الباحث الفلكي الدكتور صالح العجيري في حديث خاص لـ " بيئتنا " :
نعيش حقبة الاحتباس الحراري والإنسان هو من دمر البيئة
حامد الابراهيم
حمل الباحث الفلكى الدكتور صالح العجيري الإنسان مسؤولية تدمير وتلوث البيئة مشيرا الى ان زيادة المصانع ادت الى زيادة انبعاث الملوثات منها مما ادى الى تلوث البيئة وعلى الجهات الحكومية المعنية مواجهة هذا التلوث وحماية البيئة..واكد الدكتور العجيرى في لقاء مع «بيئتنا» اننا مقبلون على ازمة مياه حيث من المتوقع ان يزيد عدد سكان الارض الى 10 مليارات مشيرا الى ان ذلك سيؤدى الى تناحر الشعوب وامكانية نشوب حرب عالمية ثالثة ستستخدم فيها الاسلحة النووية ومن ثم نواجه الشتاء النووى الذى سيدمر البشرية.
واشار الى ان العلماء يتوقعون وجود حياة فى موقعين فى الفضاء لكن هذه الحياة لن تكون بشرية وانما لمخلوقات وكائنات تختلف عن الانسان فى كل شىء .
واعرب الدكتور العجيرى عن دهشته ان من استعانة الناس بعلم الفلك فى تحديد مواقيت الصلاة التى تعتبر عماد الدين ولا يتستعينوا به فى رؤية الهلال داعيا الى توحيد رؤية الاهلة فى الدول العربية والاسلامية.
وعزا البرد الشديد الذى نعيشه فى الكويت هذا العام الى الجفاف الذى ساد البلاد منذ الصيف الماضى مشيرا الى ان العام 1964 كان اشد الاعوام برودة حيث تجمدت المياه فى الانابيب بينما كان العام 1953 اشدها حرارة حيث بلغت 53 درجة مئوية.
وفيما يلى تفاصيل هذا اللقاء :-
كيف ترى تلوث البيئة فى دولة الكويت؟
لقد كنا أول من استشعر خطر التلوث حيث وضعنا مرصد العجيري فى الدائرى السادس بعيدا عن العمران فزحف العمران الينا واصبحنا نعانى من التلوث الضوضائى والبيئى وصارت الارض تهتز من حولنا بسبب حركة السيارات الزائدة واصبح من الضرورى ان ننقل المرصد من مكانه ليكون فى مكان بعيد عن التلوث وللعلم فان تلوث البيئة اصبح ملموسا للجميع بسبب كثرة المصانع التى تنبعث منها الادخنة وما يحدث الآن اننا نعيش حقبة الاحتباس الحرارى واصبح ثانى اكسيد الكربون يصعد الى جو الارض وادى ذلك الى سخونة الارض ويعتبر الانسان هو الذى دمر البيئة لذلك الدول تحاول مواجهة التلوث ولكن ذلك يتعارض مع مصالح الدول الكبرى .
هل هناك مخاوف من امكانية شح المياه عالميا ؟
نعم هناك تخوف بسبب زيادة السكان حيث من المتوقع ان يصل العدد الى 10 مليارات بدلا من 6 مليارات حاليا وعندما يصل عدد السكان الى هذا الحد فان المياه لن تكفى وستتناحر الشعوب وقد تقع الحرب العالمية الثالثة واذا قامت الحرب ستكون نووية وسيأتينا الشتاء النووى الذى سيحجب ضوء الشمس وسيبرد الجو جدا بل سيحدث التجمد وتنتهى الحياة لذلك فكر العلماء فى ايجاد مكان بديل عن الارض ففكروا فى كوكب المريخ الذى هو اقرب الكواكب الينا ويمكن ان تكون عليه حياة ومن حسن حظ البشرية ان العلماء اكتشفوا مؤخرا ان فى خط استواء المريخ مياه جوفية متجمدة من ملايين السنين واذا استعمرنا المريخ سنستخدم هذه المياه.
هل تعتقد ان هناك حياة على اى كوكب فى الوقت الراهن؟
يقول العلماء ان هناك حياة فى موقعين فى الفضاء ولكن هذه المعلومات غير مؤكدة وفى حال تأكدت فانه من المستحيل ان يكون هناك بشر مثلنا يعيشون فى اى كوكب لان طبيعة هذه الكواكب تختلف عن طبيعة الارض واذا وجدت بها حياة ستكون كائنات مختلفة ذات احجام ضخمة جدا كى يمكنها التعايش مع الظروف المناخية لهذه الكواكب.
حدثنا عن كيفية دراستك لعلم الفلك؟
عندما كنت صغيرا كنت اخاف من الظواهر الطبيعية كالرياح والظلام والمطر ومن قصف الرعد والبرق فدخلت الى علم الفلك من باب اعرف عدوك الى جانب ان والدى رحمه الله ارسلنى وانا صغير الى البادية لاتعلم الفروسية والرماية والحياة الخشنة وبالطبع بهرتنى السماء بجمالها والشمس المضيئة والنجوم اللامعة وتعلمت اول درس فى الفلك عندما تعرفت على الجهات الاربع الشمال والجنوب والشرق والغرب وذلك لمعرفة مواطن الكلأ والماء وتسهيل الحل والترحال وبعد عودتى من البادية دفعنى حبى وشغفى للمزيد من علم الفلك للبحث عمن يعلمونه واتممت دراسة الربع المجيب عند عبد الرحمن الحجى وتعتبر آلة الربع المجيب آلة تصنع من الخشب او النحاس واستخدمها العرب والمسلمون قديما كأداة مسح وتوقيت وهو العلم الذى وصل الى شبه الجزيرة العربية عن طريق الدولة العثمانية ثم تعلمت على يد الشيخ احمد خليفة النبهانى ثم على يد شقيقه الشيخ محمد النبهانى حيث بلغت فى هذه الفترة مبلغا كبيرا فى علم الفلك واستطعت وانا فى الرابعة عشرة من عمرى ان احسب مواعيد الصلاة فى دولة الكويت وتحديد اتجاه القبلة واصدار اول تقويم فلكى بخط اليد فى عام 1936 وفى عام 1945 سافرت الى مصر للتعلم فى بحث حركات النجوم والكواكب والشمس ودرست فى جامعة الملك فؤاد الاول فى قسم الفلك وحصلت على شهادة علمية فلكية فى عام 1952 وزرت العديد من دول العالم العربى والاجنبى حيث زرت مصر وسوريا ولبنان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية والسعودية والسودان وتونس والجزائر وسويسرا والمانيا وفرنسا وتركيا والعراق وايران ولازلت حتى الآن ابحث فى علوم الفلك .
وماذا عن مرصد العجيرى ؟
كنت خلال مسيرتى احلم بانشاء مركز فلكى كبير فجال فى خاطرى البدء فى تنفيذ هذا المركز ولكن عدم توفر الامكانات المادية حال دون تنفيذ هذا المركز ثم بدأت فى اواخر الستينات فى شراء قطعة ارض فى منطقة الاندلس وبدأت فى بنائها فى عام 1972 ثم سافرت الى امريكا فى عام 1973 لشراء الاجهزة والمعدات اللازمة لانشاء المرصد ثم الى انجلترا لشراء بعض المعدات والطريف انه فى الوقت الذى كنت افكر فيه فى انشاء المركز الفلكى كانت هناك عقول اخرى كويتية وعلى رأسهم المواطن داود سليمان الأحمد الذي كان يفكر فى انشاء النادى العلمى وبعد تأسيس النادى العلمى بثلاثة اعوام التقيت به في العام 1977 بأمين عام النادى العلمى حيث تم الاتفاق على انشاء مرصد العجيرى بالنادى فالغيت فكرة المركز الذى كنت افكر فى انشائه فى منطقة الاندلس وافتتح سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح هذا المرصد فى 16 ابريل عام 1986 .
وماذا عن القبة الفلكية ؟
فى نوفمبر عام 1995 تم افتتاح القبة الفلكية التى تبرعت بتكاليف انشائها مؤسسة الكويت للتقدم العلمى بتكلفة بلغت 275 ألف دينار كويتى وهى فى مجموعها منظومة علمية متكاملة ومركز اشعاع علمى فى المنطقة وتعتبر هذه القبة من نوع سبتز 512 وقطرها الداخلى يبلغ 10 امتار وقطرها الخارجى 13 مترا وتتسع لحوالى 70 مشاهدا وجهاز التحكم الرئيسى للقبة ينقسم الى ثلاثة انواع من التشغيل اليدوى والآلى بواسطة الكمبيوتر أو التشغيل المتعدد .
كانت لك حكاية مع طب الاسنان والنساء والولادة فهل لنا ان نعرفها ؟
فى عام 1935 كان جدى قد فقد البصر واعطانى كراسة صغيرة وطلب منى ان اقرأ فيها وافتش عن طريقة علاج الاسنان لان احد جيراننا كان يعانى من الم فى ضرسه وفى ذلك الوقت لم يكن هناك اطباء ولا مستشفيات وكان الناس يقتنعون باى شىء فاحضرت ورقة صغيرة ووضعتها على مكان الالم فشفى جارنا وبدأ الناس يلجأون إلي لاعالجهم فاصبحت طبيب اسنان وذات مرة اتى الى شخص يقول ضرسى مكسور فلم اجد مكانا لوضع الورقة الصغيرة فوضعتها فى اذنه اما بالنسبة لطب الولادة فكنت قد بحثت فى الكراس وجدت طريقة لعلاج المرأة المتعسرة فى الولادة وبدات فى العلاج ووثق الناس فى علاجى فاصبحت طبيب ولادة.
هل عملت فى علم التنجيم ؟
انا لا اعترف بالتنجيم واعتبره دجلا رغم انى عملت فى هذا المجال فترة لان الناس كانت تصدق وانا خلطت مابين علم الفلك والتنجيم والارصاد الجوية حيث ان هذه العلوم مرتبطة ببعضها البعض لكن الدجالين استغلوا علم التنجيم بطرق خاطئة وشجعهم على ذلك اننا نحن البشر نتوق الى معرفة المستقبل .
ما رأيك فيمن يشككون فى هبوط العلماء على سطح القمر ؟
لا يوجد مجال للشك فى هبوط العلماء على سطح القمر لان هذه حقيقة حيث كانت لها دلائل .
بماذا تفسر اختلافنا حتى الآن فى رؤية هلال رمضان ؟
الخلاف فى رؤية الهلال ليس خلافا علميا انما بعض علماء الفلك يصرحون برؤية الهلال حسب الشرع ولكن نحن نصرح برؤيته فلكيا لذلك يظهر الخلاف ونحن كفلكيين نود الاسترشاد برأينا فى حالة النفى وليس فى حالة الاثبات ولكن نحن نقول لعلماء الدين كيف تستعينوا بالرزنامة فى تحديد مواعيد الصلاة التى تعتبر عماد الدين ولا تستعينوا بعلماء الفلك فى رؤية الهلال وعقدت مؤتمرات عديدة فى هذا المجال ومن اهمها مؤتمر عقد فى عام 1978 فى تركيا وحضرنا المؤتمر وتم الاتفاق خلاله على العديد من الامور التى تساعد فى توحيد طرق اثبات رؤية الهلال ولك للاسف لم يؤخذ بتوصيات المؤتمر وبقيت حبيسة الادراج وانا ادعو الى توحيد رؤية الهلال واذا ظهر فى اى دولة عربية ان نعتد بهذه الرؤية .
دعنا ننتقل الى الحديث عن علم الارصاد الجوية ونسألك عن تفسيرك للبرد الشديد فى الكويت هذا العام؟
السبب فى ذلك اننا تأثرنا منذ شهر مايو الماضى بهواء جاف شمالى فى معظم الاحيان الا فى بعض الاوقات التى كانت الرياح فيها جنوبية مرت على مسطحات الخليج المائية وتشبعت بالرطوبة ولما صادفت طبقة باردة فى طبقات الجو العليا هطلت الامطار على البلاد لكن عموما صيفنا هذا العام كان حارا وشتاؤنا باردا بسبب الجفاف.
كيف تفسر وصول درجات الحرارة الى 50 درجة فى الكويت ولا يموت الناس فى حين ان الحرارة اذا وصلت الى 35 فى بلد آخر فان الناس يموتون ؟
الحرارة تصل الى 50 درجة لان فى شمال الهند منخفض يمر على شمال الهند ثم يحاذى بحر قزوين ثم على صحراء ملحية شمال ايران ثم يصطدم فى الهضبة الايرانية وفى هذه الحالة لو كانت حرارة الهواء 35 درجة فعندما تصعد الى جبال زاجروس تصل الى 25 درجة وعندما تهبط تتضاعف لتصل الى 50 درجة ومع هذه الدرجة العالية لا يموت الناس لان الهواء الجاف يبخر العرق فى اجسامنا ولكننا نعانى اكثر من ارتفاع الحرارة فى ظل ارتفاع نسبة الرطوبة.
فى اى عام وصلت الحرارة الى ادنى معدل لها ؟ وفى اى عام وصلت الى اكبر معدل؟
من اشد السنوات برودة مسجلة فى الكويت كان ذلك فى 23 يناير عام 1964 حيث تجمدت المياه فى الانابيب اما بالنسبة للحرارة فقد وصلت الى ذروتها فى عام 1953 حيث بلغت درجة الحرارة 53 درجة مئوية .
هل هناك علامات تشير الى اننا سوف نستقبل سنة جافة او سنة ممطرة ؟
لا توجد علامات تؤكد ذلك مئه بالمئه ولكن هناك مؤشرات منها ان البقع الشمسية لها دورة لمدة 11 سنة واذا كثرت البقع الشمسية تزيد من تأثيرها على المناخ الى جانب ان هناك احيانا تزحزح فى المناخ ونتأثر بطقس مناطق محيطة بنا والسنوات المطيرة فى الكويت هى تقريبا ثلاث سنوات كل 11 سنة اى كل دورة من دورات البقع الشمسية وهذا العام قليل المطر فى الكويت وللعلم ان علم الارصاد الجوية به سلبيات منها ان هناك امورا تسبب تغير التوقعات حيث اننا نرى علماء الفضاء يؤخرون اطلاق مركبة فضائية بسبب الطقس رغم ان الارصاد تكون قد ابلغته بأن الطقس مناسب وهذا يعتمد على تزحزح الرياح وحدوث مفاجآت لم تكن فى الحسبان رغم تطور على الارصاد فى السنوات الاخيرة بدرجة كبيرة جدا .
يقال ان درجات الحرارة عندما ترتفع فى الكويت فان ادارة الارصاد الجوية لا تعلنها فما ردك؟
هذا كلام غير صحيح لاننى دائما اقول ان الارصاد الجوية بها كوادر مميزة واعتبرهم مثل الشموع التى تحترق لتضىء حولها ويعلنون درجات الحرارة بكل صدق وامانة ولكن المشكلة ان الناس تقيس الحرارة فى اماكن مختلفة ولا يعلمون ان هناك طريقة علمية لقياس درجات الحرارة فمثلا لو قسنا الحرارة فى الشمس قد تصل الى 60 درجة ولو قسناها على سطح سيارة بيضاء نجدها 55 درجة ولو قسناها على سطح سيارة سوداء نجدها اعلى وهكذا لكن خبراء الارصاد عندما يقيسون الحرارة فانهم يعتمدون على طريقة علمية بحيث تقاس الحرارة فى الظل ومن مكان مرتفع عن الارض وفى صندوق مفتوح من جميع الجهات وهذه طريقة عالمية.
لماذا بدأ الفقع يقل فى الكويت عن السنوات الماضية ؟
انا دائما اقول اذا اردتم الفقع فلن تأكلوا الفاكهة بمعنى ان وجود الفاكهة طوال السنة يعنى ان هناك مدنية وتقدم واصبحت هناك زيادة فى حركة السيارات لدرجة ان هذه السيارات دمرت البيئة البرية التى ينمو فيها الفقع وكلما نبتت عشبة مرت عليها مئات السيارات ودمرتها لذلك لا احد يسأل عن الفقع فالفقع والفواكه لا يجتمعان ابدا واذا اردتم الفقع فارجعوا الى زمن البادية فالفقع يحتاج الى عدة عوامل منها ان ينزل المطر فى اول الوسم فى ظل طقس دافىء وامطار وفيرة .
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 86