صفاتهم التشريحية تؤكد أصولهم الآسيوية
Eskimos .. 60 ألفا من أكلة اللحوم النيئة
دلال حسين جمال
الاسكيمو... جماعات بشرية متجانسة إلى حد ما في صفاتها السلالية.. وفي نمط معيشتها الذي يعتمد على جمع الطعام.. وصيد الحيوانات المائية والبرية التي تعيش في المناطق القطبية الشمالية الباردة.. يتوزع الاسكيمو في منطقة جغرافية إلى الشمال من خط العرض 50 درجة شمال خط الاستواء.. ويشغلون كل المنطقة الممتدة من ساحل ألاسكا الجنوبي، حول المنطقة القطبية الأمريكية وجزر غرينلاند وبافن ولابرادور.. كما تعيش جماعات منهم على الشاطئ السيبيري الآسيوي المطل على مضيق برنغ وتتصف منطقة انتشارهم الجغرافي التي يزيد طولها من الغرب إلى الشرق على 8 آلاف كيلومتر بمناخ قطبي وبغطاء نباتي فقير باستثناء بعض نباتات التوندرا.. تطلق جماعات الاسكيمو على نفسها اسم إينويت "Inuit" ومعناه الناس.. أما كلمة اسكيمو فهي محرفة عن التسمية «أَسْكِيَ ـ مَنْتِك»ْ التي أطلقها عليهم سكان أعالي اللابرادور من الهنود الألغونكيين وتعني )أكلة اللحوم النيئة(. ويزيد عدد الاسكيمو على 60000 نسمة، منهم 15 ألفا في جزيرة غرينلاند و14 ألفا في منطقة ألاسكا الأمريكية والباقون في سيبيرية، ويعيش القسم الباقي في الحواف الشمالية للأراضي الكندية المطلة على المحيط المتجمد الشمالي، وعلى الحواف الشمالية المطلة على المحيط الأطلسي، والقليل من الاسكيمو يعيشون في جزر ألوشيان وفي آيسلاند، ويعد الاسكيمو من مواطني الدول التي يعيشون: فيها الولايات المتحدة وكندا وأيسلندا والدنمرك وروسيا الاتحادية.
هجرات الاسكيمو
نشأ أسلاف الإسكيمو في شمال شرقي آسيا، ويرى معظم العلماء أن الإسكيمو جاءوا إلى ما يعرف اليوم بألاسكا عبر ممر أرضي كان يربط بين آسيا والمنطقة الشمالية من أمريكا منذ نحو 10 آلاف عام تقريبًا ثم اتجه الإسكيمو من ألاسكا ناحية الشرق حيث توجد المنطقة القطبية لقارة أمريكا الشمالية، ويرى الخبراء أن الإسكيمو انتشروا من ألاسكا إلى ما يعرف اليوم بغرينلاند في حركتين كبيرتين. بدأت الأولى منذ نحو من 5 آلاف سنة، ومن الجائز أن تكون الثانية قد بدأت منذ أقل من 1200 سنة تقريبًا ولا يعرف العلماء بدقة المدة التي استغرقتها كل من الحركتين. ولكن في الوقت الذي بدأت فيه الحركة الثانية كانت سلالة الإسكيمو التي قامت بحركة الهجرة الأولى قد انقرضت، ويُعد هؤلاء الذين قاموا بالهجرة الثانية أسلاف الإسكيمو الذين يعيشون اليوم في كل من غرينلاند وكندا وشمال شرق ألاسكا.
المستكشفون الأوروبيون
يُعد الفايكنج من أوائل الأوروبيين الذين التقوا بالإسكيمو في غرينلاند بعد وصول الإسكيمو إليها عام 1100م، ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي بدأ التقاء المستكشفين الأوروبيين بالإسكيمو لأول مرة في المنطقة الشرقية من القطب الشمالي بأمريكا، أما الروس وبقية المستكشفين الأوروبيين فلم يلتقوا بالإسكيمو إلا في القرن الثامن عشر الميلادي..
وخلال القرن التاسع عشر الميلادي، وفدت أعداد كبيرة من صائدي الحيتان وتجار الفراء الأوروبيين إلى بلاد الإسكيمو، وبعد ذلك بدأ الإسكيمو في العمل لحساب صائدي الحيتان وتاجروا معهم، فحصلوا منهم على البنادق والذخيرة والحديد والخشب وبضائع أخرى مفيدة، ولكن الأوروبيين جلبوا معهم بعض الأمراض التي لم يستطع الإسكيمو مقاومتها و لذا مات كثير منهم نتيجة هذه الأمراض.
أكواخ وملابس
يعيش الاسكيمو شتاءً في أكواخ مبنية من مكعبات قطع الجليد تدعى «إيغلو»، ولهذا الكوخ ردهة خاصة تحمي مدخله وتمنع دخول الريح إليه. ويبطن الإيغلو من الداخل بالجلود التي تنشر فوق أشرطة من الجلد تمر من خلال الجدران الجليدية فيصبح الكوخ الجليدي أقرب إلى الخيمة، يحيط بها غلاف جليدي يعزلها تماماً عن الوسط الخارجي، وقد يكون الهواء داخل الكوخ رطباً وثقيلاً لكنه قليل البرودة، ولا توقد النار داخله كي لا تذوب جدرانه الجليدية ويتم فرش أرضه بجلود الحيوانات وفرائها, ويصنع الاسكيمو ملابسهم من الجلود والفراء فيلبسون شتاءً رداءين من الفراء، يتجه فراء الرداء الداخلي نحو الجسم في حين يتجه الرداء الثاني والخارجي نحو الخارج، وهذه الملابس متقنة الصنع تفصيلاً وخياطة وتزييناً فلا تسمح للماء بالنفاذ من مواضع الخياطة فيها. ويصنع الاسكيمو من أحشاء سمك الصيل ملابس واقية من الماء والمطر أشبه ما تكون بالجلد المشمع الذي يستعمله البحارة.
معتقدات الاسكيمو
يعتقد الإسكيمو أن أرواحا قوية تتحكم في الطبيعة، كما يعتقدون أن للناس والحيوانات أرواحا تعيش في عالم آخر بعد الموت، وكانوا يظنون أنهم إذا خالفوا الأرواح فسوف تعاقبهم بإصابتهم بالمرض أو بأيِّ مصيبة أخرى, وشمل اعتقادهم هذا أرواحا عديدة للريح والطقس والشمس والقمر, ومن أهم هذه الأرواح روح ربة البحر التي كانت تعيش في قاع المحيط وتتحكم في الفقمات، والحيتان والحيوانات البحرية الأخرى، وكانوا يعتقدون أنهم إذا لم يُرضوا ربة البحر هذه فسوف تبعد الحيوانات عنهم، ولإرضائها كانوا يتبعون قواعد معينة في التعامل مع حيوانات البحر، فعلى سبيل المثال، كان الإسكيمو في بعض أجزاء من ألاسكا يحتفظون بمثانات الفقمات التي يصطادونها ثم يقومون بإلقائها في البحر خلال احتفالات خاصة يؤيدونها كل سنة.
الاسكيمو اليوم
تغير الأسلوب التقليدي للحياة بالنسبة لمعظم الإسكيمو. فهم يعيشون الآن في بيوت مصنوعة من الخشب بدلاً من بيوت الثلج والأعشاب أو الخيام، ويلبسون الملابس الحديثة بدلاً من الثياب المصنوعة من جلود الحيوانات، واستبدلت بقوارب الكياك واليومياك الزوارق ذات المحركات، كما حلت المركبات الثلجية محل الزلاجات الخشبية التي تجرها الكلاب.
وبالإضافة إلى ذلك، حلت النصرانية محل المعتقدات التقليدية للإسكيمو، وأصبح يتنافسون اقتصاديًا مع العالم المعاصر بدلاً من التنافس مع عالم الطبيعة.
صفات مغولية
للاسكيمو صفات سلالية مغولية تكيفت مع الشروط المناخية الباردة، فالقامة قصيرة وتراوح ما بين 152 و155سم، والجسم ضخم وممتلئ، والجذع طويل وضخم، والأكتاف عريضة، والرجلان قصيرتان، والقدمان صغيرتان، والوجه واسع وعريض، أما الوجنات فمسطحة وبارزة، وشكل الرأس بين الطويل والمتوسط، والبشرة داكنة قليلة المسامات مبطنة بطبقة شحمية، والعيون منحرفة ذات شكل لوزي، وذات جفون غير متثنية ومبطنة بطبقة شحمية، وفتحة العين ضيقة، والشعر أسود سبط وخشن، ولا ينمو الشعر على الوجه إلا متأخراً, والأنف ضيق ومرتفع من الأمام، وتنتشر في دماء الاسكيمو الزمرة الدموية B أكثر من غيرها، وهذا ما يؤكد أصولهم الآسيوية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 113