بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

التنوع البيولوجي في الكويت

التنوع البيولوجي في الكويت

تواجه مشكلات بيئية كبيرة بعضها طبيعي والآخر بشري

التنوع الأحيائي في دولة الكويت.. عالم من الصمود! 

داود سليمان الشراد

ساهم موقع دولة الكويت الجغرافي في الخليج العربي في تواجد العديد من الكائنات الحية بشتى أنواعها وأصنافها. وتتعرض حيوانات ونباتات هذه البيئة لضغوط وعوامل قاسية مختلفة تؤثر على بقائها واستمرارها، ولحفظ وصون ذلك التنوع الأحيائي فلا بد من وجود تعاون بين مختلف المؤسسات الحكومية وغيرها حتى يمكن للأجيال القادمة الإلمام ومعرفة كل ما تحويه بيئتنا من تنوع فريد.

أحياء بحرية وبرية

على الرغم من فقر التنوع الأحيائي في دولة الكويت إلا أنه تتواجد أنواع عديدة من الأحياء البحرية والبرية التي لها مردود مباشر وغير مباشر وتحتوي البيئة البرية حوالي 374 نوعا من النباتات معظمها نباتات حولية يستفاد منها بالرعي، كما تحتوي الأراضي البرية أنواعا عديدة من الطيور تقدر بحوالي 350 نوعا منها 18 نوعا مقيما، وهناك 40 نوعا من الزواحف، وأما الثدييات فيبلغ عددها حوالي 82 نوعا منها خمسة أنواع مهددة بالانقراض مثل الثعلب الحصني والثعلب الأحمر والضرنبول والقط البري والنمس.

أما البيئة البحرية فتشمل 250 نوعا من الرخويات و360 نوعا من الهوائم البحرية Zooplankton وPhytoplankton، كما تشمل أكثر من 337 نوعا من الأسماك، 124 منها تعيش في الشعاب المرجانية، كما تحتوي البيئة البحرية 105 أنواع من الأعشاب البحرية التي تم تصنيفها.

وهذه المعلومات «متحفظة» حيث أن كثيرا من الكائنات في مناطق المد والجزر تبقى غير معروفة وكذلك الحال بالنسبة للأنواع الأخرى من الكائنات في دولة الكويت. 

المياه الإقليمية

إن المياه الإقليمية الكويتية تتميز بإنتاجيتها العالية نسبيا من الكائنات البحرية لقربها من مصبات الأنهار في شمال الخليج العربي وأهمها شط العرب وما يصاحبها من ترسبات عضوية وغير عضوية ومواد مذابة. وتعمل تدفقات المياه العذبة على تخفيض تركيز الملوحة وعلى ازدهار الكائنات المجهرية سواء النباتية منها أو الحيوانية بسبب الزيادة في معدلات المغذيات المذابة المصاحبة للمياه العذبة المتدفقة من شط العرب، كما أن التنوع الأحيائي يتمثل بوجود الأنواع الكثيرة من الأسماك والمحار والنباتات البحرية والشعاب المرجانية.

وتتميز مياه الخليج العربي بشفافيتها من السطح حتى القاع (معدل العمق 35مترا) مما يوفر البيئة الأساسية الملائمة لواحدة من أكبر مياه العالم إنتاجا، ولا تتوقف عملية البناء الضوئي على العوالق النباتية فقط إذ أن هناك إنتاجا وفيرا في مروج الأعشاب البحرية ومجاميع الطحالب الميكروسكوبية التي تقطن رمال وطين مسطحات المد البحري داخل وعلى صخور الحجر الجيري المسامية المغطاة بالمياه وبين خلايا المرجان الحي وبعض اللافقاريات الأخرى. 

المستنقعات والمسطحات

وتمتد المستنقعات عبر الشاطئ الغربي بجوار بقاع صغيرة ومهمة من أشجار القرم التي لا تمتاز فقط بتعدد فوائدها بل أنها عالية الإنتاجية وتترجم الطاقة الشمسية عبر هذا النظام البيئي إلى خلايا نباتية وغذاء للعدد الهائل «تاريخيا» من الأسماك المقيمة بالخليج والثدييات البحرية والسلاحف والثعابين البحرية والطيور واللافقاريات، وتجذب المجتمعات الغنية بالكائنات البحرية ملايين الطيور التي تتوقف للتغذي في مناطق الخيران الضحلة ومسطحات المد البحري والمستنقعات خلال هجرتها في فصلي الربيع والخريف مما يجعلها تربط منطقة الخليج بأنظمة بيئية بعيدة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.

ويعد التفاوت الكبير في درجات الحرارة والملوحة العالية إضافة إلى العواصف ومد الربيع العالي من نوع الحياة في المنطقة، فمنذ نهاية العصر الجليدي ازدهرت في المنطقة الفصائل القادرة على التكيف مع التفاوت التي تعتبر أعلى بشكل كبير من متوسط المعدل العالمي للملوحة.

ولقد احتضنت البيئة الكويتية أنواعا عديدة من الحيوانات البرية والبحرية وتعتبر البيئة الساحلية وخاصة المسطحات الطينية من البيئات الهامة لبعض الحيوانات البحرية مثل نطاط الوحل (أبوشلمبو) الذي يعتبر من الحيوانات النادرة وكذلك مناطق تكاثر الربيان بأنواعه، وتتعرض هذه البيئات إلى ضغط شديد بسبب الإمدادات العمرانية على السواحل البحرية من التلوث الشديد الناتج من المجاري والصرف الصحي.

نظم بيئية

وتتكون البيئة البحرية الكويتية من خمسة نظم تبيؤية هي: الشعاب المرجانية، الساحل الجنوبي، جون الكويت،جزيرة بوبيان والبحر المفتوح.

وتتميز مناطق الشعاب المرجانية في دولة الكويت بكونها أكثر الشعاب بعدا نحو الشمال في العالم بالنسبة لخطوط العرض مما يجعل لها أهمية عالمية كما يكثر المرجان في مياه الكويت الجنوبية وتتواجد كافة الشعاب في المياه التي يقل عمقها عن 15مترا.

وأكثر الشعاب المرجانية تطورا هي تلك المتصلة بالجزر البحرية مثل كبر وقاروه وأم المرادم، ويطغى على هذه الشعاب المرجانية النوع الإمبيعي وبدرجة أقل المرجان المتشعب، كما تبني خمسة أنواع من الطيور أعشاشها في هذه الجزر ومنها الخرشنة اللجامية Sterna Sandvicensis، الخرشنة السريعة، الخرشنة ذات العرق وطائرCrab plover، كما تضم ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية وهي الخضراء (المهددة بالإنقراض في العالم)، ذات الرأس الضخم وذات المنقار الصقري (مهدد بالإنقراض)، وتحوي البيئة البحرية أيضا الدلافين وثعبان البحر.

وتعيش مجموعة من الكائنات البحرية كالقواقع والفطريات وأبوشلمبو والطحالب على المسطحات الطينية التي تحيط بجزيرة بوبيان وتقتات على الملوثات وتحولها إلى مواد نافعة كما تصفي المياه من الشوائب.

محميات مرجانية

وتعتبر المسطحات الطينية الشمالية لجزيرة بوبيان أكبر مناطق إنتاج محار اللؤلؤ والقواقع الأخرى التي تعمل كمحطات تنقية أولى لمياه البحر الآتية من الجنوب ولملوثات شط العرب.

كما توفر البيئة الساحلية والبحرية لجزيرة بوبيان موطنا للطيور المعششة والطيور المهاجرة والكثير من أنواع طيور الشاطئ كالزقزاق Plover ورماد الرمل والطيطوي وطيور النكات والكروان بالإضافة إلى غنى المياه المحيطة بالجزيرة بالعوالق البحرية.

ويمكن في فصل الشتاء في المناطق الساحلية والمسطحات الطينية مشاهدة أعداد من الطيور خاصة النحام الأكبر، كذلك طائر طيطوي وكروان Stone Curlew الذي نسميه في الكويت عويدي، وزقزاق الرمل، والنكات وهو من الطيور النادرة في العالم، إلا أنه يرى في جزيرة بوبيان، وهناك الجهلول، والمرعة، والغراب الأسود المألوف عندنا، ومالك الحزين «الزرقي».

وكان الاتحاد الدولي للمحميات سجل في عام 1997 جزيرتي وربة وبوبيان كمحميات طبيعية، وجزيرتي كبر وأم المرادم محميات مرجانية بجانب ما تحويه من طيور وسلاحف.

طيور الكويت

هناك أكثر من 350 نوعا من مهاجر أو مستوطن من الطيور تحط رحالها في دولة الكويت في فصول السنة المختلفة، فمنها ما يأتي مهاجرا في الصيف، ومنها ما يأتي في الشتاء والقليل منها يواصل رحلته، فالكويت محطة توقف لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة التي تستعيد قواها في هذه المحطة بعد أن ترتاح فيها وتتغذى لتستعيد مخزونها الذهني الذي يعتبر طاقتها للطيران لمسافات طويلة.

إن طيور الكويت تأتي من القطب الشمالي ومنها أنواع نادرة لا نشاهدها سوى مرة واحدة  في العمر، ومنها أنواع أقامت في الكويت بعد أن كانت تغادر في السابق، مثل عصفور المساكن House Sparrow الذي يبشرنا بانتهاء الصيف الحار (دلوق نجم سهيل)، فتوافر المياه وانتشار المحميات والرقعة الخضراء في الجهراء يساعدها على البقاء، حيث توفر هذه البيئة الجو الملائم للطيور، كما يعتبر ساحل الصليبخات من أفضل السواحل للطيور البحرية من حيث توافر الغذاء، خاصة طائر الفلامنجو Flamingo الذي نسميه في الكويت «فنكير» خصوصا بعد جفاف الأهوار في العراق.

ومناطق تواجد الطيور في الكويت هي: مزارع العبدلي والأبرق والأحمدي وبحرة وجزيرتا وربة وبوبيان وحقل برقان وميناء الدوحة (عشيرج) وساحل الفحيحيل وجزيرة فيلكا والجزيرة الخضراء والحجيجة ومزارع الجهراء وجال الزور والخيران وكاظمة وجزيرة كبر وراس الصبية والرتقة، والروضتين، ومحمية صباح الأحمد الطبيعية ومنطقة صباح السالم والصليبخات ووادي الباطن ومزارع الوفرة وميناء الزور.

وهناك من الطيور ما يهاجر إلينا في الكويت كل 5 سنوات.

الثدييات

ويبلغ عدد الثدييات التي تم التعرف على أنواعها في دول العالم نحو 4000 نوعا، في حين بلغ عدد الزواحف أكثر من 6000 نوعا. وفي دولة الكويت يوجد نحو 28 نوعا من الثدييات و40 نوعا من الزواحف، والأنواع الشائعة من الثدييات وعلى الأخص في المناطق الصحراوية هي مجموعة القوارض مثل الجربوع وفأر الصحراء السمين Meriones وفأر الصحراء الليبي Meriones Libycus وفأر المنازل، كما يتواجد نوع من الثديات آكل الحشرات مثل القنفذ الآذاني الشائك، كما تتواجد أنواع قليلة من الخفافيش والثعلب الأحمر Vulpes vulpes المألوف (الحصني) والفنك، ومن الأنواع النادر مشاهدتها الرتل (الضرنبول) Mellivora Caensis والقط البري الذي يتغذى على الثدييات الصغيرة. ومن أهم أنواع الثدييات التي لها مردود اقتصادي هي الإبل والماعز والخراف حيث تعتبر مصدرا هاما للحوم والصوف واللبن.

وكانت الغزال العربية قد انقرضت نتيجة للصيد الجائر وكذلك الطيور الحباري التي أصبحت نادرة التواجد، ولا بد من إعادة توطينها، كما أن مناطق تكاثر السلاحف قد تدهورت وخاصة في الجزر العربية نتيجة لشدة الاستخدامات البشرية مما سبب في قلة تواجدها.

الزواحف

والزواحف المألوفة بالكويت يأتي في مقدمتها الضب الذي يزين جسده اللون الأصفر الزاهي العاكس لأشعة الشمس مما يساعد على تخفيض درجة حرارة جسده، وفي الشتاء يصبح لونه داكنا بحيث يمتص حرارة الشمس إلى أن ترتفع درجة حرارة جسمه إلى الدرجة المثلى.

وهناك الأغامة زرقاء الزور Agama Blandfordi والأغامة الباهتة Agama Pallida والسميكة الدودية والورل ذو الفك الكبير القوي والذي يشبه التنين وهو حيوان لاحم يبتلع فريسته مثل الثعابين التي تبتلع القوارض.

كما أن هناك مجموعة من الثعابين مثل بواء الرمل Eryxjayakari وثعبان الرمل Psammophis Schkari وثعبان الرمل الفحاح والثعبان العربي خلفي الأنياب والحية المقرنة Cerastes والتي تتواجد مدفونة تحت الرمال أو ملتفة راقدة تحت الشجيرات.

كما توجد فصيلة أخرى من الثعابين هي فصيلة الصلال ولها أنياب ولكنها مخيفة وهي من الثعابين السامة وبالغة الخطورة، والثعابين ليس لها أسنان ماضغة Chewing بل تبتلع طعامها ويعمل فكا الأفعى بشكل مغاير لعمل فكي الثدييات إذ يفتحان واسعا جدا لابتلاع حيوان قد يبدو كبيرا جدا بالنسبة لفم الأفعى.

مشكلات بيئية

تواجه دولة الكويت مشكلات بيئية كثيرة مثل تدهور الأراضي الصحراوية، والبيئات البحرية وتقلص الإنتاج السمكي والربيان، إضافة إلى تدهور البيئات الساحلية، مما سبب في انخفاض الأنواع الحيوية بشكل عام، ويرجع السبب في تدهور البيئات وتقلص الأنواع إلى النشاطات والضغوط البشرية والتوسع المستمر في البنية التحتية، والتلوث الناتج من المصانع والإنتاج النفطي، والإفراط في استهلاك الأنواع، والتنمية غير المستدامة، وضعف التشريعات وقلة الآليات التي تساعد في المهام المناطة، إلى جانب الكارثة البيئية التي سببها النظام العراقي في احتلاله لدولة الكويت وإحراقه آبار النفط وانسكاب النفط الخام في البيئات البرية والبحرية، والتلوث والتوسع العمراني واجتثاث الغطاء النباتي الطبيعي والضرر الذي يلحق بالموانئ الطبيعية والحياة الفطرية، تقضي تلك جميعا على التنوع الأحيائي وتقلل الفرص من الاستفادة منه في مجالات عديدة مثل الغذاء والزراعة.  وتعتبر أراضي دولة الكويت أراض فقيرة بالتنوع الأحيائي، ومع ذلك فهي تحت ضغط شديد نتيجة للممارسات والاستخدامات المتعددة لها.

وكذلك الوضع في البيئة البحرية فإن الإفراط في صيد الأسماك والربيان والتوسع العمراني في المناطق الساحلية والاستهلاك المفرط للموارد قد سببت تدهورا لمناطق تكاثر الأسماك والربيان وأثرت بدرجة كبيرة في الأنواع والمخزون السمكي. 

استراتيجية وطنية

وتبنت الهيئة العامة للبيئة في دولة الكويت مسئولية إعداد مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنوع الأحيائي، كونها إحدى الجهات المسئولة عن الحفاظ على التنوع الأحيائي وفق قانون سنة 1995 وقانون سنة 1996 بشأن الهيئة العامة للبيئة. كما تبنت أسلوب مشاركة القطاعات المختلفة الحكومية وغير الحكومية في إعداد الاستراتيجية لضمان مشاركة جميع فئات المجتمع لكي تضمن الاستفادة من التنوع الأحيائي بشكل عادل ومستدام ومن بعد ذلك انتقل هذا المشروع بعد مراجعته عن طريق تنظيم ورش عمل المشاركين عبر القنوات الحكومية والتشريعية بهدف الحصول على الدعم والالتزام السياسي الضروري لتنفيذه. وبعد الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنوع الأحيائي عملت الهيئة العامة للبيئة بدعم من الجهاز الحكومي والتشريعي على إعلان هذه الاستراتيجية للعامة وتطوير الخطط والبرامج للقطاعات المختلفة بمساعدة الجهات الحكومية وغير الحكومية المختصة، كما عملت الوحدة الوطنية للتنوع الأحيائي على مراقبة تنفيذ الخطط والبرامج التي تم تطويرها وتقييم درجة التقدم الحاصل في هذا المجال بمرور الوقت. 

الإجراءات العامة للمحافظة على التنوع الأحيائي

1-  المراقبة والرصد والتوثيق

تتوفر في دولة الكويت معلومات كثيرة عن التنوع الأحيائي، وعلى الأخص في البيئة الصحراوية، ومن الضروري أن تحدد الثغرات وأن تجمع المعلومات ويتم إعداد قوائم كاملة بكل عناصر التنوع الأحيائي الموجودة في البيئات المختلفة. ويتطلب ذلك تعريف ورصد الأنواع والنظم التبيؤية والموائل والعشائر والعوامل الوراثية والموروثات التي توصف بأن لها أهمية اجتماعية أو علمية أو اقتصادية, ويعتبر تجميع المعلومات عن المكونات المختلفة للتنوع الأحيائي أساسا لوضع البرامج للمحافظة على التنوع الأحيائي واستخدامه بشكل مستدام، وذلك عند توجيه أنظمة الرصد نحو سياسة في اتخاذ القرارات وطرق في التدبير تمكن من تنفيذ أهداف الاستراتيجية بشكل أكثر فاعلية، ولعل مثال ذلك مراقبة ورصد الوضع الراهن للمخزون السمكي وكذلك إنتاج الغطاء النباتي للأراضي الرعوية.

إن المراقبة والرصد للتنوع الأحيائي تعتبر ضرورية وعلى الأخص للأنواع المهددة بالإنقراض وتلك التي لها أهمية اجتماعية واقتصادية، وعند تجميع المعلومات وتحليلها وتقييم الوضع الراهن للأنواع وتحديد الأنشطة والعمليات المضرة التي تمثل تهديدات مباشرة للتنوع، فسوف يؤمن ذلك بأن تكون جميع المعلومات متوفرة لمتخذي القرار وقابلة للاستعمال بهدف الحفاظ على التنوع الأحيائي واستخدام مكوناته بشكل مستدام وتجنب الآثار المعاكسة على التنوع أو التقليل منها إلى أدنى حد. 

2-  التخطيط.

منذ بداية الخمسينيات من القرن العشرين ودولة الكويت تمر بمراحل التنمية الأفقية المختلفة، وتم اعداد أول مخطط هيكلي لدولة الكويت في عام 1970 وتم تعديله في ثلاث مراحل آخرها عام 1997، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه المخططات لم تأخذ بعين الاعتبار مفهوم التنمية المستدامة لضمان استمرارية الأنواع واستخدامها بشكل رشيد كما أن المشاريع الصناعية والاقتصادية التي تم تنفيذها منذ ذلك الحين لم يتم تقييمها من الناحية البيئية ولم يكن المردود البيئي لها إلزاما.

إن عملية إعادة تأهيل واستصلاح الأراضي المتدهورة سوف تكون عالية التكلفة، لذلك من الأفضل أن تأخذ الجهات المسئولة الإجراءات المناسبة لتقييم الآثار البيئية للمشاريع بوجه عام، وعلى الأخص تلك التي تؤدي إلى آثار سلبية ملموسة في التنوع الأحيائي بغية تفادي أو تقليل هذه الآثار.

وحدد القانون لسنة 1980 صلاحيات مجلس حماية البيئة في ذلك الحين مع صلاحية إصدار قرارات بوقف العمل بأية منشأة أو منع استعمال أية آلة أو أداة أو مادة كليا أو جزئيا لها تأثير ضار في البيئة. كما أن من اختصاص إدارة حماية البيئة دراسة المشاريع الصناعية والعمرانية للتأكد من توفر المواصفات والاشتراطات للحد من صرف الملوثات وعدم احداث تغييرات في المواصفات الطبيعية للبيئة. كما أن المرسوم لسنة 1995 والقانون المعدل له لسنة 1996 بشأن إنشاء الهيئة العامة للبيئة قد حدد صلاحية مجلس إدارة الهيئة في وضع النظم والاشتراطات الواجب توافرها عند تحديد الموقع أو إنشاء أو استخدام أو إزالة أي منشأة أو إنتاج مواد أو القيام بعمل وتنفيذ دراسات المردود البيئي للمشاريع التنموية. 

3-  إدارة التنوع الأحيائي

لا يمكن حفظ التنوع الأحيائي ولا استخدام الموارد الحيوية على أسس مستدامة بواسطة المحافظة على الطبيعة وحدها، فقرارات الوزارات والمؤسسات المختلفة لها تأثير رئيسي في المحافظة على التنوع الأحيائي واستخدامه، لذلك يلتزم دمج التنوع الحيوي في عملية صنع القرارات الوطنية وفي الخطط والبرامج والسياسات في القطاعات ذات الصلة مثل القطاع الصحي والتجاري والاقتصادي وغيرها. 

4-  الاستخدام المستدام

تؤكد الوثائق الدولية على أهمية التنمية المستدامة واستخدام مكونات التنوع الأحيائي بشكل مستدام، ويعني مصطلح «الاستخدام المستدام» هنا استخدام عناصر التنوع الأحيائي بأسلوب ومعدل لا يؤديان على المدى البعيد إلى تناقض هذا النوع ومن ثم صيانة قدرته على تلبية متطلبات وتطلعات الأجيال الحالية والمقبلة (دليل اتفاقية التنوع الأحيائي). وتستعمل مكونات التنوع بطرق متعددة منها استهلاكية الأنواع مثل استخدام الأسماك، الأدوية، الملبس، المأوى، الخشب، الوقود، الحيوانات، والنباتات، والألياف وغيرها. والأنظمة التبيؤية (البيئة) مثل المراعي، الشعاب المرجانية، والسواحل، والجزر، والأراضي الرطبة وغيرها ومنها غير استهلاكي (ثقافي أو ديني). إن محددات ما يشكل استغلالا مستداما للأنواع والأنظمة التبيؤية ليس واضحا، فالقابلية للاستدامة قد تستوجب عوامل تبيؤية، اقتصادية، اجتماعية وسياسية، ولكن الجانب الواضح هو أن مكونات التنوع الأحيائي تتعرض إلى ضغط شديد نتيجة للضغط المتزايد جدا عليها بسبب النمو السكاني وأنماط الاستهلاك المفرط لها وغيرها. 

5-  تقدير قيم التنوع الحيوي

من الأسباب التي تؤدي إلى تدهور التنوع الحيوي عدم تقدير القيم غير المباشرة للتنوع، مثل الاستخدام الاستهلاكي الإنتاجي، بالإضافة إلى عدم وضوح القيم المعنوية للتنوع الحيوي في النظم الاقتصادية التي تعتمد على تحديد الربحية الناتجة عن الاستغلال أو استخدام التنوع دون اعتبار أو تقدير للقيم الاجتماعية والثقافية له والدينية.

تعمل دولة الكويت على مراجعة القوانين البيئية والزراعية والقوانين الأخرى التي لها علاقة بالتنوع الأحيائي وتحديثها بقوانين تتوافق مع التوجه العام للمحافظة على التنوع الأحيائي واستخدامه بشكل مستدام ويتم تطوير القوانين من خلال السلطة القانونية وتأمين تطبيق القوانين عن طريق الجهات المختصة بتوفير الآليات والإمكانات المادية والمعنوية لذلك.

كما أنها بدأت باتخاذ الخطوات الأولى نحو حماية الحياة الفطرية حينما صدقت في عام 2002 على اتفاقية التنوع الأحيائي CBD وعلى اتفاقية الإتجار الدولي بأنواع النباتات والحيوانات المهددة بالإنقراض CITES، وأوضحت أن دولة الكويت أعدت استراتيجية التنوع الأحيائي في عام 1996 وذلك بهدف تطوير إطار سياسة متجانسة لترويج المحافظة على التنوع الأحيائي والاستخدام المستدام للموارد الحيوية، كما وضعت السبل والآليات الضرورية للتحكم في استيراد الأنواع المهددة بالإنقراض من النباتات والحيوانات وعدم السماح بالتجارة فيها لتجنب الاستغلال المتنافي مع ضمان بقائها، إذ أنها أصدرت عددا من القرارات الهامة التي تحض على المحافظة على التنوع الأحيائي الزراعي مثل (قرارات منظمة الفاو لسنة 1983 ولسنة 2001)، كما طورت الكويت خلال العقود الأربع الماضية الإنتاج الزراعي والثرة الحيوانية، والتوسع في رقعة الأراضي الخضراء بدرجة كبيرة، وتنوعت المحاصيل والثروة الحيوانية ذات الخصائص التغذوية.

وأخيرا يشير الباحثون إلى أن البيئة المادية والكيميائية لمنطقة الخليج العربي وتاريخها الجيولوجي شكلت نظاما بيئيا فريدا ومقاوما يستدعي رعاية خاصة، مؤكدين أن تخصيص الخليج كمحمية بحرية يؤدي إلى زيادة الوعي بأهمية الأصول الطبيعية لذلك النظام إضافة إلى ردع الانتهاكات البشرية على ذلك الخزان المائي المهم مما يساهم في الإبقاء على ثرائه الأحيائي المتنوع.

أنواع من الرخويات

يقدر ما يوجد في مياه الكويت من أنواع الرخويات Mollusca البحرية المختلفة ما يقرب من 500 نوع، نصفها تقريبا يقل طوله عن 1سم، ويمكن للمرء إذا ما دقق النظر جيدا على الشواطئ أن يحصي مجموعة من 100 نوع على الأقل من هذه الرخويات، حتى ولو أغفل تلك الأنواع الصغيرة، ولكن القليل منهم من يشغل فكره بالمخلوقات التي تعيش بداخلها، إن للرخويات أنماطا متنوعة وشيقة من الحياة.

فالغالبية العظمى من الرخويات البحرية تعيش في المناطق الساحلية وتحت الساحلية، أي بدءا من الشاطئ فيما بين حدي المد والجزر، وإلى عمق 100متر تقريبا في البحر، وإن كان بعضها يطفو على السطح، والبعض الآخر يوجد على أعماق سحيقة.

وتنتشر الرخويات في كل أشكال البيئات البحرية المعروفة في هذه المناطق، وكثير منها ذوات المصراعين مهيأ الحفر ولذا يوجد مدفونا في القاع على الشواطئ الرملية والطينية.

وهناك أنواع مهيأة للعيش على الصخور أو الشعاب المرجانية بعضها يثبت نفسه عليها أو يلتصق بها، والبعض الآخر يختبئ تحتها طلبا للحماية، والبعض الثالث يثقب جحورا فيها ليعيش بداخلها.

على الرغم من قساوة البيئة الكويتية صيفا إلا أن الكويت تعد محطة مهمة في مسار الهجرة السنوية للطيور من مواطنها في الشمال إلى الجنوب والعكس، خصوصا في فصول الاعتدال (الشتاء، الربيع، والخريف).

والمتابع لحركة هذه الهجرة يرى أن أنواعاً كثيرة تطأ أرض الكويت خلال هذه الفصول فبيئتها مناسبة لهجرة الطيور على مدار العام سواء كانت البيئة الصحراوية بما تحوي من وديان وتلال خاصة في منطقة وارة، الزور وأمم الرمم، أو الجزر التي تجذب الطيور المائية المتنوعة. 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 99