البكتيريا المعدلة وراثيا تكشف تلوث المياه
فادية سليمان حسن
استطاع باحثون إنتاج بكتيريا معدلة تقيء عندما تشعر بوجود الزرنيخ، ويمكن أن تصبح هذه البكتيريا مجسات حساسة لاكتشاف التلوث في المياه.
الزرنيخ يمثل تهديدا خطيرا للحياة في المياه في كل من بنجلادش والهند وفيتنام وشيلي، حيث أن الرواسب الطبيعية تسبب التلوث في المياه الجوفية وتحت السطحية ويسبب التسمم بالزرنيخ على المدى الطويل أمراضا جلدية وسرطانات، والاختبارات الكيماوية الحالية لكشف هذا التلوث غير دقيقة، خاصة في طبقات المياه الجوفية، ولا يزال الاعتماد عليها يحمل نسبة من الخطر
والوسيلة الأفضل في ذلك هي استغلال حساسية البكتيريا للزرنيخ كما يقول جان ويلف فان دير مير الباحث بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا والعلوم البيئية، ويقول إن البكتيريا تمكننا من اكتشاف أقل التركيزات من الزرنيخ مقارنة بالاختبارات الكيماوية الحالية التي تمكن من اكتشاف التلوث إذا بلغ 44% ولا تكتشف ما هو أقل من ذلك.
قام الفريق البحثي بزرع مورثات بروتين يصدر ألوانا مضيئة في الحامض النووي للبكتيريا، في المناطق التي تقاوم الزرنيخ، وهناك أنواع من البروتينات تجعل الذباب يضئ وأنواع تنتج الضوء في قناديل البحر وهناك نوع ثالث يغير لون البكتيريا من الأبيض إلى الأزرق في حال تعرضها للزرنيخ.
وكان هناك مجسات بكتيرية سابقة تستطيع كشف نوع واحد فقط من أنواع الزرنيخ وهو الأرستينايت، والبكتيريا التي طورها فان دير مير وزملاؤه حساسة لأنواع الزرنيخ بما فيها الأرستينايت والأرسنيات، ويجب الكشف عن النوعين في مياه الآبار الملوثة وتمكن الفريق من إنتاج شرائط اختبار للمياه الملوثة عن طريق تجفيف البكتيريا على شرائط ورقية يتم وضعها في المياه ويتغير لونها في حال وجود الزرنيخ بها.
ويقول فان دير مير إن الاختبار اللوني بالبكتيريا هو أكثر أنواع الاختبارات دقة حتى الآن ويقول اندى ميراج اختصاصي الزرنيخ بجامعة ابردين البريطانية إن هذا الاختبار سيكون مفيدا لكنه يحذر من أن البكتيريا قد تكون حساسة أيضا لأنواع أخرى عديدة من الكيماويات التي توجد في المياه مثل النحاس السام وهو من الرواسب الملوثة للمياه.
فإذا تسببت هذه العناصر في قتل البكتيريا المخبرية والقضاء على سطوعها بالضوء، فقد تفقد خاصيتها في الكشف عن الزرنيخ لذلك يقول فان ديرمير إن البكتيريا الكاشفة للزرنيخ لاتزال في طور التجريب ويجري تجريبها في فيتنام حاليا، وهي منخفضة التكلفة جدا بحيث أن شريط الاختبار يتكلف سنتين فقط، كما أنها لا تطلق مواد سامة في البيئة.
غير أن هناك عيبا محتملا هو عدم السماح باستخدام هذه الوسيلة خارج المعمل، وهناك حاجة إلى تعديل قوانين استخدام المورثات في البيئة قبل استخدام هذه التقنية خارج أسوار المعامل.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 63