سمات جغرافية كويتية .. تتكيف الحيوانات فيها من أجل البقاء
داود الشراد
تقع دولة الكويت في الركن الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، ويعتبر موقعها هذا ضمن الأقاليم شبه المدارية subtropical التي تتميز بدفئها النسبي في الشتاء، وشدة حرارتها في الصيف، وبسبب الموقع فإن أشعة الشمس تكاد تتامد في تاريخ 22 من شهر يونيو، وتصنع هذه الأشعة زاوية °48 مع الأفق، كما أن طول النهار في ذلك اليوم يعادل نحو 14 ساعة.
ويبلغ طول حدودها نحو 685 كم، الجزء الأكبر منها أي نحو 490 كم هي حدود برية مشتركة مع كل من جمهورية العراق والمملكة العربية السعودية، ويبلغ طول سواحلها نحو 500 كم بما في ذلك سواحل الجزر.
جغرافية الكويت
تضم دولة الكويت الجزر التالية: وربة، بوبيان، مسكان، فيلكا، عوهة، أم النمل، الشويخ (وقد تم ردم المنطقة التي تصل بينها وبين الساحل، فأصبحت جزءا من اليابسة)، كبر، قاروه، وأم المرادم.
وتتكون صحارى الكويت من مناطق الرمال الناعمة، أو السائبة، أو الخشنة، ومناطق منبسطة Flat، أو مناطق تلال، أو مناطق خضراء خصبة، أو بعض الأجزاء الجافة المقفرة، وتوجد أيضا بعض التكوينات الأرضية مثل سلسلة تلال جال الزور التي تطل على الجزء الشمالي من مدينة الكويت.
وتنحدر الأراضي terrains تدريجيا من الغرب إلى الشرق حيث الساحل على الخليج العربي، ومن أهم المظاهر التضاريسية تلال جال الزور (نحو 145م فوق سطح البحر)، وضلع الأحمدي (نحو 137 م فوق سطح البحر)، وتلال واره والبرقان والقرين، وهي أدنى في الارتفاع.
ويقع منخفض أم الرمم إلى الشمال الشرقي من منطقة المطلاع والزقلة وشمال غرب حافة جال الزور، ويتميز هذا المنخفض- الذي يبلغ طوله نحو 6.8كم- بشكله البيضاوي، وبكونه منخفضا مركبا يتكون من منخفضين أحدهما شمالي، والآخر جنوبي، يفصل بينهما منطقة ضيقة مرتفعة نسبياً، ويعتبر أبرز وأعمق المنخفضات، وله جوانب شديدة انحدار ويقطعها عدد كبير من الأودية الحديثة ونظرا لأهميته وتفرده فقد اختير ليكون جزءاً من المنطقة التي حددتها بلدية الكويت عام 1980، لتكون أول «منتزه وطني طبيعي» في دولة الكويت.
مظاهر طبيعية
يؤثر الموقع الجغرافي، علاوة على عوامل أخرى محلية وإقليمية، على عدة سمات ومظاهر طبيعية، لعل من أبرزها العوامل المناخية، والتأثيرات والأشكال الأرضية geomorphology المرتبطة بها.
ويعتبر الجفاف سمة مميزة لشبه جزيرة العرب، التي تشغل الكويت جزءاً منها، ويكون المطر نادراً وطارئاً ومتذبذباً في كميته، وحينما يسقط بعد عدة سنوات من الجفاف، يكون غزيرا، مركزا لبضع ساعات، وغالبا ما يتبعه حدوث سيول تحدث أضراراً بالغة للتربة والغطاء النباتي.
وتغطي البيئة الصحراوية ما لا يقل عن 90% من إجمالي المساحة التي تعادل نحو 17818كم²، وأهم ما يميز هذه البيئة ما يعتري ملامحها السطحية من تغيرات موسمية متباينة، وذلك نتيجة تأثرها الكبير للتغيرات المناخية الموسمية، ويؤدي هطول كميات كبيرة من الأمطار في تثبيت حبيبات التربة الرملية، وذلك بعد نمو النباتات الموسمية (الحولية).
الأمطار في الكويت
كما هو الوضع في الأقاليم الصحراوية فإن الأمطار في الكويت تتميز بندرتها وتفاوتها في الزمان والمكان، وتنتمي إلى نوعين رئيسيين هما المطر الإعصاري Cyclonic، أو مطر الجبهات، وهي التي تحدثها المنخفضات الجوية الغربية، وغالبا ما تهطل خلال الأشهر: ديسمبر، يناير، فبراير، وتكون من النوع المستمر، والذي يغطي معظم أنحاء الدولة: أما النوع الثاني فهو أمطار التصعيد convectional rain أو الأمطار الرعدية التي ترتبط بحالات عدم الاستقرار، والتي تتشكل نتيجة لتسخين الهواء عند سطح الأرض، وتصاعده إلى أعلى، مما يؤدي إلى تشكيل سحب قد يبلغ سمكها وكثافتها حداً يكفي لتكوين عواصف رعدية، وما يعرف محليا بالسرايات، وتهطل هذه أحيانا خلال شهري أكتوبر، ونوفمبر، وفي نهاية موسم الأمطار مارس وأبريل ومايو.
درجة الحرارة
يمتاز المناخ بفصلين رئيسيين، صيف طويل حار جاف، وشتاء قصير محدود المطر دافئ نسبيا، وفي الصيف ترتفع درجة الحرارة ارتفاعا شديدا، وتبلغ أقصاها خلال شهري يوليو وأغسطس، ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل ومن أهمها: شدة الإشعاع الشمسي، وطول النهار، وصفاء الجو، واختفاء السحب، فمن المعروف، أن السحب تعزل الأرض أثناء النهار، وتكبح أكبر كمية من حرارة الشمس، ثم يأتي الليل لتقوم نفس السحب بمهمة تخزين حرارة الأرض وحجزها ومنعها من التسرب إلى الفضاء، فبدون السحب تتنامى حرارة الصحراء تحت وطأة الشمس المرتفعة، ثم تفقد حرارتها بسرعة مرة ثانية مع الغروب.
وتسجل أعلى درجات الحرارة عادة حينما تستقبل الكويت الهواء المداري القاري الحار القادم من الصحراء، ولا يتمكن الهواء القادم من الخليج من خفض درجة الحرارة، لأن مياه الخليج تكون هي الأخرى ساخنة، كما أنه عند انخفاض درجة الحرارة ترتفع نسبة الرطوبة في الجو.
ويعد شهر يناير أبرد شهور السنة محليا، إذ تبلغ المتوسط الشهري لدرجة الحرارة نحو °13س، وتبلغ درجة الحرارة العظمى نحو °18سم، والصغرى نحو °8س. ويكون الجو نهاراً معتدلاً في الشتاء حتى في أبرد شهور السنة، أما ليلا فيكون قارساً، شديد البرودة إذ تنخفض درجة الحرارة بشكل ملموس.
ودراسة درجات الحرارة وتحليلها تظهر أن شدة الحرارة خلال أشهر الصيف، تستمر ليلا ونهاراً، كذلك فإن درجة الحرارة الأعلى ممن °40س تتواصل لنحو 6 ساعات يوميا، خلال شهر يونيو، و8 ساعات خلال شهر يوليو، ولنحو 7 ساعات خلال شهر أغسطس، وتتقلص هذه المدة إلى نحو ساعة واحدة في شهر مايو.
وخلال اليوم الواحد تتفاوت درجة الحرارة تفاوتاً بيناً وتلك هي إحدى الملامح المميزة للصحراء، فخلال شهري يناير وديسمبر تتراوح درجة الحرارة بين °9 - °8س، وذلك بين الساعة 6 - 7 صباحا، في حين سجلت أعلى درجات حرارة خلال هذين الشهرين °18 - °19س بين الساعة 2 - 3، وتفوق درجة الحرارة في بقية اليوم قليلا °10س، وتبلغ خلال الصيف، أدنى مقدار لها في 5 صباحا، إذ تعادل في شهري يوليو وأغسطس نحو °30س.
الرياح الشمالية الغربية
تسود أراضي دولة الكويت خلال أشهر الصيف الرياح الشمالية الغربية، وتعادل نسبتها محليا نحو %60، وهي رياح نشطة عالية السرعة، شديدة الحرارة والجفاف، ويعود نشاط هذه الرياح إلى شدة انحدار الضغط الجوي، بين الضغط المرتفع، وراء الجهة المدارية على البحر المتوسط، وجنوب أوروبا في الشمال، ومراكز الضغط المنخفض الممتدة على طول الجبهة بين المدارية في الجنوب، وتقع هذه الجبهة إلى الجنوب من الكويت بنحو 600 - 800 كم.
وهناك مظهر آخر من ملامح الصحراء، وله تأثير كبير في الحيوانات المحلية ألا وهو: العواصف الرملية (نحو 154 يوما/ سنة)، فسحب الرمال والأتربة التي تهب عبر السهول الصحراوية تجعل المعيشة غير مناسبة بالمرة للنبات، والحيوان، فيحنما تهب العواصف الرملية، فإن الكائنات الصحراوية تتجنب هذه الرياح بالاختباء والابتعاد عنها بقدر المستطاع.
وتستمر الظواهر الترابية على مدى شهور فصل الصيف ويبلغ المعدل الطبيعي للعواصف الغبارية نحو 26 عاصفة في السنة، وهو معدل يفوق بأضعاف المعدل الطبيعي في الدول المجاورة.
المناخ المحلي
نظرا للمناخ القاسي في دولة الكويت فإن الكائنات الحية قد تجد ضالتها في المناخ المحلي mini climate وهو ما يصبو له مجمل الحيوانات البرية في الصحراء، ويقصد بالمناخ المحلي هنا الاختلافات المحلية في ظروف منطقة صغيرة جدا، مثل ظل شجرة، أو عمق جحر، ومثل هذه الاختلافات قد تكون صغيرة ولكنها قد تكون أيضا حاسمة، وفي مثل هذا المناخ القاسي، يشكل القليل من اختلاف أو تفاوت الدرجات الحرارية المناسبة سواء بالارتفاع، أو الانخفاض، الفارق بين الحياة والموت لهذا الحيوان، أو ذاك.
إن تفاوت درجات الحرارة بشكل كبير، يؤثر في تنوع مجموعة الحيوانات local Fauna في البيئة الصحراوية الكويتية، ويحدد الطقس القاسي أنواعاً من الحيوانات التي تستطيع أن تعيش وتتواجد فيها على مدار العام، ومن ثم نجد أن غالبية الحيوانات التي تسكن هذه البيئة هي من الأنواع المهاجرة migrants.
حرارة البيئة
التغيرات التي تحدث في درجات حرارة البيئة، وكذلك تنوع أنماط المواطن البيئية habitats بالصحراء، يوفران بيئة طبيعية لمعيشة مجموعة متشعبة array من الحيوانات، ومن السهل اكتشاف أن أشد وأصلب الحيوانات هي فقط القادرة على الاستمرار والبقاء في مثل تلك البيئة القاسية، ومع تحمل عدم الارتياح والمشقة المتمثلة في التعرض للعواصف الرملية والترابية بشكل منتظم، فإن "المناخ المحلي" يصبح ذا أهمية في مساعدة هذه الحيوانات، للإفادة والتكيف بقدر المستطاع في موقعها وزيادة فرص البقاء.
هذا وتتسم البيئة الصحراوية يفقرها النباتي، وخاصة على مستوى الكلم والكثافة، ولكنها في الوقت ذاته تتسم بغناها في التنوع الحيوي النباتي والحيواني.
الغطاء النباتي
يقتصر الغطاء النباتي على مجموعة من العشائر النباتية المعمرة perennial التي غالبا ما تتوزع في مناطق محدودة وفقا لنوعية التربة ومحتواها الرطوبي، وكذلك وفقا للتباين في الظروف المناخية المحلية microclimate والملامح السطحية topography، وقد تم التعرف على نحو 374 نوعا من النباتات معظمها نباتات حولية annual )256 نوعا) نوعا تشكل المصادر الأساسية للحياة النباتية الرعوية، كما يوجد بها عدد من النباتات المعمرة (83 نوعا)، أما الشجيرات فقد بلغ عددها 34 نوعا، إضافة إلى شجرة واحدة محلية معمرة هي شجرة طلحة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 146