بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

عصر الزلازل

هل نحن مقبلون على عصر الزلازل 

د. فريال بوربيع : التاريخ الحديث شهد عددا من الزلازل متوسطة القوة في الكويت 

  عبير سويد - محمد داود الأحمد

رغم رتابة الحياة علي سطح كوكبنا واختبار الإنسان للعيش علي سطحه باعتباره أكثر الكواكب موائمة إلا أن هناك شيئا ما يدور بباطن هذا الكواكب ذاك الكم الهائل من الطاقة والتي تتحول لطاقة حركية تعتبر عن غضب الأرض لثوان أو دقائق معدودات تكبد البشرية خسائر لا تعد ولا تحصي. عن الزلازل يتمحور ملف عددنا والذي استضفنا خلاله د. فريال بوربيع. ود.ضاري العجمي.

في البداية تحدثت د. فريال عن مفهوم الزلازل فذكرت أن الزلازل هو تحرير لكم هائل من الطاقة الكامنة وتحولها لطاقة حركية في صورة موجات زلزالية منتشرة في صخور الأرض ويحدث هذا التحرير المفاجئ للطاقة عند انكسار "تصدع" صخور المكون لسطح الأرض نتيجة تعرضها للضغوط المستمرة حتى تصل بها إلي حد الانفعال والتشوه بالكسر وتنطلق الطاقة المختزنة في صورة موجات زلزالية.

تقارب وتباعد

د. العجمي لم يحن بع التنبؤ لما يحدث للنشاط الزلزالي في الكويت

أوضحت د. فريال بوربيع كيفية حدوث الزلازل فذكرت : إن سطح الأرض التي نعيش عليها في حالة حركة دائمة وتغيب عنا هذه الحقيقة العلمية الثابتة نتيجة حركتها البطيئة جدا والتي لا يشعر بها الإنسان ويتكون سطح الأرض من عدة ألواح أو صفائح صلبة يصل سمكها إلي مائة كيلو متر في القارات بينما يقل سمكها إلي 50 كيلو متر في المحيطات وتشكل هذه الصفائح مع بعضها البعض ما يسمي بالغلاف الصخري (Lithosphere) للكرة الأرضية وتتحرك هذه الألواح أو الصفائح فوق طبقة أقل صلابة (لدنة) يمتد عمقها إلي حوالي 700 كيلو متر من باطن الأرض تسمي هذه الطبقة بغلاف الانسياب (Asthenosphere) وتحدث الزلازل علي الحدود الفاصلة بين الصفائح المتحركة للغلاف الصلب بتكرارية كبيرة وذلك يتجه للتحركات المختلفة لهذه الصفائح بالنسبة لبعضها البعض وتحدث التحركات النسبية بين هذه الصفائح المتحركة في صور مختلفة فهناك تحركات تقاربيه حيث تتقارب هذه الصفائح نحو بعضها البعض وينتج عن هذا التقارب إما حدوث التصادم (في حالة حدوث التقارب بين صفيحتين قاريتين) أو حدث الاندساس (في حالة حدوث التقارب بين صفيحتين إحداهما قاربه والأخرى محيطية أقل سمكا) حيث تندس الصفيحة المحيطة تحت الصفيحة القارية وتحدث الزلازل الضحلة والمتوسطة والعميقة وقد فسرت نظرية الصفائح التكنولوجية المتحركة هذه التحركات التي تحدث لسطح الأرض.

وهناك أيضا التحركات التباعدية بين الصفائح فيحدث ما يسمي بالانفتاح عند هذا النوع من الحدود بين الصفائح وتنشأ أيضا الزلازل نتيجة لهذه التحركات التباعدية وهناك نوع ثالث من التحركات التكتونية بين الصفائح المتحركة وتحدث فيه تحركات جانبية بين الصفائح وتحدث الزلازل علي طول الحدود بين هذه الصفائح ويتركز حدوث الزلازل عند هذه الحدود وتشكل ما يسمي بأحزمة الزلازل والجدير بالذكر أن 90% من عدد الزلازل التي تحدث علي الأرض تقع في مناطق التحركات التقاربية بين الصفائح التكتونية المتحركة مثل تلك التي تحدث علي الشواطئ الشرقية والغربية والشمالية للمحيط الهادي وهي تمثل ما يسمي بحلقة النار.

ولا يقتصر حدوث الزلازل علي الحدود الفاصلة بين الصفائح المتحركة أنها تحدث أيضا لكن بتكرارية أقل في المناطق الداخلية للصفائح.

الموجات الزلزالية

وعن أنواع الموجات الزلزالية قالت : تنقسم الموجات الزلزالية إلي نوعين أساسيين هما :

1- الموجات الباطنية (Body Waves) : تتولد عند بؤرة الزلزال وقت حدوثه وتتميز هذه الموجات بقدرتها علي الانتشار ف باطن الأرض بسرعات تختلف باختلاف خواص الوسط الذي تمر فيه وتنقسم الموجات الباطنية إلي نوعين مختلفين:

أ) الموجات الطولية أو الأولية (Longitudinal or primary waves) : وتنتشر في الصخور في هيئة تضاغطات وتخلخلات متتابعة مثلها مثل موجات الصوت في الهواء وتهتز فيها جزئيات الوسط (الصخور) في نفس اتجاه انتشار الموجه وهي أسرع أنواع الموجات الزلزالية ولها القدرة علي السواء وتحمل من الطاقة قدرا اقل من غيرها من الموجات المولدة من نفس الزلزال.

ب) الموجات المستعرضة أو الثانوية أو موجات القص (Tranversal or secondry of shear waves) : ويتم انتشار عن طريق إحداث التشوه الشكلي في الوسط الذي تمر فيه وهو ما يسمي بالقص (shearing) وبانتشارها تتذبذب جزئيات الوسط في اتجاه عمودي علي اتجاه انتشار الموجه ولهذا سميت بالمستعرضة وسرعنها أقل من الموجات الطولية في نفس الوسط وحيث أن انتشارها يعتمد علي التشوه الشكلي في الأوساط التي تمر بها فإنها تنتشر في المواد الصلبة فقط ولا تنتشر في السوائل.

وتحمل من الطاقة قدرا أكبر من الموجات الطولية المولدة من نفس الزلزال وتكون  طاقتها أكبر من طاقة الموجات الطولية المولدة من نفس الزلزال.

2- الموجات السطحية (Surface waves)ينتشر هذا النوع من الموجات علي الطبقات السطحية للأرض ولهذا سميت بالموجات السطحية ولا تتولد عند بؤرة الزلزال إنما تتولد لاحقا نتيجة الاصطدام والانعكاس المتعدد للموجات الباطنية بنوعيها بسطح الأرض وتحمل من الطاقة التذبذبية قدرا أكبر من نوعي الموجات الباطنية كما أن ترددها اقل من تردد الموجات الباطنية وعليه فأنها تسبب أكبر قدر من الدمار الذي تحدثه الزلزال تليها الموجات المستعرضة ثم الموجات الطولية وتتأثر طاقتها أو سعة موجاتها بعمق بؤرة الزلزال فكلما زاد عمق بؤرة الزلزال الضحلة تكون أكثر دمارا بالمقارنة بمثيلاتها من حيث القوة ولكنها أكثر عمقا وتنقسم الموجات السطحية إلي نوعين مختلفين من حيث طبيعة المركز.

أ‌) موجات لاف (Love waves) : وقد سميت باسم مكتشفها البريطاني عام 1911 وبانتشارها تتذبذب جزئيات سطح الأرض أفقيا وبشكل عمودي علي اتجاه انتشارها أي أنها من حيث طريقة الانتشار تماثل الموجات المستعرضة المستقطبة في المستوي الأفقي وعليه فغن سرعتها تساوي سرعة الموجات المستعرضة في الطبقات السطحية للأرض وهي لا تنتشر في الأوساط المائعة مثل السوائل تماما كالموجات المستعرضة.  

ب‌) موجات ريلي (Rayleigh waves) : وهي أيضا سميت باسم مكتشفها البريطاني عام 1885 وينتشر هذا النوع من الموجات بتذبذب جزئيات الوسط بشكل اهليليجي متراجع(Retrogressive elliptic)  وذلك في مستوي رأسي مواز لاتجاه انتشار الموجة وتنتشر موجات ريلي بسرعة تقل قليلاً عن سعة موجات لاف حيث إن سرعتها تساوي تقريبا 0,92 من سرعة موجات لاف وعليه فأنها تتبعها من حيث زمن الوصول إلي المواقع المختلفة.

وتصنف الزلازل تبعا لأعماق بؤرها إلي ثلاثة أنواع هي :

1.  الزلازل الضحلة: وهي الزلازل التي تكون أعماق بؤرها اقل من 70 كيلو مترا وهي الأكثر انتشار أو تتسبب في أحداث قدر كبير من الدمار.

2.  الزلازل متوسطة العمق: وهي الزلازل التي تتراوح أعماق بؤرها من 70 إلي 300 كيلو متر.

3.  الزلازل العميقة: وهي الزلازل التي يتراوح أعماق بؤرها من 300 إلي 700 كيلو متر والجدير بالملاحظة أنه لا تحدث هزات أرضية يزيد عمقها عن 700 كيلو متر حيث أن صخور الأرض عند هذه الأعماق تكون من  المرونة بحيث تستجيب للضغوط والاجتهادات بالانثناء ولا تحدث فيها صدوع.

موقع شبه الجزيرة العربية في ظل نظرية الصفائح التكتونية المتحركة

أوضحت د. فريال بوربيع أن دولة تقع في الشمال الشرقي للجزيرة العربية التي تعتبر جيولوجيا إحدى الصفائح التكتونية المتحركة وتحدها خمسة حدود تكتونية نشطة هي :

-  من الشمال إلي الشمال الشرقي حيث التصادم القاري بين الصفيحة العربية والصفيحتين الإيرانية والتركية وذلك علي طول جبال زجروس وطوروس.

-  من الشرق يحد الصفيحة العربية نطاق اندساسها تحت إقليم الماكران التكتوني (باكستان وإيران).

-  من الجنوب الشرقي يحدها نطاق فوالق أوين النشطة نسبياً.

-  من الجنوب إلي الجنوب الغربي يحده نطاق تمدد وانفتاح قاع البحر علي طول الأخدود المحوري لخليج عدن والبحر الأحمر.

-  زلزال ديسمبر 1997 الأقوى وسجلته الشبكة الوطنية لرصد الزلازل.

-  وفي الشمال الغربي يحد الصفيحة العربية نطاق الصدوع التحويلية يسارية التزيح للبحر الميت.

ومن الناحية التكتونية فإن منطقة التصادم القاري بين الصفيحة العربية والصفيحة الإيرانية هي أقرب المناطق النشطة زلزاليا إلي دولة الكويت وتعتبر سلسلة جبال زاجروس هي إحدى نتائج هذا التصادم القاري وتمتد هذه السلسلة من الجبال لمسافة 1500 كيلو متر متخذة اتجاه شمال غرب – جنوب شرق وذلك من جنوب غرب إيران حتى شمال شرق تركيا وتعتبر هذه المنطقة من أنشط المناطق زلزاليا في الوقت الحالي ويرجع النشاط التكتونى علي طول حزام طيات زاجروس إلي عصر الميوسين أي منذ حوالي 25 مليون سنة وهو مستمر حتى الآن وتشير الدراسات إلي أن الزلازل القرية في مناطق حزام زاجروس القريبة من دول الخليج يمكن أن يكون لها تأثيرات فيها.

ريختر ومقياس الزلازل

وعن كيفية قياس قوة الزلزال أوضحت د. فريال بوربيع المفاهيم والأسس العلمية التي يؤخذ بها في هذا المجال.

أ) مقياس رختر لقوي الزلازل: تقاس قوة الزلازل (Magnitude) منذ عام 1935 بالقياس المعروف باسم العام الأمريكي "رختر" وهو يعبر عن مقدار الطاقة المنبعثة عند بؤرة الزلازل طبقا لمقياس رختر بقياس السعة القصوى للموجات الزلزالية السطحية من تسجيلات الزلازل واستعمال علاقة عياريه وضعها رختر وذلك لاستنتاج قوي الزلازل ولا تتأثر قوة الزلزال الواحد باختلاف المسافة بين مركز الزلزال ومحطة التسجيل وبالرغم من أن رختر لم يضع في مفهومه حدودا قصوى لقوة الزلازل إلا أن صخور الأرض لا تستطيع أن تختزن من الإجهادات ما يولد زلزالا بقوة أكبر من 8.9 درجة ويعلق علي هذا رختر نفسه بقوله: "إن هذا الحد الأقصى لم أضعه في المقياس إنما هي حدود فرضتها طبيعة الأرض".

ونظرا للتفاوت الكبير بين السعات القصوى للزلازل المتوسطة والكبيرة فقد فكر رختر في أخذ لوغاريتم السعة القصوى للموجات المسجلة في محطات التسجيل المختلفة ليكون معبرا عن قوة الزلزال بعد أن يضع  في اعتباره بعد المسافة بين مركز الزلزال ومحطة التسجيل من هنا فإن سعة الموجات المسجلة من زلزال بقوة 7 درجات بمقياس رختر تكون عشرة أضعاف نظيرتها المسجلة من زلزال بقوة 6 درجات (في حالة تساوي المسافة بين مركز الزلزال ومحطة التسجيل).

وترتبط قوة الزلازل بمقياس رختر مع مقدار الطاقة المنبعثة عند بؤرة الزلزال بعلاقة لوغاريتمية أيضا ولهذا فإنه يخطئ من يتصور أن الفارق في الطاقة بين زلزالين أحدهما قوته 7 درجات والآخر قوته 6 درجات هو فارق هين فالحقيقة أن زلزالا بقوة 7 درجات يصدر عنه كمية من الطاقة تساوي تقريبا 32 مرة من كمية الطاقة المنبعثة من زلزال قوته 6 درجات.

وتعتبر مقياس رختر هو السائد في مقياس قوي الزلازل وخصوصا ذات القوي الأقل من 6,8 درجة حيث أوضح التطبيق العلمي لمفهوم رختر في مقياس قوي الزلازل أنه قاصر في التعبير عن قوي الزلازل هائلة القوة والتي يكون فيها طول الفالق (المسبب لحدوث الزلزال) هائلا مثل زلزال شيلي 1960 وعليه فإنه قد تم حديث وضع مقياس حديث لقياس قوي الزلازل وهو العزم الزلزالي.

ب) العزم الزلزالي (Earthquake Moment) : يعرف عزم قوة ما أو ازدواج ما بأنه قيمة القوة مضروبة في ذراعها ومن المعروف أنه كلما زاد ذراع القوة مع ثباتها زاد عزمها ومن هنا جاء التفكير في استعمال العزم الزلزالي لتعبير عن قوي الزلازل ويحسب العزم الزلزالي باستعمال أبعاد منطقة التصدع وقيمة الإزاحة التي سببها الزلزال طبقا للعلاقة التالية Mo=USD حيث Mo هي قيمة العزم الزلزالي مقدرة بالأرج (داين سم)، S هي مساحة المنطقة المتصدعة، d هي متوسط الإزاحة التي حديث علي جانبي الصدع، U هي صلابة صخور منطقة التصدع أو درجة مقاومتها للتشوه الشكلي.

ويمكن حساب قيمة العزم الزلزالي أيضا باستعمال تسجيلات محطات الزلازل ذات التسجيل الرقمي وذلك من خلال التحليلات الطبقية للموجات علي مسافات مختلفة واتجاهات مختلفة.

وبالرغم من أن العزم الزلزالي قد ثبت أنه أدق في التعبير عن قوي الزلازل خصوصا هائلة القوة إلا أن مقياس رختر مازال هو الأكثر شيوعا في الاستخدام حتى بين دراسي عام الزلازل.

ج) الشدة الزلزالية (Earthquade Intensity) : قبل عام 1935 كانت تقاس قوة الزلازل طبقا لشدة ما تحدثه من تأثيرات مختلفة من مجرد الشعور بالاهتزاز إلي الدمار الكامل وقد وضع هذا المقياس العالم الإيطالي ميركالي عام 1902 وهو مقياس وصفي للدرجات المختلفة لشدة ما يحدثه الزلازل الواحد في الأماكن المختلفة حول المركز ويتدرج هذا المقياس من 1 إلي 12 درجة والحقيقة أن هذا المقياس لا يعبر عن قوة الزلزال بقدر ما يعبر عن الآثار التدميرية له وهو الأمر الذي يتأثر بعناصر أخري بالإضافة إلي قوة الزلزال هي عمق البؤرة المسافة ونوع الصخور بين بؤرة الزلزال والمكان الذي تقدر فيه الشدة ميكانيكية التصدع الذي ينتج عنه حدوث الزلزال وعموما فإن قياس الشدة الزلزالية في المناطق حول مراكز الزلازل يعد أمرا مهما في الدراسات الهندسية التي يتم بناء عليها تصميم المنشآت بحيث تكون مقاومة لأخطار الزلازل.

تاريخ الزلازل في دولة الكويت

لا تذكر الوثائق التاريخية ولا فهارس الزلازل الموثقة تاريخيا أي زلازل قوية تاريخية بدولة الكويت ربما يرجع ذلك إلي ندوة السكان في هذه المنطقة علي مدى التاريخ القديم إلا أن الوضع التكتوني وما أظهرته المقاطع الجيولوجية تدل علي قوة زلازل عبر التاريخ الجيولوجي الحديث كذلك فإن بعض المظاهر الجيونورفولوجية (مثل جال الزور وحيد الأحمد ووادي الباطن) مرتبطة بصدوع قديمة يمكن أن تتجدد عليها الحركة حديث لتولد الزلازل.

وقد شهد التاريخ الحديث عددا من الزلازل متوسطة القوة في دولة الكويت مثل زلزال شمال شرق يوبيان الذي وقع في الخامس من يوليو 1931 وبلغت قوته 4,8 وكذلك زلزال منطقة المناقيش (جنوب غرب الكويت) الذي وقع في 2 يونيو 1993 وبلغت قوته 4,7 درجة بمقياس رختر وقد أحس به المواطنون في مناطق مختلفة وخصوصا في مدينة الكويت حيث أصاب الفزع بعض الناس ومنذ إقامة الشبكة الوطنية الكويتية لرصد الزلازل فقد تم تسجيل عدد من الزلازل المتوسطة والصغيرة تركزت معظمها في منطقة المناقيش حيث وقع فيها زلزال بقوة 3,9  درجة يوم 18 سبتمبر 1997 وقد شعر به بعض السكان في مدينة الكويت ومناطق الجهراء والأحمدي وكبد والرديفة وفي مساء يوم 30 ديسمبر 1997 وقع زلزال بقوة 4,1 درجة بنفس المنطقة والذي يعتبر أقوي زلزال محلي تسجله الشبكة الوطنية الكويتية داخل الكويت حتى الآن كما تم تسجيل عدد من الزلازل صغيرة القوة في منطقة المناقيش وكذلك علي وادي الباطن  الذي يمتد عبر الحدود الغربية لدولة الكويت.

كما يشهد الجزء الشمالي من الخليج العربي عددا من الزلازل متوسطة القوة مثل ذلك الزلزال الذي وقع في 14 ديسمبر 1996 وبلغت قوته 4,5 درجة بمقياس رختر وقد شعر به السكان المناطق الساحلية لدولة الكويت.

وتشير الدلائل إلي استمرار النشاط الزلزالي في هذه المناطق بالإضافة إلي بعض المناطق الأخرى من دولة الكويت التي قد تكشف تسجيلات الشبكة الوطنية عن النشاط الزلزالي بها.

الشبكة الوطنية الكويتية لرصد الزلازل

يجب مراقبة النشاط الزلازلي في مناطق ضخ النفط : أشارت د. فريال بوربيع إلي طبيعة وعمل الشبكة الوطنية لرصد الزلازل حيث ذكرت أنه ونظرا لأهمية إنشاء شبكة وطنية لرصد الزلازل بالكويت فقد أصدر مجلس الوزراء توجيهاته بتكليف معهد الكويت للأبحاث العلمي بإنشاء الشبكة الوطنية لرصد الزلازل بحيث تحقق الأهداف التالية:  

-  تسجيل ومتابعة النشاط الزلازلي في دولة الكويت وشبه الجزيرة العربية ومنطقة حزام زاجروس.

-  اجراء الدراسات والبحوث في مجال تقييم المخاطر الزلزالية بدولة الكويت ودراسات التصنيف الإقليمي الزلازلي اللازمة في مجال تقليل مخاطر الزلازل.

-  التنسيق مع الجهات المختصة بدولة الكويت لتصميم الكود الزلزالي للمنشآت بحيث تكون مقاومة لأخطار الزلازل.

-  التنسيق مع مراصد الزلازل في دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك مع المراكز الدولية لأرصاد الزلازل في أميركا والمملكة المتحدة وتبادل البيانات مع هذه المراكز.

تم تصميم الشبكة بأحدث التقنيات العالمية في هذا المجال بحيث تبدأ العمل بثماني محطات حلقية للرصد توزيع في الأنحاء المختلفة لدولة الكويت سبع محطات منها قصيرة المدى أي ذات حساسية كبيرة لالتقاط الزلازل المحلية والإقليمية والمحطة الثانية ذات مدي فائق الاتساع اي ذات حساسية فائقة لالتقاط الزلازل المحلية والإقليمية والبعيدة يتم إرسال بيانات الهزات الأرضية من المحطات الحقلية بصفة مستمرة وبشكل مباشر إلي مركز التسجيل والتحليل الكائن في مقر المعهد بالشويخ وذلك عن طريق الاتصال اللاسلكي.

وتم اختيار مواقع المحطات الحلقية اعتمادا علي دراسات مختلفة بحيث يتحقق للشبكة التحديد الدقيق لكل عناصر الزلازل (زمن الحدوث، الموقع، العمق، القوة) التي تحدث في وحول الكويت ومن المخطط إضافة محطة تاسعة في شمال غرب الكويت في جزيرة بوبيان وبهذا التوزيع تكون الشبكة قادرة علي التقاط والتحديد الدقيق للزلازل المحلية بدولة الكويت حتى مستوي درجتين بمقياس رختر هذا وقد بدأ التشغيل الفعلي للشبكة في مارس 1997م.   

النشاط الزلزالي في دولة الكويت

وتحدث د. ضاري العجمي عن العوامل المؤثرة علي دولة علي الكويت من ناحية النشاط الزلزالي فذكر أن هذه العوامل تؤثر علي الكويت بدرجة تبدو محددة نظرا لعوامل التغير في الظروف المناخية حيث أن معظم الرواسب الحديث إن لم يكن كلها تتبدد في نفاذية عالية للهواء الجوي متى تستخدم أحجارها للبناء بجانب الرمال والصليبيخات (Chert) التي تغطي معظم أرض الكويت ولقد كان ولقد كان لازدياد معدلات الأمطار علي كل أجزاء الكويت خاصة الأجزاء العلوية البعيدة من العمران بالإضافة إلي بعض أجزائها القريبة من الخليج وسواحله وارتفاع منسوب المياه الجوفية من العوامل المؤثرة في زيادة النشاط الزلزالي الدقيق خاصة ما وقع في الثلاثين من ديسمبر 1997، واستمر هذا النشاط خلال يناير 1998، وحتى الآن وبلغت أقصي قوة له 3.5 بمقياس رختر وأغلب هذه الزلازل سطحية إلا أن بعضها عميق يصل إلي عمق البؤرة "مصدر الزلزال".     

ونعتقد بأنه بحلول الصيف وازدياد درجات الحرارة وارتفاعها خلال ساعات النهار ثم انخفاض درجة الرطوبة النسبية للجو والهواء قد يغير من ظروف التشبع بالمياه التي حلت خلال الشتاء وسيغير بكل تأكيد من ظروف الإجهاد ما بين حبيبات وأجزاء الصخور الطينية وبالتالي قد تحدث في الخريف القادم بعض الهزات الأرضية السطحية الدقيقة وكان معدل ازدياد الأمطار وانخفاض درجة حرارة الهواء من مسببات التغير الذي حدث في ظروف الإجهاد الموجودة في الطبقات السطحية والرسوبية.

وعلي ذلك فإنه يجب أن يتم عمل تقييم للمصانع ومحطات القوى الكهربية في الكويت وملاءمتها ودرجة تحملها لما يحدث من نشاط زلزالي وإعداد التخطيط في نشر التعمير وإقامة السكن ونوعياتها وتوزيعاتها طبقا للنشاط الزلزالي الجاري والذي يجب أن يقع في خطة متكاملة كما يجب نشر الوعي بين المواطنين لعمل الاستعدادات الأولية اللازمة في كل منزل من أدوية وماء وغذاء وخاصة للصغار والاستعاضة عن الغز الطبيعي وتوفير الوقود اللازم لإعداد الطعام وتوفير مياه الشرب ومصابيح الإضاءة المؤقتة ووقود السيارات لتسييرها.

تأثير الزلازل

وعن تأثير الزلزالية علي البيئة البرية والبحرية والجوية قال د. العجمي: بما أن الزلازل هي انفراج وتحرر للطاقة الكامنة والمتراكمة علي مر الزمن فأنها تسبب كسرا وتشققا في طبقات الأرض وقد تغير من معالم الأرض ذاتها إذا كانت قوية ومدمرة وقد تؤثر في قاع المحيط فتغير من تضاريس المحيط أو البحر وهناك أيضا الزلازل التي يصاحبها نشاط بركاني وقد تتسبب في تغيرات جوية نظرا لانبعاث الغازات المختلفة التي تصاحب حدوث البراكين.

تقليل الأضرار

وعن الحلول المطوحة للتقليل من تأثير الزلازل بشريا وماديا أوضح د. العجمي أن شدة الزلازل تقاس بدرجة تأثيرها علي الإنسان وعالمه وحياته والحلول المقترحة للتقليل من تأثير الزلازل بشريا هي دراسة خواص المكان الذي يعيش فيه الإنسان ويمارس فيه وظائفه والأخذ بعين الاعتبار عند وضع تخطيط المدن ومناطق التعمير الجديدة في أي قطر من الأقطار الأرض ويوضع كود لتأثير الزلازل علي المباني وعلي ذلك فإن عمليات رصد النشاط الزلزالي الدقيق والمنتظم ووقته وقوته وتاريخه تصل بنا إلي المعرفة الكاملة أو شبة الكاملة لخواص المعادن الاهتزازية وعاملات الصخور والتربة الديناميكية وتحديد درجة تقبل المنشآت لما يحدث من هزات أرضية أو زلازل مدمرة حيث يمكن وضعها في الاعتبار والأخذ بها في وضع التصاميم والتخطيط للمكان الذي يتم إنشاؤه ما بين بنايات سكنية ومصانع وغيرها كما يجري حاليا تركيب عوازل للاهتزازات في المناطق الأساسية للبنايات السكنية أو المصانع والمكاتب الإدارية وكل هذه حلول مطروحة تقلل بالتأكيد من تأثير الزلازل بشريا وماديا.

النشاط الزلزالي وضخ النفط

وعن العلاقة بين النشاط الزلزالي وضخ النفط أوضح د. العجمي أنه وحتى الآن لم تتم دراسة العلاقة بين النشاط الزلزالي في الكويت وعمليات ضخ النفط في الكويت ولكن ثبت بالرصد أن هناك علاقة بين عمليات حقن المياه في مناطق حقول النفط والنشاط الزلزالي فيه وعلي ذلك فإن أي زيادة في إنتاج النفط يجب أن تدرس بعناية ويجب أن يتم مراقبة النشاط الزلزالي في مناطق ضخ النفط بالكويت ونشر عدد محدود من محطات الرصد التي يمكن نقلها من مكان إلي آخر لرصد أي تغير في معدل النشاط الزلزالي خاصة الدقيق وما يتبعه من عمليات انهيار للتربة وما يطرأ من تغير في تكوينها واختلاف معدلات الترسيب في الأحواض الرسوبية الطينية.

التنبؤ بالمستقبل

وعن النشاطات الزلزالية الحالية بالكويت وحول إمكانية حدوث زلازل أقوي في المستقبل أشار د. العجمي أنه ربما قد تحدث زلازل قوية في المستقبل ولكن يصعب حاليا تحديد موعدها حيث أن تاريخ الزلازل الأرضية ف الكويت مازال غير كامل.

ولربما أدي انتشار العمران وإقامة المجمعات السكنية والمصانع والورش الجديدة إلي ظهور وتغير معدل النشاط الزلزالي في الكويت خاصة إذا ما تمت إقامة السدود وخزانات المياه ومن العوامل المؤثرة أيضا ازدياد السيول والتغيرات المناخية الكبيرة في جو الكويت وعلي ذلك فإنه لم يحن بعد التنبؤ لما قد يحدث بالنسبة للنشاط الزلزالي في دولة الكويت.

نصائح وإرشادات

وعن الإجراءات الواجب إتباعها عن الإحساس بالزلزال داخل المنزل أو في العمل قال د. العجمي: يجب أولا وقف مصادر الكهرباء وكذلك مصادر الغاز الطبيعي المستخدم كوقود أو مصدر للطاقة وحماية رأس الإنسان تحت المنضدة أو تحت المكتب وسماع تعليمات إدارة الدفاع المدني عبر مذياع صغير يعمل بالبطارية محاولة توفير مياه الشرب والوجبات السريعة كذلك إعداد مواد الإسعافات الأولية ووضعها في مكان ظاهر وأهم شيء هو بث الطمأنينة في نفوس الصغار وحمايتهم قدر الإمكان في أماكن آمنة ويجب عدم استخدام المصاعد  الكهربائية.

أما إذا كنت خارج البناية راكبا سيارة أو مترجلا فيجب الابتعاد عن المساكن والبنايات قدر المستطاع والتوقف علي جانب الطريق بعدا عن الأشجار وأعمدة الإنارة أو خطوط الكهرباء أو الهاتف.

المباني السكنية

وحول الاشتراطات العلمية والفنية في بناء المباني السكنية وهل هناك توجيهات حكومية أو لدي مركز رصد الزلازل يقوم بعمل الخرائط اللازمة لتوزيعات النشاط الزلازلي في الكويت ويجري الآن السعي لإعداد دراسات لعمل تصاميم خاصة بالمباني تأخذ في الاعتبار النشاط الزلزالي في الكويت وما حولها من أحزمة الزلازل القوية القريبة والبعيدة والتي يمكن أن تؤثر علي دولة الكويت.

ويجب الحصول علي بيانات التاريخ الزلزالي والوضع الجيوفيزيائي لدولة الكويت وما حولها ويمكن وضع اشتراطات علمية خاصة للمباني سواء التي ستنشأ أو التي يعاد صيانتها وتقويتها وتدعيمها إذا لزم الأمر من المباني المقامة حاليا.

كادر وطني

وأوضح د. العجمي أن مركز رصد الزلازل يقوم بإعداد وتدريب كادر وطني للعمل علي تحليل بيانات أجهزة رصد الزلازل ومعرفة مناطق النشاط الزلزالي والتكتوني بحيث يكون قادرا علي تحليل سجلات الرصد الزلزالي واستنتاج ومعرفة أماكن النشاط الزلزالي وقياس الخواص الديناميكية والاهتزازية لكل منطقة في الكويت وسواحلها وعمل نموذج للتراكيب الأرضية والجيولوجية وأنسب مناطق التعمير والبناء والقيام بعمليات المسح لدراسة تركيب القشرة الأرضية ومكوناتها وطبقات الأرض المختلفة.

ويبلغ عدد العاملين في قطاع الزلازل في الكويت الآن حوالي 8 باحثين وفنيين ومساعدين ونسبة الكويتيين في هذا القطاع تتراوح من 60% إلي 80%.

وأشار د. العجمي أن كلفة أنشاء مركز رصد الزلازل في الكويت بلغت علي الأقل تقدير مليون دينار كويتي والمركز يحاول دائما إضافة كل جديد ومتطور في عمله فالمركز الآن يحاول ويعمل جاهدا علي عمل بريد خاص علي شبكة المعلومات العالمية "الانترنت".

كما يأمل المركز في توفير إصدارات علمية وتوعية متخصصة في مجال الزلازل وقد بدأ العمل منذ مطلع العام الحالي لإصدار مثل هذه المطبوعات والمنشورات ويأمل المركز أن تكون مثل هذه الإصدارات يومية بحيث تعطي صورة كاملة وواضحة عن النشاط الزلزالي في الكويت.

وفي الختام أشار د. العجمي إلي الجهات العاملة في قطاع الزلازل بدولة الكويت وهي معهد الكويت للأبحاث العلمية - إدارة العلوم البيئة والأرضية – إدارة الهندسة والإنشاءات – أقسام الجيولوجيا بكلية العلوم وأقسام الهندسية المدنية بكلية الهندسة والبترول.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 1