بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

مكافحة التصحر

دور الأفراد والهيئات في مكافحة التصحر 

أ. ناصر حسين عباس

لقد أكدت الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر UNCCD على أهمية النهج التشاركي في عملية مكافحة التصحر، واعتبرت بأن هذا النهج يجب أن يبدأ من القاعدة إلى القمة، حيث جرت العادة سابقاً بأن يقوم الخبراء ببدء العملية وتحديد الأهداف والأنشطة والنتائج المتوقعة ويقوم هؤلاء الخبراء بدعوة المجتمع المحلي للاطلاع على الخطة والمساعدة فيها. 

وعزت الاتفاقية أيضا فشل جزء كبير من مكافحة التصحر إلى عدم أخذ أفكار وقدرات الناس المحليين من البداية، لأن هؤلاء أي السكان المحليين، هم الأكثر قدرة وخبرة في فهم بيئتهم واحتياجاتها، ولهؤلاء السكان الحق في موارد بيئتهم، وهم أصحاب المصلحة الأولى في تحسين الإنتاج مع ضمان التوازن البيئي المستدام، إضافة إلى أن المشاركة المحلية بالتخطيط واتخاذ القرار أمر أساسي لبناء القدرات المحلية وينبغي أن يشارك في برامج مكافحة التصحر جميع الأفراد المعنيين بذلك بشكل مباشر فمن الواضح أن صغار المزارعين  من الرجال والنساء  والرعاة والرحل وغيرهم من مستخدمي الأراضي المحلية، جميعهم عناصر حيوية في هذه العملية، إذ يرتبطون بالأرض بأوثق الصلات، كما أن القادة المحليين المسنون والزعماء التقليديون وممثلو مجموعات المجتمع، عناصر أساسية في اعمال التعبئة لمكافحة التصحر، طبعا بالإضافة إلى الخبراء التقنيين والباحثين والمنظمات غير الحكومية والروابط التطوعية لما يمكن أن يجلبوه من مهارات وخبرات لا تقدر. 

ينبغي أن تبدأ المشاركة المحلية منذ البداية الأولى لمبادرة التنمية، ويجب أن تعتبر مشاركة المجتمعات المحلية جزء لا يتجزأ من المشروع، من حيث مشاركتهم في وضع الخطط والأهداف، والتنفيذ الفعلي لمشروع المكافحة، ومتابعة تطور عملية المكافحة وتقييمها ويجب أن تعزز عملية المشاركة من خلال حملات التوعية للتعريف بالمشكلة وأهميتها وانعكاساتها على حياة الأفراد، وفي هذا المجال يمكن أن تلعب جهات متعددة دورا هاما في حملات التوعية والتعريف، مثل قطاعات التربية والتعليم، والإعلام والأوقاف والإرشاد، الشباب والرياضة، حتى يمكن طرح هذا الموضوع في المجالس الشعبية المختلفة. 

دور الأفراد والهيئات في مكافحة التصحر

من المعروف عبر التاريخ، وجود علاقة وثيقة بين المواطن العربي والأرض، رجلاً كان أم امرأة  إلى درجة أصبحت معها الأرض بالنسبة للمواطن تمثل جزءا من حياته، لا بل أكثر من ذلك، حيث اعتبرت الأرض القيمة الأكبر والتي تحدد كرامة المواطن، هذا الرابط أو العامل الهام يمكن أن يكون مكون أساسي يمكن الانطلاق منه لتفعيل دور الأفراد، من خلال الأسرة أو من خلال جمعيات أو هيئات المجتمع.

إن مشاركة كافة قطاعات المجتمع في تنمية القدرات المحلية والوطنية، شرط أساسي في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة من جهة  والمحافظة على الموارد الطبيعية من جهة أخرى، طبعا من خلال وضع استراتيجية عمل واضحة تحدد دور كافة القطاعات الأهلية، مع الأخذ بعين الاعتبار أو التركيز على ترك مساحة كافية للمبادرات الذاتية التي يمكن أن تقوم بها هذه القطاعات،  ولإعطاء فكرة أكثر وضوحا في هذا المجال، أي دور المجتمعات الأهلية في مكافحة التصحر، سوف نورد بعض الأمثلة من خلال مجموعة من الهيئات أو المنظمات غير الحكومية NGO، وعلى مستويات مختلفة، تقع معظم نشاطات هذه الجمعيات تحت مظلة مكافحة التصحر، ومن نشاطاتها: 

-  التشجير وإطلاق مشروع لكل شجرة صديق. 

-  تطبيق بعض النشاطات الزراعية المستدامة، وزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف، في أكثر المناطق تأثرا بالتصحر، المنظمة التي تنقذ هذا المشروع، تعمل أيضا في اتجاهات أخرى مختلفة، مثل زراعة المشاتل الحراجية في المدارس والإرشاد الزراعي.

-  إنشاء المركز المتوسطي للغابات، بهدف تنظيم دورات تدريبية للجمعيات غير الحكومية الأخرى وللمجتمعات المحلية، الجمعية المسؤولة عن هذا المركز تتمتع بأهلية عالية في صيانة الموارد الطبيعية وتنظم الجمعية نشاطات في التحريج الصناعي وحملات لمكافحة حريق الغابات والتدريب في مجال الإرشاد. 

-  هناك العديد من الجمعيات الأهلية الأخرى التي تقوم بنشاطات مهمة جدا في مجال صيانة الموارد الطبيعية، وكذلك في المجال الاجتماعي، وتطوير المرأة الريفية وغيرها. 

مما تقدم نلاحظ بوضوح الدور الهام الذي يمكن للجمعيات الاهلية أن تقوم به من نشاطات تساهم بشكل أو آخر في مكافحة التصحر، كما أنه يوضح  نشاطات ودور الجمعيات الأهلية في باقي الدول العربية ولكن بدرجات متفاوتة. 

وكذلك لا بد من التأكيد على دور الأسرة في هذا المجال وخاصة ربة الأسرة المرأة  حيث تشارك المرأة بشكل فعال في الزراعة والعمل الزراعي، ولها دور في حماية الأرض والبيئة والموارد الطبيعية ونظرا لتعدد أدوار المرأة الحيوية والإنتاجية، ماديا وإنسانيا، فإنها تعد المسؤولة الأولى في نطاق الأسرة عن تبني مهمة نشر الوعي البيئي لدى أبنائها وأفراد أسرتها وترسيخ القيم والمفاهيم وتجسيدها في الممارسات والتصرف الذي يهدف إلى حماية البيئة ومواردها  ويتجلى دور المرأة في تعميق الوعي لدى أفراد أسرتها في مجالات عدة، منها  منع التحطيب وقطع الأشجار، والتعامل مع الملوثات البيئية، وفي مجال الحرائق، أيضاً في مجال استهلاك المياه وعدم تلوثها وترشيد الاستهلاك، وغير ذلك الكثير من الأمور التي يمكن أن تساهم بها الأم والأسرة من خلالها. 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 71