ذبذبة أو تردد وتبدل في الضغط بالهواء
جدار الصوت .. دوي هائل لموجة صديقة
دلال جمـال
اختراق جدار الصوت
الطائرات التي تتخطى هذه السرعة تطير بداية بسرعات أقل من هذه السرعة، على سبيل المثال طائرات الركاب تطير بسرعات بين 500 إلى 700 كم/ساعة أي 138 إلى 194 م/ الثانية وكل الطائرات أثناء حركتها تطلق صوتاً سواء كان ناتجاً عن المحركات أو عن تضاغط الهواء أمامها، وهذا الصوت نظراً لكونه أسرع من الطائرة فإنه يتقدمها ويمضي مسرعاً أمامها، فالطائرات الأسرع من الصوت عندما تقترب من سرعة الصوت فإن فرق السرعة بين الطائرة نفسها وبين موجات الصوت يقل بشكل تدريجي وتتضاغط موجات الصوت أمام الطائرة حتى ينعدم الفرق بين سرعة الطائرة وسرعة الصوت عندما تصل الطائرة لسرعة الصوت تماماً، عندها تنطلق موجات الصوت من الطائرة ولكنها لا تبتعد عنها لأن الطائرة تسير بنفس سرعة الصوت، فيظل الصوت يتركز على الطائرة حيث تنضغط الموجات الصوتية في مقدمة الطائرة.
محركات الطائرة
وعند مصادر الصوت، أي عند محركات الطائرة فيتكون ما يشبه الجدار الذي يكون ناتجا من مجموعة تضاغطات صوتية، أما الطائرة يكون هذا الجدار ذا كثافة مرتفعة لدرجة يمكن رؤيته وعندما تزيد سرعة الطائرة لأسرع من الصوت فإن الجدار لن تزيد سرعته بل تظل سرعته ثابتة كما هي، فهذه هي السرعة القصوى للصوت في الهواء فتتقدم الطائرة بشكل تدريجي وتخترق هذا الجدار، وأثناء اختراقه يخرج صوت قوي نتيجة تحطم التضاغطات هذه التي تخترقها الطائرة، حيث يكون الصوت أول الاختراق قوياً ثم يتواصل الصوت مثل الهدير طالما الطائرة تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت.
فما نسميه بجدار الصوت هو بالحقيقة ذبذبة أو تردد وتبدل في الضغط في الهواء يوصل نفسه إلى الهواء المحيط به ويتجول في كل الاتجاهات بحيث يمتد في شكل كروي متوسع، هذه التغيرات في الضغط والتي تلتقطها الأذن البشرية صغيرة جدا وتبدلات ضغط الهواء المرافقة لكلام البشر ربما تكون واحد على مليون من الضغط العادي للغلاف الجوي، وحتى الصفير الذي يمكن التقاطه من جانب شخص سمعه جيد مكون من تغيرات صغيرة في الضغط إلى حد أنها يمكن أن تكون واحد على مليار من ضغط الغلاف الجوي. بحلول الخمسينات بدأت الطائرات بشكل روتيني.
موجة صدمية
حين تخترق الطائرة حاجز سرعة الصوت فإنها تتسبب في موجة صدمية قوية تصل إلى الأرض فيسمع الناس على الأرض دويا هائلا حالما تصل لهم تلك الموجة التي خلفها اختراق جسم الطائرة لاضطرابات ضغط الهواء الناجمة عن سريان الهواء وانسيابه حول أجنحة الطائرة وهيكلها.
وتنتقل اضطرابات الضغط مبتعدة عن الطائرة كما تنتقل الموجات الناتجة عن قذف حجر في الماء الساكن، وتنتقل اضطرابات الضغط بسرعة الصوت، أي بنحو 1.225 كم/ساعة عند مستوى سطح البحر. وينتج الصوت عن اضطرابات الضغط وتشويشه، لكن الصوت الناجم عن اختراق حاجز الصوت يكون عبارة عن فرقعة ويعرف فيزيائيا باسم الموجات الصدمية أو جدار الموجة الصدمية الذي عرفه لأول مرة عالم الفيزياء الرياضي بيرنارد ريمان في أواسط القرن التاسع عشر.
سرعة الطائرات
إن سرعة الصوت في الهواء ليست ثابتة فهي تعتمد على الارتفاع ودرجة حرارة الهواء المحيط ونسبة الرطوبة، فالصوت مثلا ينتقل عند مستوى سطح البحر بدرجة حرارة 15 درجة مئوية بسرعة تبلغ 1.190 كم/ساعة. لكن تلك السرعة تقل عند الارتفاعات العالية حيث تكون درجة الحرارة أقل من درجة الحرارة عند مستوى سطـح البـحر. وعلى سبيـل المثـال، ينتقل الصوت عند ارتفاع 12.000م فوق سطح البحر بسرعة 1.060 كم/ساعة، لهذا فإن المهندسين يستخدمون وحدة الماخ لتمييز سرعة الطائرات التي تطير بسرعات قريبة من سرعة الصوت أو أعلى منها، والماخ هو وحدة سرعة الصوت فالطائرة التي تطير بسرعة تبلغ ضعف سرعة الصوت تطير بسرعة 2 ماخ.
وتحسب السرعة بالماخ بمعادلة تقوم على قسمة سرعة الطائرة على سرعة الصوت عند مستوى ارتفاع الطائرة. وعلى سبيل المثال، فإن العدد الماخي لطائرة تطير بسرعة 1.190 كم/ساعة عند ارتفاع 12.000م هي 1.190 كم/ساعة مقسومة على 1.060 كم/ساعة أي سرعة انتقال الصوت على هذا الارتفاع وناتج القسمة يساوي 1.12 ماخ. ويسمى الطيران بسرعة تتجاوز ماخ واحد بالطيران فوق الصوتي. أما الطيران بسرعة أقل من ماخ واحد فيعرف باسم الطيران الأبطأ من الصوت.
اسحق نيوتن
وكان اسحق نيوتن Isaac Newton هو أول من أخرج معادلة لسرعة الصوت ففي كتابة Principia أو المبادئ الأولية يقول أن سرعة انبثاث تبدل صفير في الضغط تساوي الجذر التربيعي لحاصل قسمة ضغط الهواء على كثافة الهواء، ولأن نيوتن لم يعرف أن ضغط الهواء في موجة صوتية يحصل بسرعة بحيث أن الحرارة الناتجة عنه لا يكون لديها الوقت الكافي للانفلات فإن معادلته هذه لم تكن دقيقة بحيث جاءت سرعة الصوت عنده في الحسابات هنا بينه لاحقا عالم الرياضيات الفرنسي لابلاس Laplace 1749 - 1827.
ومعادلة نيوتن التي عدلت لاحقا تبين تماما كيفية تغير سرعة الصوت في الغلاف الجوي، وبما أن حرارة الهواء تتبدل حسب الموقع والارتفاع والفصل الموسمي ووقت النهار فإن سرعة الصوت غير ثابتة مثل سرعة الضوء مثلا، ومعدل حرارة الهواء في الجزر البريطانية على سبيل المثال هو على مستوى البحر 15 درجة مئوية ونحن نعرف من تقارير الأرصاد معدل انخفاض الحرارة مع الزيادة في الارتفاع، ومن خلال هذه المعلومات يمكننا احتساب سرعة الصوت على مستوى البحر بأنها حوالي 1220 كم/الساعة بحيث تنخفض على ارتفاع 3000 م إلى 1180 كم/الساعة وإلى 1130 كم/الساعة على ارتفاع 6100 موإلى 1086 كم/الساعة على ارتفاع 9100 م.
( الضربة ) التي تسمع مثل صوت الرعد والتي تحصل عندما تطير الطائرة بسرعة أقوى من سرعة الصوت، هذه الضربة هي الطرف الذيلي للصدمة المخروطية الشكل التي تصل إلى الأرض وفي بعض الأحيان يؤدي الضغط الناتج عن طيران طائرة بسرعة تتجاوز سرعة الصوت إلى توليد موجة صدم من رأس الطائرة إلى ذنبها وهنا تكون الصدمة أو الضربة مزدوجة. وعند تصميم الطائرات العسكرية الأسرع من الصوت، تأخذ في التصميم بعض الأمور الهامة منها.
- الاهتزازات التي يتعرض لها بدن الطائرة.
- الحرارة الناتجة عن احتكاك الهواء ببدن الطائرة.
- دخول الهواء للمحرك.
ما هو الباخ؟
رقم ماخ (الماخ Ma ) هو مقياس سرعة عديم الوحدة سمي على اسم الفيزيائي والفيلسوف النمساوي "إرنست ماخ" Ernst Mach. ويعرّف رقم ماخ على أنه نسبة السرعة المحلية لجسم مائع إلى سرعة الصوت في الجسم المائع ذاته. هذه السرعة المحلّة للجسم المائع تتأتي من قذيفة أو جسم ما في الهواء أو السوائل كما قلنا (الجسم المائع). فيستعمل هذا المصطلح للأجسام التي تسير بسرعة كبيرة كالطائرات النفاثة مثلاً أو سرعة الهواء داخل قنوات التجارب الهوائية ومطاحن الرياح. ولأن الماخ عديم الوحدة توضع عدد المرّات لسرعة ماخ خلف الكلمة، فنقول مثلاً 1-ماخ و2-ماخ و3-ماخ.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 135