لتجنب المجاعات.. أمن غذائي بنظام إيكولوجي
برنامج الأمم المتحدة للبيئة - منظمة الأغذية والزراعة
إذا أريد للعالم أن يطعم 7 بلايين شخص، مع ارتفاع العدد بحلول عام 2050 إلى ما يربو على 9 بلايين شخص، عندئذ سيكون أحد العوامل الجوهرية إنتاج غذاء كاف وجيد بطريقة تحفظ أيضا موطئ قدم للبشرية داخل حدود كوكب الأرض.
هناك ثمة أدلة وافرة تشير إلى أننا نقوض الأساس الإيكولوجي للنظام الغذائي في العالم. ويعتبر بعض الأسباب أو الأخطار طويلة الأمد (الإفراط في الصيد، والممارسات الزراعية التي تؤدي إلى تآكل التربة)، بيد أن بعضها تعتَبر جديدة أو متزايدة (التغيير المناخي، والمناطق الميتة الساحلية، والتنافس على الأراضي بين الأغذية وأنواع الوقود الحيوي، والتنافس على المياه بين الري وقطاعات أخرى لاستخدام المياه).
الأساس الإيكولوجي للزراعة
لاحظ العلماء من عدة دراسات أجريت في أنحاء العالم أنه يجري تقويض مختَلف جوانب الأساس الإيكولوجي للزراعة.
ولكن حتى الآن كان من الصعب إجراء تحديد كمي لما وصل هذا إليه وأين جرى هذا. ومع ذلك، فإننا نعرف أن عمليات مسح الأراضي بالاستشعار عن بُعد التي جرت مؤخراً تشير إلى أن حوالي 20 % من الأراضي المنزرعة تتعرض للتآكل، مما أسفر عن انخفاض الإنتاجية. هذا معناه أنها شهدت إنتاجية متناقصة في الفترة بين سنة 1981 وسنة 2003. ويمكن للأخطار التي تهدد الأساس الإيكولوجي للزراعة أن تنشأ من اتجاهات كثيرة:
• التنافس على المياه: بينما يعتقد بعض الخبراء أن مطالب الغذاء في المستقبل تحتاج إلى تلبيتها بمزيد من الأراضي المروية، يذكر خبراء آخرون أنه سيكون من الصعب تلبية هذه المطالب الجديدة الخاصة بمياه الري بسبب المنافسة الشديدة جداً من عمليات سحب المياه المتزايدة سريعاً على المستويين المحلي والصناعي. وعلى سبيل المثال، تضمن تقدير النظام الإيكولوجي للألفية توقعاً بمضاعفة عمليات سحب المياه على المستوى المحلي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وزيادة بنسبة تتراوح من 20 إلى 90 % في آسيا، في الفترة بين التسعينات ومنتصف القرن الحادي والعشرين.
• التنافس على الأراضي: قد تتوقع الزراعة استمرار التنافس على الأراضي من محاصيل الطاقة الأحيائية وربما من المدن الآخذة في التوسع. وتشير بعض السيناريوهات إلى حدوث زيادة في الطلب على الأراضي من أجل محاصيل الطاقة الأحيائية بحوالي 0.8 إلى 1.7 مليون هكتار كل سنة في الفترة ما بين سنتي 2004 و 2030. وسوف يبلغ إجمالي المساحة السطحية المضافة أثناء هذه الفترة ما يعادل مساحة اليابسة في فنزويلا. ومن الممكن أن يتنافس بعض أو كل هذه الأراضي مع إنتاج الأغذية. وفيما يتعلق بالمناطق الحضرية، يعتقد بعض الخبراء أن المدن الآخذة في التوسع سوف تسفر عن فقدان في الأراضي الزراعية عند الحد الأدنى، في حين يقدر آخرون أن فقدان الأراضي الزراعية لصالح المدن قد يصل إلى حوالي 1.6 مليون هكتار سنوياً في أوائل العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين، وحوالي 1.6 إلى 3.3 مليون هكتار كل سنة في الفترة بين عامي 2000 و2030.
• الممارسات الزراعية الصناعية الحديثة: تنتج عن الممارسات الحديثة آثار شتى على خدمات النظام الإيكولوجي التي تشكل الأساس لإنتاج المحاصيل. وعلى سبيل المثال، تؤدي الزراعة الأحادية إلى انخفاض في التنوع البيولوجي بالمزارع وتؤدي بالتالي إلى زيادة في تأثر المحاصيل بالآفات والأمراض. وفي بعض الحالات يفسد الإفراط في الحراثة البنية الطبيعية للتربة، وفقدان التربة، بما في ذلك فقدان الكربون في التربة. وتسبب زيادة تسميد التربة آثاراً غير مستدامة بشأن البيئة خارج المزارع بما في ذلك إتخام المياه السطحية بالمغذيات وتلويث المياه الجوفية.
• الممارسات الزراعية التقليدية: لا تتطلب الزراعة التقليدية المدخلات الاصطناعية العالية (السماد والطاقة والمياه) الخاصة بالزراعة الصناعية الحديثة، لكنها إذا مورست بشكل غير متناسب (زراعة السفوح المنحدرة والإفراط في الرعي) يمكن أن يؤدي هذا إلى تآكل شديد في الأراضي.
• إزالة الغابات والتلوث بمبيدات الآفات: يمكن أن تتسبب إزالة الغابات والتلوث بمبيدات الآفات في الأراضي المجاورة للأراضي الزراعية في تدهور "التنوع البيولوجي خارج المزارع"، بما في ذلك تدمير العضويات المسؤولة عن تلاقح المحاصيل أو المكافحة الطبيعية لآفات المحاصيل. وقد تضمن تقييم النظام الإيكولوجي للألفية حدوث انخفاض في وسائل التلقيح في بلد واحد على الأقل في كل قارة باستثناء أنتاركتيكا "القارة المتجمدة الجنوبية".
• تغير المناخ: سوف تعمل آثار تغير المناخ على تفاقم الأخطار سالفة الذكر التي تهدد الزراعة. وسوف تشمل هذه الآثار تحولات في مناطق زراعة المحاصيل، وزيادة أولية في إنتاجية المحاصيل في المناخات الأكثر برودة، وانخفاضاً أولياً في إنتاجية المحاصيل في المناخات الأدفأ (بما في ذلك البلدان الفقيرة في المناطق المدارية حيث يعتبر الأمن الغذائي قضية هامة)؛ ولكن في نهاية الأمر، حدوث انخفاض في إنتاجية المحاصيل في كل مكان. وقد ذكر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أنه بحلول سنة 2020 يمكن أن تنخفض غلات المحاصيل البعلية في بعض البلدان الأفريقية بنسبة تصل إلى 50 % (بالنسبة إلى فترة تاريخية ما).
مصايد الأسماك
أجرت منظمة الأغذية والزراعة تقديراً بأنه يجري اعتباراً من سنة 2008، استغلال كامل بنسبة 53 % من الأرصدة البحرية العالمية، ويجري الإفراط في استغلالها بنسبة 28 %، وجرى نضوب 3 % منها، وهناك نسبة 1 % تستعيد عافيتها من النضوب. ولا تتوافر تقديرات مماثلة فيما يتعلق بمصائد الأسماك الداخلية. ويعتَبر الأساس الإيكولوجي لمصايد الأسماك البحرية معرضا للخطر من كثير من العوامل من بينها ما يلي:
• الإفراط في الصيد هو أول عامل يقوض الأساس الإيكولوجي لمصايد الأسماك.
• فقدان الموئل الساحلي مثل الشُعَب المرجانية وغابات المنغروف يُعتبر أيضاً عاملاً هاماً. وقد جرى خلال العقود الماضية تدمير أو تدهور قرابة 35 في المائة من غابات المنغروف و40 % من الشُعَب المرجانية.
• شبكات الصيد التي تُجَر على قاع البحار وممارسات الحفر والصيد الإتلافية مثل استخدام الديناميت ويؤدي السيانيد أيضاً إلى فقدان أو تعديل الموئل.
• تدهور نوعية المياه الساحلية يعتبر خطراً جديداً نسبياً يهدد مصايد الأسماك البحرية. ومن المعروف الآن أن جريان المغذيات من الأراضي الزراعية والبلديات يُعد واحداً من الأسباب الرئيسية لظهور مناطق جديدة تشهد إتخامها بالمغذيات الساحلية ومناطق ينخفض فيها بشدة الأكسجين المذاب ونضوب الحياة المائية. وقد أدى هذا إلى تناقص المنطقة التقليدية من موئل الأسماك البحرية والأسماك الكثيرة الارتحال. وهناك إلى هذه المرحلة ما يزيد على 400 "منطقة ميتة" جرى تحديدها في المناطق الساحلية.
• تغير المناخ سوف يؤدي إلى حدوث درجات حرارة أدفأ في المياه ووجود مياه أكثر تحمضاً في المحيطات مما سيكون له آثار كثيرة على مصايد الأسماك البحرية. وبصفة خاصة يتوقع الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ حدوث انخفاض على المستوى العالمي بنسبة 18 % في الشُعَب المرجانية في العالم خلال العقود الثلاثة القادمة بسبب ضغوط متعددة، تتفاقم بتأثير تغير المناخ. وهذا سوف يقَلص موئلاً هاماً جداً للأسماك.
واستناداً إلى دراسات فردية، من المفترض أن تتمثل بعض الأخطار الأساسية التي تهدد مصايد الأسماك المحلية فيما يلي:
• تطوير البنية الأساسية، مثل إنشاء السدود على مستجمعات مياه الأنهار، إنما يتلف أو يعدل الموائل المحلية لمصائد الأسماك. فهناك ما يزيد على نسبة 50 % من الأنهار الكبيرة جرى تقسيمها ببناء سدود على مجراها الرئيسي ونسبة 59 % جرى بناء سدود على روافدها.
• يؤدي التغير في استخدام الأراضي وإزالة الغطاء النباتي إلى زيادة الجريان السطحي والتآكل وتلوث المياه بالرواسب. وعملت الأنشطة التي يمارسها الإنسان على زيادة تدفق الرواسب إلى الأنهار بحوالي 20 % في أنحاء العالم.
• يعمل التوسع الزراعي على تعطيل القدرة على الاتصال بين السهول الفيضانية والأنهار - وتعتبر السهول الفيضانية من بين أكثر الموائل إنتاجاً فيما يتعلق بمصائد الأسماك الداخلية.
• يعمل الجريان السطحي الزراعي وتصريف المياه المحلية ومياه الفضلات الصناعية على تدهور جودة كثير من المياه الداخلية. وقد تزداد الأحمال التي تنقلها مياه النفايات إلى المياه الداخلية في أفريقيا بمعامل أربعة إلى 8 في الفترة بين التسعينات وسنة 2050.
أنماط استهلاكية
• بقدر ما تصبح البلدان أكثر ثراءً، يميل استهلاك الفرد من اللحوم إلى الزيادة. وبوجه عام، يتطلب الأمر مزيداً من الموارد (على سبيل المثال الأراضي والمياه) لإنتاج اللحوم بالمقارنة إلى الحبوب والفواكه. وتشير إحدى الدراسات إلى أنه تلزم كمية 6 إلى 15 متر ا مكعبا من الماء لإنتاج كيلو غرام واحد من اللحم (الدجاج أو الضأن أو لحم البقر الذي يتغذى على الحبوب) بالمقارنة إلى 0.4 - 3 أمتار مكعبة لكل كيلوغرام من الحبوب أو الموالح.
• وبقدر ما يصبح الناس أكثر يسرا في المعيشة، يتخذ كثير منهم عادات سيئة في الأكل وتكون النتيجة زيادة الأمراض المتصلة بالعادات السيئة في الأكل. وتذكر منظمة الصحة العالمية في تقريرها أن الأمراض المتصلة جزئياً بالسمنة وبالإفراط في الأكل تؤدي إلى وفاة 2.8 مليون شخص على الأقل كل سنة.
نظم غذائية مستدامة
تتمثل سبل تأمين الأساس الإيكولوجي للأمن الغذائي في بناء نظام غذائي عالمي مستدام. إن النظم الغذائية المستدامة، كجزء من "اقتصاد أخضر" جديد، تقدم بديلاً للنُظُم الغذائية الحالية ويمكن أن تساعد في تأمين الأساس الإيكولوجي للزراعة ومصائد الأسماك.
يتسنى بفضل النُظم الغذائية المستدامة إنتاج أطعمة مغذية كافية وفي نفس الوقت تحافظ على الموارد التي يعتمد عليها النظام الغذائي، في حين تعمل على تخفيض آثارها البيئية. وتستند مثل هذه النُظُم إلى طريقة تفكير ترى جميع الأنشطة التي لها صلة بالغذاء (الإنتاج والتجهيز والنقل والتخزين والتسويق والاستهلاك) على أنها مترابطة ومتفاعلة. وتندرج النُظم الغذائية المستدامة أيضاً في إطار المفهوم الشامل لوجود "اقتصاد أخضر" الذي برز خلال السنوات القليلة الماضية باعتباره طريقة اقتصادية جديدة للتفكير. ومن خلال الاستثمار في ممارسات وتكنولوجيات مستدامة، يُسفِر الاقتصاد الأخضر عن تحسن في رفاه البشر والعدالة الاجتماعية، ويعمل في الوقت نفسه على تقليل المخاطر البيئية وحالات الندرة الإيكولوجية. وتعتبر جميع النقاط التالية متسقة مع هذه المفاهيم.
الاستهلاك المستدام
تتمثل طريقة عامة واحدة لجعل النظام الغذائي العالمي أكثر استدامة في تعزيز "الاستهلاك الغذائي المستدام"، رغم أن الأنماط الحالية لاستهلاك الأغذية ساهمت في جعل النظام الغذائي العالمي غير مستدام، من الصحيح أيضاً أن وجود "نظام حمية غذائية مستدام" يمكن أن يساعد على جعله أكثر استدامة. فتعزيز هذا النوع من نظام الحمية الغذائية يوجِد رابطاً هاماً بين السياسات الزراعية والبيئية والصحية. وتهدف نُظم الحمية الغذائية المستدامة إلى ما يلي:
1. تخفيض أثر إنتاج الأغذية على الموارد والبيئة بتشجيع استهلاك الأغذية التي تتطلب مقادير أصغر من الموارد من غيرها.
2. تعزيز القيمة المغذية لنظم الحمية الغذائية للأشخاص لتقليل عدد الناس الذين يتعرضون للمعاناة من الأمراض ذات الصلة بسوء التغذية أو السمنة.
وما زال لا يوجد اتفاق دولي بشأن تفاصيل نظام حمية غذائية مُستدام، بيد أن معظم الخبراء يتفقون على أن المستهلكين في البلدان المتقدمة النمو ينبغي أن يقللوا استهلاكهم النسبي من اللحوم ومنتجات الألبان وأن يعملوا بشكل متناسب على زيادة استهلاكهم من منتجات الخضروات والفواكه. ويتمثل أحد الخيارات في إعداد مبادئ توجيهية يمكن تصميمها وفقاً لمختلف المناطق.
هناك طريقة عامة أخرى لجعل النظام الغذائي العالمي أكثر استدامة في إعادة توجيه سلسلة الإمدادات الغذائية، رغم أن الأمر يستلزم رفع المستوى بشكل هام، يجري إحراز تقدم في هذا الاتجاه عن طريق ما يلي:
1. برامج من أجل المصادقة ووضع المعايير وذلك عن طريق شراكات عامة/ خاصة.
2. من خلال اعتماد سياسات مستنيرة للاستدامة من جانب بعض الهيئات الرئيسية صانعة الأغذية وتجار التجزئة، بما في ذلك التزاماتهم بشراء المنتجات الغذائية من منتجي الأغذية غير الضارة بالبيئة.
3. من خلال إجراءات خاصة بالسياسات تهدف إلى تعزيز الحلول المبتكرة المشتركة بين القطاعين العام والخاص، والمزارعين على المستويين الوطني والدولي.
4. بتطبيق تحليل دورة الحياة كأداة لتحديد الفرص من أجل تحسين الكفاءة في استخدام الموارد في سلسلة الإمدادات الغذائية.
تراكم القمامة
ورغم ضخامة كميات القمامة وفقد الأغذية، يمكن التقليل منها في المرحلة الاستهلاكية من سلسلة الإمدادات الغذائية ولدى المرحلة الختامية من السلسلة لدى تاجر التجزئة والمستهلك.
• على المستوى العالمي، تشير التقديرات إلى أن ثلث الأغذية المنتجة من أجل الاستهلاك الإنساني يضيع أو يُهدر، حيث يبلغ 1.3 بليون طن في السنة.
• في البلدان المتقدمة النمو، يخرج الكثير من القمامة 40 % لدى مرحلة المستهلك وتاجر التجزئة.
• في العالم المتقدم النمو تحدث عمليات الفقد أساساً في الإنتاج ولدى مرحلة ما بعد الحصاد. وقد تضيع كمية تبلغ نسبتها 40 % من الأغذية التي يتم جمعها قبل استهلاكها بسبب عدم توافر عمليات التجهيز والتخزين والنقل.
• توجد خيارات جيدة كثيرة لتقليل فقد الأغذية في المرحلة الاستهلالية من سلسلة الإمدادات الغذائية (الجزء ابتداءً من إنتاج الأغذية إلى توزيع المنتجات الغذائية على تجار التجزئة): مساعدة صغار المزارعين على تنظيم عمليات مركزية للتخزين والنقل والتبريد وغير ذلك من المرافق بغية تقليل كميات الفقد في مرحلتي الإنتاج وما بعد الحصاد؛ وتوفير التدريب لمنتجي المواد الغذائية لمساعدتهم على الالتزام بمعايير سلامة الأغذية لكي لا يلزم إلقاء كميات من الأغذية بسبب انتهاكات هذه المعايير.
• وعلى نحو مماثل، هناك بدائل كثيرة لاتخاذ إجراءات لتقليل الفاقد من الأغذية في المرحلة الختامية من سلسلة الإمدادات الغذائية (تجار التجزئة والمستهلكون): زيادة الوعي العام بشأن أهمية عدم إهدار الأغذية؛ وتخفيف ضوابط معايير الجودة التي لا تؤثر على مذاق أو سلامة الأغذية مثل الوزن والحجم والمظهر؛ وتطوير الأسواق من أجل المنتجات دون المستوى المطلوب والمنتجات القابلة للاستهلاك التي تعتبر من نوع الفضلات، على سبيل المثال، المنتجات التي أصيبت بتلف عند التعبئة والتغليف.
استراتيجيات استدامة الزراعة
الاستراتيجيات الرامية إلى جعل الزراعة أكثر استدامة تندرج في فئتين، تلك الاستراتيجيات على صعيد المزارع وتلك على صعيد مساحات المناظر الطبيعية.
فعلى صعيد المزارع، وجدت نهج كثيرة ناجحة في تخفيض أثر الأنشطة الزراعية على الموارد الطبيعية والبيئة. وهذه النهج يشمل ما يلي:
• تحسين إدارة التربة وجعل استخدام المياه للأغراض الزراعية أكثر كفاءة.
• زيادة كفاءة النباتات من خلال الإدارة المتكاملة للمغذيات.
• مكافحة الآفات من خلال إدارة متكاملة للآفات.
• استخدام تقنيات الحراجة الزراعية.
• استخدام إدارة متكاملة للماشية.
• تحسين وصيانة تنوع الموارد الجينية.
استراتيجية المناظر الطبيعية
بينت التجربة أن العمل على صعيد المزارع وحده لا يمكن أن يحقق نظاماً زراعياً مستداماً. وتتمثل استراتيجية أنجح في الجمع بين الأنشطة على صعيد المزارع و"نهج للمناظر الطبيعية" بحيث تجمع معاً الأنشطة الزراعية وغير الزراعية في منطقة أوسع نطاقاً.
وتعتَبر استراتيجية المناظر الطبيعية نوعاً من عملية التخطيط على المستوى الإقليمي والتي تهدف إلى تحقيق مناظر طبيعية مع عدة أغراض مفيدة (إنتاج الأغذية، إنتاج الأخشاب، الاستجمام، الإسكان) وتحقيق أوجه تآزر إيجابية بين العناصر الفاعلة والمصالح. ويعتَبر نهج المناظر الطبيعية أيضاً وسيلة لإشراك الأسر المعيشية المحلية والمجتمعات المحلية والجهات الأخرى صاحبة المصلحة في زراعة مستدامة، ومن أجل توفير منظور طويل الأجل للمجتمعات المحلية الزراعية وغير الزراعية. ويمكن أن يؤدي نهج المناظر الطبيعية إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتوفير سُبُل الرزق المحلية وزيادة قدرة الزراعة على الانتعاش في مواجهة تغير المناخ.
استثمارات مستدامة في الزراعة
الاستثمارات في الزراعة المستدامة سوف تحقق فوائد كثيرة. بغية تعزيز الأمن الغذائي، تضع منظمة الأغذية والزراعة تقديرات بأن الاستثمارات الزراعية السنوية للبلدان النامية يتعين زيادتها إلى حوالي 209 بلايين دولار بحلول سنة 2050.
ويذكر تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن الاقتصاد الأخضر أن استثمار 198 بليون دولار في الزراعة المستدامة على مدى الفترة 2011 - 2050 سوف يؤدي إلى ما يلي:
(1) تحسين نوعية التربة، وزيادة الغلات الزراعية وتخفيض الاحتياجات من الأراضي والمياه اللازمة للزراعة.
(2) زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وإضافة ما يبلغ 47 مليون وظيفة إضافية بالمقارنة إلى السيناريو التقليدي خلال السنوات الأربعين القادمة.
نماذج استدامة الزراعة
توجد خيارات كثيرة لزيادة نماذج الزراعة المستدامة على صعيد المزارع وصعيد المناظر الطبيعية ليتسنى استخدامها في أنحاء البلد. وهذا يحتمَل أن يعطيها تأثيراً رئيسياً على النظام الغذائي العالمي. يمكن الارتقاء بمستوى الزراعة المستدامة عن طريق ما يلي:
• توفير الدعم من أجل تعلم المــــــزارعيـن والمجتمعـات المحلية، على سبيل المثال، بتثقيف جيل جديد من العاملين بالإرشاد الزراعي المتمرسين على التقنيات الزراعية المستدامة.
• توسيع نطاق حقوق حيازة الأراضي للمزارعين لتشجيع إشرافهم على المناظر الطبيعية.
• توفير السُبُل التفضيلية للحصول على الائتمان للمزارعين الراغبين في الاستثمار في ممارسات أكثر استدامة.
• مكافأة المزارعين والمجتمعـات المحـــــليــة الزراعية على رعاية النظام الإيكولوجي.
• إعداد "رؤية مشتركة" بين كثير من الجهات صاحبة المصلحة عن كيفية إمكان إدارة الزراعة والنظم الغذائية في منطقة ما.
• تعزيز المؤسسات الوطنية والدولية، وكذلك المنظمات الخاصة، من أجل المصادقة على المنتجات الزراعية المنزرعة بشكل مستدام.
الاقتصاد الأخضر
الاستراتيجيــــات الاقتصاديـة المتوافقة مــع "الاقتصاد الأخضر" تعتَبر أساسية أيضاً في الارتقاء بمستوى الزراعة المستدامة. وتشمل هذه الاستراتيجيات ما يلي:
• زيادة الاستثمار من خلال ترشيد إعانات التصدير وإعادة توجيه التدفقات النقدية صوب الاستثمارات الزراعية.
• زيادة الاستثمار العام في البحث والتطوير لتعزيز القدرة المؤسسية العامة.
• تشجيع إدراج صغار المزارعين في مبادرات جماعية في سلسلة الإمــــــدادات مثـــــــل المصادقة والتوسيم.
• تحسين سبل الحصول على الموارد المالية لصغار المزارعين ليتسنى لهم المشاركة في ممارسات الزراعة المستدامة التي تعظم تعدد أوجه الاستخدام في حيازات المناظر الطبيعية الزراعية.
المصدر: مجلة بيئتنا -الهيئة العامة للبيئة - العدد 153