لارتفاع نسبة سطوع الشمس في دول المنطقة
الطاقة الشمسية تغزو أسواق الشرق الأوسط
عنود القبندي
من المعروف إن كلا من النفط والغاز الطبيعي من الموارد غير المتجددة أي أنها معرضة للنضوب أو النفاذ لا محالة. ومنها يتضح أن النفط الكويتي هو الأطول عمرا وفوق هذا حرصت دولة الكويت في توجيه غير مسبوق إلى حفظ حق الأجيال القادمة في الثروة النفطية باستقطاع نسبة من دخل النفط سنويا لصالح رصيد الأجيال القادمة، هذا التوجه حول النفط من مورد ناضب إلى مورد متجدد ومستدام لأن استثمار رصيد الأجيال القادمة المستقطع من إيرادات النفط سوف يستمر في خدمة المواطنين حتى من بعد النفط. ويفترض دعم الاستثمارات في مجال تطوير وتنمية الطاقة البديلة المتوفرة في دولة الكويت وفي مقدمتها الطاقة الشمسية وإمكانية تحويلها إلى طاقة مستدامة ونظيفة. ويتوقع لها أن تتبوأ مركزا مرموقا كإحدى الدول المصدرة للكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول العام 2050.
الطاقة الشمسية
الشمس مصدر الدفء والنور على الأرض ومن غيرها لا وجود للحياة، فالطاقة الشمسية لازمة وضرورية للحياة النباتية والحيوانية، كما أن معظم الطاقات الأخرى الموجودة على الأرض مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعي والرياح ما هي إلا صور مختلفة من الطاقة الشمسية. فهي الطاقة الأم فوق كوكب الأرض حيث تنبعث من أشعتها كل الطاقات لأنها تسير كل ماكينات وآليات الأرض وذلك بتسخين الجو المحيط واليابسة وتولد الرياح وتصرفها، وتدفع دورة تدوير المياه، وتفئ المحيطات والكثير الكثير ومع الزمن تكون الوقود الأحفوري في باطن الأرض، وكون الشمس نجما وسطا يجعلها أكثر استقرارا الأمر الذي ينعكس على استقرار الحياة على الأرض. فلو زاد الإشعاع الشمسي عن حد معين لاحترقت الحياة على الأرض. وهذه الطاقة يمكن تحويلها مباشرة أو بطرق غير مباشرة لحرارة وبرودة وكهرباء وقوة محركة.
أشعة الشمس أشعة كهرومغناطيسية، وطيفها المرئي يشكل 49% والغير مرئي كالأشعة فوق بنفسجية يشكل 2% والأشعة دون الحمراء 49%. فهي تختلف حسب حركتها وبعدها من الأرض. فهي تصل إلى المنازل عبر الألواح الشمسية وتختلف كثافة أشعة الشمس وشدتها فوق خريطة الأرض حسب فصول السنة فوق نصفي الكرة الأرضية وبعدها عن الأرض وميولها ووضعها فوق المواقع الجغرافية طوال النهار أو خلال السنة، وحسب كثافة السحب التي تحجبها، لأنها تقلل أو تتحكم في كمية الأشعة التي تصل لليابسة، بعكس السماء الصافية الخالية من السحب والأدخنة.
سطوع الشمس في الكويت
إن نسبة سطوع الشمس خلال فصلي الشتاء والربيع في الكويت تكون قليلة بسبب انتشار السحب التي تحجب الشمس أحيانا كثيرة، فتصل هذه النسبة إلى أقل حد لها في شهري مارس وابريل بما يعادل %61 من طول النهار، بينما تصل إلى أعلى حد لها في كل من شهري أغسطس وسبتمبر فتبلغ %80 بسبب قلة السحب والظواهر الترابية والرملية في هذين الشهرين حيث أن المتوسط السنوي لسطوع الشمس الفعلي 8 ساعات و56 دقيقة وينخفض هذا المتوسط إلى أدنى حد له في شهري ديسمبر ويناير حيث بلغ حوالي سبع ساعات بينما يزيد عن عشر ساعات في شهور الصيف يونيو ويوليو وأغسطس، إن هناك ضرورة في تكثيف الاهتمام باستخدام الطاقة المتجددة والبديلة للمساعدة في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
هذا ما أكده مدير تقنيات البناء والطاقة في معهد الكويت للأبحاث العلمية د. عادل حسن أن الدراسات الألمانية المتخصصة أشارت إلى أن معدل توفر الطاقة الشمسية الساقطة على المترالمربع المسطح خلال عام واحد في دولة الكويت تعادل 1 إلى 2 برميل من النفط، وأشار إلى أن استغلال 10 % من المساحة المسطحة لدولة الكويت لغرض توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية يؤدي إلى إنتاج ما يعادل 500 ألف برميل نفط مكافئ يوميا.
دراسات نمطية
ومن هذا المنطلق تقوم المراكز العلمية الألمانية بإجراء دراسات نمطية على مجال واسع لتكون ركيزة لخطة عامة لربط مسار انتاج الطاقة في أوروبا وغرب آسيا مع شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، ويرجع هدف التجارب الألمانية في مجال الطاقة المتجددة هو تقليل الاعتماد على استخدام الوقود الاحفوري (النفطي) والوقود النووي الذي تتحفظ عليه أيضا عدد من دول الاتحاد الأوروبي من خلال تطوير تقنيات التزود بالطاقة المتجددة أو البديلة بأنواعها المختلفة وخفض الأضرار البيئية من جراء انبعاث الغازات الدفيئة في الهواء.كما أنها تعتبرها ثروة عالية القيمة تتمثل في مصدر طاقة شمسية لا حدود لها بحيث تسمح وفرتها بتصدير هذه الطاقة المتجددة إلى وسط أوروبا بشكل عملي وتطبيقي حديث عبر سلسلة من شبكات الربط الكهربائي الدولي.
ويقدر خبراء الطاقة نمو سوق الطاقة الشمسية بنسب تترواح بين 300 وألف في المئة خلال السنوات المقبلة في كل من ألمانيا واسبانيا وايطاليا ودول الاتحاد الأوروبي الرئيسية الأخرى.
إن الكثير يقولون أن الشرق الأوسط سيصبح لاعبا أساسيا في سوق الطاقة الشمسية في المستقبل القريب، حيث تقوم شركة ألمانية « M E N solar Melenium E G “ بوضع رؤيتها فيما يتعلق بتطوير محطات الطاقة الشمسية الحرارية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط في خطوة تأتي ضمن التزام ألمانيا بتطوير قطاع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط بعدما افتتحت لها مكتبا في إمارة دبي، كذلك هناك مشروع كبير جدا تفكر به بريطانيا في كيفية ربط جميع دول شمال أفريقيا ببعض لنقل الطاقة منهم إلى الدول الأوروبية خاصة أنها تتمتع بمساحات واسعة وأن الشمس تقريبا متواجدة بدرجة عالية على هذه المناطق.
تقنية الاستفادة
أشعة الشمس تسقط على الجدران والنوافذ واليابسة والبنايات والمياه، وتمتص الأشعة وتخزنها في كتلة (مادة) حرارية Thermal mass. وهذه الحرارة المخزونة تشع بعد ذلك داخل المباني. وتعتبر هذه الكتلة الحرارية نظام تسخين شمسي يقوم بنفس وظيفة البطاريات في نظام كهربائي شمسي (الفولتية الضوئية )، فكلاهما يختزن حرارة الشمس لتستعمل فيما بعد. والمهم معرفة أن الأسطح الداكنة تمتص الحرارة و لا تعكسها كثيرا لهذا تسخن، عكس الأسطح الفاتحة التي تعكس حرارة الشمس لهذا لا تسخن. و الحرارة تنتقل بثلاث طرق، إما بالتوصيل conduction من خلال مواد صلبة، أو بالحمل convection من خلال الغازات أو السوائل، أو بالإشعاع radiation. و من هنا نجد الحاجة لانتقال الحرارة بصفة عامة لنوعية المادة الحرارية التي ستختزنها لتوفير الطاقة و تكاليفها.
العالم يستخدم اليوم 0.1 % من قدرته من الطاقة الشمسية معظمها يأتي من الخلايا الضوئية الكهربائية، وسينمو استخدام العالم لهذه الطاقة بنسبة 10% خلال الـ 20 أو 35 سنة المقبلة مرتبطا بتطور مولدات هذه الطاقة، كما أن الدعم الحكومي وتفضيل استخدام هذه الطاقة من قبل المستهلكين سيساهم بشكل كبير في زيادة الطلب عليها.
أساسيات مشروعات الطاقة الشمسية
توجد عدة مبادئ يتبعها المصممون لمشروعات الطاقة الشمسية، من بينها قدرة المواد الحرارية المختارة، علي تجميع وتخزين الطاقة الشمسية حتي في تصميم البنايات واختيار مواد بنائها حسب مناطقها المناخية سواء في المناطق الحارة أو المعتادة أو الباردة. كما يكونون على بينة بمساقط الشمس على المبني و البيئة من حوله كقربه من المياه واتجاه الريح والخضرة ونوع التربة والكتلة الحرارية التي تشمل الأسقف والجدران و خزانات الماء. كل هذه الاعتبارات لها أهميتها في امتصاص الحرارة أثناء النهار و تسربها أثناء الليل.
تقنية التبريد الشمسي ( Le froid solair )
ظهرت حديثا تقنية جديدة غريبة باستخدام الطاقة الشمسية.يمكن ترجمتها باسم «التبريد الشمسي»، ولقد بدأ بالفكرة وتصميم أول جهاز للتبريد باستعمال الطاقة الشمسية على يد العالم الياباني Sanyo الذي صمم أول لوح من هذه الألواح التي تبلغ مساحتها 16m²، ويتلخص سر التقنية في أن الألواح الشمسية تلتقط وتجمع الطاقة الشمسية، بعد ذلك يتم تحويله إلى طاقة كهربائية التي تشغل بدورها الضاغط الذي يقوم بدورة التبريد.
تقرير صادر عن الأمم المتحدة
أفاد تقرير صادر عن برنامج البيئة التابعة للأمم المتحدة في شهر يونيو 2007 بأن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة خلال العام الماضي تجاوزت 100 مليار دولار أمريكي وان المخاوف المتعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري من شأنها الإبقاء على وتيرة التصعيد الاستثماري في هذا القطاع الحيوي والمقدر أن يصل خلال العام الحالي إلى نحو 120 مليار دولار أمريكي. ويتوقع خبراء الطاقة أن تنجز نحو 75 % من هذه الاستثمارات في الطاقة المتجددة بالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي في حين تستفيد دول العالم الفقير والنامية بنحو 25 %. من هذه الاستثمارات في الطاقة المتجددة والتي تسمى بالطاقة الخضراء أو النظيفة. كما يرى أيضا أنه على الرغم من أن الطاقة المتجددة قد لا تتجاوز نسبة %2 من الطاقة المستخدمة في العالم إلا أن نحو %18 من منشآت ومحطات الطاقة التي تبنى حاليا تعتمدها كمصدر للطاقة النظيفة.
في السابق تم تنفيذ مشاريع أبحاث وتطوير تجريبية للطاقة المتجددة في مجالات البرك الشمسية والتدفئة والتبريد والنظم الفوتوفولطية قبل حرب الخليج عام 1990 ويقتصر العمل الآن على كفاءة الطاقة وادارتها.
ورغم أهمية هذه الطاقة المتجددة إلا أن دور العالم العربي في هذا المجال ما زال متواضعا باستثناء بعض الدول العربية مثل الكويت التي اهتمت في الآونة الأخيرة عن طريق معهد الكويت للأبحاث العلمية في الاستثمار بهذا القطاع الحيوي والذي كان مصدر اهتمام في المعهد منذ السبعينات من القرن الماضي، ونظرا لأهمية الموضوع فان إدارة المعهد تعمل جديا على وضع الخطط والدراسات للتمهيد لإنشاء مركز لأبحاث الطاقة البديلة والمتجددة في الكويت.
مشاريع مستقبلية
هناك مشروع بين معهد الكويت للأبحاث العلمية مع الجانب الألماني وهو مشروع إنشاء محطة توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية الحرارية بسعة إنتاجية من 5 ـ 10 ميغاواط مربوطة بالشبكة الوطنية في الكويت مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات التصاميم الخاصة بالمناخ الكويتي بالإضافة إلى الاستفادة من خبرة المعهد في السابق لمشروع توليد 100 كيلوواط في منطقة الصليبية حيث تعتمد هذه التقنية على تركيز الطاقة الشمسية والاستفادة من حرارتها لتوليد الكهرباء بواسطة المولدات البخارية.
كما تم الاتفاق على إمكانية إنشاء مبنى مستدام مصمم وفقا للمعايير المعمارية الحديثة، والمبنى ذو استهلاك منخفض للطاقة يتوافق مع الظروف البيئية والمناخية في الكويت يحوي تقنيات حديثة ومتجددة لتوليد الطاقة الكهربائية مثل استخدام الخلايا الشمسية الكهروضوئية كنوافذ وواجهات للمبنى.
كذلك هناك مشروع إدخال تقنيات توليد الطاقة المتجددة في المباني التقليدية القائمة حاليا والمنتشرة على نطاق واسع بغرض خفض ذروة الاستهلاك فيها وتعديل ميزان الاستهلاك الفعلي للطاقة الكهربائية على المستوى الوطني عبر استخدام الخلايا الكهروضوئية لتوليد الكهرباء والمجمعات الشمسية الحرارية لأغراض تكييف الهواء وتسخين المياه. وهناك أيضا مشروع إقامة مركز عرض وتدريب يكون مجهز بأحدث تكنولوجيات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا خلايا الوقود تقام فيه الدورات والمحاضرات النظرية والعملية لمختلف الفئات والمستويات العلمية والعمرية وفي نفس الوقت يكون هذا المركز معالما من معالم الدولة التكنولوجية يستضيف الزوار لنشر ثقافة الطاقة المتجددة و الحفاظ على الطاقة و لتوعية شرائح المجتمع الكويتي بما يتماشى مع سياسة الدولة المستقبلية لقطاع الطاقة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 98