محيطات العالم مهددة بالانقراض
عنود القبندي
يفيد تقرير جديد لمجموعة من العلماء المتخصصين بأن أوضاع الحياة في المحيطات باتت أسوأ مما كان يعتقد. وينبه التقرير إلى أن بعض أنواع الاحياء البحرية يهددها «خطر الإنقراض بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية».
ويخلص واضعو التقرير إلى أن مجموعة من العوامل تضافرت، كل بطريقته، للوصول إلى هذا الوضع المقلق، خصوصاً صيد الأحياء البحرية إلى حد الاستنزاف، وتلوث البيئة، والتغير المناخي. ويقولون إن نتائج تأثير هذه العوامل السلبية على الإنسانية يبدو جلياً.
ونظم اجتماع هيئة العلماء والمختصين هذه «البرنامج العالمي للنظر في حال المحيطات، المعروف اختصاراً بـ«IPSO»، حيث تداول هؤلاء في النتائج التي توصلوا إليها، كل حسب اختصاصه، الذي توزع بين خبراء في الشعب المرجانية، وعلماء في السميات، وآخرون في صيد الاسم.
عندما نظر العلماء في التأثير السلبي الجماعي للإنسان على المحيطات، فإن تداعيات هذا التأثير أصبحت واضحة للعيان، وتبين أنه أسوأ مما كان يعتقد كل منا منفرداً.
بشكل عام، تولدت لدى الكثير من العلماء قناعة بأن وتيرة التغيرات التي تحدث للأحياء البحرية أسرع بكثير مما كنا نظن، أو لنقل تغيرات لم تحدث إلا عبر مئات السنين. وتشمل هذه التغيرات المتسارعة ذوبان جليد البحر المنجمد الشمالي، وجرينلاند وألواح الجليد في القطب المنجمد الجنوبي، وارتفاع مناسيب البحار، وانطلاق غاز الميثان المحصور في قيعان البحار.
لكن مما جعل أعضاء الفريق يقلقون أكثر هو ملاحظتهم للطريقة التي تتفاعل فيها الأمور المختلفة وتتعاون فيما بينها لزيادة المخاطر التي تتهدد الأحياء البحرية.
فعلى سبيل المثال، أن بعض الملوثات التي تلتصق بأسطح بعض المواد البلاستيكية الدقيقة توجد الآن في قيعان المحيطات.
وتجد هذه المواد طريقها إلى سلسلة المواد الغذائية التي تقتات عليها بعض انواع الأسماك التي تتخذ من قاع المحيط موطنا لها. وهناك ملوثات اخرى تجد طريقها إلى المحيطات وتستقر في قيعانها، كفضلات الحيوانات ومخلفات المزارع.
وبشكل عام، فإن زيادة حامضية مياه المحيطات، وارتفاع درجات هذه المياه، وزيادة صيد الأسماك التي تتهدد وجود أنواع مختلفة منها، كلها تزيد من الأخطار المحدقة بالشعاب المرجانية، إلى درجة أن ثلاثة أرباع الموجود منها في العالم قد يختفي عاجلاً.
وقد شهدت الحياة على الأرض «خمس حوادث أتت على جميع مظاهر الحياة فيها»، ومن بينها ارتطام كويكب سيار بها. ويقال إن الحادث السادس المتوقع الذي يلحق الأذى بالارض الآن هو تأثير سكانها مجتمعين على الحياة فيها.
ويستنتج تقرير «البرنامج العالمي للنظر في حال المحيطات» أنه من المبكر حسم الأمر بشكل لا لبس فيه، ولكن جميع المعطيات تشير إلى أن الأمر محتمل الوقوع وبوتيرة تفوق أي من الحوادث الخمس السابقة.
يذكر التقرير أن الحوادث الكارثية الخمس التي وقعت على الأرض ارتبطت بتغيرات نلاحظ مثيلاتها اليوم، ومنها عدم انتظام الدورة الكاربونية، وزيادة نسبة الحوامض، ومعدلات نضوب الأوكسجين في مياه البحر.
ويختتم التقرير النتائج التي توصل إليها بالقول «إن نسبة امتصاص المحيطات لثاني أكسيد الكربون أعلى بكثير مما كانت عليه عندما وقعت الكارثة التي قضت على الأحياء البحرية في الأرض عن بكرة أبيها قبل نحو 55 مليون سنة».
وتتضمن توصيات التقرير الفورية إيقاف صيد الأحياء البحرية غير المسئول وغير المنظم، والعمل على تخفيض نسبة الملوثات التي تجد طريقها إلى مياه المحيطات، والتخفيض الهائل في نسبة انبعاث الغاز المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري.
إن التحديات التي يواجهها العالم في الحفاظ على المحيطات جمة، ولكن، بخلاف الأجيال الماضية، فإننا نعلم ما يجب فعله. إن الوقت لحماية القلب الأزرق لكوكبنا قد حان.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 139