في النظام المناعي للجسم حيث تساهم في تكوين بعض الأحماض الدهنية التي تعتبر ضرورية للجهاز المناعي، لذا يجب أن تتوفر مثل هذه الفيتامينات والمعادن بنسب مقبولة داخل الجسم.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 112