لماذا شحت الأمطار؟
عنود القبندي
قال علماء المناخ إن الامطار الموسمية الصيفية التي تمد منطقة جنوب آسيا بنحو 80% من احتياجاتها المائية صارت أكثر جفافا خلال السنوات الخمسين الاخيرة, وربما يعزى ذلك الى جزيئات الايروسول المنبعثة من احتراق الوقود الأحفوري. وجزيئات الايروسول دقائق مجهرية من أي مادة صلبة او سائلة او ملوثات معلقة في وسط غازي أو في الهواء. وقال باحثون في دورية Science العلمية إن أنماط الدورة المعيارية الدورانية للهواء تزيح كتل الأمطار الموسمية نحو أجواء الهند ويبدو أن جزيئات الايرسول تداخلت مع هذه الأنماط. وأضاف الباحثون أنه خلال الفترة بين عامي 1950 و1999 ظهرت آثار الجفاف بصورة جلية في القطاع الاوسط من شمال الهند وصاحب ذلك انخفاض هطول الامطار من يونيو إلى سبتمبر بنسبة 10% أما بقية أرجاء الهند فقد شهدت تراجعا في الأمطار حول نسبة 5% خلال الفترة ذاتها.
لا يبدو أن ذلك من الآثار المباشرة لظاهرة الانبعاثات الغازية الناجمة عن زيادة درجة حرارة كوكب الأرض (الاحترار) حتى على الرغم من أن حرق الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية ينتج عنه جزيئات الايروسول وأيضا انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يسهم في ظاهرة الاحترار.
ظاهرة الاحترار
وقالت الرابطة الامريكية لعلاج أمراض الرئة التي تسعى جاهدة للحد من الانبعاثات الغازية في الولايات المتحدة إن الملوثات الجزيئية يمكن ان تزيد من مخاطر الاصابة بأمراض القلب وسرطان الرئة ونوبات الربو وتؤثر ايضا على نمو الرئتين ووظائفها.
إنه في أجواء جنوب آسيا أسهمت جزيئات الايروسول فعليا في إبطاء آثار ظاهرة الاحترار من خلال التفاعل مع أشعة الشمس وعكس جزء منها إلى الفضاء. إن نفس الآثار المؤدية لخفض ظاهرة الاحترار تميل إلى ابطاء دورة الهواء من الشمال والجنوب وهي المسؤولة بدورها عن تحريك كتل الامطار الموسمية. إن منطقة نصف الكرة الشمالي ومنها الهند تميل الى إحداث مزيد من انبعاثات جزيئات الايروسول لأنها أكثر تطورا ونموا عن نصف الكرة الجنوبي. وقد يعطي ذلك أملا في امكانية الحيلولة دون أن تسهم جزيئات الايروسول في جفاف الأمطار الموسمية.
ويعلق العلماء الآمال على اتخاذ دول صناعية كبرى مثل الولايات المتحدة ومعظم الدول الاوروبية خطوات من شأنها خفض التلوث بجزيئات الايروسول مما يعني الحد من انطلاقها في اجواء المدن. فإذا واصلت الهند والدول الاسيوية الأخرى تطوير اقتصادياتها فإنها تسهم أيضا في تراجع الانبعاثات الغازية. إن ذلك من شأنه القضاء على ظاهرة جفاف الامطار الموسمية في غضون 20 الى 30 سنة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 144