بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

صراع الشعاب المرجانية

صراع الشعاب المرجانية

الشعاب المرجانية تصارع من أجل البقاء

داود الشراد

إن درجات حرترة الأرض سوف ترتفع بشكل ملفت للنظر فى الأعوام القادمة وذلك سوف يؤدى الى إضطرابات فى النظام البيئي وكذلك الى عمليات إنقراض جماعية لبعض الأنواع مثل : الطحالب والمرجان والشعاب المرجانية .

وقد أشار العلماء الى أن :

1- درجة حرارة المحيطات والهواء سوف ترتفع بشل ملفت للنظر فى الأعوام القادمة .

2- النظام الحيوى وتحديداً من الحرارة سوف يكون الأول الذى سيعانى من الخسائر والدمار .

3- سيتم الإعتداء على التراكيب العضوية والبيوئية Ecological .

4- وفي هذه المرحلة سوف يكون من الصعب تعويض الدمار .

ويبدو جلياً أن الشعاب المرجانية سوف تكون من بين أكثر الأنظمة البيئية تأثراً بالتغير المناخى طويل الأمد والمرجان يتأثر بشكل خاص فى إرتفاع درجات سطح البحر وقد يفقد الكثير من الطحالب التى يعيلها والتى بدورها تقدم الغذاء واللون إليه ، وفى هذه الحالة سيظهر المرجان أبيض اللون وهذه الظاهرة تعرف " بالتبيض Bleached " ويمكن للمرجان أن يتعافى من التبيض ولكن عمليات التبيض الممتدة تسبب دماراً يصعب تغييره وبالتالى يؤدى الى الوفاة والموت .

ونتيجة للتعقيدات التركيبية ، فإن المرجانيات واحدة من أكثر الأنظمة الإحيائية إنتاجاً على سطح الخليقة ونتيجة لذلك فهى تقدم الكثير من الخدمات بما فيها مصائد الأسماك حماية السواحل والسيادة وكذلك العلاج .

وعلى الرغم من أهميتها وقيمتها الظاهرة ، فإن 58% من الشعاب المرجانية فى العالم ربما تكون مهددة جراء الأنشطة البشرية مثل تطور السواحل والإستغلال المفرط للمنتجات البحرية .

وقد ظهرت فى عام 1998 من أن الشعاب المرجانية فى أنحاء العالم قد عانت من أشد وأقسى عمليات التبيض وبالتالى الفناء وفى نفس العام سجلت أعلى درجات الحرارة ما كانت عليه فى الخمسين عاماً المنصرمة.

النظام البيئى للشعاب المرجانية

تعتبر الشعاب المرجانية واحدة من بين أكثر الأنظمة الإحيائية تأثراً بالتغيرات المناخية طويلة الأمد والمرجانيات حيوانات صغيرة وكثير منها يعيش فى مستعمرات هائلة , تحصل على تغذيتها وطاقتها من طحالب تسمى الحيمين الأصفر zooxanthellae تستوطن خلاياها بالألاف وتتميز هذه الطحالب بألوانها الذهبية وخليط من الصبغات الأخرى والتى تمنحها الى معيلها المرجان ( والذى عادة ما يكون بنسيج شفاف ) هذا ويعمل المرجان والطحلب بتعاون لإنتاج هياكل كلسية وعلى مدى مئات السنين تتجمع الهياكل الكلسية لتشكيل إطاراً وقاعدة للشعاب المرجانية.

أهمية الشعاب المرجانية

تعتبر المرجانيات واحدة من بين أكثر الأحياء إنتاجية على وجه الأرض ومعظم هذه الإنتاجية مشتقة من التركيز الأساسى للأحياء البحرية فيها حيث تحتوى على ما يعادل مليون نوع وهناك أنواع كبيرة من الأسماك والعضويات تعيش على الشعاب.

السياحة

فحيث توجد الشعاب المرجانية يمكن الحصول على دخل مادى جيد من السياحة ، إذ يأتى الناس من جميع أنحاء العالم لرؤية هذه الشعاب خلال عمليات الغطس والسباحة أو التشمس على الرمال المرجانية.

ويعتمد معظم سكان جزر المحيط الهادى والمحيط الهندى وكذلك الكاريبى على الدخل الذى تحققه السياحة وفى عام 1990 وحدة أضافت السياحة التى تجذبها الشعاب والأنشطة الشاطئية 89 بليون دولار الى الدخل القومى لمنطقة الكاريبى.

مكان الاسماك

معظم فقراء العالم يقطنون ضمن المناطق الساحلية للمناطق النامية ويعتمدون بشكل مباشر على أنواع الشعاب للحصول على حاجاتهم من البروتين وعلى الرغم من أن الشعاب تغطى أقل من 20% من مساحة المحيط ، الا أنها تحتوى على 25% من أنواع الأسماك البحرية ، فالأسماك تحتمى بالشعاب وتستخدمها كمصدر للغذاء وأماكن للتبويض ( وضع البيض ) والشعاب المرجانية تنتج ما لا يقل عن 6 مليون طن مترى من مصائد الأسماك حول العالم كل عام وهى تقدم 0.25 من مصائد الأسماك للدولة النامية ووظائف لملايين من الصيادين ولاشك أن الدمار الذى لحق بالشعاب المرجانية قبالة السواحل الفلبينية سبب فقدان مصائد الأسماك وبخسائر تفوق 80 مليون دولار سنوياً وبالتالى فقدان ما يقرب من 127.000 وظيفة.

حماية الجزر واليابسة

إن خاصية الحماية التى تقدمها الشعاب هى تقليل الأثار المدمرة للعواصف والنحت الساحلى وكذلك الفياضانات التى قد تنجم عن الأمواج العاتية كما ان الشعاب هى التى تساعد على تكوين البحيرات والشواطئ الهادئة حيث تنمو الأعشاب البحرية والمانجروف مما يخلق بيئة للكثير والعديد من الأحياء عند إلتقاء البحر بالبر .

الدواء : كثير من الأدوية يحصل عليها من المحيطات والعديد منها من النظام البيئي للشعاب المرجانية وقد تم تحديد الكثير من الأدوية الواعدة وتطويرها .

مؤشرات بيئية : لقد كان نتيجة لتعرض العديد من المرجانيات الى درجات حرارة عالية ، ان الشعاب المرجانية ربما تعتبر من أول الأنظمة التى تدل على الضغوط الناجمة على إرتفاع حرارة الكرة الأرضية.

تبيض وموت المرجان

عندما تتعرض المرجانيات الى ضغوط محسوسة فإن التوازن المهم والذى يحافظ على علاقة التعايش مع الطحالب Algae يختفى ويضمل وربما يفقد المرجان بعض أو أغلب الطحالب رغم أنها مصادر مهمة للتغذية والتلوين وغى هذه الحالة يشار الى المرجانيات على أنها تتبيض ( تصبح بيضاء ) ، وفى الأمواج تتوقف عمليات نمو النسيج وإفراز الهياكل أيضا ، كما ان عمليات التزاوج الجنسى تتوقف والمرجانيات يمكنها أن تعيش إذا كانت الإجهادات قصيرة ولكنها تموت أذا ما استمرت لفترات طويلة ومع ذلك فإن بعض الإجهادات ربما تجعل المرجان عرضه للإصابات بالعديد من الطفيليات وأن تفشى الأمراض ربما ينجم عن موته الكثير من المرجانيات .

وبمجرد حدوث الوفيات فإن نسيج المرجان الناعم يصبح غذاءاً لبعض الحيوانات الكانسة ، مما يؤدى الى تعرية الهياكل وبالتالى الى زيادة نمو الطحالب المائية وغيرها من العوائم الطفيلية وفى العديد من الحالات حينما تقوم أعداد كبيرة من الأسماك الببغاوية parrot والديدان وقنافذ البحر بنحت الهياكل المرجانية الميته فإن ذلك يؤدى الى جعل الشعب المرجانى عرضه الى الدمار نتيجة هباب العواصف ولاشك أحداث عام 1987 و 1990 كانت إنذاراً كافياً لدرجة أن الكونغرس الأمريكى اجتمع لمناقشة هذه الأحداث وقد أبدى بعض الشهود امتعاضهم لما حدث حيث أكدوا أن عمليات التبيض تمثل خطراً شديداً على بقاء المرجان والحفاظ على الشعاب المرجانية .

كما أن آثار أحداث 1998 قد امتدت الى عمق 50 م وفى هذه المناطق عانت كل النواع من المرجانيات الرخوة والصلبة وكذلك الكثير من الطحالب اللافقارية من التبيض.

وقد تراوحت شدة التبيض ما بين مدمرة ونتج عنها موت جماعى والى الإهمال ، اذ تعرضت فى بعض الحالات الى تبيض ثم تعافت بسرعة .

وقد دلت التقديرات الأولية بأن المحيط الهندى تأثر وبشكل كبير إذ حدثت أكثر حالات الهلاك بين المرجانيات وقد شوهت أكثر من 70% منها قابلة سواحل مناطق مثل كينيا المالديف وأندامانز Andamans كما أن 75% من المرجانيات قد هلكت فى منتزه جزيرة سيشل المائى ونحو 80% فى منتزه مافيا Mafia البحرى ، ومما لاشك فيه فإن بعض المرجانيات ربما تتعافى وحتى يمكن أن تقطنها الكثير من الطحالب المقاومة للإجهادات .

أن الآراء السائدة تقود الى أن تبيض المرجان ربما يصبح حالة متكررة وشديدة مع إستمرار الأرتفاع فى حرارة المناخ مما يعرض الشعاب المرجانية الى بيئات عدائية متزايدة وبالإضافة الى ذلك تشير الى ان أى استراتيجية للحفاظ على الشعاب المرجانية يجب ان تشمل على خفض الانبعاث لغازات الدفيئة (الاحتباس الحرارى).

إجراءات وقف التدهور

يجل اتخا اجراءات سريعة وفعالو وذلك بهدف خفض الاجهادات والضغوط على النظام الاحيائى للبيئة البحرية المدارية والعمل على اقامة توازن وخفض انبعاث الغازات الدفيئة والحفاظ على التكامل الطبيعى للبيئة البحرية وخفض الرواسب الصلبة فى المياه البحرية كما ولابد من مراقبة مواقع الشعاب المرجانية بواسطة اجهزة استشعار عن بعد او من خلال الاقمار الصناعية والتى تراقب درجات حرارة سطح البحر من خلال برنامج الانذار المبكر وكذلك دعم شبكات مراقبة الشعاب المرجانية العالمية وانشاء فرق تدخل سريعة وفرض مراقبة طويلة الأمد لقياس وتحديد عمليات التبيض او ابلاغ عن حالات الهلاك التى تحدث للمرجان وتقديم الدعم المالدى لتنفيذ هذه الاوليات .

وبعد كل ذلك يمكن القول إن التغير فى المناخ العالمى بشكل أخطاراً متنامية على الشعاب المرجانية ولاشك ان الزياد فى غاز ثانى أكسيد الكربون co2 فى الغلاف الجوى ربما تخفض من قدرات المرجانيات على تشكيل هياكل كلسية وتبطئ من نموها أو تجعلها هشه وتشير الدلائل الى أن درجات سطح البحر قد تعرضت للإرتفاع الى ما يقرب 0.5 درجة سيليزية يؤدى الى إضطراب المرجانيات بالاضافة الى ذلك فإن هذه المؤثرات الحرارية عرضه الى ان تتوافق مع ارتفاع فى مستوى منسوب البحر .

وأخيراً فإن عوامل متعددة ولاشك تهدد مستقبل الشعاب المرجانية على سطح الارض وعلي مستقبل بقائها وبالتالى يبرز خطر ذلك على الكائنات المحيطة بها والتى تتعايش معها ولهذا ورغم أن هذه الكائنات الجميله قد سكنت الارض منذ الاف السنين إلا أنها الأن عرضه للهلاك والإنقراض ولابد من العمل الجاد للإبقاء عليها والتعاون الحثيث للمحافظة عليها .

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 72