بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

حياة النحل

حياة النحل

{ فاسلكي سبل ربك ذللا } 

حياة النحل الراقص .. مجتمع كامل وأم واحدة 

أحمد أشكناني

قال تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً و من الشجر و مما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) (النحل). 

الخلية التي يعيش بها النحل تستطيع أن تضم مجتمعا كاملا من النحل مكونا من ملكة واحده وبضع مئات من الذكور وعشرات الألوف من الشغالات. ولا بد للنحلة أن تزور نحو مليون زهرة لكي تجمع ما يقارب المائة جرام من العسل.

وتنتقل النحله من زهره إلى زهرة وتمتص الرحيق بخرطومها إلى داخل معدتها حيث يهضم وتأخذه بدورها إلى الخلية والخلية عبارة عن مملكة نحل كاملة قائمة على دستور لا يستطيع أحد من الخلية أو خارجها تجاوز هذا الدستور.

عندما تضع النحلة العسل داخل الخلية يقوم فريق من النحل يسمى الشغالات بالتهوية عن طريق أجنحتها كي تتطاير الرطوبة ويتركز العسل فيصير عسلا وبعد ذلك يقوم فريق آخر من النحل بغلق عيون الخلية بطبقة رقيقة من الشمع لتحتفظ به نظيفا لأنها تحتاج إليه عندما تخلو الحقول من الأزهار في موسم الشتاء.

شغالات النحل

وفي أيام الصيف تستطيع أو تلاحظ طوابير كبيرة من شغالات النحل يقفن على باب الخلية ويتجهن إلى ناحية واحدة ويقومن بتحريك أجنحتهن كي يدخلن تيارات هوائية باردة إلى الخلية، ومن ناحية أخرى يقوم فريق آخر بنفس العمل كي تقوم بإخراج التيارات الهوائية الساخنة إلى الخارج. وفي فصل الشتاء فإن النحل يجتمع فوق الأقراص بشكل كبير وحركته تكون بطيئة أو يكون ثابتاً في بعض الأحيان لكي يقلل من درجة البرودة وحتى يحمي العسل من الفساد. وباستطاعة النحلة أن تطير بسرعة 65 كيلومتر بالساعة وهو ما يعادل سرعة القطار وإذا كان حمل النحلة من رحيق الأزهار ما يعادل ثلاثة أرباع وزنها فإنها تطير بسرعة 30 كيلومتر.

وتمتاز عين النحلة عن عين الإنسان بأنها ترى بالأشعة فوق البنفسجية وهي مزودة بحاسة شم قوية عن طريق قرني الاستشعار في مقدمة الوجه وتلك المزايا وهبها الله سبحانه وتعالى للنحلة كي تستعين به في رحلة جمع الغذاء.

وفي رحلة عودتها إلى الخلية تهتدي النحلة بحاستي البصر والشم وحاسة النظر تساعد على تذكر معالم رحلتها، ويلاحظ أن النحلة عندما تغادر خليتها فإنها تستدير حول الخلية كأنها تضع علامات مميزة كي تساعدها على العودة إلى خليتها، وللنحل نوعان من العيون:

-  العيون المركبة : وهما اثنتان تقعان على جانبي الرأس وهي سداسية الأضلاع وتستخدم في الرؤية لمسافات بعيدة، وتضم العين المركبة في الذكر ضعف عدد الوحدات التي تؤلف عين الشغالة وهذا ما يتيح للذكر إمكانية متابعة الملكة خلال رحلة التزاوج.

-  العيون البسيطة : عددها ثلاث وتكون فوق الرأس وتستخدمها في الرؤيا القريبة، أما حاسة الشم فهي تساعدها على التعرف على الرائحة الخاصة بالخلية الخاصة بها ولاختيار أنواع معينة رحيق الأزهار.

لغة النحل

وللنحل لغة خاصة به وهي عن طريق الرقص وقد شرحها عالم الماني في كتاب «حياة النحل الراقص» وقد حاز مؤلف هذا الكتاب على جائزة نوبل العالمية عام 1973. حيث اكتشف أنها تستخدم لغة سرية في التخاطب عن طريق رقصات خاصة كي تنبئ زميلاتها عن وجود الرحيق وتحدد لهن موضعه بالتحديد من حيث زاوية الاتجاه وبعده عن الخلية الخاصة بهن. والخلية بها ملكة واحدة فقط ووظيفتها الأساسية هي إنتاج البويضات ولا تستطيع أي نحلة في الخلية عمل تلك البويضات، وملكة النحل تكون بمثابة الأنثى التي تنجب مجتمعا كاملا من ذكور النحل والعاملات وبالإضافة ملكة النحل هي النحلة الوحيدة في الخلية التي تتزوج، ومن ذكر واحد فقط من ذكور الخلية، وهى- أيضًا- الوحيدة التي تضع البيض وطول ملكة النحل يعادل ضعف طول النحلة الشغالة. ووظيفة ذكر النحل هو تلقيح الملكة ففي موسم التزاوج تغادر الملكة خليتها مرتفعة إلى أعلى ويلحقها عدد كبير من ذكور النحل بعزيمة وقوة والذكر الأقوى هو من يقوم بعملية التزاوج وإما باقي ذكور النحل الضعيفة إما أن تعود إلى خليتها أو يموت بسب الإرهاق وتسبب عملية التزاوج بموت الذكر وذلك بسب عند عملية التزاوج ينفصل عضو التذكير ومعه جزء من أحشاء ذكر النحل فينزف حتى الموت. وبعد عملية التزاوج تعود الملكة إلى خليتها ويكون بانتظارها وقد جهزت عيون شمعية جديدة استعدادا لوضع البويضات وتضع الملكة نحو 200 - 250 ألف بويضة في الموسم الواحد. 

وفترة طور البيض يكون:

1-  طور البيضة: تضع الملكة نوعين من البيض إما أن يكون مخصبا ينتج عنه إناث (شغالات + ملكات) أو أن يكون غير مخصب ينتج عنه الذكور، وتلصق البيض في قاع العين السداسية عمودياً، وتميل في اليوم الثاني بزاوية 45 درجة تقريباً في اتجاه القاع، وفي اليوم الثالث يكون موازياً لقاع العين وبذلك يمكن معرفة عمر البيضة. 

2-  طور اليرقة: بعد ثلاثة أيام من وضع البيض يفقس البيض ويعطي يرقة تنمو، وتنسلخ خمس انسلاخات حتى تتحول إلى طور العذراء، تمد الشغالات اليرقات بالغذاء الملكي لمدة ثلاثة أيام بعد الفقس وبعد اليوم الثالث يتغير نظام تغذية اليرقات، فيقدم غذاء مكونا من حبوب اللقاح مخلوطاً بالعسل (خبر النحل) ليرقات الشغالات والذكور بينما تلك اليرقات التي سيخرج منها ملكات فيستمر تغذيتها بوفرة على الغذاء الملكي وبعد تمام النمو 5 أيام في حال يرقات الملكة والشغالة و6 أيام في حال يرقات الذكور تمتنع الشغالة عن تغذيتها وتغطي العيون السداسية بطبقة من الشمع مخلوطاً بحبوب الطلع. 

3-  العذراء: بعد الانسلاخ الخامس لليرقة تتحول إلى عذراء، وتتحول أجهزة اليرقة المختلفة إلى أجهزة الحشرة الكاملة، وتتراوح فترة طور العذراء بين 7-8 أيام للشغالة والذكر و 4 أيام للملكة.

ولا تقوم النحلة برعاية أبنائها ولكنها تعتمد على العاملات اللاتي يحضن البيض ويطعمون صغارالنحل. 

أعداء النحل

ألد أعداء النحلة هو «الدبور»، فالدبور يجد في خلايا النحل وجبة شهية من العسل وبمجرد الاقتراب من الخلية تبدأ النحلات بالتجمع حول الدبور وتلتف من حوله وتحيط به من كل جانب، ولكن وبسبب الحجم الكبير للدبور بالنسبة لحجم النحلة فإن هذه المهمة تتطلب عدداً كبيراً من النحل وتقضي النحلات على الدبور بطريقة تقنية فبعد تغليف هذا الدبور بغلاف من النحل تقوم كل كل نحلة بهزّ جناحيها بسرعة كبيرة وهذا يؤدي إلى رفع درجة حرارة جسمها حتى 47 درجة مئوية بسبب الاحتكاك، والدرجة 47 هي أقصى درجة تستطيع النحلة أن تتحملها لأن النحلة تموت بعد ذلك عندما تصل حرارة جسمها إلى 49 درجة، وإن الدرجة القصوى التي يتحملها الدبور هي أقل من 45 درجة مئوية، وبالتالي يموت في الحال بفعل الحرارة التي تولدها رفرفات أجنحة النحل أي عندما تصل درجة حرارته إلى 45 درجة، وبهذه الطريقة الحرارية يتم القضاء على الدبور وحماية الخلية.

ومهمة الدفاع عن الخلية تعتبر بمثابة انتحار، لأن إبرة النحل تحتوي على رءوس مدببة ولا يمكن للنحلة أن تسحب إبرتها بعد غرزها في جسم حيوان بسهولة وعندما تحاول الطيران تبقى الإبرة مغروزة في جسم الحيوان و تتعرض بذلك النحلة إلى جرح مميت نتيجة تعرض بطنها إلى شق عميق من ناحية الخلف، وفي هذه الناحية من البطن توجد الغدد التي تفرز السم والعقد العصبية التي تتحكم بها وعندما تلفظ النحلة أنفاسها الأخيرة يقوم باقي النحل بالاستفادة من موتها عن طريق أخذ السم الموجود في غدد القتيلة والاستمرار في جرح العدو الغريب. 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 103