وادي رم الأردني
يشبه تضاريس القمر ويصون النظم الإيكولوجية
دلال جمال
وادي رم، ويسمى أيضاً وادي القمر نظراً لتشابه تضاريسه مع تضاريس القمر، وهو واد سياحي يقع منطقة في حسمى في جنوب الأردن، يبعد مسافة 70 كم شمالي مدينة العقبة الساحلية. ونظرا لتزايد أعداد السياح وانتشار الصيد الجائر فقد تعرض النظام الإيكولوجي في وادي رم لضغوط كبيرة، لذلك تم إعلان وادي رم منطقة محمية طبيعية في عام 1997 في المملكة الأردنية.
وكما هو الحال في النظم الإيكولوجية الأخرى في العالم، فقد كان لسكن الإنسان لوادي رم أثرا واضحاً، حيث صورت الحياة البرية في الفن الصخري مثل الأسود والنمور العربية التي انقرضت. لكن الأمل موجود بالنسبة للأنواع الأخرى الأصلية لوادي رم مثل المها العربي.
تمتد مساحة وادي رم لأكثر من 2000 كم²، منها 720 كم داخل المناطق المحمية التي تضم أكبر محمية في كل من الأردن وبلاد الشام. وتنقسم منطقة وادي رم إلى منطقتين: منطقة الاستخدام الكثيف والمنطقة البرية. ويتم تشجيع الأنشطة البيئية والمغامرات التي تروج لها إدارة الموقع لدعم وحماية الطبيعة الهشة في وادي رم. يقصد هذه المنطقة العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم، وملاذا للباحثين عن السكون وسحر الطبيعية وإبداع الخالق. وتتمتع منطقة رم بجمال الصحراء النادر الذي يحتضن الكثير من الجبال الشاهقة، التي يعد وجودها من أهم أسباب جذب السياح لممارسة هواية تسلق الجبال.
جيولوجيا الوادي
وادي رم هو نتاج ملايين السنين من العمليات الجيولوجية والمناخية المعقدة، حيث أن مياه الأمطار والزلازل وقوة الرياح، التي تمر بطبقات الحجر الرملي على مدى آلاف السنين، قامت بترك سلسلة من الشقوق التي تحولت فيما بعد إلى ممرات وادي رم.
المخيمات السياحية
ووادي رم هو الاسم الدارج والمستخدم إعلاميا لكل المنطقة. مع أن أغلب المواقع والمخيمات السياحية توجد خارج قرية رم، تمتاز المحمية بوجود بالجبال الشاهقة نسبيا، ففيها أعلى القمم الجبلية في جنوب بلاد الشام وهما: جبل أم الدامي وجبل رام. و يعتبر وادي رم من أكثر المناطق السياحية في الأردن التي يأتي إليها السياح من جميع أنحاء العالم نظرا للطبيعية الموقع والتي لم يصتعها أي إنسان وإنما هي من فعل الطبيعة على الرغم من وجود نقوش ثمودية وإسلامية.
تكثر في منطقة وادي رم المخيمات السياحية التي تحل محل الفنادق كونه محمية طبيعية لا يسمح ببناء فنادق فيها، وبدأ ترويج هذه المنطقة سياحيا من اواخر الثمانينات بعد أن صور بها فيلم «لورنس العرب» في الستينيات. والان أصبحت السياحة هي مصدر دخل العديد من السكان الذين يعملون بها كأدلاء أو غيرها من الاعمال. وتسوق وزارة السياحة الأردنية وادي رم على انه جزءا من مثلث السياحة الذهبي الذي يشمل وادي رم والبتراء والعقبة. وتشمل النشاطات السياحية في هذه المنطقة التخييم وجولات سياحية بين الجبال على ظهور الخيل والابل أو باستخدام سيارات الدفع الرباعي. وأيضا تشمل تسلق الجبال. ويمكن للزائر المبيت في المخيمات التي تقدم وجبات الطعام والخدمات الأخرى.
إعادة إدخال المها العربي
في عام 2002، بدأت الجمعية الملكية الأردنية لحماية الطبيعة (RSCN) برنامجاً لإعادة المها العربي (نوع من الغزلان المهددة بالانقراض) إلى محمية وادي رم. وفي الوقت الحاضر يجري العمل في هذا البرنامج بالتعاون مع وكالة البيئة في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة. ويهدف المشروع إلى إطلاق سراح المها في بيئتها الطبيعية باستخدام أحدث تقنيات الأقمار الصناعية لرصد سلوكها.
تاريخ موثق
يعتقد ان أول من وثق عن وادي رم في التاريخ هو الجغرافي الروماني تولمي Ptolemy في كتابه (الجغرافيا) وذكره باسم «اراموا» ويعتقد بأن هذه المنطقة هي التي ذكرها القرآن الكريم باسم « إرم» في قوله تعالى : {ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُكَ بعاد، إرمَ ذاتِ العماد، التي لم يُخْلَقْ مثلُها في البلاد} وإن كان هذا موضوعا خلافيا لوجود منطقة أخرى في اليمن باسم « إرم» أيضا. على اية حال فالبحوث الاسكتشافية في منطقة رم اظهرت وجود نشاطا سكانيا في هذه المنطقة في الفترة ما بين 600 إلى 800 قبل الميلاد وكانت تطلق على هذه المنطقة اسم «ارام» أو «ارَم» Iram.
واظهرت البحوث أيضا ان هذه المنطقة كان مشهورة لكثرة ينابيعها وكثرة حيوانات الصيد بها. اما العرب فقد سكنوا هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ وظهرت لهم كتابات في فترة العرب الانباط الذين تركوا الكثير من النقوش والمعايد التي تعود إلى القرن الرابع للميلاد. وكانت منطقة وادي رم خصوصا ومنطقة حسمى عموما ممرا للقوافل العربية القادمة من الجزيرة واليمن إلى بلاد الشام وتوجد كتابات ونقوشات عديدة تظهر هذا.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 155