المخلفات البلاستيكية تمثل خطرا جسيما
د. ضياء محمد - متخصص في الصحة المهنية
أصبحت الأكياس الورقية أو البلاستيكية التي انتشرت منذ الثمانينيات والتسعينيات أمراً لاغنى عنه بالنسبة للمتاجر والمتسوقين لكن المتسوقين لا يسألون عن أي شيء، فغالبية المتسوقين يلقون بالأغراض في الأكياس البلاستيكية سواء كانت فواكه أو خضراوات أو علباً مغلقة، لكن كل منها في كيس منفصل.
الأكياس البلاستيكية رخيصة التكلفة سهلة الإنتاج بكميات هائلة، سهلة الحمل وتستطيع احتواء الكثير من الأغراض وتحتل أماكن بسيطة جدا في المتاجر، باختصار الأكياس البلاستيكية مريحة في كل شيء منذ ظهورنا قبل نحو ربع قرن ونتيجة لذلك تتراكم الأكياس البلاستيكية في كل مكان وتقبع مليئة بأي شيء من أكياس القاذورات إلى أكياس الأغراض الغذائية.
وتوجد داخل صناديق القمامة في كل المكاتب والمنازل ودورات المياه، وتحمل هذه الأكياس أيضاً الملابس عند التوجه للصالات الرياضية، وتتطاير في الهواء أحياناً، وتعلق على الأشجار أحياناً أخرى،وتسد مصارف المياه على جوانب الطرقات، وتطفو على سطح مياه البحار والأنهار وتملأ معدة بعض الأحياء البحرية أحياناً.
ويقول فنسنت كوب منظم الأعمال في شيكاغو الذي يبيع أكياساً بلاستيكية ذات استخدامات متعددة كحل لعدم انتشار الأكياس الفارغة أن أعداد الأكياس البلاستيكية المتناثرة لا حصر لها.
وتفيد احصاءات كوب بناء على بيانات وكالة حماية البيئة الأميركية لعام 2001 حول استهلاك الأكياس البلاستيكية بأنواعها، أنها تصل إلى ما بين 500 مليار وتريليون كيس بلاستيك تستهلك على مستوى العالم سنوياً، وينتهي ملايين من هذه الأرقام بالطبع إلى القائها في القمامة أو التخلص منها بطرق أخرى غير ذلك، بنسبة تصل إلى 1.3 في المئة.
وتقول لوري كيوسيك المتحدثة باسم المجلس الأميركي للبلاستيك إن صناعة البلاستيك تتعاون مع المستهلكين للتشجيع على إعادة تدوير الأكياس البلاستيكية، وهناك طلب كبير عليها من الشركات لاستخدامها في إنتاج مواد البناء.
وتقول كيوسيك إنهم يشعرون بأهمية نشر مفهوم أن الأكياس البلاستيكية من أكثر الأغراض ملاءمة لاعادة استخدامها في المنزل، فالناس يستهلكون كثيراً منها لحمل الكتب أو الطعام عند توجه الأطفال للمدارس مثلاً وتوضع داخل صناديق القمامة المنزلية وتجمع بها الأغراض كمثال آخر، لكن اغلفة الحلويات أو العلكة وعلب السجائر وآلاف أخرى من ملايين الأغلفة البلاستيكية ينتهي بها الحال إلى صناديق القمامة، وعندما تخرج هذه إلى البيئة تستغرق أشهر قبل مئات السنوات.
أصبحت مخلفات الأكياس البلاستيكية «الأكياس المستهلكة» مصدر ازعاج بيئي حتى إن ايرلندا وتايوان وجنوب افريقيا واستراليا وبنغلاديش فرضت عليها ضرائب كبيرة أو منعت استخدامها، وهناك مناطق أخرى مثل انجلترا وبعض المدن الأميركية تفكر في اتخاذ اجراءات مماثلة.
ويقول توني لويز مدير منظمة اصدقاء البيئة الايرلندية إن الضريبة التي فرضت على الأكياس البلاستيكية أدت إلى خفض استخدامها بنسبة 95 في المئة وقال إن هذا نجاح غير عادي، ويضيف إن كل شخص في ايرلندا يستخدم الكيس البلاستيكي عدة مرات، وأصبحت الآن منظرا يؤذي العين.
لكن المجلس الأميركي للبلاستيك يخشى فرض مثل هذه الضريبة في الولايات المتحدة، ويقولون إن هذا سوف يحرم عشرات الآلاف من وظائفهم ويؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، والتلوث ومساحة الأراضي اللازمة للقمامة، واسعار البقالة حيث سيزيد اصحاب المتاجر اعتمادهم على الأكياس الورقية الأعلى سعراً كبديل لأكياس البلاستيك.
وسيلة انتقال
تستغل الأحياء البحرية الدقيقة في المحيط الأكياس البلاستيكية الطافية لتنتقل عليها إلى أماكن أخرى حيث تستوطن، قد تسيطر على البيئة البحرية في الأماكن التي تنتقل إليها، ويقول ديفيد بارنز إن استغلال الأحياء البحرية للأكياس البلاستيكية الطافية في المحيطات ليس جديداً فقد استغلت من قبل قطع الخشب وقشور جوز الهند وما شابه من الأجسام الطافية في المياه.
ووجد بارنز أن المخلفات الطافية في المحيطات خاصة بالبلاستيك مكنت أحياء بحرية من أن يتضاعف عددها بمفردها وتقضي غالبية حياتها عالقة بالصخور والنباتات والقوافع وأشياء أخرى.
ومع تزايد الأجسام الطافية في المحيطات تغيرت نوعيتها أيضاً، والبلاستيك من المواد المعمرة التي تستمر لفترة طويلة في المياه، وتشكل سطحاً جيداً لتستوطنه هذه الأحياء الدقيقة، وتتحرك هذه الأجسام الطافية خاصة البلاستيك بفعل الرياح والتيارات البحرية لتنتقل هذه الأحياء إلى مسافات بعيدة، وتقدر الولايات المتحدة أن عشرة آلاف نوع من الأحياء البحرية تنتقل في أرجاء العالم يومياً ملتصقة على قيعان السفن التجارية والاجسام الطافية على المياه مثل البلاستيك، وازدادت الاجسام الطافية عند اجزاء من القارة القطبية الجنوبية منذ التسعينيات بمقدار مئة ضعف وتقول ليد كير الباحثة في مشروع اوديس لمسح أعداد الحيتان في بحار العالم ومحيطاته أن القمامة والمخلفات خاصة البلاستيكية منها وصلت إلى أبعد اركان العالم، وأحياناً تتغذى عليها بعض الأحياء مما يسبب موتها .
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 62