مشرف الشبكة الوطنية لرصد الزلازل
د. عبدالله العنزي: 1000 زلزال في البلاد خلال 15 عاما ونسعى لوضع "كود زلزالي"
رجب أبو الدهب
لديه دراسات علمية تنطوي على مشكلات بيئية بالبلاد.. ضمنها مقترحات بحلول تطبيقية.. ومنها.. الرمال.. الزلازل.. التصحر.. المحميات.. الدكتور عبدالله العنزي.. الباحث بإدارة هندسة السواحل وتلوث الهواء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية.. التقيناه ليستعرض جانبا من رؤيته العلمية الخاصة لقضايا ومشكلات بيئية.. وتحدث كذلك عن الشبكة الوطنية لرصد الزلازل في دولة الكويت.. ومركز دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية في البلاد..
* دولة الكويت ليست بمنأى عن حدوث زلازل كونها قريبة من جبال زاجروس بإيران فضلا عن أنها دولة نفطية، فما هو دور الشبكة الوطنية لرصد الزلازل في دولة الكويت؟
دور الشبكة الوطنية لرصد الزلازل بدولة الكويت ينحصر في رصد الزلازل المحلية والإقليمية والدولية، وذلك وفقا لأبحاث متعلقة بمخاطر الزلازل بالبلاد، بالإضافة إلى مشاركة البيانات الزلزالية مع المنظمات الإقليمية والدولية. والشبكة الوطنية لرصد الزلازل تتكون من ثمان محطات خارجية ترصد الزلازل ومن ثم ترسل البيانات لمعهد الكويت للأبحاث العلمية حيث نقوم بتحليلها ومن ثم نحدد موقع الزالزل وقوته ووقت حدوثه.
ومحطات الشبكة الثمان متصلة بمحطات دولية منها ما هو بدبي وعمان وأبوظبي.
* إذا أردنا أن نقدم رصدكم للزلازل بالأرقام فكيف تقدم لنا ذلك؟
منذ انشاء وتأسيس الشبكة عام 1997 رصدنا نحو ألف زلزال داخل دولة الكويت، وبالطبع معظم تلك الزلازل غير محسوس، إلا نحو خمسة زلازل شعر بها الناس في الكويت، وتتراوح قوتها ما بين 4 إلى 4.7 درجات على مقياس ريختر، وتلك الزلازل التي شعر بها الناس غير كارثية، في حين نجد أن معظم الزلازل التي تحدث في دولة الكويت تتراوح قوتها ما بين 1 إلى 2 درجة على مقياس ريختر.
* وبرأيك كيف ترى أسباب حدوث الزلازل في البلاد؟
الزلازل في الكويت تحدث بسبب التراكيب الجيولوجية في باطن الأرض، بالإضافة إلى النشاطات البشرية، وقد يكون لاستخراج النفط دور في عملية حدوث الزلازل، وذلك لأن معظم الزلازل التي رصدناها داخل الحقول النفطية، خاصة في منطقة مناقيش وأم قدير بالجنوب، وحقل الروضتين والصابرية في الشمال.
وعملية استخراج النفط تتطلب ضخ مياه مما يسبب خلخلة في باطن الأرض، وبالتالي أية صدوع تكون في حالة غير نشطة ومستقرة تتحول إلى حالة من غير الاستقرار ومن ثم تسبب زلازل، وإن كانت ضعيفة أو متوسطة القوة تعتمد على عملية استخراج النفط والكميات المستخرجة وكميات المياه، بمعنى أنه يرتبط حدوث زلازل أكبر في حال زيادة واستمرار ضخ المياه واستخراج النفط، لذا نجد أن الزلازل التي تحدث بسبب النشاط البشري عادة ما تكون بين ضعيفة إلى متوسطة القوة، ولا توجد حادثة قوية واحدة بسبب استخراج النفط وأدت إلى حدوث دمار شامل وكبير.
* وما مدى إمكانية تعرض البلاد لزلازل كارثية؟
الزلازل التكتونية هي التي تكون مدمرة وتسبب كوارث، وتلك غير موجودة في الكويت، وأغلبها تكون في جبال زاجروس بإيران، وتلك أقرب مكان به نشاط زلزالي قوي، وما رصدنا من زلازل عبر الشبكة الوطنية كلها حدثت داخل الكويت، وقد أجرينا دراسة تقييم مخاطر الزلازل في دولة الكويت، وعملنا سيناريو يحاكي حدوث زلزال إيران قوته ما بين 7.5 - 8 درجات، وهل يؤثر على دول الكويت، فوجدنا تأثيره محدودا جدا فهو يسبب اهتزاز المنازل فقط، وآثاره ترتبط بالبعد عن مركز الزلزال، وغالبا نجد الزلازل التي تحدث في إيران تأثيرها محدود في دولة الكويت، وذلك وفق دراسات كويتية علمية.
* إلى أي مدى تفيد نتائج دراساتكم حول الزلازل العاملين في المجال الإنشائي؟
لدينا دراسة حديث حول )تأثير الموجات السازمية على المنشآت الكويتية( وأخذنا مدينة الكويت كحالة للدراسة، وتهدف إلى أنه إذا حدث زلزال بإيران أو الكويت، فما مدى تحمل المباني لمقاومة ذلك الزلزال، والبحث مدعوم ماليا من قبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ولا شك أن تلك الدراسة مهمة جدا للمهندسين، وهي أحد الأساسيات لتقييم المبنى، نظرا للحاجة للكود الزلزالي، والدراسة كما ذكرت تفيد المهندسين فضلا عن الإسكان والبلدية عند وضع مواصفات البناء.
ومشروع الدراسة خطوة أولى لوضع الكود الزلزالي لدوة الكويت، بحيث نستطيع إنشاء مبان مقاومة للزلازل، وذلك كنوع من اجراءات الوقاية.
* إذا انتقلنا للحديث عن الرمال في البلاد، فما هو تعليقك على مشكلة نضوب الرمال في دولة الكويت؟ وماذا عن الحلول المتاحة؟
مواقع الرمال الخاصة بالبناء محدودة في الكويت، وهي موجودة في جنوب البلاد، ونظرا للتوسع العمراني فأدى ذلك إلى زيادة الطلب عليها، والدراكيل لا تغطي حاجتنا من الرمال، بالإضافة إلى وجود كثير من المناطق السكنية قيد الإنشاء ومنها مدينة صباح الأحمد، وكاظمة، والمطلاع، وبوبيان، وبالتالي نجد أن الدراكيل نضبت، وأصبحنا نحتاج لمواقع أخرى، ونحن لدينا دراسة لمواقع دراكيل جديدة لدولة الكويت، وذلك بدعم من اللجنة الثلاثية بمجلس الوزراء.
ومن خلال دراساتنا حددنا أربعة مواقع جديدة للرمال في دولة الكويت وهي كالتالي:
* أمغرة (غرب الجهراء).
* كبد (غرب الجواخير).
* صبيحية.
* القرين.
وتلك المواقع بها رمال من نوعية جيدة تصلح للبناء، والكمية المقدر تحصيلها من تلك المواقع مجتمعة تبلغ 900 مليون متر مكب، وهي تكفي المدن الجديدة، ولسنوات عديدة. ولكن المشكلة أننا صدمنا بعدة جهات رفضت تسليم المواقع بسبب تعارضها مع الهيكل التنظيمي للدولة، ولتعارضها مع منشآت موجودة سواء نفطية أو أخرى تتبع وزارة الكهرباء، وبالتالي ذلك عطل الحصول على التراخيص من هذه المناطق، إلا في منطقة صغيرة وهي غرب الجهراء (أمغرة)، حيث وافق المسؤولون عليها ويتم استخراج كميات صغيرة من الرمال تقدر بنحو 16 مليون متر مكعب.
* وهل يعني ذلك أننا قد نلجأ لاستيراد الرمال من الخارج؟
الرمال مصادر غير متجددة، وإذا نضبت فإنها تكون قد انتهت فعليا، ولا يوجد مصادر بديلة لها، وإلا قد نستورد الرمال من خارج الكويت إذا لم نستطع استغلال المحلي، وبالتالي تكون الكلفة المالية مرتفعة جدا، وشخصيا أتوقع أن يأتي اليوم الذي نستورد فيه الرمال من الخارج، وبالفعل هناك بعض الشركات تستورد الرمال من إيران، ولكن ذلك يتم بكميات بسيطة، وهناك بالطبع معايير واشتراطات يجب أن توضع وتحدد في حال استيراد الرمال للتأكد من خلولها من الملوثات الضارة بالإنسان والبيئة، ومنها بالطبع الملوثات الإشعاعية.
* قد يرى البعض الحل في المخلفات الإنشائية للحصول على الرمال، فما مدى صحة ذلك؟
مخلفات البناء تستخدم كبنية تحتية وليست للبناء، فلدينا نوعان هنا من الرمال، احداها يستخدم في الخرسانة ولها مواصفات هندسية ولا بد أن تكون طبيعية، وهناك رمال للأساسات مثل الشوارع وهنا يمكن استخدام مخلفات البناء بعد طحنها ولكن لا يمكن استخدامها في البناء، ونحن حاليا لم نصل لمرحلة من الجودة بحيث نستخدم مخلفات البناء لعمل الخرسانة، على الأقل ذلك في دولة الكويت، وإن كان هناك بالبلاد شركة تطحن المخالفات الإنشائية لاستخدامات الأساسات في الشوارع وغيرها.
* د.عبدالله، لماذا تختلف ألوان الرمال؟ وهل لذلك علاقة باستخدامها؟
الرمال تختلف ألوانها وفقا لتركيباتها المعدنية، ولكن ما يستخدم للبناء لا ينظر للونه قدر النظر لحجم المبيعات، وبالدرجة الثانية التركيب الكيميائي، فمثلا الأحمر به حديد أكثر، ولدينا بالكويت بطريق الصبية استخدام الرمال الحمراء كأساس طرق.
أما ما يتعلق بالرمال السوداء فلا يوجد منها بالكويت، في حين نجد الرمال البيضاء بها كلس أعلى، والرمال عموما حجمها واحد ولكن ما بين الحبيبات مكونات حديد أو كلس، وبالتالي يكسبه اللون الأبيض، ونلاحظ أن رمال الكويت أغلبها بيضاء، ونلاحظ أيضا أن المسميات للرمال ما بين بيضاء وحمراء ليست عملية ولكنها لها علاقة بالتركيب الكيميائي للمكونات.
* مشكلة التصحر في دولة الكويت، كيف تراها؟ وما هي أهم العلاجات المقترحة؟
ظاهرة التصحر منتشرة بشكل كبير في البلاد بسبب طبيعة دولة الكويت الصحراوية وضعف مكوناتها الطبيعية، وأرى تدخل الإنسان في تلك المكونات أدى إلى خلخلة في النظام البيئي وبالتالي أدى ذلك إلى التصحر.
ومظاهر التصحر نلاحظها في تدهور التربة والغطاء النباتي ومن ثم ظهور العواصف الترابية والرملية.
وأرى أن من أهم العلاجات لظاهرة التصحر بدولة الكويت يتمثل في إنشاء محميات طبيعية لما لها من دور كبير للحد من التصحر، فهي تعيد البيئة الطبيعية لحالتها وحياتها، وبالكويت العديد من المحميات فلدينا محمية صباح الأحمد، وجابر الأحمد للطيور وغيرها، وهناك محمية حميت لأسباب أخرى، وهي المنطقة المنزوعة السلاح، ومحمية اللياح والتي كانت منطقة كسارات الصلبوخ، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية يحاول إعادة تأهيلها، وكانت منطقة متدهورة جدا بسبب الصلبوخ والمساعي تبذل لإعادة الحياة الفطرية إليها.
* وماذا عن المخيمات الربيعية؟
البلدي لديه مشروع لتحديد مواقع التخييم، وذلك مفيد جدا لحماية البيئة الصحراوية من تعديات عشوائية المخيمات وما تشهده خلالها من حركات السيارات والباجيات وغيرها من التجاوزات البيئية، وإذا كانت العمليات العسكرية أدت لتدمير مساحة كبيرة من أراضي دولة الكويت، فبالتالي المحميات الطبيعية تعمل على إعادة تأهيل الكثير من تلك الأراضي.
* مركز دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية في دولة الكويت.. غايات وأدوار، كيف تصف لنا ذلك؟
بالنسبة لمركز دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية في دولة الكويت، فنحن نعمل في حالة حدوث كارثة بيئية في البلاد، فمتخذ القرار يحتاج لمعلومة سريعة، وبدلا من أن يذهب لأكــــــثر من جهة تمده بهـــــا )كالجامعة- معهد الأبحاث- هيئة البيئة(، فنحن نجمع المعلومات في مركز واحد ومكان واحد وتصل إليه بسهولة، بحيث يستطيع متخذ القرار التعامل مع الأزمة بشكل سريع وفعال، ومركز دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية في الكويت جزء من المبادرات الحكومية، ونأمل في تعاون جميع الجهات الحكومية، وبالفعل اجتمعنا ودعونا الجهات المعنية مثل الدفاع المدني والإطفاء والداخلية والدفاع وشركة نفط الكويت وهيئة البيئة والأرصاد، فضلا عن منظمات أهلية مثل المنظمة الإقليمية للبيئة البحرية، وبعض جمعيات العمل التطوعي، وكان ذلك الاجتماع تشاورياً لاستطلاع تصوراتهم عن المركز ودراسة إمكانية التعاون في إنشائه، وانطلاقا من ذلك الاجتماع خرجنا بتصور أن هناك حاجة للمركز، ونتمنى ألا يحدث تعارض لإنشاء المركز مع سعي جهات أخرى تحاول إنشاء مثل هذا المركز، وحاليا نحاول تفادي ذلك من خلال التنسيق مع الجهات كافة.
* مؤخراً شهدت البلاد سلسلة حرائق في كل من منطقة رحية وسكراب أمغرة، فما هو الدور الذي بادرت به إدارتكم تجاه تلك الحرائق؟
إدارة هندسة السواحل وتلوث الهواء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية كان لها دور كبير في رصد الملوثات الهوائية الناجمة عن حريق الإطارات بمنطقة رحية، حيث وضعنا أجهزة رصد تلوث الهواء بمناطق قريبة ومنها الجهراء وسعد العبدالله، والرابية، وأجهزة بمقر معهد الكويت للأبحاث العلمية.
المصدر: مجلة بيئتنا -الهيئة العامة للبيئة - العدد 149