بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

صيد الأسماك

صيد الأسماك

الكراف .. يدمر الثروة السمكية بالكويت

هل حقا وصلنا إلى مرحلة خرجة؟

داود الشراد

تتعرض الأسماك بكل أنواعها في الخليج العربي إلى تهديدات ومخاطر مختلفة وذلك مما يهدد المكونات الإحيائية والثروة السمكية ويضعف من مخزونها، ويؤثر بالتالي سلبا على الدول المطلة على الخليج. ونظراً لموقع دولة الكويت الجغرافي فإنها تعتبر الأكثر تأثراً بما يحدث في بيئتها البحرية، حتى أن موارد الروبيان والأسماك الزعنيفة Finfish في شمال الخليج صارت مهددة بسبب مجموعة من الظروف البيئية المتغيرة، إضافة إلى سوء إدارة ومراقبة المخزون، وقد أدى ذلك الوضع إلى الاستغلال الجائر لأنواع كثيرة من المخزون السمكي المهم.

وعلى الرغم من وضع التشريعات لصيد بعض الأنواع من الأسماك والروبيان وتحديد مواسم الصيد إلا أن الصيد الجائر يعتبر من الأسباب الرئيسة لتناقص معدلات الصيد. كما أن استخدام السفن التجارية وشباك الصيد التجارية أدى إلى انكماش الروبيان Shrimp والسمك في المياه الإقليمية.

مصايد الأسماك

تعتمد مصايد الأسماك على الصيد بواسطة القرقور )شراك الأسماك( والشباك الخيشومية )الليخ( والحظرة وبالخيط، إضافة إلى الصيد الجانبي للأسماك من جراء عمليات صيد الروبيان بواسطة الكراف، وتقدر أعداد الزوارق السريعة المسجلة للصيد بواسطة القرقور والشباك الخيشومية بنحو 700 زورق، وهناك نحو 137 حظرة موزعة على السواحل الكويتية، وعدة آلاف من الزوارق السريعة تجوب مياه الخليج لممارسة هواية صيد الأسماك بالخيط والسنارة.

ولاشك أن مصايد الروبيان في الكويت تعتمد على استخدام شباك «الجر القاعي Benthic Drag» أو الجر الخلفي والتي يطلق عليها «الكوفة»، والتي تتميز بكفاءتها العالية بصيد الروبيان ولكنها في المقابل تصطاد كميات هائلة من الأسماك الكبيرة غير التجارية وأنواع من الرخويات Mollusca وفي بعض الأحيان السلاحف البحرية Sea Turtles والتي تسمى إجمالا بالصيد الجانبي Side Fishing by catch أو الصيد غير المستهدف.

ولذلك أصبح موضوع الصيد الجانبي للأسماك من المشاكل العالمية المهمة التي تواجه مصايد الأسماك كونها تحتوي على كميات كبيرة من الأسماك تلقى في البحر وبالتالي لها أبعاد بيئية من أهمها المحافظة على النظام البيئي البحري.

إن البيئة البحرية المحلية ومخزون ثروتنا السمكية يقعان تحت تأثير كبير من قبل النشاطات البشرية المختلفة حتى وصلنا إلى مرحلة حرجة تقتضي بالضرورة إعادة النظر في تلك المسببات لنعيد للثروة السمكية والبيئية البحرية توازنهما والحد من تدهورهما والذي يعد أحد أهم بنود سياسة الدولة وتركيزها على حماية المخزون السمكي وحماية البيئة البحرية وفي الوقت ذاته حماية الصياد، وذلك من خلال ما يطرح من دراسات وبحوث وتوصيات، وما العمل والجهود التي تتواصل في سبيل تقديم وإعداد مشاريع مستقبلية بهدف تحقيق الصالح العام.

والصيد الجانبي للأسماك غير المستهدفة كان من بين الأمور التي يجري بحثها في عدد من المؤسسات الحكومية، وذلك بغية إيجاد حل أمثل للقضاء عليها خاصة إنها تعد تدميراً وإسرافاً وقتلاً للأسماك، ولا يستفاد منها ماديا بالإضافة إلى أن مخاطره وآثاره في البيئة البحرية تظهر مستقبلا، حتى أن المنظمة العالمية للزراعة والغذاء «الفاو FAO» ولمنع كارثة في صناعة صيد الأسماك بادرت بإصدار لوائح باستخدام وسائل متطورة لتخفيض الصيد الجانبي، وكذلك الحد من صيد السلاحف والثدييات، وقد شجع ذلك كثيرا من الدول المستوردة للروبيان كالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بفرض قوانين لمنع استيراد الروبيان من الدول التي لم تطبق لوائح المنظمة العالمية، حتى الآن، وذلك المنع قد سبب خسائر اقتصادية كبيرة للدول المصدرة للروبيان كالكويت.

ومن المعلوم أيضا أن في دولة الكويت نحو 70 سفينة خشبية وحديدية مرخصة للصيد في المياه الإقليمية أو 35 سفينة حديدية ذات شباك مزدوجة، و35 سفينة خشبية مرخصة، وذلك وفق إحصاء في عام 2002 لمدة ستة أشهر، تمسح مساحة نحو 60/20كم² في قاع المياه الإقليمية، علما بأن مساحة المياه الإقليمية الكويتية هي 5600كم² وبعد تقليص المساحات المحظورة من 4.8 كم من الشواطئ والجزر ومنطقة الجون بالكامل الذي يبدأ من رأس الأرض إلى فيلكا إلى رأس البرشة ليشمل المنطقة الغربية بالكامل، ليكون إجمالي مساحة المياه المسموح فيها الصيد هو 3537كم²، أي أنه تم مسح وتجريف قيعان المياه الإقليمية أكثر من 5 مرات لينتهي الموسم ويعيد الكرة مع الموسم التالي مما يعتبر تعديا صارخا على البيئة القاعية في المياه الكويتية، وعملية تدميرية مرعبة للمكونات الإحيائية القاعية، وهي السلسلة الرئيسية في تكون الأحياء المائية.

ورغم الحرص ومراقبة المياه الدولية لدولة الكويت، إلا ان بعض الدول الخليجية الأخرى لاتراعى ذلك كثيرا، مما يعرض الثروات الإحيائية والسمكية وغيرها لاستنزاف شديد من قبل سفن الصيد الأجنبية ما يؤثر سلبا على المخزون في المياه الإقليمية.

الكوفة تاريخ قديم

من عمليات الكراففي مجال الصيد بواسطة شباك الجر الخلفي «الكوفة Trawl Nets» لصيد الروبيان أساسا، فإن هناك دولتين معنيتين بذلك وهما إيران والكويت، وقد أخذت دولة الكويت السبق بين دول الخليج في مجال صناعة الصيد ووسائل الصيد المختلفة، لكن لعدم وجود معلومات ودراسات كافية حول الاستغلال الأمثل للمصايد البحرية، وكذلك لعدم توفر جهة رسمية تنظم عمليات الصيد، فقد أدى ذلك إلى استنزاف وانخفاض المخزون من الأسماك والروبيان بسرعة نسبية في الفترات التالية.

وفي سنة 1958 بدأت إيران بصيد الروبيان بواسطة «الكوفة» باستخدام مركبين ومركب ثالث لعملية التخزين، وفي السنة التالية 1959 تأسست بالكويت شركة لصيد الروبيان تمتلك مركبين فقط، وكان موسم الصيد لمراكب الكوفة يستمر من أغسطس إلى مايو، أي أن السفن تتوقف خلال الفترة من يونيو إلى يوليو، ذلك لأن تلك الشهور قديما كانت تمتاز برياح شمالية غربية شديدة نسبيا مع غبار يغطي المنطقة يوم وآخر، ودرجة الحرارة لم تكن عالية كما هي الحال الآن، إذ كانت تتراوح بين °14 الأدنى في ديسمبر إلى °35 الأعلى في يونيو ويوليو.. «أسماك الكويت للمؤلف Abe Yoshitaka سنة 1968».

وفي سنة 1962 بلغت مراكب الصيد الكويتية 10 مراكب والإيرانية 12 مركباً، واستمر صيد الروبيان في الخليج مع تطور وسائل الصيد، وفي عام 1963 نشأت شركة جديدة في المملكة العربية السعودية، وفي عام 1965 ظهرت شركتان جديدتان في الكويت ليصبح إجمالي السفن العاملة، 30 سفينة، وفي المملكة العربية السعودية 12 سفينة، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك سفن أجنبية تعمل في الخليج بموجب عقود مع الشركات الوطنية، وأيضا اشترك عدد من المراكب السوفيتية في عمليات صيد الروبيان خلال السنوات التالية، واستمرت زيادة سفن الصيد في الخليج إلى سنة 1968 ليصبح عدد السفن 69 سفينة والسعودية 25 سفينة والإيرانية 15 سفينة والبحرينية 8 والقطرية 3 والعراقية عدد 2 سفينة صيد.

السفن الصناعية

بدأ الاستغلال الفعلي التجاري للثروة السمكية في عام 1965 حيث بدأت الشركات بصيد الروبيان بواسطة السفن الصناعية وباستخدام شباك الجر على نطاق واسع حيث كانت كميات الصيد في أعلى معدلاتها «700 - 900 كجم/يوم».

هذا وقد وصل إنتاج الكويت في عام 1967 أقصاه حيث بلغ صيد الأسماك والروبيان 13000 طن، ومن ضمنها 5000 طن فقط روبيان وكان أعلى معدل للإنتاج في الكويت.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ثلاث حظور مقابل ديوانية ملا صالح في شارع الخليج إذ تغير لونها نحو بياض مائل إلى الزرقة، ذلك بعد انحسار المياه عنها نتيجة لامتلائها بسمك الصبور!! وقد تم تعبئة شاحنتين من سمك الصبور من الحظرة البرية فقط، قبل أن يتغير اتجاه حركة المياه إلى المد «السجي»، ولم يتمكن أصحاب الحظرة من تفريغ الحظرتين من سمك الصبور قد أتلف لعدم وجود إمكانية كافية لاستغلال تلك الموارد واستثمارها آنذاك.

إلا ان هذه المعدلات بدأت في التناقص تدريجيا نتيجة الصيد الجائر في أوائل السبعينات حتى وصلت إلى )180 - 270كجم/يوم( في أوائل الثمانينات.

وتقدر كميات الصيد الجانبي عالميا بنحو %20 من الصيد الكلي القاعي الذي يبلغ نحو 18 إلى 40 مليون طن سنوياً.

الصيد الجانبي

الدراسات التي أجريت في المياه الكويتية لتقييم مخزون الروبيان قد بينت أن كل 1 كجم من الروبيان المصاد يقابله 74 كجم من الصيد الجانبي والذي يتكون معظمه من أسماك صغيرة وأسماك غير اقتصادية أو مرغوبة، بمعنى أن كل سلة روبيان يقابلها 74 سلة أسماك غير مستهدفة، وهذا يؤثر بدوره وبشكل مباشر على التنوع الإحيائي للنظام البيئي البحري في الكويت وبشكل غير مباشر يؤثر على استمرارية الثروة السمكية كمصدر متجدد وأساسي للغذاء.

وتظهر الإحصائيات الرسمية انخفاض الإنتاج بعد سنة 1967، حيث وصل من 500 طن سنة 1976 إلى 3400 طن سنة 1979، وهو أدنى معدل له، ثم أخذ بالتحسن التدريجي ولكنه تحسن محدود ليبلغ 4844 طنا وذلك سنة 1980، واستمر على هذا المعدل أو أكثر قليلا بالسنوات التالية، ولاشك أن القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء بمنع صيد الروبيان وبتوصية من معهد الكويت للأبحاث العلمية حفاظا على أرصدته من النفاذ عام 1980، قد بدأ بثلاثة أشهر ثم أربعة ثم ستة أشهر في السنوات التالية، كان نقطة تحول وكان له دور أساسي في إعادة مخزون الروبيان تدريجيا ووقف استنزافه كليا، وعلى الرغم من أن القرار جاء متأخراً نوعا ما فإن الوضع كان مختلفا كليا، ولو أن القرار قد صدر سنة 1968 مثلا مباشرة بعد انخفاض مخزون الروبيان لاستطعنا الحفاظ على المستويات السابقة ذاتها من الإنتاج في السنوات التالية لسنة 1968 بواسطة ربط الإنتاج مع برنامج الجهد وتحديد زيادة أو تقليل موسم المنع حسب الإحصائيات، وأن السنوات الثلاثة اللاحقة أيضا كانت حاسمة، حيث صدر مرسوم أميري رقم 46/1980 لحماية الثروة السمكية، لأن مساحة المياه الإقليمية وما تحتويه من المخزون السمكي لا تقاس بالمساحات الزراعية الإنتاجية في أي دول لأن الكويت من الدول التي تمتاز بطقس حار صيفا ولا تمتاز بوجود أنهار أو بحيرات طبيعية أو أمطار موسمية كثيرة.

الكراف يهدد البيئة البحرية

شباك كراف الروبيانيعتبر الكراف من أسباب تدني المخزون السمكي في المياه الكويتية بالإضافة إلى الصيد العشوائي والتلوث النفطي والتلوث الضوضائي Noise Pollution في مياه الخليج، خاصة في الجزء الشمالي منه، حيث تعرض لحربين هما حرب الخليج الأولى )1980( وحرب الخليج الثانية (1991)، أما حرب الخليج الثالثة (1993) فلم تكن في البحر وكانت الحربان الأولى والثانية أشد تأثيرا على الكائنات المائية المختلفة، ذلك لأن صوت الانفجار الحاد Shock Wave الذي تنتج عنه موجات اهتزازية عنيفة في الوسط المائي ليس له قدرة على اختلال التوازن وقتل الأسماك في دائرة محددة فقط بل أيضا أن تلك الموجات العنيفة والناتجة من التفجيرات لها القدرة للانتقال إلى مناطق بعيدة وبقوة مما يؤدي إلى تكوين بيئة مزعجة ومرعبة للأسماك ليجعلها في حالة عدم الاستقرار.

وكان للدراسات التي قامت بها منظمة التغذية والزراعة )الفاو( من سنة 1976 إلى 1979 «تحت مسمى برنامج التطوير الإقليمي لمصائد الأسماك بالخليج» بعض التأثيرات السلبية في المخزون السمكي ككل في الخليج، على الرغم من حصولها على بيانات وإحصائيات مهمة عن العائلات السمكية وفروعها، بالإضافة إلى تحديد خريطة توزيع الأسماك في الخليج حسب الفصيلة وكمياتها في كل منطقة.

ويبدو أن هذا البرنامج، الذي شاركت فيه أربع دول بأربع سفن حديثة في ذلك الحين، من حيث القدرة والكفاءة في عملية الجر وصيد الأسماك القاعية، وهي الباحث «البحرين» صباح «الكويت» لافان 2 «إيران»، الدربات «سلطنة عمان»، قد عملت على مسح 754 محطة في مواقع مختلفة من الخليج العربي من أقصى الشمال قرب مصب شط العرب إلى أقصى الجنوب قرب مضيق هرمز، وأيضا عدد من المحطات في خليج عمان من الجهتين للسواحل العمانية والإيرانية ليعطينا نتيجة أن مخزون الخليج برمته من الأسماك 500000، وأن الطاقة الإنتاجية للخليج من الأسماك هو 142000 طن، والإنتاج السنوي الفعلي هو 48000 لجميع دول الخليج من الأسماك يشمل إيران، أي أنه يوجد فائض سنوي بمقدار 107500 طن.

ولايمكن التعويل كليا على تلك البيانات لتحديد المخزون السمكي للأسباب الآتية:

أسماك تجارية

بنيت الدراسات على شباك الجر فقط لأن هناك أسماكا تجارية لا يمكن صيدها بواسطة الكوفة، مثل: الصبور Tenualosa وشيم وكنعد Scombridac وخباط ودويلمي Sphyraena ذلك لأنها أسماك غير قاعية ثابتة ولأنها أسماك سريعة أسرع من شباك السفينة التي سرعتها 3 عقد، عند جر الكوفة، ويمكن تحديد تلك الأسماك من سرعتها بواسطة تصميم الذيل حيث يكون على شكل شوكة الرافعة وتمتاز بسرعة السباحة لمسافات بعيدة.

وأيضا هناك أسماك تتواجد في مواسم محددة وبكيمات تجارية مثل: الشعوم والنقرور Javelin Grunter والزبيدي والصبور والشماهي Protonibea والسبيطي Sparidntex Hasta.. إلخ.

وهناك مساحات كبيرة نسبيا في الخليج لم يختر منها مواقع للكشف وهي ذات أعماق أدنى من 10 أمتار حيث لم تستطع سفن الأبحاث الدخول والمخاطرة في تلك الأعماق.

كما أن فتحات الكوفة أو شباك الجر كبيرة نسبيا 3/4/3 وتصغر تدريجيا إلى أن تصل إلى 3/4/1 فتحة الكيس، أي أنها مخصصة لصيد الأسماك وليس الروبيان حيث توجد كميات تجارية لم تشملها الدراسة.

وقد أشار التقرير إلى كشف العينات بمواقع تعادل 195746كم² من مساحة الخليج الإجمالية التي تعادل 239000كم²، وأن المساحة الباقية التي لم تمس هي 43000كم² لأسباب عديدة، منها ضحالة المياه، أو عدم معرفة طبيعة القاع أو لأسباب أخرى، علما بأنه أمكن الحصول على البيانات ذاتها أو ربما أدق للأنواع التي يمكن صيدها بواسطة الكوفة، حيث هو متعارف أو متبع حاليا في الدول المتقدمة باستخدام البيانات المشتركة من الجهد المبذول لوسائل الصيد المختلفة، والإحصائيات الواردة للسوق لأنواع الأسماك وكيماتها وتحليلها حيويا ومقارنتها بالجداول الإحيائية الموجودة لكل نوع أو عائلة لنحصل على إحصاء كل فصيلة وعلى ضوئها تتم توقعات الكمية التي يجب صيدها في المواسم المقبلة، ومن دون الإضرار بالمخزون السمكي، وعندها يتم وضع نظام QUITA لكل فصيلة تجارية وفي كل موسم محدد يغلق قبل موعده عند وصول الصيد إلى الكمية المطلوبة والمفروضة.

إصدار تشريعات

لكن المشكلة عندنا أنه لا يمكن تطبيق هذا النظام إلا على نوعين أو ثلاثة أنواع من الأسماك التجارية، لأن إحصائياتها متدنية بالأصل، لدرجة لا يمكن مجاراة الجهد المبذول مع الكمية المتوقع صيدها إلا من الزبيدي أو الصبور أو الشعم، لكن عندما تأتي إلى سمك الهامور Epinephlus Coioids حيث معدل توريده في السوق من 7-9 هوامير، والحمرا بين 7-12 حمرا والشماهي بين 6-7 إلخ، أي أن وضع تلك الأسماك متدن والسماح بتوريدها إلى السوق هو خطأ جسيم والحل الوحيد هو إصدار تشريعات بمنع صيد تلك النوعية التي انخفض مستوى مخزونها لعدة سنوات لحين إعادة عافيته.

وكان تقرير علمي قد بين كما التقارير السابقة بأن الجر القاعي بواسطة الكوفة يعتبر من أكثر الأساليب تدميرا للبيئة البحرية بواسطة الإنسان والذي كان له تأثير بالغ السوء على قاع الخليج والمياه الإقليمية، وأن البيانات الصادرة من صحيفة العلوم SCIENTIFIC JOURNAL تحت «بند الحماية الإحيائية» حذرت من أن التكوينات الحيوية في قيعان البحر والمحيطات أزيلت بمعدل يفوق كثيرا المعدل الحالي لقطع الغابات على وجه الكرة الأرضية، وإنه عند إزالة تلك التكوينات الحيوية فإن الأحياء المائية تفقد الملاجئ وتموت، وأن فقدان تلك الملاجئ كنتيجة عملية الجر القاعي بواسطة الكوفة من الأسباب الرئيسية في انخفاض المخزون السمكي وبشدة.

جهود علاج

وبهدف الحد من المشكلة وسبل معالجتها، فقد خطت دائرة الزراعة البحرية والثروة السمكية في معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، خطوات ناجحة ومتقدمة وقطعت شوطا كبيرا لخطوات مشروع تضمن خلاله الوصول لأفضل السبل الحديثة لتخفيض الصيد الجانبي «الكراف» وحماية البيئة البحرية بشكل عام.

ولعل من ذلك الاستفادة من تجارب ووسائل الدول المتقدمة الكثيرة في الحد من هذه المشكلة، وأصبح من الأهمية تجربة هذه الأنواع من الشباك في المياه الكويتية وتحديد مدى فعاليتها في تخصيص الصيد الجانبي ودراسة مدى تأثيرها في كميات صيد الروبيان وبالتالي تحديد الأثر البيئي والاقتصادي عند تطبيقها محليا.

ويهدف ذلك المشروع إلى دراسة أفضل السبل لتخفيض كميات الصيد الجانبي للأسماك في مصايد الروبيان، والحد من صيد السلاحف والثدييات بشكل إجمالي عن طريق تطوير وتحوير شباك صيد الروبيان المستخدمة حاليا في مصايد الروبيان في دولة الكويت- وقد تم تمويل هذه الدراسة مشاركة من الجهات الرسمية السابقة، وقد بدأ العمل بالمشروع في الأول من أبريل عام 2003.

ويسعى المشروع كذلك إلى القيام بمقارنات تجريبية للأدوات المختارة لتخفيض الصيد الجانبي في المياه الكويتية، وقد تم الانتهاء من تلك الخطوة والمرحلة الثانية قياس الطرق في معدلات الصيد الجانبي، ومعدل صيد الروبيان من شباك الصيد المجهزة بأداة لتخفيض الصيد الجانبي، وبين الشباك التقليدية للجر القاعي للروبيان، وهذا ما تم عمله، والخطوة التالية كانت تحليل تكاليف استعمال وتطبيق أدوات تخفيض الصيد الجانبي في شباك الجر القاعي «الكوفة» لمصايد الروبيان، وتحديد النوع الأكثر فاعلية وكفاءة من أدوات تخفيض الصيد الجانبي مصايد الروبيان في الكويت، وكانت الخطوة الأخيرة تقديم توصيات إدارية لإدارة مصايد الروبيان إلى الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية من أجل خفض فعال للصيد الجانبي.

تقسيم المياه

ومن الحلول المقترحة أيضا تقسيم المياه الإقليمية الكويتية، ويشمل المناطق المتاخمة والجون إلى 8 مناطق صيد كل منطقة بحجم جون الكويت على أن يسمح بالصيد بواسطة الكراف في منطقة واحدة كل سنة، أي أنه لا يعود إلى تلك المنطقة إلا بعد 8 سنوات، وهي الفترة الكافية لإعادة بناء التكوينات الإحيائية حسب رأي الخبراء ومن ثم تكون الكائنات البحرية قد نمت واستقرت، عكس الوضع الحالي الذي لا يسمح بتشكل التكوينات الإحيائية أبدا.

كما يفضل تخفيض عدد السفن مرة أخرى، وتعويض أصحابها، ويتبع ذلك تخفيض فترة الصيد من 6 أشهر إلى النصف.

وأخيرا، لا شك أن التشريعات الكويتية هامة جدا للمحافظة على البيئة البحرية والثروة السمكية، ولكن تلك التشريعات والقوانين بحاجة ماسة إلى دعم ومؤازرة بقية الدول المطلة على الخليج العربي، إذ أن التعديات أو الأعمال السلبية يطال خطرها وعواقبها الجميع من دون استثناء.

ولا بد إلى جانب ذلك من تطبيق كل ما أمكن من تقنيات حديثة لخفض الصيد الجانبي، وتدمير الثروة الحية في حوض الخليج العربي.

قرارات وإحصائياتالليخ

تباينت كميات الصيد الجانبي في دولة الكويت بين موسم وآخر، حيث قدر بنحو 38 ألف طن في موسم 1987/1988، و35 ألف طن في موسم 1988/1989، وارتفعت كمياته في موسم 1989/1990 إلى 55 ألف طن، وبهذا الارتفاع في الكميات السنوية للصيد الجانبي فإنها تقودنا إلى مرحلة حرجة تقتضي بالضرورة إعادة النظر في تلك المسببات للحفاظ على توازن بيئتنا والحد من تدهور الثروة السمكية.

إن القرار المرقم 10 لسنة 1988 الصادر عن مجلس الوزراء لتخفيض سفن صيد الأهالي إلى %75، وسفن الصيد للشركات %50، ليصبح معه عدد السفن الخشبية- آنذاك- 24 سفينة والحديدية 24 سفينة، ثم زادت لاحقا مع دخول شركة جديدة لتصبح الخشبية 29 سفينة والحديدية 35 سفينة، لأن الهدف من القرار هو أن يعطي كميات من الروبيان تكفل حدوداً مقبولة من الصيد اليومي بكل مركب، صيد مصرح له حتى لا يؤدي إلى تضاؤل العوائد الاقتصادية لمراكب الصيد، بمعنى أن عملا ما يقارب 149 سفينة صيد أو عمل 65 سفينة صيد بموسم واحد هو تقريبا الحصيلة الإنتاجية الكلية نفسها كما هو وارد من الإحصائيات اللاحقة، والذي تغير فقط هو زيادة دخل كل سفينة عاملة بالجر الخلفي، وبالنسبة ذاتها صدر قرار في دولة الإمارات العربية المتحدة بمنع استخدام شباك جر خلفي على سفن الصيد.

فوائد عديدة

ن استخدام الجهاز لمنع صيد الأسماك الجانبية له فوائد عديدة للصيد والبيئة البحرية أولا وصيانة التنوع الحيوي للبيئة البحرية بحيث يقلل من صيد الأسماك غير المستهدفة مثل اليميام والزمرور Smallscaled Terapon وغيرها من الأسماك التي ليست لها قيمة مادية، وإنما لها دور بيئي كبير كونها تمثل الهرم الغذائي للبيئة البحرية، فإذا تأثر هذا النظام الغذائي بالتأكيد ستتأثر الحياة البحرية بشكل عام، وثانيها تقليل الزمن المبذول في فرز الصيد، وثالثها زيادة جودة الروبيان، وكذلك المحافظة على كفاءة السمك لفترة أطول من خلال الحفاظ على السلم الغذائي.

وتطلب المشروع عمل دراسات وبحوث ميدانية متواصلة في البحر ولعدة أيام، وكانت البداية في أكتوبر من عام 2003 وهي بداية موسم صيد الروبيان وثانيها في نوفمبر أي منتصف الموسم وثالثها في فبراير بعد انتهاء موسم صيد الروبيان، وتم خلال تلك الطلعات إجراء العديد من التجارب من خلال تزويد شباك الصيد بأجهزة مطورة تمنع وتخفض من الصيد الجانبي، ومنها جهاز يقلل من صيد الأسماك الكبيرة والآخر يقلل من صيد الأسماك الصغيرة، وأمكن تحقيق نتائج مشجعة بعد استخدام أجهزة تمنع صيد السلاحف والأسماك الكبيرة وتثبت في شباك الصيد، وكذلك استخدام أداة تقليل الصيد الجانبي من الأسماك الصغيرة وهي عبارة عن كيس الشبك الخلفي ذي الفتحات المربعة الذي يسمح بخروج الأسماك الصغيرة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 132