مشروع إعادة تأهيل منطقة مقالع الصلبوخ باللياح
شهدت الكويت ومنطقة الخليج خلال العقود الأربعة الماضية نموا متسارعا في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية الأمر الذي نقل المنطقة بأسرها إلى مصاف الدول الأكثر نموا على مستوى العالم. ولما كانت أولويات البناء والتعمير تتقدم على الاهتمام بالآثار البيئية التي قد تنجم عن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. فلقد نجم العديد من التداعيات البيئية بمناطق استغلال المواد المحجرية وساهم الإنسان المعاصر ومن خلال أنشطته المتعددة تحت ظل غياب الوعي البيئي في استنزاف الموارد الصحراوية الطبيعية، والتي من أبرزها التربة والغطاء النباتي والحيوانات البرية مما أدى إلى الإخلال بالتوازن البيئي في البيئة الصحراوية. حيث أدى النشاط البشري والمتمثل بعملية استغلال الصلبوخ في دولة الكويت إلى العديد من الآثار السلبية، ابتداء من عمليات استكشاف ثم استخراج الصلبوخ وانتهاء بعمل الكسارات وحركة الشاحنات من وإلى مواقع الكسارات مؤدية إلى تدهور البيئة الطبيعية و الحياة الفطرية التي تمارس بها هذا النشاط والمناطق القريبة منها الذي أدى في نهاية إلى تحول هذه المناطق إلى مساحات متصحرة تمثلت ببقع جرداء تغطي مساحات شاسعة من الصحراء في دولة الكويت ، لذلك صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 973 بتاريخ 8/10/1995، بإيقاف أعمال الدراكيل الخاصة باستغلال الصلبوخ. ويعتبر هذا القرار البداية الفعلية لمعالجة هذه القضية البيئية الهامة حيث يقتضي الأمر إعداد خطة وبرامج تنفيذية لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة وإصلاح عناصرها البيئية ، مما ينعكس ايجابيا على مناطق استخراج الصلبوخ والرمال، ولتحقيق الأهداف المرجوة من الدراسة، فقد تم اختيار منطقة اللياح كنموذج للمناطق المتضررة من جراء استغلال الصلبوخ وذلك لإجراء الدراسات والقيام بالأبحاث والتجارب الخاصة بإعادة التأهيل. حيث تم تشكيل فريق عمل لإنجاز المشروع مكون من باحثين ومتخصصين وفنيين لديهم خبرات وطنية ودولية في مجالات التصحر والزراعة في المناطق الجافة والزراعة التجميلية والحياة الفطرية والاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية والجيومورفلوجيا الصحراوية والهيدرولوجيا والهندسة البيئية.
أما شعيب حوبان ،فيقع جنوب المحمية و يمتد لمساحة 3 كم في اتجاه شرق – غرب كما ينتشر على سطح المحمية بعض المنخفضات الصغيرة و التي يطلق عليها اسم " الخبرات" . وهي حفر مستديرة تتجمع فيها مياه الأمطار لفترات قصيرة وتغطى قاعها مواد طينية مختلطة بالرمال. يتميز السطح العام للمنطقة بطبيعة تضاريسية سهلة و منبسطة ، يكسوها غطاء دقيق من أنواع مختلفة من الرواسب الحديثة الغير متماسكة . ومن أبرز تلك الرواسب الحصوية التي تغطي معظم مناطق المحمية، وتعتبر السبب المباشر لبدء أنشطة استخراج الصلبوخ في أوائل الستينات من القرن الماضي . وتتواجد الرواسب الصلبوخية على هيئة فرشات من خليط غير متجانس من الصلبوخ و الرمل الطيني بنسب متفاوتة . كما تتواجد في بعض مناطق المحمية بعض الرواسب الريحية مثل رواسب فرشات الرمال و رواسب حشو الودية وهي رمال تملأ بطون الأودية.
الأضرار البيئية لأنشطة استخراج الصلبوخ
تعتبر مناطق استخراج الصلبوخ من البيئة الصحراوية في دولة الكويت واحدة من أكثر المناطق تضررا، وذلك بسبب تدهور خصائص التربة مع الاختفاء التام للغطاء النباتي والذي كان منتشرا وبكثافة عالية في هذه المناطق خلال فترة الستينات من القرن الماضي وحتى منتصف الثمانينات ، وما صاحب ذلك من انقراض تدريجي للحياة الفطرية التي كانت تعج بأنواع عديدة من الحيوانات و الطيور و الزواحف . كما كان لهذا التدهور البيئي دورا أساسيا في زيادة حدة التصحر التي اتسعت رقعتها في الكويت بشكل عام و في منطقة الدراسة بشكل خاص كما صاحب استغلال مقالع الصلبوخ مشاكل بيئية عديدة مثل زحف وتراكم الرمال على الطرق والمنشآت وتكون العديد من المسطحات الرملية النشطة التي تتحول إلى مصادر للغبار المتساقط عند هبوب الرياح.
كما شهدت المنطقة مؤخرا ظهور العديد من الكثبان الرملية الصغيرة الحجم في مناطق مختلفة . ولقد كان لهذه المقالع الأثر البالغ في استنزاف وتدهور البيئة الصحراوية في دولة الكويت على مدى العقود الأربعة الماضية. ونظرا للمساحات الشاسعة المتأثرة بهذه الأنشطة و التي تقدر بحوالي 3% من المساحة الكلية لدولة الكويت ، فقد قامت العديد من الجهات الرسمية و الأكاديمية و الأهلية بالكثير من الدراسات والأبحاث التي تهتم بتقدير وتصنيف الأضرار البيئية التي لحقت بالبيئة الصحراوية بسبب هذه الأنشطة.
ولقد تم تصنيف تدهور الأراضي الناجم عن هذه الأنشطة إلى أربعة أوجه:
أ. مقالع الصلبوخ:
وهي عبارة عن حفر عميقة تقوم الشركة المستخرجة للصلبوخ بحفرها واستخراج التربة المخلوطة بالصلبوخ منها. يتم وضع الآلة التي تقوم بفرز الصلبوخ ذو القيمة التجارية من الرمالو وتعرف باسم " الغربال " ، داخل هذه الحفرة حيث يتم تتبع مكامن الصلبوخ وذلك بشق طريق بعمق 5 إلى 15 متر وبعرض يصل إلى 50 متر . أما طول هذه الحفر فيعتمد على مخزون الصلبوخ في الموقع وطول المكمن تحت الأرض حيث يصل طول هذه الحفر إلى ما يقارب الكيلومتر وتتسبب هذه العملية في تدمير كامل للغطاء النباتي في موقع الحفر وكذلك في المواقع المجاورة حيث تزاح و تجمع الرمال الناتجة عن عملية الغربلة.
ب. نقل الصلبوخ:
بعد الانتهاء من فرز وتنقية الصلبوخ الخام ، يتم تحميل الناتج من الصلبوخ بشاحنات نقل تصل حمولة الواحدة منها ما يقارب 20 متر مكعب من الصلبوخ، حيث تقوم هذه الشاحنات بشق الطريق بشكل عشوائي خلال الصحراء حتى تصل إلى موقع الكسارات في منطقة اللياح حيث يتجمع أكثر من 20 شركة صلبوخ تستقبل إنتاج جميع المقالع المنتشرة في الصحراء . وقد نتج عن هذه الحركة الدائمة للشاحنات والآليات الثقيلة ذهابا وإيابا آلاف الكيلومترات من الطرق العشوائية. ومن أهم الأضرار البيئية التي لحقت بالبيئة الصحراوية جراء هذه الطرق :
- انضغاط سطح التربة و بالتالي موت الأشجار والنباتات الصحراوية على طول هذه الطرق مع تعذر ظهور نباتات أخرى نتيجة اختلال تركيبة التربة السطحية.
- اختلال المجاري الطبيعية لمياه الأمطار حيث أصبحت تتجمع وسط الطرق لعدة أيام حتى تتبخر قبل أن تترسب لمكامنها الطبيعية تحت سطح التربة.
ج. كسارات الصلبوخ:
تستقبل كسارات الصلبوخ الخام وتقوم بتكسيره إلى أحجام مختلفة حسب حاجة السوق . وينتج عن عملية التكسير و الفرز كميات كبيرة من الغبار و الأتربة عديمة الجدوى الاقتصادية أما الغبار فيتطاير وينتقل بفعل الرياح إلى مناطق بعيدة قد تصل إلى المناطق السكنية نتيجة وجود هذه الكسارات في الجزء الشمالي والشمالي الغربي من البلاد ، حيث تهب أغلب الرياح السائدة في المنطقة . وأما الأتربة فيتم إزاحتها باستخدام الجرافات إلى المناطق المحيطة بموقع الكسارة الأمرالذي نتج عنه وجود العديد من التلال التي يصل ارتفاعها إلى 20 متر.
د. الأنقاض و المخلفات :
ينتشر في المنطقة و نتيجة لهذه الأنشطة العديد من المخالفات والأنقاض التي أضافت تأثيرا سلبيا آخر بالبيئة و الحياة الفطرية في المنطقة ،ومن هذه المخالفات :
- الزيوت وزيوت التشحيم الخاصة بالشحنات والمعدات الثقيلة ومولدات الكهرباء وغيرها و التي عادة ما تلقي على سطح التربة.
- انتشار الإطارات المستهلكة من قبل أصحاب الشاحنات بشكل عشوائي على الطرق التي تسلكها هذه الشاحنات.
- قدوم الشاحنات التي تأتي من المدينة لجلب الصلبوخ من الكسارات وهي محملة بالمخلفات الإنشائية المختلفة ،وذلك لإلقائها بالمناطق الصحراوية المفتوحة قرب الكسارات الأمر الذي نتج عنه انتشار العديد من أكوام هذه المخلفات لتغطي مساحات شاسعة من الصحراء.
مبدأ إعادة التأهيل ( الطبيعية أو الصناعي )
تنقسم خطة إعادة التأهيل إلى نوعين أساسيين هما التأهيل الطبيعي و التأهيل الصناعي.
* التأهيل الطبيعية: ويعتمد على توفير الظروف البيئية المناسبة للصحراء ،وإعطاءها الفرصة لإعادة بنيتها ذاتيا بدون أي تدخل للإنسان في ذلك عدا ترك المنطقة المراد تأهيلها بعيدة عن أية أنشطة من شأنها الإخلال بالظروف المراد توافرها لنمو النباتات وتكاثرها ومن ثم ازدهارها.
* التأهيل الصناعي: يتبع هذا الأسلوب فقط في المناطق الأكثر تضررا، و التي عادة ما يصعب عودة النباتات للنمو فيها، حتى وإن تم حمايتها لفترات زمنية طويلة، وفي هذه الحالة يتم جمع بذور النباتات الصحراوية من مناطق أخرى تتواجد بها النباتات بكميات كبيرة. تنقل هذه البذور للمختبرات ويتم تجفيفها لتكون جاهزة للزراعة.
تستزرع هذه البذور بطريقتين هما:
أ. إنبات البذور في البيوت المحمية المعدة لذلك حتى تصل شتلاتها إلى عمر محدد يتم بعدها زراعة الشتلات في الموقع المراد تأهيله ومن ثم رعايتها ومراقبتها حتى تتكيف مع الظروف المناخية وتبدأ بالنمو بدون الحاجة إلى رعاية.
ب. نقل البذور إلى الموقع المراد تأهيله ووضعها تحت طبقة رقيقة من التربة وذلك خلال الوقت المناسب من السنة.
ردم وتسوية مواقع استخراج الصلبوخ
تعتبر عملية ردم وتسوية الحفر والتلال الناتجة عن عمليات استخراج الصلبوخ من باطن الأرض مرحلة أساسية لإعادة التأهيل . في بداية العمل ، تم تحديد مواقع ومساحات المقالع وتوزيعها على خريطة الكويت باستخدام صور فضائية عالية الدقة . وكذلك تحديد أماكن المخلفات الإنشائية والإطارات المستهلكة. أعقب ذلك تقدير حجم الإمكانات المادية والبشرية و الوقت المتوقع لإنجاز العمل . وتم تشكيل لجنة برئاسة مجلس الوزراء ممثلة بلجنة متابعة القرارات الأمنية وعضوية كل من :
- معهد الكويت للأبحاث العلمية.
- شركة نفط الكويت.
- بلدية الكويت.
- وزارة الدفاع.
- الهيئة العامة للبيئة.
- الهيئة العامة للصناعة.
- الهيئة العامة للزراعة و الثروة السمكية.
- وزارة التجارة.
- وزارة الداخلية.
- وزارة المالية.
وتم تحديد المناطق المتضررة وقياس مساحتها حيث تبين أن المجموع الكلي لمقالع الصلبوخ ومحاجر الرمال ومناطق ردم النفايات يعادل مساحة المناطق الحضرية في الكويت، و التي تبلغ حوالي 3% من المساحة الكلية لدولة الكويت.
بدأ العمل في ردم وتسوية المقالع في موقع جال اللياح بتاريخ 1 أكتوبر 2002، وذلك باستخدام أكثر من 40 بلدوزر وآلية تعمل لمدة 8 ساعات تعمل في اليوم يعمل البلدوزر الواحد على إزاحة ما يقرب من 300 متر مكعب في اليوم في عمليات الردم و السوية. وتم طوال فترة العمل التي تجاوزت الثلاث سنوات تخللها بعض فترات التوقف القصري تحريك ما يقرب من ستة ملايين متر مكعب من التربة لتسوية مساحات شاسعة من المقالع تتجاوز ال 90 كيلو متر مربع.
التأهيل عن طريق الحماية
تعتبر حماية المنطقة المراد تأهيلها من أية أنشطة بشرية كالرعي و التخييم والصيد ، أول وأهم خطوة يتم اتخاذها لعلاج المشاكل البيئية المتعلقة بإعادة تأهيل وإصلاح وتنمية الصحراء.
لهذا تم اختيار منطقة اللياح بطول 20 كم وعرض 10 كم لتكون نموذجا من الأراضي المتضررة تمثل جميع أنواع التدهور البيئي الذي لحق بها من جراء هذه الأنشطة المتمثلة في الحفر واستخراج الصلبوخ، وشق الطرق لنقل الصلبوخ ،وتجميع و تكسير الصلبوخ، بالإضافة إلى مناطق إلقاء المخلفات الإنشائية. لذلك بدأ العمل في حماية هذه المنطقة وتسييجها على طول محيط هذه المنطقة و الذي يصل إلى 60 كم . وقبل أن يترك فريق الردم والتسوية هذه المنطقة للانتقال إلى مناطق أخرى قام بإنجاز ثلاثة أعمال رئيسية هي :
1. تسوية جميع الحفر المتبقاة عن المقالع التي تقع داخل هذه المنطقة ( موقع رقم 1).
2. تسوية تلال الرمال و الحصى (الرمبات ) الناتجة عن عمليات التكسير وذلك بفرشها على سطح الأرض مشكلة تلال انسيابية سهلة التضاريس ( موقع رقم 2).
3. تجميع و إزالة أطنان من المخلفات والإطارات المنتشرة في منطقة الدراسة.
ولقد مضى على إنجاز هذه المرحلة ما يقارب من 20 شهرا وتمت مراقبة عملية التأهيل الذاتي لمساحات كبيرة من المنطقة المحمية، حيث تم رصد وإحصاء 13 نوعا مختلفا من النباتات الموسمية والحولية، وذلك مع بداية إستكمال السياج. وفي الوقت الحاضر وبعد مضي أقل من عامين وصل عدد أنواع النباتات التي تم رصدها إلى 61 نوعا مختلفا ثم توثيقها في سجلات فريق العمل.
التأهيل عن طريق استزراع النباتات الصحراوية
يعتبر التأهيل عن طريق الحماية من أكفأ الأساليب المتبعة لإعطاء المنطقة الفرصة لإعادة تأهيل نفسها ذاتيا . إلا أن هذا الأمر يصعب في بعض المواقع التي تعرضت لتدمير مباشر إما بالحفر أو بالردم. لذلك يقوم الإنسان بالتدخل لمساعدة هذه المناطق في عودة بعض النباتات الحولية، إليها خصوصا تلك التي سبق وأن كانت متواجدة بإعداد كبيرة في المنطقة قبل أن تختفي كليا من جراء التدهور البيئي الذي طرأ عليها.
لهذا قام فريق الزراعة الصحراوية باستجلاب العديد من بذور النباتات الصحراوية من مناطق تزدهر فيها أعداد مناسبة من نباتات مثل الرمث والعرفج والنصي والثمام ، بالإضافة إلى النباتات الموسمية والتي تزدهر في فصل الربيع مثل الرقروق والصمعاء والقلمان والعنصيل وغيرها. وقد اتبع فريق العمل أسلوبين مختلفين في عملية استزراع المناطق الأكثر تضررا وهما:
* عمل خلطة من البذور المجمعة من المناطق الأخرى ومزجها بتربة معدة خصيصا لذلك ، ومن ثم نشرها في مواقع مختارة من المنطقة وذلك بعد أول هطول مطري على المنطقة . ولقد تم ذلك فعلا بعد نزول الأمطار بتاريخ 17 /11/2006 حيث تم حرث الأرض ووضع التربة المخلوطة بالبذور وذلك باستخدام معدات وآليات مخصصة لهذا العمل.
* استزراع شتلات لنباتات مختارة مثل العرفج والعوسج والإرطي وذلك داخل حاضنات وبيوت محمية معدة لذلك في موقع عمل الدراسة ،وكذلك وفي معامل المعهد في محطة الأبحاث بالصليبية. ويتم رعاية هذه النباتات ومراقبة تطور نموها على فترات مختلفة من السنة حتى تصل إلى مرحلة معينة من النمو فيتم وضعها في أماكن مختارة من المنطقة مع مراعاة التوقيت المناسب والمكان المناسب لتجربة شتل كل نوع من النباتات المراد تجربتها. في هذا المرحلة من العمل تم زرع العديد من النباتات وتجربة مدى نجاح استزراعها منها:
أ. خمسون شتلة عرفج تم نقلها من مختبرات محطة أبحاث المعهد بكبد إلى موقع الدراسة.
ب. تعقيل 4000 شتلة عوسج داخل البيوت المحمية ظهر منها ما يقرب من 3000 شتلة وصل ارتفاعها إلى 30 سنتيمتر خلال 12 شهر. وتم اختيار عدة مواقع داخل منطقة الدراسة حيث زرعت 200 شتلة في موسم 2005/2006 لتقييم مدى تكيفها مع ظروف البيئة وذلك قبل البدء بنقل وزراعة إعداد كبيرة من هذه النبتة في الموسم القادم.
ج. تجربة تعقيل عدد من النباتات الصحراوية المنتشرة في مواقع مختلفة في البيئة الصحراوية الكويتية حيث تم تعقيل 300 شتلة سدر بري ، 600 شتلة نبات الأرطي و400 شتلة شجرة الطلح.
الحديقة الصحراوية
بما أن موقع أنشطة شركات الصلبوخ يعتبر من أكثر المناطق المتضررة بيئيا وعليه يصعب أن تعود النباتات الصحراوية للنمو فيه، فقد تم اختيار هذا الموقع لتحويله إلى حديقة صحراوية أو واحة (جزيرة خضراء) وسط الصحراء تحتوي على كثافة عالية من الأشجار والنباتات المقاومة للجفاف والحرارة حيث تشكل هذه المنطقة ما يقرب من 46% من المساحة الكلية للمنطقة المسيجة وهي على شكل دائرة يعادل محيطها حوالي 6 كيلومتر ومساحتها 12 كيلومتر مربع.
وقد تم الانتهاء من إعداد البنية التحتية لهذه المنطقة وذلك بحفر بئر ماء تم اختبار ملوحته، وذلك لاستخدامه كمصدر قريب لري هذه المنطقة .كما تم الانتهاء من وضع خزانات لهذه المياه موزعة داخل الحديقة وتمديد شبكة ري بالتنقيط لأجزاء كبيرة منها . بالإضافة إلى ذلك ، تم غرز أكثر من 10.000 شجرة حول وداخل الحديقة تتكون من أثل وسدر وصفصاف وسلم وذلك خلال موسم 2004/2005 على أن يتم إضافة المزيد من هذه الأشجار في الفترة القادمة.
التأهيل لعودة الطيور والحياة البرية
يقوم مبدأ تأهيل لعودة الطيور والأحياء البرية إليها على توفر عناصر عديدة من أهمها:
أ. انتشار أعداد كافية من الأشجار والأحياء الدقيقة مثل الحشرات التي تعتبر الغداء لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة وكذلك الطيور المستوطنة بالإضافة إلى اعتماد العديد من الحيوانات البرية في غدائها على النباتات و الحيوانات الصغيرة كالزواحف والقوارض.
ب. توفر مصدر دائم لمياه الشرب.
ج. وجود أنواع من الأشجار القوية لبناء الأعشاش اللازمة لتكاثر الطيور وكذلك توفر التضاريس المناسبة، وبعض الأماكن الوعرة لتوفر البيئة المناسبة للحيوانات البرية سواء آكلة الأعشاب أو آكلة اللحوم وذلك لعمل جحورها وأماكن تكاثرها فيها.
د. توفر البيئة الآمنة و البعيدة عن الضوضاء أو مخاطر الصيد، حيث أن الطيور خاصة قد تترك الأماكن غير الآمنة وتهاجر إلى مناطق أكثر أمنا بمجرد شعورها بالخطر حتى وأن توافرت جميع الظروف السابق ذكرها.
تم اختيار منطقة الحديقة الصحراوية لتكون منطقة لاستقطاب الأحياء البرية و الطيور ،حيث تتوفر جميع الظروف البيئية الملائمة لذلك ما عدا المياه. ولاستكمال تجهيز هذه المنطقة سيتم العمل على تزويد الحديقة الصحراوية ببحيرات صغيرة يتم ملؤها بين فترة وأخرى خصوصا في فصل الصيف، لتصبح مصدر مياه الشرب لهذه الحيوانات كتلك التي تم إنجازها في محطة أبحاث الزراعة التابع للمعهد في منطقة كبد. هذا وقد بدأت بالظهور في المنطقة ومن أشهر هذه الحيوانات الثعلب البري، الجربوع، أما الزواحف فقد تم رصد العديد منها مثل الضب والورل ومن الطيور العقاب والدرج.
تثبيت التربة
تعتبر عملية تثبيت التربة السطحية وحمايتها من الانجراف بفعل الرياح أمرا بالغ الأهمية في برنامج إعادة التأهيل. فمع اختفاء الغطاء النباتي انكشفت التربة السطحية، الغنية بالبذور للرياح السطحية وتطايرت أجزاء منها إلى أماكن بعيدة مسببة مشاكل تراكم الرمال على الطرق والمنشآت لذلك تم اختيار موقع لاجراء عدة تجارب لتثبيت التربة السطحية واصطياد جزء من التربة المنقولة مع الرياح خصوصا الرياح السائدة في المنطقة وهي الشمالية الغربية. استخدم في هذه التجربة أربعة أنواع من المثبتات وهي:
1. التخشين المعدني وذلك بوضع قطع من الصفائح المعدنية على شكل مربعات بارتفاع 20 سنتيمتر عن الأرض.
2. فرش طبقة من الحصى على سطح التربة.
3. قرش قطع من المخلفات النباتية على شكل سجاد يفرش على الأرض.
4. تغطية الأرض بسعف النخيل الجاف.
ولمراقبة حركة الرمال و الأتربة الدقيقة، تم وضع 15 مصيدة رمال لقياس معدلات تجمع حبيبات التربة المتحركة على سطح الأرض، وكذلك لقياس كمية الأتربة المتساقطة الناتجة عن العواصف الرملية القادمة عائدة من مناطق بعيدة باستخدام أجهزة قياس الغبار المتساقط.
إدارة مياه الأمطار الموسمية
تشكل الأودية الصحراوية ( المجاري الطبيعية للسيول ) جزءا هاما من عناصر منظومة البيئة الصحراوية ويترتب على حدوث أي خلل في مسارات هذه الأودية أو تغيرات في طبيعة التربة والمعالم الأرضية الدقيقة إلى عدم الاتزان الهيدرولوجي وارتباك الميزانية المائية بالمنطقة ( التسرب الرأسي / الجريان السيلي / البخر). حيث أن السيول عادة ما تنقل من المناطق المرتفعة (مناطق الهطول المطري) إلى المناطق المنخفضة (مناطق تجمع) مشكلة بحيرات موسمية (خبرات) تتسرب كميات من مياهها لباطن الأرض وتتبخر كميات أخرى بعد مضي عدة أيام. وقد أدى حفر المقالع وشق الطرق الخاصة بالناقلات إلى تحول مجاري السيول إلى مسارات أخرى . فاهتم فريق العمل بدراسة هذه الظاهرة والبحث في أنسب الطرق للاستفادة من هذه المياه والتي تحدث بمعدل مرة واحدة كل موسمين . ونتيجة لذلك تم العرف وتحديد موقعين لتجمع مياه السيول في المنطقة ، كما تم وضع 10 أجهزة لقياس معدل الأمطار المتساقطة في عدة أماكن مختارة.
نظرة مستقبلية
مما سبق يتضح بعد مرور ثلاثة أعوام على البدء بهذه الدراسة أن تحقيق الهدف المنشود ليس بالأمر المستحيل ، طالما كان هناك فهم دقيق وإدراك كامل بمكونات وعناصر المنظومة الصحراوية وأفضل السبل لاستغلالها استغلالا مستداما. وأن البيئة الصحراوية في الكويت تمتلك المقومات الضرورية لكي تقترب إلى ما كانت عليه في السابق ، حتى وإن تعرضت إلى العديد من أوجه التدمير . تعتبر هذه البيئة من البيئات شديدة التأثر سلبا وإيجابا بأي تغير يطرأ عليها ويكون هذا التأثير سريعا في كلتا الحالتين.
سوف تركز الدراسة في الفترة القادمة على متابعة ومراقبة ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية وتقييم مدى نجاح وبقاء وصمود النباتات الصحراوية سواء تلك التي نبتت ذاتيا أو تلك التي زرعت في المنطقة. كما سوف تشهد المنطقة نقل وزراعة العديد من النباتات التي يتم رعايتها في الوقت الحالي داخل البيوت المحمية على أن يتم اختيار الوقت المناسب لزراعتها في المنطقة، بالإضافة إلى العمل على تحاشي أي مشاكل أو أخطاء يتم معرفتها من خلال العينات المحدودة التي وضعت لهذا الموسم.
وعلى صعيد تجارب تثبيت التربة الرملية سوف يتم استخلاص الدروس من الناحية البيئية والاقتصادية بحيث يمكن استغلال نتائج هذه التجارب على مستوى أكبر.
المصدر: معهد الكويت للأبحاث العلمية - 2006