هذه الكائنات العجيبة!
عبدالوهاب السيد
على الرغم من الكم الهائل من فصائل الكائنات الحية التي اكتشفها العلماء، إلا أننا وكما يرى الكثيرون لازلنا في بداية الطريق، إذ لا زال العلماء يكتشفون يوما بعد يوم كائنات حية غريبة وفصائل جديدة يعتبر وجودها بحد ذاته ظاهرة علمية تتحدى المنطق !! وعندما يتعلق الأمر بالبحار بشكل خاص فإن الأمر يحوي مفاجآت لا حصر لها، منها ما حدث عام 1976 عندما كانت البارجة الحربية الأمريكية (شتاين) تقوم بجولة عسكرية في المياه الاستوائية جنوب (الولايات المتحدة الأمريكية).
حفر صغيرة
بينما كان كل شيء يسير بصورة اعتيادية، اهتزت البارجة فجأة بعنف شديد وبشكل يوحي أن شيئا ما قد اصطدم بقاعها، والغريب أن أجهزة السونار لم ترصد وجود أي شيء غير عادي في الجوار، وكان هذا بالفعل أمرا غريبا أصاب البحارة بذعر لا مثيل له، خاصة وأن عنف الاصطدام كان يوحي بأن الذي ارتطم بالبارجة شيئا بالغ الضخامة لا يمكن ألا ترصده الأجهزة التي تعطلت تماما بعد الاصطدام، حتى أن الفنيين عجزوا عن إصلاحها، الأمر الذي أرغم القبطان أن يعود بالبارجة إلى الميناء الحربي في (سان دييغو)، وهناك تم إخضاعها إلى فحص دقيق لمعرفة نوعية الحادث التي تعرضت له، فاكتشف الفنيين وجود عشرات الحفر الصغيرة المتراصة على مساحة هائلة وبشكل شبه دائري في قاع البارجة!! وبعض تلك الحفر كانت تحوي أسنانا طويلة حادة جدا !! وكان الأمر واضحا وهو أن حيوان بحري ضخم قد ارتطم بالسفينة فسبب كل هذا التلف، وقد قام عالم الأحياء (كارل ستوفر) بفحص الأسنان التي خلفها ذلك الكائن، ليعلن بعد دراسة استمرت عدة أيام أنها تنتمي لكائن بحري لا ينتمي لأي فصيلة معروفة، ولكن من المؤكد أنه أكبر حجما من الحوت الأزرق بمرتين على الأقل !!! علما بأنه من المعروف علميا أن الحوت الأزرق هو أكبر كائن حي في وقتنا الحالي. وكان هذا الاكتشاف مثيرا للغاية حيث هز القواعد العلمية المعروفة هزا !! ولم يستطع العلم حتى اليوم التوصل إلى معلومات إضافية عن ذلك الكائن، ولا عن سبب عدم رصده من قبل أجهزة السونار.
كائن متوحش
وفي نفس العام وقعت حادثة لا تقل غرابة عن الحادثة الأولى، وكانت لسفينة تابعة للبحرية الأمريكية أيضا، عندما وجد بحارة السفينة كائنا بحريا متوحشا يبلغ طوله أكثر من أربعة أمتار ونصف، ويزن حوالي ثلاثة أرباع الطن، وكان له فم هائل الحجم به سبعة صفوف من الأسنان الحادة جدا والشبيهة بالمسامير، اشتبكت مع مرساة السفينة وسببت للبحارة إرباكا شديدا، وقد قام البحارة بتسليم جثة ذلك الكائن العجيب للعلماء حيث تبين أنه لا ينتمي إلى أي نوع أو فصيلة معروفة من الكائنات الحية التي يزخر بها كوكبنا، فقد كان كائنا جديدا أطلقوا عليه اسم (الفم العملاق) (Mega Mouth)، وهناك أيضا قصة الوحش (كادبروسورس)، وهي عجيبة للغاية، فهذا الوحش يشبه كثيرا وحوش ما قبل التاريخ العملاقة، وحتى اسمه شبيه جدا بأسماء الديناصورات، وهو بنفس الوقت من أكثر الكائنات العجيبة التي درسها العلماء، لأنه وحش هادئ جدا كان يظهر كثيرا عند ساحل (فانكوفر) الكندي، ولا يحاول الاختباء أو حتى الابتعاد عند تواجد السفن أو المراكب قريبا منه، لذا فقد درسه العلماء دراسة تفصيلية وأصبحوا يملكون ملفا كاملا عنه، ووحش (كادبروسورس) هذا ضخم الجثة كثيف الفراء أشبه بالدب القطبي ولا يقل طوله عن اثني عشر مترا !! وقد اختفى هذا الكائن تماما منذ ما يزيد عن 15 سنة، الأمر الذي يرجح أنه قد مات وانقرض بعد أن كان الوحيد من نوعه،
غضب اخطبوط
أما أغرب المشاهدات على الإطلاق فهي تلك التي تتعلق بالأخطبوط، والحديث هنا ليس عن الأخطبوط الذي نعرفه، بل عن أخطبوط هائل الحجم تحدثت عنه المراجع التاريخية والسجلات الرسمية بالتفصيل، ففي ثلاثينات القرن العشرين أصيب بحارة سفينة الشحن العملاقة (بيرل) بذعر شديد ودهشة لا حدود لها حين رأى أفرادها أخطبوط هائل الحجم بالقرب من سفينتهم يتطلع إليهم بهدوء مخيف !! ورغم أنه لم يفعل شيئا يوحي بأنه كائن متوحش، إلا أن خوف أحد بحارة السفينة (بيرل) قد أضاع صوابه وجعله يقدم على تصرف غبي عندما سحب مسدسه وأطلقه نحو هذا الأخطبوط، ففجأة تحول هذا الهدوء إلى غضب هائل جعل الأخطبوط ينقض على السفينة التي تزيد حمولتها عن 150 طنا، لتلتف أذرعه الثمانية بالسفينة ويجذبها بمن عليها إلى القاع !! والغريب أن هذه الحادثة قد وقعت أمام عدد كبير جدا من البحارة أفراد سفينة شحن أخرى وهي السفينة (سترايثون) التي لم يكن يفصلها عن كل ما حدث سوى 60 مترا فحسب، الأمر الذي أصابهم برعب هائل ولساعات طويلة وهم يتوقعون انقضاض ذلك الأخطبوط على سفينتهم بأي لحظة، ولكن خوفهم هذا تلاشى تدريجيا، بعد أن مرت ستة ساعات كاملة لم يحدث لهم فيها أي شيء، الأمر الذي يرجح أن هذا الأخطبوط العملاق لم يكن عدائيا بطبعه، ولكنه تصرف بهذه الطريقة بعد أن أثار غضبه البحار الذي أطلق عليه النار.
معركة شرسة
وفي عام 1966 حدثت معركة شرسة بين أخطبوط هائل الحجم وحوت ضخم من حيتان العنبر انتهت بغوص الاثنين في الأعماق دون أن يعلم أحد من انتصر في ذلك الصراع المخيف، وقد شاهد تلك المعركة الرهيبة العشرات من بحارة سفينة (سان باولو) الذين صعقوا لما شاهدوه من صراع شبيه بالذي يحدث في الروايات الخيالية، وهناك واقعة أخرى شوهد فيها أخطبوط ضخم بالقرب من سفينة حربية قريبة من جزر المالديف، عندما كان بحارة السفينة يتطلعون إلى دائرة خضراء ضخمة تبين لهم أنها ليست سوى عين لأخطبوط عملاق مستلقيا باسترخاء بجوار السفينة، وقد تصرف البحارة بحكمة على الرغم من ذهولهم ورعبهم، إذ لم يقوموا بأي عمل قد يستفز ذلك المخلوق العملاق، ولكن هذا لم يمنعهم من محاولة تحديد طول الأخطبوط الذي تبين أنه أكثر من 58 مترا !!.
مخلوقات مجهولة
أمر الكائنات الغريبة لا يقتصر على البحار فحسب، بل يمتد ليشمل اليابسة أيضا، فهناك مناطق كثيرة على كوكبنا لم تطأها قدم إنسان من قبل، كبعض أجزاء غابات أفريقيا وغابات (روسيا) وبعض المناطق الأخرى في أميركا الجنوبية، ومن المرجح أن تعيش في تلك المناطق مخلوقات برية مجهولة تماما بالنسبة لنا، بل وتتحدث المراجع العلمية عن الكثير من الكائنات البرية الغريبة التي اكتشفها العلماء والباحثون بالفعل، ففي أفريقيا وفي عام 1941 أوقع الصيادون في شباكهم حيوانا مفترسا يجمع بين صفات النمر والأسد معا، وأطلقوا عليه اسم (ناندا)، وقد أثار هذا الحيوان حيرة العلماء كثيرا عندما قاموا بفحصه بسبب تركيبته الغريبة المدهشة، خاصة وأن النمر -وهذا ما قد يجهله الكثيرون- حيوان استوائي أما الأسد فحيوان أفريقي ولا يمكن أن يظهر الاثنين في مكان واحد كما نشاهد في الأفلام الكارتونية، كما أوقع الصيادون في شباكهم ذات مرة حيوانا آخر يبدو كخليط من الزرافة والحمار الوحشي، وقد أطلقوا عليه اسم (أوكابي)، وهناك أيضا الـ (جباكابرا) وهو كائن غريب الهيئة يشبه (الكنغر) إلا أن له أنيابا بارزة ومخالب طويلة وعينان حمراوان، ويزيد طوله عن المتر بقليل، ولونه بني داكن، وقد شوهد ذلك المخلوق من قبل العشرات من الناس، وكانت أولى المشاهدات في (بورتوريكو) عام 1996 وبعدها في (الولايات المتحدة الأمريكية) وخصوصا في (تكساس) و(فلوريدا)، وقد تلقت السلطات العديد من البلاغات من مزارعين تعرضت حيواناتهم لهجوم الـ(جباكابرا) الذي كان يحدث جرحا صغيرا في الحيوان ثم يمتص دمه حتى الموت من خلال ذلك الجرح، ولعل هذا هو السبب الرئيسي في تسمية ذلك الحيوان بهذا الاسم، فكلمة (جباكابرا) هي كلمة أسبانية تعني (مصاص دماء الماعز). ويعتقد الباحثين أن ذلك المخلوق إن كان موجودا بالفعل، فإنه قد يدخل في بيات شتوي طوال فترة الشتاء، وهناك الكثير والكثير جدا من الوقائع الأخرى التي تمت فيها مواجهة كائنات برية غريبة غير معروفة لدى العلماء، وبعض هذه المخلوقات الغريبة تم التقاط صور فوتوغرافية لها، والبعض الآخر قد تم تحنيطه وعرضه في المتاحف.
كما أن هناك كائنات غريبة أخرى أكثر شهرة بكثير من التي ذكرناها، كوحش (لوخ نس)، و(التنين) و(رجل الثلوج) وسيتم الحديث عنهم في مواضيع منفصلة بإذن الله.
كائنات عجيبة
والواقع أن الغالبية العظمى من الحوادث السابقة التي شوهدت فيها تلك الكائنات كانت متفردة، أي أنه لم يتم رصد أي كائنات أخرى من نوعها يمكن اعتبارها جزءا من عائلة، وهذا يقود بالتبعية إلى سؤال بالغ الأهمية، هل وجدت تلك الكائنات نتاج طفرة وراثية مجهولة الأسباب؟! لا أحد يعلم حتى الآن، أما لمن يظنون أن الأمر متعلقا بالهندسة الوراثية، فهي لم تكن حتى فكرة في الأذهان حين تمت المشاهدات الأولى لتلك الكائنات العجيبة !!. وهناك تفسيرا متعارفا عليه بين العلماء هو الأكثر قبولا في الأوساط العلمية، إذ يعتقد العلماء أن تلك الكائنات الغريبة تعيش في الأعماق السحيقة من البحار التي لم يصل إليها الإنسان حتى الآن !! وأنها تصعد إلى سطح المياه لأسباب مجهولة بين وقت وآخر، في حين يرى البعض أن معظم الكائنات التي ذكرناها قد تكون موجودة منذ ملايين السنين، وقد ظنها العلماء منقرضة، تماما كما حدث مع سمكة (Coelacanth) التي وجدها العلماء عام 1938 بعد أن ظنوها منقرضة منذ أكثر من 60 مليون سنة !!.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 90