حسب تقرير 21 وكالة بيئية
آسيا وأفريقيا نقيضان في مواجهة التغير المناخي
عنود محمد القبندي
تعتبر قارة آسيا الأكثر تعرضا للمخاطر الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض الناتجة عن التغير المناخي وهذا ما حذر منه الكثير من خبراء البيئة.
هذا ما جاء في تقرير أعده تحالف يضم 21 من وكالات للبيئة والمساعدات الإنسانية منها أصدقاء الأرض والسلام الأخضر وأوكسفام بالتعاون مع الهيئة الدولية للبيئة والتنمية.
فجميع الظواهر التي ترتبط بالتغير المناخي تهدد التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته دول القارة الآسيوية على مدى العقود الماضية. ولكن هناك خطر رئيسي يهدد القارة الآسيوية خاصة الدول المطلة على المحيطين الهادي والهندي وهو ارتفاع منسوب المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
مشكلة إنسانية
نصف سكان أسيا يتمركزون في المناطق الساحلية وبالتالي هي المناطق الأكثر تعرضا لكوارث طبيعية كالأعاصير والفيضانات الناتجة عن التغير المناخي أي أنها سوف تكون مسرحا للدراما الإنسانية.
فتقريبا ما يعادل ثلثي سكان العالم سوف يجدون أنفسهم متواجدين على خط المواجهة الأول مع مخاطر التغير المناخي، كما أن العديد من وكالات البيئة للدول الصناعية الكبرى كالمملكة المتحدة تدعو لاتخاذ خطوات فاعلة للحد من انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض بنسبة %80 على الأقل بحلول 2050. فالدول النامية والقوة الاقتصادية الصاعدة يجب أن تستخدم مصادر الطاقة البديلة غير الملوثة للبيئة والمعروفة بالطاقة النظيفة وتكون الدول الكبرى مثالا تحتذى بها هذه الدول.
إن شعوب آسيا من المعروف عنهم أنهم قاسوا الكثير لكي يحسنوا أوضاعهم المعيشية لكنه في ظل هذا التغير المناخي فمن المحتمل أن تنسف أحوال الطقس السيء كل ما قاساه سكان آسيا، والمثال على ذلك بنغلادش فقد هطلت الأمطار الغزيرة على المناطق الشمالية في فترة تقارب 24 ساعة أي أنها يوم كامل والذي تسبب في فيضان العديد من الأنهار على ضفافها فإذا لاحظنا أن بنغلاديش لا يوجد جزء منها يخلو من الأنهار سواء كانت كبيرة كنهري الغانجس وميغنا أو صغيرة غير المعروفة. ولا يقل عدد الأنهار عن التسعمائة.
فيضان الأنهار في الأجزاء الجنوبية والشرقية من البلاد ترك نحو نصف مليون شخص تقريبا محاصرين في منازلهم، كماهبت الرياح الشديدة التي اقتلعت الأشجار وسوت المازل بالأرض الأمر الذي ألحق الأضرار الكبيرة للسكان والذي أسفر عنه الآلاف من القتلى والذي تسبب فيه الإعصار « سيدر» والذي بلغت سرعته نحو 131 ميلا في الساعة، وبنغلادش دولة تتعرض للفيضانات بشكل كبير حيث تعرضت لإعصار عام 1970 والذي أسفر عنه سقوط نصف مليون قتيل فيما أدى فيضان نجم عن اعصار في 1991 إلى مقتل 138 ألف شخص.
أفريقيا المنسية في حرب التغير المناخي
بينما آسيا تغرق بالفيضانات بسبب التغير المناخي أفريقيا المنسية تحتاج للمساعدة لمواجهة نقص المياه المتوقع وتراجع المحاصيل الزراعية.
فقد توقعت لجنة المناخ في الأمم المتحدة أن هناك الكثير من الأضرار سوف تلحق بأفريقيا الأمر الذي سيبرر اتخاذ تحركات عالمية أكثر صرامة لإبطاء ارتفاع درجة حرارة الأرض حتى دون الاهتمام بآثارها المحتملة على مناطق آخر من العالم.
فالدول الكبرى النامية كالصين والهند حصلا من الدول الغنية على أموال كثيرة أكثر بكثير من أفريقيا للمساعدة في تقليل الغازات المسببة للاحتباس الحراري والاستثمار على سبيل المثال في إقامة محطات لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح وأخرى لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه أو التخلص من الانبعاثات الصناعية هذا ما جاء على لسان « دي بوير « رئيس أمانة الأمم المتحدة للتغير المناخي.
حصلت أفريقيا على مساعدات قليلة نسبيا لمساعدتها على التكيف مع الجفاف والتصحر وانتشار الأمراض وارتفاع منسوب مياه البحر كما أن أفريقيا في الوقت الراهن لاتحصل على الكثير من سياسة التغير المناخي، بينما هذا التغير المناخي سيضر القارة بشدة.
فمن المتوقع أن أن يواجه ما بين 75 و250 مليون شخص بأفقر قارات العالم مشكلات متزايدة تخص المياه بحلول عام 2020.
كما أن المحاصيل التي تعتمد على الأمطار في ريها ببعض دول أفريقيا قد تقل إلى %50 بحلول عام 2020، وأيضا تكاليف التكيف مع ارتفاع مناسيب البحار بأفريقيا قد تصل لما بين خمسة وعشرة بالمئة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية القرن خاصة على المناطق الساحلية والتي ستؤثر عن طريق ارتفاع ملوحة الأراضي فيها على المحاصيل الزراعية، لذا يجب زراعة محاصيل تتحمل هذه الظروف. وأيضا هناك توقع بزيادة في مساحة الأراضي الجافة بين خمسة وثمانية بالمئة بأقريقيا بحلول عام 2080.
وتعد جمهورية مصر العربية من أكثر الدول التي ستعاني من مخاطر التغيرات المناخية، خاصة منطقة الدلتا والتي تتعرض للانخفاض سنويا، كما يتعرض البحر الأحمر والكائنات التي تعيش به والشعاب المرجانية إلى التدمير بسبب ارتفاع درجة الحرارة، حيث أنها إذا ارتفعت بمقدار نصف درجة مئوية فان ذلك سيؤدي لاختفائها.
إن التغير المناخي قد يطيح بالجهود الكبيرة المبذولة في محاربة الفقر في أفريقيا ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجل بهذا الشأن فحالات الجفاف تزداد سوءا والتغيرالمناخي يشكل إجمالا تهديد غير مسبوق للأمن الغذائي لسكان أفريقيا فظاهرة تسخين الأرض سوف تزيد من تعقيد المشكلات التي تواجهها أفريقيا.
توقعات مستقبلية
من المرجح أن يكون لتغير المناخ تأثيرا واسع الانتشار على جميع نواحي البيئة والاقتصاد والمجتمع في العالم، بما في ذلك:
- متوقع ارتفاع مستوى البحر بحوالي 40 سنتيمتر بحلول عام 2080 بسبب التمدد الحراري للمحيطات الذي يصاحب ارتفاع الحرارة، وكذلك بسبب ذوبان الجليد. سيهدد هذا وجود بعض الدول المؤلفة من مجموعة من الجزر الصغيرة ويعرّض ملايين الأفراد للخطر.
- من المرجح أن تكون الدول الأكثر فقرا هي الأكثر عرضة لخطر تأثير تغير المناخ. فحوالي %60 من 80 مليون شخص آخرين محتمل تعرضهم لخطر الفيضانات متوقع أن يكونوا في جنوب آسيا (الباكستان، الهند، سريلانكا، بنغلادش، ميانمار) و%20 في جنوب شرق آسيا (من تايلاند إلى فيتنام، بما في ذلك إندونيسيا والفلبين).
- في بعض المناطق سوف تتأثر مصادر مياه الشرب والري بسبب انخفاض هطول الأمطار أو نتيجة لمعاناة المياه الأرضية في بعض المناطق الساحلية من الملوحة مع ارتفاع مستوى البحر. وربما تكون حياة الأفراد عرضة للخطر نتيجة لزيادة تكرر حدوث الجفاف والفيضانات. وقد يعاني ثلاث مليارات شخص آخرين من صعوبات تتعلق بالمياه بحلول عام 2080. وستكون أسوأ المناطق تأثرا بذلك هي شمال أفريقيا والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية.
معالجة موضوع تغير المناخ
المناخ متغير فعليا بسبب انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات في الماضي إلى وقتنا الحاضر. لذا علينا أن نتأقلم لضمان استعدادنا للمخاطر والفرص التي سيحملها إلينا العقدين القادمين أو ما نحو ذلك. كما يتعين علينا تخفيف مدى تأثير تغير المناخ في النهاية لكي نتجنب أكثر التأثيرات شدة وخطرا التي يحتمل وقوعها في المستقبل. يمكن تحقيق ذلك عن طريق تخفيف انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الانبعاث الحراري.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 96