6 دول بينها الصين واليابان
إنهم يستخرجون الذهب الأبيض من أعماق البحار!
سلوى القبندي
يشير العلماء إلى وجود كميات ضخمة من الغاز الطبيعي متجمدة تحت قاع البحر، حيث يقدر الخبراء أن احتياطي هيدرات الميثان الموجودة تحت قاع محيطات وبحار العالم تبلغ حوالي 3000 غيغاطن، أي حوالي 3 مليارات كيلوغرام. حيث احتجزت رواسب عضوية لملايين السنين بفعل الضغط والبرودة. وتشير الادلة الاولية إلى أن النفط والفحم والغاز الطبيعي معا يبدون كقزم أمام هذه الاحتياطيات. وهذا بدوره يعادل ضعف احتياطيات الطاقة المتوفرة في جميع المصادر التقليدية للطاقة كالفحم والنفط والغاز الطبيعي. لذا تتجه بعض الدول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند والبرازيل والولايات المتحدة، إلى استخراج هيدرات الميثان من أعماق البحار لسد حاجتها المتزايدة من الطاقة.
فمن المتوقع مستقبلا بأن تصبح هيدرات الميثان أحد المصادر المهمة للطاقة في المستقبل، لكن العلماء يطمحون في أكثر من ذلك، فهم لا يسعون إلى استخراجه من قاع البحر فحسب، ولكن أيضا إلى تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون مكانه.
هيدرات الميثان
هناك العديد من الدول الأوروبية ليس لديها مخزون خاص بها من هيدرات الميثان فعلى سبيل المثال ألمانيا لا تمتلك مخزونا منه، فبحر الشمال ضحل وليس فيه عمق كما هو الحال في بحر البلطيق. فاحتمالية العثور على هيدرات الغاز غير واردة في البحار التي يقل عمقها عن حوالي 350 م، فابتداء من ذلك العمق يكون الضغط مرتفعا ودرجات الحرارة منخفضة بما فيه الكفاية، لتفاعل غاز الميثان والماء في التجاويف الموجودة في قاع البحر، وإلى تشكل هيدرات الميثان بشكلها المتجمد. إلا أنه يمكن لألمانيا بالرغم من عدم وجود هيدرات الميثان في بحارها، أن تشارك في السباق على مصادر هذه الطاقة الواعدة، ويمكن لهذا أن يتم بصورة غير مباشرة، أي بالخبرات العلمية فضلا عن التكنولوجيا المتقدمة وبرمجيات الحاسوب المتطورة. وحتى في هذا المجال، فإنه يمكن تحقيق فائدة اقتصادية هائلة.
مشروع SUGAR
بدأ في عام 2008 مشروع( Submarine Gashydrate Reservoirs) المعروف اختصارا باسم SUGAR والذي تدعمه الحكومة الألمانية بحوالي عشرة مليون يورو. ويساهم في هذا المشروع 30 شريكا من الأوساط الأكاديمية والاقتصادية. ويبنى العلماء تصورهم على رؤية محددة، تستند على اتقان الجوانب التقنية، ومن ثم المساهمة في تشكيل المستقبل. ويراقب العلماء منذ فترة طويلة التغير المناخي وتبعاته، حيث توصلوا إلى الآثار السلبية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على النظم الإيكولوجية البحرية، ولهذا السبب لم تقتصر جهودهم على السعي لتوفير مصدر إضافي للطاقة بخلاف الوقود الأحفوري، لكنهم سعوا كذلك لإيجاد تقنية جديدة يمكن من خلالها مستقبلا خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتقوم الفكرة هنا على إحلال الغازات الدفيئة مكان هيدرات الميثان، إذ بالتوازي مع العمل على استخراج هيدرات الميثان من قاع البحر، يتم العمل على تخزين ثاني أكسيد الكربون على شكل متجمد في ذات المكان، أي في قاع البحر.
اكتشاف أمريكي
وقال تشارلز بول كبير العلماء في بعثة العام الماضي لاكتشاف الحافة القارية المقابلة لساحل كارولاينا أن ذلك التكوين وحده ربما يكون به ميثان يكفي لتلبية احتياجات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي لمدة 105 أعوام. وربما تشكل هيدرات الغاز ما يصل إلى نحو %5 من المادة المترسبة في هذه الطبقة الصخرية البارزة التي تقع على عمق حوالي 860م تحت سطح المحيط الاطلسي عند حافات الرصيف القاري في قارة أميركا الشمالية.
ولبرنامج التنقيب في قاع المحيط، وهو أكبر مشروع بحثي دولي في علوم الارض في العالم، سبعة شركاء دوليين يمثلون اكثر من عشرين دولة من بينها دول اوروبية واستراليا والصين واليابان.
وسفينة التنقيب «جويدز ريزوليوشن» الخاصة بالبرنامج وهي أرقى معمل عائم في العالم قادرة على استخراج عينات جوهرية على عمق مئات الأمتار من قاع المسطحات المائية واحضارها سليمة كما هي إلى السطح. واكتشفت شركات النفط هيدرات الميثان لأول مرة في قاع الطبقة المتجمدة في القطب المتجمد الشمالي في نهاية القرن التاسع عشر، وربما يكون أول استغلال مجد تجاريا لها في القطب الشمالي. ويرجع السبب في ذلك ألى أنها تكونت بمزيج من درجات الحرارة المنخفضة نسبيا ومستويات الضغط المرتفعة. إنه عند درجات حرارة تبلغ حوالي 40 درجة مئوية تحت الصفر يمكن العثور على (هيدرات الميثان) بالقرب من السطح، أما عند عشرين درجة مئوية فلا بد من البحث عنها على عمق 3 كم تحت سطح الأرض. وبينما لا يزال البحث في مرحلة مبكرة فإن الإثارة تتزايد ويعتقد بعض العلماء ومن بينهم مسئولون في وزارة الطاقة الأمريكية أن استغلالا تجاريا واسع النطاق يمكن أن يبدأ بحلول عام 2015.
ويمكن التعجيل بهذا الجدول الزمني إذا ظلت اسعار النفط والغاز مرتفعة في السنوات القليلة القادمة. لكن تظل هناك عقبات بيئية وفنية هائلة. وبينما غاز الميثان هو انظف وقود احتراق حفري إلى الآن إلا أنه عند اطلاقه دون احتراق في الغلاف الخارجي تكون له اثار بعيدة المدى على المناخ العالمي وعلى المحيطات نفسها.
التحكم في المخاطر
ويحظى ذلك بالتأكيد بتأييد المجلس الدولي للمناخ، فقد دعم المجلس ما يعرف بتكنولوجيا CCS، وهي التكنولوجيا الخاصة بتجميع ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في أعماق الأرض. وهذه العملية تتطلب توفر تقنيات عالية وهي لا تخلو كذلك من المخاطر. والسيطرة على تلك المخاطر يعد جزءا هاما من مشروع SUGAR. فما الذي سيحدث على سبيل المثال، إذا تمكن غاز ثاني أكسيد الكربون المخزن من النفاذ مرة أخرى إلى الجو بعد تخزينه في أعماق البحار؟. إن الكميات التي ستنفذ إلى الجو في تلك الحالة، كما يقول الدكتور ماتياس هيجل عالم الكيمياء الجيولوجية في معهد لايبنتز لعلوم البحار (IF Geomar)، ستكون في كل الأحوال أقل من الكميات التي تنبعث إلى الغلاف الجوي، كما يحدث في الوقت الراهن.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 140