البلدان الغنية وتلك الفقيرة بالمياه
ترجمة عن Principles of Environment
غالبا ما يقاس عامل توفر المياه من حيث المياه المتجددة للفرد، من هنا فإن الكثافة السكانية وإجمالي مقدار المياه تتحكمان بالامدادات المتجددة للاستخدام البشري. وتسجل البلدان التي تتمتع بمناخ رطب وكثافة سكانية متدنية عموما أعلى نسبة إمداد بالمياه للفرد، فكل شخص في أيسلندة على سبيل المثال له 160 مليون غالون ماء سنويا، أما في الكويت حيث تسجل درجات الحرارة معدلات قياسية، فيحصل الشخص سنويا على 3 آلاف غالون من المياه المستخرجة من الموارد الطبيعية المتجددة، وتكاد المياه في الكويت تقتصر على المياه المستوردة أو على تحلية مياه البحر. هذا ولا تلبي الإمدادات المتجددة الحاجات الأساسية في بلدان كـ «ليبيا»، حيث تشكل المياه أحد أهم الموارد البيئية الدقيقة، وتقوم تلك البلدان باستخراج المياه الجوفية من خلال الآبار فتستنزف موارد قد تستلزم فترة زمنية تتعدى حياة الإنسان لتتجدد.
هطول الأمطار
هذا ويعد التنوع السنوي في هطول الأمطار مسألة على قدر من الأهمية لتوفر المياه، ففي بعض المناطق كالساحل الأفريقي على سبيل المثال، يهطل المطر بغزارة في سنين دون أخرى. وعادة ما تتخطى الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية هذه التغيرات، إلا أن المجتمعات البشرية والإيكولوجية التي تتأثر بشكل كبير بالرعي والزراعة والتطور المدني، يتعثر استقراراها بسبب هطول الأمطار المتقلبة. وعادة ما استندت الحضرات القديمة كالسومارية والبابلية إلى الجهود المشتركة لتحويل السيول خلال المواسم أو السنين الممطرة وتخزينها لاستخدامها في سنوات الشح. هذا ويزداد قلق علماء المناخ إذ يتوقعون أن يتسبب مفعول الدفيئة بالمزيد من الجفاف الخطير في المناطق الجافة من العالم.
كميات المياه المستخدمة
سجلت استخدامات المياه ارتفاعا بسرعة مضاعفة لسرعة النمو السكاني في القرن الماضي، ومن المتوقع أن يستمر سحب المياه بالنمو إذ انه لا بد من ري المزيد من الأراضي المخصصة للزراعة لتأمين الغذاء للمزيد من السكان. ولا تنفك النزاعات تتضاعف لأن مختلف البلدان والقطاعات الاقتصادية والمساهمين يتنافسون على نفس إمدادات المياه المحدودة. ولعل حروب المياه ستشكل المصدر الأساسي للمزيد من العداءات في القرن الواحد والعشرين.
ومن الجدير بالذكر أن الزراعة تحصد حوالي 70 % من إجمالي المياه المستخرجة عالميا، فتتراوح ما بين 93 % من إجمالي المياه المستخدمة في الهند و4 % فحسب في الكويت التي ليس بمقدورها أن تصرف ما لديها من مياه محدودة على المحاصيل الزراعية. وتنتشر في العديد من الدول النامية وفي أجزاء من الولايات المتحدة الأميركية أساليب الري التقليدية القائمة على إغراق المحصول بالمياه أو على مدها في قنوات. وهكذا تذهب نصف كمية المياه هدرا إما عبر التبخر أو عبر التسرب من قنوات الري غير المنظمة التي توصل المياه إلى الأراضي الزراعية. وتعد مرشات المياه الأسلوب الأكثر فعالية إلا أنها مكلفة وتستلزم الطاقة المكثفة، ومن شأن أسلوب الري بحسب فعالية تقطير المياه أن يوفر كميات كبيرة من المياه ولكن هذا النوع من الري ليس مستخدما إلا على 1 % من الأراضي الزراعية في العالم.
ربع المياه للصناعة
ومن جهة أخرى، تستخدم الصناعة ربع المياه المستخرجة عالميا، فالبلدان الأوروبية وحدها تستخدم 70 % من المياه في الصناعة في حين لا تتعدى نسبة استخدام البلدان ذات الصناعات المتدنية للمياه الـ 5 %. وعموما تشكل مياه التبريد لمصانع الطاقة إحدى أوسع الاستخدامات الصناعية للمياه فتستلزم بالتحديد ما بين 50 إلى 60 % من المياه المخصصة للصناعة. وتوجد لائحة بأول عشرة بلدان من حيث الغنى والفقر بالمياه المتوفرة للفرد، فالبلدان الغنية بالمياه هم أيسلندة، سورينام، غويانا، بابوا، غينيا الجديدة، الغابون، جزر سولومون، كندا، النرويج، باناما والبرازيل، أم الدول الفقيرة بالمياه هم الكويت، مصر، الإمارات العربية المتحدة، مالطا، الأردن، المملكة العربية السعودية، سينغافورا، وعمان.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 107