سحابة سوداء ناتجة عن احتراق الإطارات المستعملة تغيم فوق مدينة الجهراء
استيقظت الكويت صباح يوم الثلاثاء 17 أبريل 2012 على سحابة سوداء ضخمة نتيجة الحريق الهائل الذي اندلع خلال الليل في منطقة تجميع الإطارات المستعملة في منطقة "رحية" التي تقع حوالي 5 كيلومترات جنوب مدينة الجهراء منذرة بكارثة بيئية جديدة. و بفعل اتجاه الرياح خلال فترة الليل و ساعات الصباح الباكر فقد اتجهت سحابة السخام و غازات الاحتراق الناجمة عن الحريق ممتدة لمسافة تزيد عن عشرة كيلومترات فوق مدينة الجهراء مغطية معظم مناطقها. و مع تغير اتجاه الرياح خلال النهار امتدت سحابة الدخان فوق مناطق أخرى من الكويت.
ومنذ الساعات الأولى كانت الهيئة العامة للبيئة في طليعة الجهات المتواجدة بالموقع للتعامل الفني مع الحرائق وما تسببه سحابة الدخان من تبعات تلوث الهواء. حيث تواجد بموقع الحريق فريق من مدراء وموظفين الهيئة العامة للبيئة وشكلوا ما يشبه بغرفة عمليات بيئية لرصد كافة قراءات الهواء عبر الأجهزة المخصصة في مواقع منطقة سعد العبدالله والجهراء والمطلاع.
ومع توافد وصول ممثلي الجهات المعنية سواء من رجال المطافي أو الحرس الوطني أو الجيش الكويتي غيرها من الجهات ذات العلاقة فتحت الهيئة العامة للبيئة قنوات اتصال مع وزير الإعلام الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح لنقل الصورة البيئية بشفافية لوسائل الإعلام، فضلا عن التواصل مع وزير التربية الدكتور نايف الحجرف للتشاور في شأن تعطيل الدراسة من عدمه وفقا لتطورات الأحداث البيئية. كما تم التنسيق مع معهد الكويت للأبحاث العلمية لتسهيل عملية رصد جودة الهواء من خلال السماح لأحد محطات الرصد المتنقلة بدخول محمية كبد التابعة للمعهد.
واستمرت غرفة العمليات المصغرة للهيئة العامة للبيئة في تواجدها بموقع حريق الإطارات بمنطقة رحية، حيث انتشرت سيارات رصد ومتابعة حالة الهواء لقياس مدى تزايد ملوثاته الناتجة عن ألسنة اللهب وسحابة الدخان. بالإضافة إلى إعلان الهيئة العامة للبيئة بشفافية قراءات تلوث الهواء والتي جاءت جميعها وفق الاشتراطات المعمول بها بهذا الخصوص. ولطالما أعلنت الهيئة العامة للبيئة عن خطورة الوضع الكارثي في موقع الإطارات بمنطقة رحية، وأكدت في وقت سابق على حدوث الحريق أن الأمر خطير وينذر بحدوث كارثة بيئية وصحية، وكثيرا ما أهابت بالمسئولية عن الموقع بضرورة وسرعة التعامل العلمي والعملي بأساليب حديثة وسريعة ضمانه لتجنب ما حدث.
وفي إطار جهودها المتواصلة للتعامل مع كارثة حريق إطارات منطقة رحية شكلت الهيئة العامة للبيئة فرقا عديدة من مختلف التخصصات البيئية بالهيئة لدراسة الوضع البيئي في أعقاب السيطرة والانتهاء من إطفاء الحريق خاصة فيما يتعلق بدراسات التربة ومدى ما لحق بها من ملوثات كربونية وغيرها جراء عمليات الحريق والإطفاء، بالإضافة إلى دراسات تلوث الهواء بالعديد من الغازات المتصاعدة من سحابة الدخان على مدار أكثر من 24 ساعة. وكما تقول كل الفرقة التي انتقلت للموقع بإعداد التقارير العلمية لرصد كافة تطورات الوضع البيئي بالمنطقة ومقارنتها مع الحالة السابقة للحريق.
و قد حصل نظام معلومات الرقابة البيئية في الكويت (eMISK) على صور للقمر الصناعي (MODIS) من وكالة ناسا ليوم 16 أبريل 2012 قبل اندلاع الحريق و يوم 17 ابريل أثناء اندلاع الحريق تبين امتداد سحابة الدخان فوق منطقة ميناء الدوحة و جون الكويت.
وقامت الهيئة العامة للبيئة بتحليل بيانات قياس ملوثات الهواء الأساسية التي يجري قياسها عادة في محطات رصد تلوث الهواء الثلاث في سعد العبد الله و الجهراء و المطلاع و تبين أن هناك زيادة طفيفة في تراكيز بعض الملوثات مثل الهيدروكربونات الكلية (THC) و أكاسيد النتروجين (NOx) و أول أوكسيد الكربون (CO). والجدير بالذكر أن هذه الزيادات الطفيفة مازالت أدنى بكثير من المعايير القياسية المسموح بها في المعايير الوطنية الكويتية لجودة الهواء. ويعود السبب، و الحمد لله، في عدم تسجيل ارتفاع ملحوظ في تركيز الملوثات في محطات رصد تلوث الهواء لكون السخام و غازات الاحتراق الحارة الناتجة عن احتراق الإطارات كانت ترتفع في السماء و تتمدد أثناء انتقالها مرتفعة عن سطح الأرض. يبين الشكل أدناه موقع الحريق في رحية و مواقع محطات رصد تلوث الهواء.
تم ربط التراكيز المقاسة في محطة رصد تلوث الهواء في الجهراء (الموجودة على سطح المركز التخصصي لطب الأسنان) مع اتجاهات الرياح السائدة ليوم الثلاثاء 17 أبريل 2012 و تبين من الأشكال المبينة أدناه أن معظم الزيادات الملحوظة في التراكيز المقاسة كانت تأتي مع هبات الرياح من اتجاه الجنوب (أي من منطقة الحريق).
لكن بالرغم من ذلك يجب التنويه إلى خطورة الدخان و السخام (Soot) و الأبخرة العضوية الطيارة (VOCs) الناتجة عن الاحتراق غير الكامل للإطارات وذلك لما تحمله من مركبات سَّامة مثل الهيدروكربونات الحلقية العطرية (Polycyclic Aromatic Hydrocarbons, PAHs) والديوكسين والفيوران (Dioxins & Furans) و بعض المعادن الثقيلة الموجودة في الإطارات.
وقد تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على الحريق و حصره في منطقة صغيرة وإخماد النيران بواسطة تضافر العمل و الجهود المبذولة من خمسة مراكز تابعة للإدارة العامة للإطفاء ومن الحرس الوطني والبلدية.
وقد دعت الهيئة العامة للبيئة المواطنين والمقيمين باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية لضمان صحتهم وعدم تعرضهم للمؤثرات إن وجدت كالابتعاد عن موقع الحريق بشكل نهائي والتأكد من احكام النوافذ ومن كفاءة عمل فلاتر التكييف المركزي ووحدات تدوير وشفط الهواء الداخلي في المنزل في المناطق القريبة من الجهراء، وقامت الهيئة بنشر وحدات رقابة جودة الهواء بعدة مناطق في الكويت لقياس جودة الهواء وهي تقوم بشكل مستمر بقياس جودة الهواء ومتابعة مقاييس ومعايير وانتشار الملوثات وحركتها.