نظم ايكولوجية في الأفق لمدة 100 عام
مستقبل التنوع البيولوجي: تسارع انقراض الأنواع
الأمم المتحدة
إن استمرار انقراض الأنواع بمعدل أعلى بكثير من المعدلات التاريخية على مر الزمن، وفقدان الموائل، والتغييرات في توزيع الأنواع ووفرتها هي ما استنتج توقعه أن يحدث طيلة هذا القرن وفقاً لكل السنياريوهات التي تم تحليلها لهذه الدراسة. وهناك درجة عالية من الخطر بحدوث نقص جذري في التنوع البيولوجي مع ما يرافق ذلك من تدهور طائفة واسعة من خدمات النظم الإيكولوجية إذا دفُع نظام كوكب الأرض إلى ما يتجاوز عتبات معينة أو إلى نقاط تحول (تجاوز). وفقدان مثل هذه الخدمات من المحتمل أن يؤثر على الفقراء أولا وبشكل شديد جدا،ً نظرا إلى أنهم يميلون إلى أن يكونوا الأكثر اعتماداً مباشراً على بيئاتهم المباشرة؛ ولكن كل المجتمعات سوف تتأثر. غير أن هناك إمكانية أكبر مما كان متوقعاً في التقييمات السابقة للتصدي لكل من تغير المناخ وتزايد الطلب على الأغذية بدون حدوث فقدان واسع النطاق للموائل.
تجمع العلماء
ولأغراض هذه الدراسة، تجمع العلماء من طائفة واسعة من التخصصات ليحددوا النتائج المقبلة المحتملة لتغير المناخ خلال ما تبقى من القرن الحادي والعشرين. والنتائج الملخصة هنا تستند إلى الجمع بين الاتجاهات الملاحظة، والنماذج، والاختبارات. كما أنها تستعين بكل عمليات الافتراضات السابقة ذات الصلة التي أُجريت لتقييم الألفية للنظم الإيكولوجية وبتوقعات البيئة العالمية والإصدارين السابقين من هذه الدراسة لإلقاء نظرة عامة عالميه لحالة التنوع البيولوجي وكذلك الافتراضات التي وُضعت لتقرير التقييم التالى للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، انها تولى اهتماماً خاصاً للصلة بين تغير التنوع البيولوجي وتأثيراته على المجتمعات البشرية. وبالإضافة إلى تحليل النماذج والافتراضات القائمة، وُضع تقييم جديد لإمكانية وجود «نقاط تحول» يمكن أن تؤدي إلى تغييرات ضخمة وسريعة ويحتمل ألا تكون قابلة لعكس اتجاهها.
استنتاجات رئيسية
وقد توصل التحليل إلى الاستنتاجات الرئيسية الأربعة التالية:
تُظهر التوقعات لتأثير تغير المناخ على التنوع البيولوجي استمرار، وفي أحيان كثيرة تسارع، انقراض الأنواع، وخسارة الموائل الطبيعية، وتغييرات في توزيع الأنواع ووفرتها، وفي مجموعات الأنواع وفي المناطق البيولوجية الغنية بالتنوع البيولوجى خلال القرن الحادي والعشرين.
هناك عتبات واسعة الانتشار تضخم المعلومات المرتدة الواردة والآثار المؤخرة زمنياً التي تؤدي إلى «نقاط تحول»، أو تحولات مفاجئة في حالة التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية. وهذا يجعل التنبؤ بتأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي شاقاً، ويجعل من الصعب السيطرة عليها بمجرد أن تبدأ وعملية عكس اتجاهها بطيئة وباهظة التكاليف أو مستحيلة بمجرد أن تحدث.
تدهور الخدمات
في كثير من الأحيان يرتبط تدهور الخدمات التي توفرها النظم الإيكولوجية للمجتمعات البشرية ارتباطاً أوثق بتغييرات في وفرة وتوزيع الأنواع الرئيسية وليس بحالات الانقراض على المستوى العالمي؛ فحتى التغيير المعتدل في التنوع البيولوجي على نطاق عالمى يمكن أن تسفر عنه تغييرات غير متناسبة في بعض مجموعات الأنواع (مثل المفترسات العليا) التي لها تأثير قوي على خدمات النظم الإيكولوجية.
والتغييرات في التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية يمكن اتقاؤها، أو خفضها إلى حد كبير أو حتى عكس اتجاهها (في حين لا يمكن إرجاع الأنواع التي تتعرض للانقراض، توجد إمكانية لاستعادة تنوع النظم الإيكولوجية) إذا طُبقت إجراءات قوية بصورة عاجلة وشاملة وملائمة على كل من الصعيد الدولي والوطني والمحلي. وهذه الإجراءات يجب أن تركز على التصدي للعوامل المباشرة وغير المباشرة التي تدفع نقص التنوع البيولوجي ويجب أن تتكيف مع تغير المعرفة والظروف.
ما هي نقطة التحول؟
تعرّف نقطة التحول (التجاوز)، لأغراض هذه الدراسة، بأنها حالة يمر فيها النظام الإيكولوجي بتحول إلى حالة جديدة، مع تغييرات هامة في التنوع البيولوجي والخدمات التي يوفرها للبشر الذين يعتمدون على هذا التنوع، على نطاق إقليمي أو عالمي. ونقاط التحول لها على الأقل واحد من الخصائص التالية:
* التغيير يصبح ذاتي الإدامة عن طريق ما يسمى التغذية المرتدة الإيجابية، على سبيل المثال إزالة الأحراج تقلّص هطول الأمطار على الصعيد الإقليمي الأمر الذي يزيد من خطر نشوب الحرائق التي تسبب موت الأحراج وبالتالي مزيد من الجفاف.
* هناك عتبة يحدث إذا تم تجاوزها تحول مفاجئ في الحالات الإيكولوجية، بالرغم من أنه يندر التنبؤ بنقطة العتبة هذه بأي درجة من الدقة.
* التغييرات التي تحدث طويلة الأجل ويصعب عكسها.
* هناك فترة زمنية هامة بين حدوث الضغوط التي تدفع التغير وظهور التأثيرات، مما يوجد صعوبات جمة في الإدارة الإيكولوجية.
وتمثل نقاط التحول شاغلاً رئيسياً للعلماء والإداريين لواضعى السياسات بسبب ما لها من تأثيرات ضخمة محتملة على التنوع البيولوجي، وخدمات النظم الإيكولوجية، والرفاهيه البشريه. ويمكن أن يكون من الصعب للغاية على المجتمعات أن تتكيف مع التحولات السريعة والتي يحتمل ألا يمكن عكس اتجاهها في وظائف وخصائص النظام الإيكولوجي الذي تعتمد عليه هذه المجتمعات. وفي حين أنه يكاد يكون من المؤكد أن نقاط التحول سوف تحدث في المستقبل، فإن الديناميكيات في معظم الحالات لا يمكن بعد التنبؤ بها بما يكفي من الدقة والإنذار المسبق بحيث تتيح لنُهج محددة وهادفة أن تتجنبها أو أن تخفف من تأثيرها. ولذلك فإنه يجوز أن تتطلب إدارة المخاطر المتسمة بالمسؤولية اتباع نهج تحوطي إزاء الأنشطة البشرية المعروف أنها تدفع نقص التنوع البيولوجي.
النظم الإيكولوجية الأرضية حتى عام 2100
المسار الراهن
يستمر التغير في استخدام الأراضي بوصفه التهديد الرئيسي قصير الأجل، مع تغير المناخ، وتصبح التفاعلات بين هذين الدافعين هامة بصورة تدريجية. ويستمر إزالة الأحراج المدارية من أجل زراعة المحاصيل والحصول على الوقود الحيوى. ويستمر طيلة القرن الحادي والعشرين انقراض الأنواع بمعدل يزيد عدة أمثال عن «معدّل الأساس» التاريخي – متوسط معدل تقدير الانقراض قبل أن يصبح البشر عنصراً مهدداً خطيراً لبقاء الأنواع - وفقدان الموائل. وتهبط بسرعة أعداد أصناف الحياة البرية، مع تأثيرات ضخمة بصورة خاصة بالنسبة إلى أفريقيا المدارية وأجزاء من جنوب وجنوب شرق آسيا. ويسبب تغير المناخ امتداد الغابات الشمالية شمالاً إلى سهول التندرة وموتها عند حافاتها الجنوبية مما يُفسح المجال لأنواع المناطق المعتدلة. أما غابات المناطق المعتدلة فيتوقع لها بدورها موتاً عند الطرف الجنوبي من نطاقها الواقع على خط العرض المتدني. وتعاني أنواع كثيرة من تقلص نطاقاتها و/أو من الاقتراب من الانقراض فيما تنتقل نطاقاتها عدة مئات من الكيلومترات نحو القطبين. ويزيد التوسع الحضري والزراعي من الحد من الفرص المتاحة للأنواع للهجرة إلى مناطق جديدة استجابة لتغير المناخ.
التأثيرات بالنسبة إلى البشر
سيكون تحويل الموائل الطبيعية على نطاق كبير إلى أراضي لزراعة الحبوب أو إلى غابات خاضعة للإدارة على حساب تدهور التنوع البيولوجي وما يدعمه من خدمات النظم الإيكولوجية مثل الاحتفاظ بالمغذيات، وإمدادات المياه النظيفة، والسيطرة على تآكل التربة، وتخزين النظام الإيكولوجي للكربون، ما لم تُستخدم ممارسات مستدامة للحيلولة دون حدوث هذه الخسائر أو لخفضها. وسوف يكون للتغيرات التي يسببها المناخ في توزيع الأنواع وأشكال الغطاء الخضري تأثيرات هامة على الخدمات المتاحة للناس، مثل انخفاض المحاصيل الخشبية وتقلص فرص الترويح.
المسارات البديلة
من الأمور الأساسية تخفيف الضغط الناجم عن التغييرات في استخدام الأراضي في المناطق المدارية، إذا أريد التخفيف إلى أقصى حد من التأثيرات السلبية لنقص التنوع البيولوجي الأرضي وما يرتبط بذلك من خدمات النظم الإيكولوجية. وهذا ينطوي على الجمع بين تدابير تشمل زيادة في الإنتاجية من المحاصيل الحالية ومن أراضي المراعي، وتخفيض خسائر ما بعد الحصاد، والإدارة المستدامة للغابات والتخفيف من الاستهلاك المفرط لأكل اللحوم.
وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار الكامل الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري المرتبطة من القيام على نطاق واسع بتحويل الغابات والنظم الإيكولوجية الأخرى إلى أراضي لزراعة المحاصيل. وسوف يحول هذا دون إيجاد حوافز ضارة لتدمير التنوع البيولوجي عن طريق استخدام المحاصيل على نطاق واسع كوقود حيوى باسم التخفيف من تغير المناخ. وعندما يتم إدخال الانبعاثات الناتجة عن تغير استخدام الأراضي بدلاً من مجرد انبعاثات الطاقة وحدها، تبرز مسارات إنمائية معقولة تعالج تغير المناخ بدون الاستخدام الواسع النطاق للوقود الحيوى. ويمكن لاستخدام مدفوعات لخدمات النظام الإيكولوجية مثل آلية خفض الانبعاثات الناجمة عن إدارة الأحراج وتدهورها أن تساعد في تنسيق ومواءمة أهداف معالجة التنوع البيولوجي وتغير المناخ. غير أن هذه النظم يجب أن تصمم بعناية، نظراً إلى أن صون مناطق القيمة الكربونية العالية لن يصون بالضرورة المناطق ذات الدرجة العالية من الأهمية بالنسبة إلى الحفظ - وهذا يتم الاعتراف به في وضع ما يسمى آلية «REDD-Plus».
افتراضات قابلة للتصديق
ثمة درجة عالية من خطر حدوث نقص جذري في التنوع البيولوجي وتدهور كبير في خدمات النظم الإيكولوجية الأرضية إذا تم تجاوز عتبات معينة. وتشمل الافتراضات القابلة للتصديق ما يلي:
* تكاثر المغذيات في المياه العذبة الناتج عن: تراكم مركبات الفوسفات والنيتروجين من الأسمدة الزراعية، ومياه المجارى، وتصريف مياه السيول من المراكز الحضرية الى قنوات المياه العذبة، وخاصة البحيرات، إلى حالة تهيمن فيها الطحالب. وفيما تبدأ الطحالب بالتحلل تستنفد مستويات الأكسجين في الماء، فيحدث موت واسع النطاق للحياة المائية الأخرى، بما في ذلك الأسماك. وتحفز هذه الحالة آلية إعادة تدوير يمكن أن تُبقي النظام في حالة اختناق حتى بعد أن يتم تخفيض مستويات المغذيات إلى حد كبير. وتكاثر المغذيات في نظم المياه العذبة، الذي يواتيه في بعض المناطق الإقليمية تناقص الأمطار وتزايد الضغط على المياه، يمكن أن يؤدي إلى تناقص في توفر الأسماك مع ما لذلك من آثار على التغذية في العديد من البلدان النامية. وسوف يحدث أيضاً نقص في الفرص الترويحية والدخل السياحي، وفي بعض الحالات أخطار على الصحة بالنسبة إلى الناس والمواشي من ظهور الطحالب السامة.
* منطقة ساحل الصحراء الكبرى في أفريقيا سوف تتحول تحت ضغط تغير المناخ والاستخدام الزائد لموارد الأرض المحدودة، سوف تتحول إلى حالات بديلة متدهورة تزيد بدورها وتيرة التصحر. وسوف يسفر ذلك عن تأثيرات شديدة على التنوع البيولوجي وعلى الإنتاجية الزراعية. وقد سبب استمرار تدهور منطقة الساحل، ويمكن أن يظل يُسبب، نقص التنوع البيولوجي ونقصان الأغذية والألياف والمياه في غرب أفريقيا.
* النظم الإيكولوجية الجذرية ستصاب بسلسلة متواصلة من حالات انقراض الأنواع ومن عدم استقرار النظم الإيكولوجية بسبب تأثير الأنواع الغريبة الغازية. والجزر قليلة المناعة بصورة خاصة في وجه مثل هذه الغزوات لأن مجموعات الأنواع فيها قد تطورت في عزلة وتفتقر في غالب الأحيان إلى دفاعات ضد الأنواع المفترسة والكائنات الممرضة. وفيما يتزايد تبدل وفقر المجموعات التي تعرضت للغزو، فإن ضعفها إزاء الغزوات الجديدة قد يزداد.
نقاط التحول
والاحتمال الأكبر هو العمل على تجنب نقاط التحول إذا رافقت تدابير تخفيف تغير المناخ الرامية إلى إبقاء ارتفاع الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين، إجراءات لتخفيف العوامل الأخرى التي تدفع بالنظم الإيكولوجية نحو حالة متبدلة. وعلى سبيل المثال، فإنه يقدّر أن إبقاء إزالة الأحراج في منطقة الأمازون دون 20 في المائة من مدى الغابات الأصلي سوف يخفف كثيراً من خطر الموت واسع الانتشار. وحيث أن المسارات الحالية ستؤدي في 2020 الى إزالة الأحراج في الأمازون البرازيلي بحوالي %20 كمعدل تراكمي، فإن اقامة برنامج اعادة تأهيل الغابات يكون حكيماً لبناء هامش سلامة. وخيارات الإدارة الأفضل للأحراج في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك زيادة استخدام الأنواع المحلية ذات الأوراق العريضة وتحسين تخطيط الأراضى، يمكن أن يجعل المنطقة أقل تعرضاً للحرائق. وفي منطقة ساحل الصحراء الكبرى، فإن إدارة أفضل، مع تخفيف حدة الفقر والمساعدة في أساليب الزراعة سوف يوفر البدائل للدورات الراهنة من الفقر وتدهور الأراضي.
وسوف ينطوي تجنب نقص التنوع البيولوجي أيضا في المناطق الأرضية على اتباع نهوج جديدة للحفز، سواء داخل المحميات أو خارج حدودها. وبصورة خاصة يجب إبداء المزيد من الاهتمام لإدارة التنوع البيولوجي في الأراضي الطبيعية التي فيها هيمنة للبشر، بسبب الدور المتزايد الأهمية الذي ستلعبه هذه المناطق في ممرات التنوع البيولوجي حيث من المتوقع هجرة الأنواع والمجموعات بسبب تغير المناخ.
وتوجد فرص لإعادة أراضي المناظر الطبيعية إلى حالة برية من جراء هجر أراضي المزارع في بعض المناطق الإقليمية، ففي أوروبا على سبيل المثال، يتوقع الإفراج عن 000 200 كيلومتر مربع من الأراضي بحلول عام 2050. وستكون الاستعادة الإيكولوجية وإعادة إدخال العشبيات (الحيوانات آكلات الأعشاب) واللاحمات (الحيوانات آكلات اللحوم) الضخمة من الأمور الهامة في إيجاد نظم إيكولوجية ذاتية التواصل مع حاجة قليلة للغاية إلى مزيد من التدخل البشري.
الافتراضات القابلة للتصديق
ثمة درجة عالية من خطر حدوث نقص جذري في التنوع البيولوجي وتدهور في الخدمات من النظم الإيكولوجية للمياه العذبة إذا تم تجاوز عتبات معينة. وتشمل الافتراضات القابلة للتصديق ما يلي:
* تكاثر المغذيات في المياه العذبة: يؤدى تراكم مركبات الفوسفات والنيتروجين من الأسمدة الزراعية، ومياه المجارى، وتصريف مياه السيول من المراكز الحضرية الى قنوات المياه العذبة، وخاصة البحيرات، إلى حالة تهيمن فيها الطحالب. وفيما تبدأ الطحالب بالتحلل تستنفد مستويات الأكسجين في الماء، فيحدث موت واسع النطاق للحياة المائية الأخرى، بما في ذلك الأسماك. وتحفز هذه الحالة آلية إعادة تدوير يمكن أن تُبقي النظام في حالة اختناق حتى بعد أن يتم تخفيض مستويات المغذيات إلى حد كبير. وتكاثر المغذيات في نظم المياه العذبة، الذي يواتيه في بعض المناطق الإقليمية تناقص الأمطار وتزايد الضغط على المياه، يمكن أن يؤدي إلى تناقص في توفر الأسماك مع ما لذلك من آثار على التغذية في العديد من البلدان النامية. وسوف يحدث أيضاً نقص في الفرص الترويحية والدخل السياحي، وفي بعض الحالات أخطار على الصحة بالنسبة إلى الناس والمواشي من ظهور الطحالب السامة.
* تغير أنماط ذوبان الثلوج والأنهار المتجمدة: في المناطق الجبلية، يسبب تغير المناخ تغييرات لا يمكن عكس اتجاهها في بعض النظم الإيكولوجية للمياه العذبة. وتُخل المياه الأدفأ، والمزيد من التصريف أثناء موسم ذوبان الثليج الأقصر، والفترات الأطول التي يهبط فيها منسوب التدفقات بالعمل الطبيعي للأنهار، والعمليات الإيكولوجية التي تتأثر بالتوقيت والمدة وبحجم التدفقات. وسوف تشمل التأثيرات، بين أمور أخرى، فقدان الموائل، وتغييرات في توقيت الاستجابات الموسمية، وتغييرات في التركيب الكيميائي للمياه. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة درجة عالية من خطر حدوث تدهور كبير في التنوع البيولوجي وتدهور في خدمات النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية إذا تعدي حدودا معينة. وتشمل السنياريوهات القابلة للتصديق ما يلي:
إن التأثيرات المجتمعة لتحمض المحيطات ودرجات حرارة مياه البحر الأدفأ تجعل نظم الشعاب المرجانية المدارية معرضة للانهيار. وتُنقص المياه الأكثر حموضة (التي تسببها تركيزات أعلى من ثاني أكسيد الكربون في الجو) من توفر أيونات الكربونات المطلوبة لبناء الهياكل المرجانية. عندما تصل تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 450 جزء في المليون يتعذر نمو الكائنات المتكلسبة في جميع الشعاب المرجانية المدارية وشبه المدارية. بل أن الشعاب المرجانية تذوب عند ما تصل تركيزها 550 جزء من المليون. وهذه إلى جانب تأثير المياه الأدفأ التي تؤدي إلى ابيضاض الشعاب، وطائفة من الضغوط الأخرى من صنع الإنسان، تزيد من هيمنة الطحالب على الشعاب مما ينتج عنه نقص كبير في التنوع البيولوجي.
* نُظم الأراضي الرطبة الساحلية. تًصبح عبارة عن حواف ضيقة أو أنها تُفقد كلياً فيما يمكن أن يوصف بأنه عملية «الضغط الساحلي». وهذا يعود إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتفاقم أعمال التطوير على الساحل مثل بناء درك الزراعة المائية. وتستمد هذه العملية مزيداً من التعزيز من تعاظم التآكل الساحلي الذي توجده الحماية الضعيفة التي توفرها الأراضي الرطبة في مناطق المد والجزر. وسيكون لمزيد من تدهور النظم الإيكولوجية الساحلية، بما في ذلك الشعاب المرجانية، عواقب واسعة الانتشار بالنسبة إلى ملايين البشر الذين تعتمد مصادر رزقهم على الموارد التي توفرها هذه النظم. كما أن التدهور المادي للنظم الإيكولوجية الساحلية مثل سباخ المياه المالحة وأحراج المانجروف (الشورى- القرم) سوف تجعل المجتمعات الساحلية أقل مناعة إزاء العواصف القادمة من البحر والارتفاع الكبير في موجات المد.
انهيار الأنواع المفترسة والضخمة في المحيطات، الذي يحفزه الاستغلال المفرط، يؤدي إلى تحول النظام الإيكولوجي إلى حالة تهيمن فيها أنواع غير مرغوب فيها وأكثر مرونة مثل قناديل البحر. والنظم الإيكولوجية البحرية التي تمر بمثل هذا التحول تكون أقل قدرة على توفير الكمية والنوعية من الأغذية التي يحتاج إليها الناس. وقد تثبت هذه التغييرات أنها طويلة الأجل ويصعب عكس اتجاهها حتى مع إجراء تخفيضات هامة في ضغوط صيد الأسماك، وفق ما يقترحه الافتقار إلى الانتعاش في مخزون أسماك الكود بالقرب من إقليم نيوفوندلاند في كندا منذ انهيارها في أوائل التسعينات من القرن الماضي. ويمكن أن تكون لانهيار مصائد الأسماك الإقليمية عواقب اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، تشمل البطالة وخسائر اقتصادية.
النظم الإيكولوجية للمياه الداخلية
المسار الراهن
لا تزال النظم الإيكولوجية للمياه الداخلية تتعرض لتغييرات ضخمة نتيجة ضغوط متعددة ولتناقص أسرع بكثير من الأنواع الأخرى من النظم الإيكولوجية. ذلك أن التحديات المتصلة بتوافر المياه ونوعيتها على نطاق عالمي، مع تزايد الطلبات على المياه التي يخاطبها الجمع بين تغير المناخ، وإدخال الأنواع الغريبة، والتلوث وتشييد السدود، مما يزيد من الضغوط على التنوع البيولوجي للمياه العذبة والخدمات التي توفرها. وتعمل السدود، وسدود تحويل مجاري الأنهار، والمستودعات المائية لإمدادات المياه ولتحويلها لأغراض الري والأغراض الصناعية بصورة متزايدة على إيجاد حواجز طبيعية تسد الطريق في وجه تحركات الأسماك وهجراتها، وتهدد بالخطر العديد من أنواع المياه العذبة أو تقضي عليها. وأنواع الأسماك التي ينفرد بها حوض نهر وحيد تصبح ضعيفة بشكل خاص إزاء تغير المناخ. وتوحي إحدى التوقعات بوجود أنواع أقل من الأسماك في حوالي 15% من الأنهار بحلول عام 2100، بسبب تغير المناخ وتزايد سحب المياه وحدهما. وتواجه أحواض الأنهار في البلدان النامية إدخال عدد متنام من الكائنات غير الأصلية كنتيجة مباشرة للنشاط الاقتصادي، تزيد من خطر نقص التنوع البيولوجي من الأنواع الغازية.
التأثيرات على البشر
إن التدهور العام المتوقع في المياه الداخلية والخدمات التي توفرها يُلقي ظللاً من عدم اليقين على احتمالات إنتاج الأغذية من النظم الإيكولوجية للمياه العذبة. وهذا أمر هام لأن حوالي 10 % من الكميات المجتنية من الأسماك البرية يتم صيدها في المياه الداخلية، وغالباً ما تشكل أجزاء ضخمة من البروتين الغذائي للمجتمعات على ضفاف الأنهار أو البحيرات.
المسارات البديلة
هناك احتمال كبير بالإقلال إلى أدنى حد من التأثيرات على نوعية المياه وتخفيض خطر زيادة المغذيات فيها، عن طريق الاستثمار في معالجة مياه المجارى، وحماية الأراضي الرطبة واستعادتها، والسيطرة على الصرف الزراعي، ولا سيما في العالم النامي.
وهناك أيضاً فرص واسعة الانتشار لتحسين فعالية استخدام المياه، وخاصة في أغراض الزراعة والصناعة. وسوف يساعد هذا على الإقلال إلى أدنى حد من المقايضة بين زيادة الطلب على المياه العذبة وحماية الخدمات العديدة التي توفرها النظم الإيكولوجية الصحية للمياه العذبة.
وسوف تساعد الإدارة الأكثر تكاملاً للنظم الإيكولوجية للمياه العذبة في خفض التأثيرات السلبية الناجمة عن الضغوط المتنافسة. واستعادة العمليات المتوقفة مثل إعادة وصل السهول الفيضية، وإدارة السدود بحيث تقلل التدفقات الطبيعية وإعادة فتح طرق الوصول إلى موائل الأسماك التي سدتها السدود يمكن أن تساعد في عكس اتجاه التدهور. كما أن الدفع مقابل خدمات النظم الإيكولوجية، مثل حماية مستجمعات المياه القريبة من المنبع عن طريق حفظ الأحراج على ضفاف الأنهار، يمكن أن تعود بفوائد مالية على المجتمعات التي تكفل استمرار توفير هذه الخدمات لمستعملي موارد المياه الداخلية في مختلف أجزاء حوض أي نهر.
ويمكن تكييف التخطيط المكاني وشبكة المناطق المشمولة بالحماية بطريقة أكثر تحديداً لتناسب حاجات نظم المياه العذبة، عن طريق ضمان العمليات الأساسية في الأنهار والأراضي الرطبة وتفاعلها مع النظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية. وحماية الأنهار التي لا تزال غير مجزأة يمكن اعتبارها أولوية في حفظ التنوع البيولوجي للمياه الداخلية. أما الحفاظ على التواصلية داخل أحواض الأنهار فسوف تزداد أهمية بحيث تصبح الأنواع أقدر على الهجرة استجابة لتغير المناخ.
وحتى مع أكثر التدابير شدة الرامية إلى التخفيف من تغير المناخ، سيكون من المحتم حدوث تغييرات هامة في نظامي ذوبان الثلوج والأنهار المتجددة، وهو ما يلاحظ حالياً بالفعل. غير أن التأثيرات على التنوع البيولوجي يمكن خفضها بالتقليل إلى أدنى حد من الضغوط الأخرى مثل التلوث، وفقدان الموائل، وسحب المياه، نظراً إلى أن هذا سوف يزيد من قدرة الأنواع والنظم الإيكولوجية المائية على التكيف مع التغييرات في ذوبان الثلوج وأنهر الجليد.
النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية حتى عام 2100
المسار الراهن
يستمر الطلب على الأسماك والمحاريات البحرية في النمو فيما يزداد عدد السكان ويكثر عدد الأشخاص الذين لديهم ما يكفي من الدخل لإدراجها في وجباتهم. ويظل مخزون الاسماك البرية يتعرض للضغط وتتوسع الزراعة المائية. وتدريجياً يصبح الصيد للشبكة الغذائية البحرية على حساب التنوع البيولوجي البحري، (مع استمرار الهبوط في المؤشر التغذوي البحري). ويسبب تغير المناخ إعادة توزيع أصناف الأسماك باتجاه القطبين وتصبح المحيطات المدارية أقل تنوعاً نسبياً. ويهدد ارتفاع مستوى سطح البحر الكثير من النظم الإيكولوجية الساحلية. ويُضعف تحمل المحيطات قدرة المحار والمرجان والعوالق على تشكيل هياكلها، مما يهدد لتقويض الشبكات الغذائية البحرية وكذلك هياكل الشعاب. وتتزايد الحمولات من المغذيات ويزيد التلوث حدوث مناطق ميتة ساحلية، وتوجد العولمة المتزايدة مزيداً من الضرر من الأنواع الغريبة الغازية المنقولة بواسطة المياه الصابورة المتواجده في غاطس السفن.
التأثيرات على البشر
بتناقص المخزونات السمكية وإعادة توزيعها باتجاه القطبين آثار رئيسية على الأمن الغذائي والتغذية في المناطق الإقليمية المدارية الفقيرة، نظراً إلى أن المجتمعات غالباً ما تعتمد على البروتين المستمد من الأسماك لتكملة غذائها. وسيزيد تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر، بتقليصه بمساحة النظم الإيكولوجية الساحلية، الأخطار على المستوطنات البشرية، كما أن تدهور النظم الإيكولوجية الساحلية والشعاب المرجانية ستكون له تأثيرات سلبية جداً على صناعة السياحة.
المسارات البديلة
بوسع الإدارة الأكثر رشداً لمصائد الأسماك في المحيطات أن تتبع طائفة من الدروب، تشمل الإنفاذ الأكثر صرامة للقوانين الحالية الرامية إلى منع صيد الأسماك غير القانوني وغير المبلّغ عنه وغير المنظم. وتوحي الافتراضات بأنه يمكن وقف تدهور التنوع البيولوجي البحري إذا ركزت إدارة مصائد الأسماك على إعادة بناء النظم الإيكولوجية بدلاً من التركيز على زيادة كمية الصيد إلى أقصى حد في الأجل القصير. وتوحي نماذج مصائد الأسماك بأن إجراء تخفيضات معتدلة في كمية المصيد يمكن أن تسفر عن تحسينات كبيرة في حالة النظام الاقتصادي وأن تحسن في الوقت ذاته مربحية مصائد الأسماك واستدامتها. ومن شأن تطوير زراعة مائية ذات تأثير متدني، تعالج مسائل الاستدامة التي شغلت بعض أجزاء هذه الصناعة، أن تساعد أيضاً في مواجهة ارتفاع الطلب على الأسماك بدون إضافة ضغط على الأرصدة البرية.
ومن شأن خفض الأشكال الأخرى من الضغط على النظم المرجانية أن يجعلها أقل ضعفاً إزاء تأثيرات التحمض والمياه الأدفأ. وعلى سبيل المثال فإن خفض التلوث الساحلي سوف يزيل حافزاً إضافياً لنمو الطحالب، وخفض الاستغلال المفرط للأسماك آكلة الحشائش البحرية سوف يُبقي التكافل بين المرجان والطحالب في حالة توازن ويزيد من مرونة النظام.
وفي حالة النظم الإيكولوجية الساحلية الأخرى، فإن سياسات التخطيط التي تتيح للمستنقعات وغابات المانجروف (الشورى- القرم) إلى آخره أن تهاجر إلى الداخل سوف يجعلها أكثر مرونة في وجه تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر وبالتالي تساعد في حماية الخدمات الحيوية التي توفرها. وحماية العمليات الداخلية، بما في ذلك نقل الرواسب إلى مصاب الأنهار سوف يمنع تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر من أن يتضاعف بإغراق مناطق الدلتا أو المصبات.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 159