تقع على الحدود الجزائرية الليبية
تاسيلي نعاجر : غابات حجرية وكهوف بركانية نقشتها الرياح
عنود القبندي
طاسيلي ناجّر أو تاسيلي نعاجر هي سلسلة جبلية تناطح السماء تقع في الجنوب الشرقي للجزائر على الحدود الجزائرية الليبية في قلب منطقة «جبارين» تحديدا حيث الصحراء القاحلة ومناخ شديد الحرارة. وهي هضبة قاحلة حصوية ترتفع بأكثر من 1000م عن سطح البحر عرضها من 50 إلى 60 كم وطولها 800 كم مشكلة مساحة تقدر بـ 12000 كم²، أعلى قمة جبلية وهي «أدرار أفاو» ترتفع بـ2.158م على كل مساحتها ترتفع من على الرمال قمم صخرية متآكلة جدا وكأنها أطلال مدن قديمة مهجورة كل هذا بفعل قوة الرياح فقط.
جبالها صخرية صفراوية اللون قممها تميل إلى التحدب (البروز المثلثي) كما تكثر التجاويف السطحية والعميقة فيها حيث تظهر عليها آثار واضحة لنحت الرياح الطبيعية منذ آلاف السنين في تشققات عرضية صخرية ترتسم عليها في ميلان منسجم. وتحيط بها منطقة واسعة من الكثبان الرملية والصخور المختلفة الحجم المتناثرة بقربها. هذه الجبال بها كهوف وهذه الكهوف تتكون من مجموعة من تشكيلات الصخور البركانية والرملية الغريبة الشكل والتي تشبه الخرائب والأطلال، وتعرف باسم «الغابات الحجرية» كما أن لهذه الكهوف جدران داخية مسطحة نوعا ما. وتوجد الكهوف فوق هضبة مرتفعة يجاورها جرف عميق في منطقة تتواجد بها نسبة كبيرة من الكثبان الرملية المتحركة. تحتوي جدران هذه الكهوف مجموعة من النقوش الغريبة التي تمثل حياة كاملة لحضارة قديمة. ومن تحليل هذه الصور والنقوش اكتشف الخبراء أن تاريخها يعود إلى 30 ألف عام.
الجبال في الوطن العربي
تنقسم الجبال في الوطن العربي من حيث النشأة إلى ثلاثة أنواع وهي جبال تعرية، وإلتوائية حديثة، وانكسارية وبركانية. جبال تاسيلي Tassili تصنف من جبال التعرية النشأة والتي هي بقايا مرتفعات قديمة تأثرت بالتعرية لفترات طويلة، حيث تمكنت الحركات الالتوائية كاليودنية وهرسينية من رفع أجزاء من شبه جزيرة العرب وهضبة الصحراء الكبرى الأفريقية في جنوب ليبيا والجزائر والمغرب والسودان وما جبال الإحجار ومرتفعات تاسيلي وتيبيستي ودارفور والعوينات سوى بقايا لهذه الجبال القديمة التي أكلتها التعرية منذ أعصر الزمن الأول حتى الآن.
وتعتبر أرض تاسيلي وهي الأرض القاحلة ثرية إلى حد ما عن الصحراء المحيطة بها في الغطاء النباتي وذلك بسبب الارتفاع وخصائص الاحتفاظ بالمياه في باطن أرضها ، فالصحراء المحيطة بها تشمل تواجد الغابات المنتشرة منها أشجار السرو الصحراء المتوطنة المهددة بالانقراض وميرتل الصحراء في النصف الشرقي من أعلى النطاق. إن الترجمة لـ«تاسيلي ناجر» من اللغة الانجليزية هو هضبة الأنهار ففي السابق كانت هذه المنطقة أكثر رطوبة من اليوم.
لقد كان الوصول إلى اكتشاف هذه الكهوف صعبا ومتأخرا، نتيجة لوقوعها في قلب منطقة «جبارين» حيث الصحراء قاحلة والمناخ شديد الحرارة. يسكن السلسلة الجبلية فرع من الطوارق وهم كل الأجّر يتمركزون في عاصمة الطاسيلي جانت. وعند اكتشاف هذه المنطقة تم العثور على تحف فنية من أشكال لحيوانات في نطاق الطاسيلي ويلاحظ أيضا لوحات ما قبل التاريخ في الصخور وغيرها من المواقع الأثرية القديمة، التي يرجع تاريخها الى العصر الحجري الحديث عندما كان المناخ المحلي رطب بكثير مع تواجد السافانا بدلا من الصحراء. وتتنوع الصور الموجودة بين صور لعمليات رعي الأبقار وسط مروج ضخمة، وصور لخيول، ونقوش لأنهار وحدائق غناء، وحيوانات برية، ومراسم دينية، وبعض الآلهة القديمة.
تصنيف اليونيسكو
لقد صنف اليونيسكو تاسيلي نعاجر ضمن الإرث التاريخي الوطني في يوليو 1972 ومن ثم ادراجها حضاريا عالميا سنة 1982 وذلك بفضل ثرواتها الثقافية ثم لقيت الاعتراف في شبكة برنامج اليونيسكو «الإنسان والمجال الحيوي» كمحمية إنسانية ومجال حيوي، وفي عام 1986 أدخلت ضمن محمية الإنسان والبيوسفير، حيوانات نادرة في طريق الانقراض وجدت ملاذا في المنطقة كاللأروية )الضأن البربري( وأنواع عديدة من الغزال والفهود وحيوانات أخرى. وقد شكل الموقع أكبر متحف للرسوم الصخرية البدائة في كل الكرة الأرضية وقد تم إحصاء أكثر من 30.000 رسم تصف الطقوس الدينية والحياة اليومية لللإنسان الدي عاش في هذه المناطق أثناء حقبة ما قبل التاريخ. مما ينبهنا ويجعلنا نتخيل كيف كانت هذه المناطق القاحلة العقيمة تعج الخضرة والحياة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 136