بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الأرض

الأرض

الأرض تئن من "الحمى": معدلات الأكسجين تتناقص!

داود سليمان الشراد

تأثير الاحتباس الحراري على الجليد وارتفاع مياه البحارمع بزوغ القرن العشرين ازداد عدد البشر على الكرة الأرضية، واستمر هذا التنامي بشدة عقب الحرب العالمية الثانية، فمنذ بداية ظهور الجنس البشري وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، مضى أكثر من 1000 جيل وبعدد سكان فاق ملياري نسمة تقريباً، ولكن منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن تجاوز 5.8 مليارات نسمة، ولو استمر الوضع على هذا المنوال فسوف يتجاوز التعداد الـ8 مليارات نسمة في عام 2025، فعدد سكان العالم يزيد 80 مليوناً كل سنة.

رافق تلك الزيادة في أعداد البشر تزايد في نشاطاتهم وطلبات معيشتهم، وتسبب ذلك النشاط في إحداث تطور حضاري وصناعي وتقني وارتفاع في نسب التلوث المختلفة.

وفي الوقت ذاته أدى ذلك النشاط إلى زيادة الطلب والضغوط على البيئة ومواردها الطبيعية زيادة في استهلاك الطاقة، التي غالباً ما تكون من مصادر أحفورية، والتي عند توليد الطاقة منها تنتج غازات تنفث إلى الهواء، وفاق تركيز كمية هذه الغازات في الجو عن قدرة الأنظمة البيئية الطبيعية على التعامل معها، مما أدى إلى تراكمها في الغلاف الجوي الحيوي المحيط بسطح كوكب الأرض. وكان العلماء قد سجلوا في السنوات الأخيرة تزايد الغازات المتصاعدة من مداخن المصانع، وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون CO2، وتتيح هذه عبور أشعة الشمس بشكل عادي ولكنها تعيق تشعع الحرارة وعودتها إلى الفضاء، وأبدى كثير من العلماء مخاوفهم من أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تسخين كوكبنا بشكل عام وشامل وعلى نحو يؤثر في البيئة الاحيائية.

ولقد أظهرت السجلات المناخية صحة مقولة التسخين في السنوات المنصرمة، إلا أن أخذ درجة حرارة الأرض ليس أمراً يسيراً فأحوال الطقس تختلف من موقع إلى آخر وبين زمن وآخر أيضاً، وقد وجد أن الفارق كبير إحصائيا بين درجات الحرارة المسجلة لدى المراكز الأرضية وتلك المسجلة بالأقمار الاصطناعية، والمفترض أن القمر الاصطناعي المناخي يوفر تغطية أفضل، والحقيقة إن صافي الأرقام في السجل المعد بالمعطيات التي يوفرها القمر هو في الحقيقة أدنى قليلاً من الأرقام الأخرى.

الاحساس الحراري

ومن دواعي القلق تلك التغيرات المحتملة في المناخ نتيجة تراكم غارات الاحتباس الحراري الذي يتشكل عنه ظاهرة تعرف باسم «التسخين العالمي، الدفيئة، الاحتباس الحراري» لطبقة الغلاف الجوي التروبوسفير، والتي يفترض أنها تحدث نتيجة لتراكم كمية من الغازات هي بشكل أساسي (CO2) والميثان (CH4) وأوزون (O3) طبقة التروبوسفير وغازات عائلة الكلورفلوروكربون (CFC)، وأكسيد النيتروز، وبخار الماء، وهي غازات ذات أثر تراكمي، علاوة على تأثير التغيرات المناخية الطبيعية نتيجة التغيرات في النشاط الشمسي. والأشعة الشمسية التي تصل إلى الأرض تنعكس عنها إلى الفضاء أو ترتد إليه على شكل أشعة تحت حمراء IR بعد أن تكون قشرة الأرض أو المحيطات امتصت جزءاً منها.

الطاقة الشمسية

ووجد العلماء أن 30% من الطاقة الشمسية التي تبلغ الأرض (5200 × 1210 واط) من الطاقة الشمسية تمتص بواسطة الغلاف الجوي المحيط بقشرة الأرض ومياه المحيطات لتتحول إلى حرارة تعطي الفضاء المحيط الدفء الضروري لاستمرارية الحياة عليه.

ويستعمل جزء بسيط من الطاقة الشمسية (370 ×1210 واط) في عمليات الاحتكاك لتسيير التيارات المائية في المحيطات والتيارات الهوائية في الجو. وتدل المؤشرات على أن درجة حرارة الأرض من المتوقع أن ترتفع خلال القرن المقبل بمعدل 5.1 إلى 6 درجات س (من 1900 إلى 2100) وهو ارتفاع لا سابق له منذ 10000 سنة.

وكان يفترض في 1995 ألا يزيد الارتفاع عن 1 إلى 5.3 درجات، وقدر التقرير ارتفاع الحرارة منذ عام 1860 بما بين 4.0 و8.0 درجة س مقابل توقعات سابقة كانت تشير إلى 3.0 و6.0 درجة.

ويخلص التقرير إلى تسجيل ارتفاع بما بين 10 و20 سم في مستوى المحيطات خلال القرن العشرين بعد أن كانت التقديرات تتحدث عن ما بين 10 و25 سم في 1995.

لكنه كان متشائماً بالنسبة للفترة ما بين 1990 و2100، إذ يتوقع التقرير أن يرتفع مستوى المحيطات بمعدل 14 إلى 80 سم من 1990 و2100، أي أكثر بمرتين إلى 4 مرات مما حدث في القرن العشرين وبمعدل وسطي يعادل 1 سم ولكن أدنى مما كان متوقعاً في 1995 إذ كان يتوقع أن يرتفع مستوى المياه إلى ما بين 15 إلى 95 سم.

وقد بلغ متوسط درجات حرارة السطح في العالم في عام 1995، 14.94 درجة سليزية، أي بزيادة 0.38 س عن متوسط درجات الحرارة للفترة الممتدة من عام 1961 إلى 1991، طبقاً لتقرير وحدة الأبحاث المناخية في جامعة أيست انغليا بانكلترا. ولقد كان المتوسط القياسي السابق 14.8 درجة س وسجلت سنة 1990.

ارتفع متوسط درجة الحرارة في العالم بنحو 0.6 درجة س في القرن العشرين، وكان أغلب الارتفاع خلال الثلاثين عاماً الماضية، وظهر أثر ذلك على الحياة النباتية والحيوانية ابتداء من خط الاستواء وحتى القطبين.

ستة أشهر

ارتفاع درجة حرارة الأرض واحتباس غاز ثاني أكسيد الكربون تسبب في حرائق الغاباتوقد شهدت الأشهر الستة الأولى عام 2002 ثاني أكبر ارتفاع في درجات حرارة الجو في العالم، وأن عام 2002 يمكن أن يشهد أعلى متوسط لدرجات الحرارة سجل لغاية الآن وقد يتجاوز الرقم القياسي المسجل عام 1998.

وتهدد تلك التغيرات جزراً صغيرة بالاختفاء وبتقليص سواحل بنغلاديش وبورما وفيتنام ومصر وفلوريدا وتكساس وكامارغ في فرنسا وهولندا واليابان، ويتوقع أن تستمر مساحة طبقة الجليد في التراجع في النصف الشمالي من الأرض.

ورغم أنه من الغازات الضعيفة الاحتباس، إلا أن CO2 يعتبر المسؤول الأول عن ارتفاع حرارة الأرض بسبب نسبته المرتفعة جداً في الجو نتيجة النشاطات البشرية من إنتاج واستخدام الطاقة الأحفورية وكذلك إزالة الغابات وحرائق الغابات.

وتشكل هذه الغازات طبقة كلوح الزجاج- تحيط بالأرض- كما يحيط الزجاج بالدفيئة المخصصة للزراعة المحمية، فهي تسمح لطاقة الأشعة الشمسية بالدخول إلى الأرض ولكن نعمل على إبطاء فقدان الطاقة الحرارية غير المرئية المشعة حرارياً ثانية من سطح اليابسة ومن طبقة الجو السفلي، فهذه الغازات تمتص وتحتجز الأشعة تحت الحمراء أي الإشعاع الحراري غير المرئي الذي يحمل حرارة الأرض إلى الفضاء، ويبدو كأن كل ارتفاع بسيط في درجة الحرارة أصبحت تنسب هذه الأيام إلى «مفعول الدفيئة» الناجم عن غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النشاطات البشرية، وخصوصاً الصناعية منها، فهذه الغازات التي تتراكــــم في طبقــــة التربوســــفير (طبقة الجو السفلي) هي مبعث القلق من التغيرات المتوقعة في المناخ ولكن بالرغم من أن الفعاليات البشرية قد تخل بالتوازن المناخي الطبيعي إلى حد ما، فإن تأثير الدفيئة عبارة عن مظهر طبيعي من مظاهر العالم الأرضي إلى حد كبير الذي لولاه لما كنا وجدنا أصلا على سطح هذه اليابسة ولكان معدل حرارة سطح الأرض يمكن أن ينخفض من 15 درجة س حاليا إلى نحو 18- درجة س تحت الصفر، فالأرض دافئة كما يجب بفضل تركيب الغلاف الغازي المحيط باليابسة.

ولعل من أهم المؤشرات على التغير المناخي موت مساحات شاسعة من الشعاب المرجانية في العالم نتيجة لارتفاع درجات مياه المحيطات، وفي الوقت ذاته بدأت تظهر ملامح الخريف على الأشجار في أوروبا.

وفي بريطانيا نجد مثلاً حدوث أكثر فترة ماطرة في تاريخ انجلترا وويلز منذ أن بدأ العمل برصد وتأريخ أوضاع الأحوال الجوية عام 1766، وقد أحدثت العواصف فيضانات هائلة في مناطق الجنوب.

وعلى مدى العشرين عاماً الماضية، كان الطقس في بريطانيا وفي بقاع أخرى من أوروبا الغربية، متسقاً مع تنبؤات ما يحدث من ارتفاع في درجات الحرارة.

الكيمياء الأرضية

ويخضع التركيز الطبيعي لغاز CO2 في الغلاف الجوي للتفاعلات التي تجري في الغلاف الجوي وفي البحار والمحيط الحيوي، وتعرف هذه التفاعلات بدورة كربون الكيمياء الأرضية ويمكن لهذه الدورة أن تختل نتيجة أنشطة البشر التي تطلق CO2 وغيره من غازات الاحتباس الحرارية إلى الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى زيادة صافية في تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي وتركيز وتكيف وتراكم تأثير فعل الاحتباس الحراري الطبيعي.

ولا تعتبر الفعاليات البشرية والإفرازات الطبيعية (تحلل النباتات) المصادر الوحيدة لغاز الكربون، فهو يطلق في الجو ويخزن في ما يسمى «آبار الكربون» وهي المحيطات والنباتات الناشئة، لا سيما الأشجار.

أما المثيان، الموجود بكثافة أقل من غاز الكربون، فيصدر عن استخراج النفط والغاز والفحم وعن تحلل النفايات ومن حقول الأرز وروث الحيوانات، أما أكاسيد النتروجين المتدنية الكثافة ولكن الشديدة جداً، فتأتي من استخدام الأسمدة ومن احتراق المحروقات والفحم.

«CFC» القليل الكثافة، هو أيضا شديد القوة وهو منتج غير طبيعي، وإنما صناعي، يستخدم في أجهزة التبريد والتكييف، وهناك ثلاثة أنواع منه التي تحتوي على الفلور وردت في اتفاقية كيوتو الهادفة إلى خفض كمية المواد التي تسبب تلف طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية.

وبالرغم من أن تأثير الاحتباس الحراري معروف منذ زمن بعيد تجاوزت القرن، إلا أن القلق بشأن ما ينطوي عليه هذا الاحتباس من مخاطر بالنسبة إلى رفع درجة حرارة العالم لم يلاحظ بشدة إلا في أوائل السبعينات.

ويؤكد تقرير أعده خبراء بتكليف من الأمم المتحدة أن النشاطات البشرية أدت إلى زيادة كثافة غازات الاحتباس الحراري المتركزة في الجو بين القرن الثامن عشر و1995 بشكل كبير، حيث ارتفعت نسبة غاز الكربون بـ 30% والميثان بنسبة 145% وأكاسيد النتيروجين بنسبة 15% وقد نبه التقرير إلى الآثار الممتدة وقصيرة الأجل المحتملة في المناخ نتيجة تراكم هذه الغازات في الغلاف الجوي، وأن آثار تغير المناخ ستكون في النطاقين الإقليمي والعالمي، وأن هذه الآثار قد تبدأ بالظهور قبل نهاية هذا القرن وسيزداد تأثيرها قبل انتصاف القرن القادم. وتوقع التقرير ارتفاعاً أكثر في حرارة الأرض عما كان أعلن سابقاً.

مدلولات عامة

الجليد على قمم الجبال الاسترالية بدأ في الانحسار نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وهو ما حذر منه العلماءلقد أحرق الإنسان ما بين أعوام 1850 - 1950 نحو 60 غيغا طن من الكربون الجزء الأكبر منه على شكل فحم، وتحرق كمية مماثلة حاليا من الكربون كل 12 سنة، وحينما يحترق طن واحد من الكربون (ربما على شكل فحم حجري) ينتج الاحتراق 3.7 أطنان من CO2، وفي مطلع الثمانينات كانت كمية الكربون التي تحرق سنوياً نحو 5 غيغا طن أى 5000 مليون طن.

وبذلك يكون الداخل إلى الجو من احتراق الوقود الأحفوري نحو 18.5 غيغا طن من CO2، وفي عام 1990 بلغ إنتاج الأنشطة البشرية أكثر من 5700 مليون طن من الكربون نفثت في الغلاف الجوي من حرق الوقود الأحفوري مضافاً إيها 600 - 2500 مليون طن من الكربون من إزالة الغابات، وبالمتوسط فإن الوقود الهيدروكربوني يحتوي على الأقل على 75% كربون وزناً، فكل طن وقود يحترق يؤدي إلى دخول 3/4 الطن من الكربون إلى الجو.

ولتقييم مدة ومدى أثر ذلك التغير المناخي، علينا أن ندرك أن أبرد متوسط عالمي لدرجة الحرارة خلال العصر الجليدي كانت أدنى من الحرارة الحالية بـ5 درجات س فقط، وأن هذا الارتفاع الحراري كانت له مدلولات عدة، وغالبية العلماء يفترضون بدرجة كبيرة أن حرارة كوكب الأرض ستزداد بمعدل 0.3 درجة س كل عقد قادم على الأقل.

وتدل بيانات درجة الحرارة لسطح كوكب الأرض خلال القرن الماضي على أن متوسط درجة الحرارة العام قد ارتفع ما بين 0.3 - 0.6 درجة س، ومنذ عام 1900 تركز معظم الارتفاع في هذه المتوسطات في فترتين، الفترة الأولى من 1910 إلى 1940، والفترة الثانية بعد عام 1975، وكانت أقصى درجات حرارة سجلت على الإطلاق خلال 5 سنوات، قد حدثت في عقد الثمانينات (1980 - 1989) وبشكل عام- وكما ذكرنا سابقاً كانت ارتفاعات الحرارة لجو الأرض قد زادت عن القرن الماضي.

ظواهر خطيرة

إن ذلك التغير الحراري الذي يتوقع حدوثه ستكون له تغيرات غير متوقعة وشديدة على كوكبنا، إذ إن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ هي مسؤولة عن الفيضانات وارتفاع مستويات المياه في البحار وتهدد مستقبلا جميع أشكال الحياة تحت البحر، وستؤثر في توزيع الأمطار ودرجات الحرارة والرياح وتكون الأعاصير وتوزع المزروعات ومقاومة الكائنات الحية للأمراض وانتشار أمراض المناطق الحارة والحشرات إلى مناطق أخرى جديدة وظهور مشكلة اللاجئين البيئيين- إن ظلت معدلات ضخ غازات الاحتباس الحراري على معدلاتها الحالية- وقد أثبتت إحدى الدراسات أن ظاهرة الاحتباس ليست مسؤولة فقط عن ارتفاع معدلات الملوحة وارتفاع درجات حرارة المياه بل وفي نقص الأكسجين الذي يعتبر أهم عنصر للحياة تحت الماء.

وهو ما أمكن ملاحظته في المحيط المتجمد الجنوبي والذي يعتبر أساس سلامة باقي المحيطات على كوكب الأرض، إذ إنه يعاني من نقص في غاز الأكسجين، مما ينذر بكارثة بيئية ستحدق بمحيطات وبحار العالم، وذلك نتيجة مباشرة إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأظهرت الأبحاث أن معدلات الأكسجين تتناقص هناك عند أعماق تتراوح ما بين 500 إلى 1500 م، ويعد المحيط المتجمد الجنوبي بمثابة الرئة التي تتنفس بواسطتها محيطات العالم.

ووفقاً لنتائج دراسة حديثة جرت في يناير 2002، فقد انخفضت درجات الحرارة في القارة القطبية الجنوبية بمقدار 0.7 درجة سنوياً في الفترة من عام 1986 وحتى عام 2000، وتم قياس درجات البرودة عبر محطات أرصاد خاصة في منطقة وادي مكموردو أكبر المساحات المتجمدة في أنتارتيكا.

ومن المعلوم أن القارة القطبية الجنوبية قد تكون الوحيد في العالم الذي يشهد انخفاضاً في درجات الحرارة في الزمن الحالي، وتعتبر انتارتيكا استثناء فريداً من نوعه، والسبب في ذلك هو أن ظروف التفاعل بين مياه البحار والمحيطات الباردة فيها أدت إلى انخفاض درجات الحرارة.

وأظهرت مراكز الرصد في الدول القريبة من المناطق الباردة جنوبي أمريكا اللاتينية ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة. ولاشك أن ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات في العالم قد يؤدي إلى إمكانية غرق سواحل دول كبرى واختفاء دول أخرى نتيجة ذوبان جليد المناطق القطبية.

ويفترض الخبراء بأن الحد الأدنى الذي كان يمكن عمله هو تثبت انبعاث غاز CO2 وفي معدلات سنة 1990 في العام 2000 ومن ثم العمل على خفضه بنسبة %20 بعد ذلك حتى يبلغ تركيزه في الجو ما كان عليه إبان عهد الثورة الصناعية، وكذلك منع استخدام غازات الكلوروفلوروكربون في العام 2001 وتطوير أساليب لخفض انبعاث الميثان وأكاسيد النتروجين باستخدام البدائل المتوفرة حالياً وتلك التي سيتم تطويرها فيما بعد، وبتطبيق أساليب صناعية سليمة بيئياً وذات أثر منخفض السلبية في التنمية الاقتصادية قدر المستطاع.

آمال وسراب

وللحد من مخاطر التلوث المتزايد بغازات الدفيئة سعت عدد من الدول الصناعية الكبرى إلى وضع وإقرار آلية، يتم بموجبها خفض انبعاث غاز CO2، ولأجل ذلك اجتمعت الدول الصناعية في مدينة كيوتو اليابانية في سنة 1971م.

وفي سنة 2002 انعقدت أيضا قمة جنوا في إيطاليا، حيث أعلن أن المشتركين الثمانية فشلوا في تضييق فجوات الخلاف بينهم بشأن اتفاقية كيوتو.

وجرت مناقشات حادة حول اتفاقية كيوتو وتمسكت كل دولة بموقفها المسبق، إذ كان الاتفاق على ضرورة التمتع ببيئة ونوعية حياة أفضل ولككنها تختلف على كيفية بلوغ ذلك الهدف، وكانت المواقف متباعدة بين المشتركين بهذا الشأن، ومن المعروف أن وزراء البيئة المشاركون في قمة بون الألمانية للمناخ كانوا قد نقلوا الخلافات بشأن معاهدة كيوتو إلى قمة مجموعة الثماني تلك إثر تعثر المحادثات بشأنها في بون.

ووفقا لمعاهدة كيوتو في عام 1997، فقد وافقت الدول الصناعية على خفض انبعاثات غاز CO2 بحلول عام 2012 بنسبة 5.2% عما كانت عليه في 1990.

وتطالب المعاهدة الولايات المتحدة الأمريكية بخفض انبعاثاتها بنسبة 7% عما كانت عليه في 1990 خلال 10 سنوات.

لاشك أن القرار الأمريكي قد وجه ضربة للآمال الأوروبية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 1998 من دون أن يعرضه على الكونغرس للمصادقة عليه.

وقد أثار رفض بوش للمعاهدة امتعاض كثير من حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2002، وكانت واشنطن قد رفضتها بحجة أنها ستضر بالاقتصاد الأمريكي في حين أن بلاداً أخرى تعتبر من أكبر البلدان المسؤولة عن انبعاث الملوثات تم إعفاؤها وفقاً للمعاهدة.

واعتبر الكثيرون هذه الرسالة تجاوزا لتعهدات قطعها بوش على نفسه أثناء حملته الانتخابية التي قادته إلى كرسي الرئاسة في العشرين من يناير سنة 2001، وتركز الخلاف بين الدول المشاركة في المؤتمر على تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة أن تكون نسبة التلوث المقررة في اتفاقية متناسبة مع مساحة الغابات والمزارع التي تمتص CO2، ومن المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية تنتج ربع )%25( كمية الغازات المنبعثة في العالم كله.

وتجدر الإشارة إلى أن الخطة التي أعلن عنها بوش والتي يجب أن يصدق الكونغرس على معظم عناصرها تحدد مستويات مستهدفة لخفض انبعاثات الغازات بشكل يرتبط بالنمو الاقتصادي الأمريكي وتمنح الشركات حوافز للوفاء بهذه المستويات.

وعلى الرغم من رفض الحكومة الأمريكية لاتفاقية كويتو في الحد من الصناعات التي تنفث غاز الكربون، فإن أغلب البلدان تقوم بخطوات في هذا المجال، وتهدف بريطانيا إلى الحد من غاز الكربون بنسبة تصل إلى %20 أقل مما كانت عليه الحال عام 1990 وذلك بحلول عام 2010.

أسوأ ملوثات

يعاني المحيط الجنوبي المتجمد من نقص في  غاز الأكسجين مما ينذر بكارثة بيئية ستحدق بمحيطات وبحار العالممن المعروف أن الخطة الأمريكية على خفض انبعاث أسوأ ثلاثة ملوثات للهواء لكنها لا تتضمن CO2، والملوثات الثلاث هي ثاني أكسيد الكبريت SO2 المسؤول عن الأمطار الحمضية وأكسيد النيتروجين المسؤول عن السخام، بالإضافة إلى خفض انبعاثات الزئبق غير الخاضعة لأي رقابة حالياً.

وبمقتضى الخطة فإن انبعاثات SO2 ستخفض إلى أقل من نصف مستواها الحالي بحلول عام 2010 وإلى أقل من ثلثه بحلول عام 2018. وستخفض انبعاثات أكسيد النتروجين إلى أقل من نصف مستواها الحالي بحلول عام 2008 ونحو ثلثه بحلول عام 2018.

كما أن انبعاثات الزئبق ستخفض إلى نحو نصف مستواها الحالي بحلول عام 2010 وأقل من ثلثه بحلول عام 2018.

ويذكرأن 167 دولة قد وافقت نهائيا في المغرب في نوفمبر 2001 وبعد مفاوضات مستمرة منذ 1997 على قوانين تطبيق اتفاقية كيوتو بشأن خفض انبعاثات الغازات التي تؤثر في درجة حرارة الأرض، وهو ما سيفسح المجال أمام التصديق على الاتفاق ووضعه قيد التطبيق. وأخيراً، فلا شك أن الكثير من الجدل والنظريات المطروحة لا تزال تتواصل هنا وهناك حول ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة، إذ يشير البعض إلى أن عدم استواء سطح الأرض، وتفاعل ذلك مع تفاوت درجة حرارة الأرض، يدفع إلى استبعاد نظرية الارتفاع المطرد في درجة حرارة الأرض.

كما علل علماء آخرون ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى تفاعل ما بين الأشعة الكونية والسحاب، في حين يرى البعض الآخر أن الإجابة تكمن في نظرية مؤداها أن السحب المرتفعة والمنخفضة تستجيب بشكل مختلف للأشعة الكونية مما يحدث فجوات حرارية بالقرب من سطح الأرض، ويعني ذلك أن أي تغيير في حركة السحب وارتفاعاتها سيحدث تغييراً في درجات حرارة الأرض، بجانب أن وجود السحب بالقرب من سطح الأرض يساعد على استمرار احتفاظ الهواء بدرجات الحرارة.

وقد رصدت الأقمار الاصطناعية صوراً تؤكد هذا الافتراض، وقد نشرت ذلك مجلة أبحاث فيزياء الفضاء (يوليو 2002).

ونظريات ارتفاع درجة حرارة الأرض لا تستبعد بلا شك دور الإنسان وتأثيره عن طريق انبعاث الغازات الضارة بطبقة الغلاف الجوي مما يساهم في تفاقم مشكلة ارتفاع درجة حرارة كوكبنا الأرض.

التسخين العالمي

ورغــم الآراء والأفكار السائدة إلا أن هناك في الواقع شيئا غريبا فـــــــي التسخين العالمي، ففي 20 عاماً تقريباً، لم يستطع التسخين الوصول إلى الجو برغـم ارتفاعه المتواصل على سطــــح الأرض، وفـي مناطق هوائية ترتفع عن الأرض نحو 3 كم كان الجو يشهد تبريداً، وهذا ليس من قبيل ما توقعته النماذج المناخية الكمبيوترية التي تقوم عليها كل التنبؤات المتعلقة بالتسخين العالمي، فهذه النماذج تتفق جميعاً على أن التسخين ينتشر من خلال طبقة التروبوسفير أي العشرة كيلومترات الدنيا لفضاء الأرض.

وقضى الرافضون لفرضية التسخين العالمي نحو عقد وهم يفندون بعض الأفكار الأساسية التي تعتمد عليها النماذج المناخية، ومنذ أخذ التسخين العالمي يتصدر أنباء وسائل الإعلام في نهاية الثمانينات، اشتكى المرتابون من أن ثمة انحيازاً إلى مؤيدي فرضية التسخين ومبالغة في طرح الظاهرة، وكان دافعهم إلى ذلك هو تهميش ما كان سائداً وميل إلى التميز عن الآخرين، وبرغم ذلك استطاع هؤلاء أن يلفتوا انتباه صناعة الفحم الحجري (التي تطولها ضريبة الكربون إذا فرضت) المهتمة بتعويق الجهود الدولية الرامية إلى خفض انبعاث غازات الدفيئة مثل CO2.

ومهما يكن من أمر فإن الخبراء يسعون لتنمية قابلة للاستمرار واعتبار الموارد الطبيعية هبة قابلة للنضوب يجب أن تستخدم بشكل غير ضار في البيئة، وبما لا يخل بتوزان الطبيعة من حيث لاندري.

ولاشك أن نجاح الخطط والسياسات البيئية يتوقف بشكل أساسي على سلوك الأفراد، فكل فرد شكل السياسة البيئية من خلال تطبيق القرارات الصغيرة المتعددة حول ما يتوجب عمله بشأن الكم الذي مستعداً لدفعها للموارد الطبيعية، ويؤدي ذلك التصرف المتبع تجاه البيئة إلى ضرورة تكثيف الجهود المبذولة في نشر التوعية البيئية لكل الأفراد، إلا أن هذه التوعية يجب أن ترفق بمردود أكبر واقعية للطاقة لتحفيز السكان للتصرف بطريقة مسؤولة بيئياً.

المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 151