تضم 900 من الأنواع النباتية منها 293 نوعا لا مثيل له في العالم
جزيرة سوقطرة ... متحف التنوع البيئي
عنود القبندي
جزيرة يمنية لم تمتد إليها يد البشر، تقع في بحر العرب جنوب اليمن قبالة مدينة المكلا، وسميت عند بعض الرحالة جزيرة « دم الأخوين « والبعض الآخر « العنقاء « والآن تعرف بجزيرة سوقطرة. ويرجع أصل التسمية إلى كلمة ( سوكوتيرا ) في اللغة الهندية القديمة وتعني أرض النعيم والسعادة تصل مساحتها إلى 3650كم² وتبعد عن الشاطئ اليمني 380 كم من رأس فرتك بمحافظة المهرة كأقرب نقطة فهي تمتاز بتضاريسها المتناسقة بين سهول ساحلية وهضاب وسلاسل من الجبال والأودية والأفلاج الطبيعية ويحيط بها ساحل يبلغ طوله أكثر من 300 كم فهذه الجزيرة لها علاقة حميمة بين الماء والجبال والبحار فهي بالفعل تعد متحفا للتاريخ الطبيعي بما تحتويه من تنوع بيولوجي نادر لذا حظيت على اهتمام كبير من قبل العديد من المنظمات كمنظمة اليونيسكو والهيئات الدولية لحماية البيئة.
تعتبر سوقطرة أكبر الجزر اليمنية وأهمها بسبب تعدد أنواع الأشجار التي تتخللها نباتات نادرة والكائنات الفريدة التي تتميز بها من حيوانات برية وبحرية وطيور نادرة، أثبتته الدراسات العلمية والعملية التي كشفت عن وجود عدد من الأنواع النباتية يصل تقريبا إلى (900) نوع منها 293 نوع لا مثيل له في العالم فهو مستوطن ونادر وتنفرد بها سوقطرة ومنها 58 نوع نبتة طبية ومعظمها من النباتات العصارية ، وأيضا 190 نوعا من الطيور منها 6 أنواع نادرة و35 نوعا تزور الجزيرة ، و71 نوعا من الثديات البرية تعود إلى 8 رتب حيوانية بما فيها الخفاشيات و 5 أنواع من الغزلان وأكثرها شيوعا الآدمي أو الغزال الجبلي الغربي .
فجزيرة سوقطرة وأرخبيلها الذي يضم 6 جزر صغيرة يعد الأجمل والأغنى ومن أهم مناطق التنوع البيولوجي . فهذا الأرخبيل يمتلك العديد من السمات البيئية الفريدة من نوعها فنجد أكثر من ثلث الحياة النباتية تستوطن مجموعة الجزر وتعود إلى أصول نباتية قديمة كانت قد اختفت منذ زمن بعيد من الأراضي الأفريقية العربية ، جميع هذه المميزات جعلتها من أهم عشرة جزر في العالم ووضعتها في مقدمة قائمة اهتمامات المرفق البيئي (GFF) الذي أخذ على عاتقه تمويل مشروع حماية التنوع الحيوي الفريد والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية للجزيرة فهي واحدة من أهم المحميات البيئية اليمنية .
الغطاء النباتي
يزخر أرخبيل سوقطرة بتنوع حيوي فريد من نوعه ولا يوجد له توزيع متساوي ، فالمناطق الساحلية والمنخفضة يكون النبات السائد فيها هو ( ميترر) وهو عبارة عن شجيرات مستوطنة وفي مناطق المنحدرات الشديدة أو الصخرية تسود فيها مجتمعات عصارية شجرية شبه جافة كنبات ( التريمو ) و ( قمحن ) وهذا النبات هو الذي يميز الجزيرة بصفة عامة. أما في المناطق الظليلة والمنحدرات ومناطق الوديان تسودها أحراج كثيفة تتكون من نباتات متنوعة ويشكل نهاية امتدادها العمودي إلى أعلى مناطق نمو شجرة دم التيتين أو دم الأخوين.
سوقطرة تتميز ببساطها الأخضر الذي يكسو الجزيرة والنباتات المتنوعة والمتعددة النادرة التي يستفاد منها في الطب الشعبي وعلاج الكثير من الأمراض ومن أبرز أنواعها شجرة “دم الأخوين” الضخمة أو “دم التنين” Dragon Tree Blood المعروفة علميا باسم “Dracaena cinnabari” التي يبدو منظرها كأخوين متعانقين ويخرج من ساقها سائل بلون الدم الذي يستخدم في مداواة الجروح والحروق والقروح فالمحتويات الكيميائية لهاعبارةعن مادة صابغة ودابغة تعرف باسم ( دراكو ) تصل نسبتها في النبات إلى 55% وكذلك مواد عفصية، أما الجزء المستخدم منها هو المادة الصمغية الراتنجية المستخرجة من قشر النبات وحراشيف الثمار وهو ذو لون أحمر داكن وليس له رائحة مميزة ولا طعم خاص. وتعتبر من أهم أشجار الجزيرة فهي معجزة في حد ذاتها حتى أن أحراجها لها أهمية استثنائية وأنه لا يوجد مثيل لها إلا في جزر الكناري وكذلك فقدتها ، لقد كان امتداد نبات دم الأخوين في نطاق جغرافي واسع كبير بدأ في جزر الكناري وشمل حوض البحر المتوسط ووسط وجنوب أوروبا حتى روسيا ولكن غابات دم الأخوين في سوقطرة هي التي تعطي صورة للبيئة النباتية كما كانت منذ قرون مضت بسبب تحررها من تأثيرات النشاط البشري.
الأحياء البرية ( التنوع الحيوي البري )
هذه الجزيرة مأوى طبيعيا للعديد من أنواع الطيور والحشرات والزواحف والأحياء المائية ، وعن أعضاء البعثة الفرنسية التي قامت بدراسة علمية للأحياء في الجزيرة ذكروا أن 6 أنواع من الطيور السقطرية المستوطنة وهم طائر “ اللوتوغنو” ، وطائر “ الشمس” وطائر “الواربلر” وطائر “السيستي كون” وطائر “الاسبارو” وطائر “البانتيج” النادر والمهدد بالاتقراض كما أيضا يوجد في الأرخبيل عشرة أنواع أخرى من الطيور التي تعيش بصفة دائمة في الجزيرة وتوجد في مناطق أخرى من العالم.
يوجد نوع من الطيور يعد صديقا للبيئة حيث أنه يقوم بالتهام مخلفات الزائرين للجزيرة من طعام ومخلفات لذلك يطلق عليه سكان الجزيرة “بالمنظف” أو “البلدية” وتقوم جمعية حماية الطيور في اليمن بدراسات مسحية لتحديد المواقع الهامة للطيور في الجزيرة من أجل حمايتها.
أما بالنسبة للحشرات لقد ذكروا أن أرخبيل سوقطرة يتميز بحشرات كالفراشات مثل فراشات النهار والتي يوجد منها 15 نوع مستوطن وأيضا 60 نوع من فراشات الليل وأيضا 100 نوع من الحشرات الطائرة و80 منها لا توجد إلا في سوقطرة . فهناك نوع واحد من البعوض منها2 ناقلة للملاريا بالإضافة لعدة أنواع من الذباب.
بالنسبة للحيوانات البرية في هذا الأرخبيل توجد آلاف من الماعز السوقطري المميز الذي ينتشر في الجبال البرية والأودية.
أما الزواحف فهي عديدة ونادرة ذات الأحجام الصغيرة والكبيرة كالثعابين والعقارب ومنها السام الذي يشكل خطورة على الإنسان.
الأحياء المائية ( التنوع الحيوي للأحياء والنباتات المائية )
هناك ما يثير الدهشة في أرخبيل سوقطرة فسرطان البحر وأنواع من النباتات والهوائم التي تعيش في المياه المالحة تتواجد في وديان سوقطرة وهي بيئة المياه العذبة . في سواحل الأرخبيل وأعماقه الغنية بالشعاب المرجانية توجد أنواع متعددة من الأسماك والأحياء البحرية كالهامور والقرش بالإضافة إلى الدلافين التي تقوم باستعراضات بديعة على سواحل الأرخبيل وأيضا وجود أنواع متعددة من أسماك الزينة والقشريات كالشروخ والجمبري والديرك والزينوب والثمد وسلطان إبراهيم بالإضافة إلى أنواع أخرى عديدة تمتاز بقيمتها الغذائية العالية ولها أسواق عالمية.
أيضا السلاحف النادرة المتنوعة الأشكال مثل السلاحف الخضراء كبيرة الحجم.
أيضا توجد 60 نوع من الاسفنجيات المائية بالإضافة لأنواع أخرى من الصدفيات والأحياء البحرية المائية الأخرى التي لها تأثير قاتل لأنواع البكتيريا الضارة التي من الممكن استغلالها في الصناعات الدوائية وأنواع الصدفيات التي تلعب دور مهم في عملية التوازن البيئي .
أما الطحالب والهوائم النباتية فيوجد منها 15 نوع منها 6 أنواع سامة.
جزيرة سوقطرة ذات بيئة هشة لا تحتمل التدخل الإنساني غير المنظم والمبرمج الذي لا يراعي التنوع النباتي والحيواني الذي تحتويه الجزيرة فالعديد من الأحياء الفطرية تتخذ من هذه الجزيرة المكان الوحيد للعيش في العالم الأمر الذي جعلها من أهم المواقع العالمية لصون التنوع الحيواني فطبيعة هذا الأرخبيل المعزولة عن المناطق القارية المجاورة في قارة آسيا و أفريقيا أدت إلى مستوى مذهل من الاستيطان النباتي والحيواني .
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 86