بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الضباب

الضبــــاب القاتل

عبدالوهاب السيد

ضباب كثيف يحيط بكل شئ ...ويبدأ بسببه البشر في الاختناق ومن ثم الموت بأعداد هائلة ...

قد توحي هذه المقدمة البسيطة بمثابة الحديث عن أحد أفلام الرعب ...إلاآنها ليست إلا وصفها للكارثة التي كانت تفوق أفلام الرعب كثيرا ...

كان هذا في بريطانيا عام 1952. وقبل أن تصدر التعليمات والقوانين البئية التي تكافح التلوث ... عندما بدأت غيمة قائمة كثيفة تغطي العاصمة البريطانية ( لندن) والتي ظن الكثير من الناس أنها مجرد ضباب ( fog). إلا أن هذه الغيمة كانت عبارة عن ( smog) أي مزيج من الدخان والضباب ... ومع أن الرياح الباردة كانت تعصف بلندن فقد فشلت في تحريك هذه الغيمة الهائلة الحجم ... بل إنها ساعدت على نشر غاز ثاني أكسيد الكبريت الذي احتوت عليه الغيمة بنسبة عالية. وبعدظهورالغيمة بفترة بسيطة بدأت آثارها الضارة على الناس وكانت البداية هي رائحة الكبريت التي لا تطاق والتي كانت تسبب السعال الشديد إذا التقط الإنسان نفسا عميقا، ورافق ذلك انتشار وباء الأنفلونزا بصورة غير طبيعية في لندن ... وبعد انتشار الوباء بفترة قليلة بدأ الناس يتساقطون واحدا تلوالآخر ... وفي أقل من أسبوعين توفي أربعة آلاف شخص ... هكذا بكل بساطة ... كما أن الكثير من الأطفال حديثي الولادة ولدوا معتلين صحيا... وانتشرت حوادث السرقة بشكل كبير...كل هذا إلى جانب حوادث السيرة والتي راح ضحيتهاالكثيرون بسبب الضباب الذي جعل الرؤيةشبه مستحيلة ... فلم يكن من الممكن أن يرى شخص يده إذا مدها أمامه في الشارع .. وأصبحت لندن معرضا للبحثث كما وصفها أحد المراسلين.

وقد أظهرت الإحصائيات أن أغلب من تأثروابهذه كانوا من هم أكبر من الخامسة والأربعين من العمر.

وبدأت الحكومة البريطانية في التنمبه لموضوع التلوث هذا. وصوت البرلمان على قرار تشكل لجنة تلوث جوي خاصة لوضع حد لهذه الكارثة البيئة، وكانت مهمة هذه اللجنة فحص أسباب تلوث الهواء والتأكد من سلامة جميع المنشأت التي يفترض أنها تتبع الإجراءات اللازمة لمكافحة التلوث وإعطاء التوصيات من أجل التحكم بالتلوث في مناطق أخرى.

وقد أظهرت الدرسات التي قامت بها اللجنة أن نسبة أبخرة ثاني أكسيد الكربون في الجو وصلت إلى 1.3 جزء في المليون، وهي نسبة كافية لقتل أكثر من 60% من الكائنات الحية...

وبعدثلاث أسابيع من هذه الكارثة البيئية، بدأ الضباب بالانقشاع تدريجيا وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في لندن بعد أن لقي الآلاف مصرعهم وبعد أن نهبت عشرات الآلاف من الجنيهاتالإسترلينية...وهكذا كانت نهاية موضوع الضباب القاتل والذي بسببه قامت الحكومة البريطانية بوضع قوانين صارمة لمكافحة التلوث حتى لا تتكرر هذه الكارثة التي تبين أن المنشآت الصناعية التي لا تتبع أي إجراءات بيئية لمكافحة التلوث كانت السبب الرئيسي لحدوثها.ومن الجدير بالذكر أن هذه الكارثة البيئية قد حدثت في لندن قبل هذه المرة وقد راح ضحيتها84 شخصا.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 9