بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الزراعة في الكويت

الزراعة في الكويت

الزراعة والأراضي في الكويت وأسباب تدهورها 

فرح ابراهيم

الزراعة هي النواة الرئيسية التي مازال الانسان يطورها بالعلم والمعرفة ويرعاها بالجد والعمل والسعي الى اكتشاف آفاق جديدة وتطوير وتحسين جميع جوانبها ومجالاتها سعيا الى المزيد من الانتاج والمزيد من الفوائد، فكان التصنيع الغذائي والتصنيع الزراعي والتطوير والتحديث المستمر في مجال ادوات الانتاج ومستلزمات الزراعة واستخدام الاسمدة والمبيدات والهرمونات وتعديل الجينات والهندسة الوراثية لزيادة الانتاج وتحسينه، وكلها مجالات رحبة للاستثمار الزراعي.
وشهد القرن الماضي تطورا كبيرا في كل مناحي الحياة واحدث العلم ثورة حقيقية في جميع المجالات وانعكس ذلك على المجال الزراعي وبدل بعض الشيء من مفهوم الزراعة فهي لم تعد مجرد نشاط اقتصادي فحسب بل مصدر للدخل واسلوب حياة انساني ووسيلة للتحكم والسيطرة على الاسواق العالمية، بل وحتى على الدول والشعوب. وتعتبر التربة الصالحة للزراعة وتوفير مياه الري من المتطلبات الساسية للتنمية الزراعية وتعتبر الأنشطة الزراعية محدودة في الكويت، وتعد الزراعة أحد المطالب الأساسية للإنسان مهما كانت طبيعة الأرض التي يستوطنها أو ظروف المناخ الذي يعيش فيه، وبالنسبة لدولة الكويت فعلى الرغم من الظروف المناخية القاسية وندرة الموارد المائية وضعف قوام التربة وافتقارها إلى العناصر الغذائية والمواد العضوية إلا إن بعض المناطق تستغل في الأغراض الزراعية. 

القوانين والأبحاث الخاصة بالزراعة في الكويت

يوجد قانون خاص يشجع المواطنين على ممارسة الأنشطة الزراعية (قانون رقم 94/1983) وكانت الزراعة من الأنشطة المعروفة منذ القدم حيث قام السكان بزراعة العديد من المحاصيل الزراعية كالقمح والجت والشعير وبعض أنواع الخضر، وإن كان ذلك وفق أساليب أولية وبدائية تتناسب وظروف الحياة التي كانت سائدة آنذاك، وقبل عام 1953 كانت الزراعة تزاول في بعض المزارع الصغيرة في المناطق الساحلية في كل من الشعيبة والفحيحيل وأبوحليفة وجزيرة فيلكا اعتماداً على المياه الجوفية، وكانت ملوحة هذه المياه تزداد مع الضخ مما يجعلها غير صالحة للري.

في عام 1995 قامت الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية بتنفيذ مشروع كبير لمسح وتصنيف أراضي دولة الكويت على أساس النظام الأمريكي الحديث، وكان من أهم نتائج المشروع هو الحصول على نظام المعلومات الجغرافية (GIS) وقاعدة معلومات عن الموارد الأرضية في دولة الكويت، وبينت نتائج المسح الاستكشافي لأراضي دولة الكويت أن مساحة الأراضي التي يمكن استخدامها في الزراعة المروية تبلغ 785000 هكتار، وأوضحت نتائج المسح التفصيلي أن أكثر هذه المساحات قابلة للزراعة المروية تقدر بحوالي 107000 هكتارا وتقدر الاحتياجات المائية لري هذه المساحة بنحو مليون متر مكعب من المياه سنويا ويعتبر ذلك فوق طاقة الموارد المائية والاستفادة من الكميات المتاحة.

وفي عام 1997 بلغت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 1548490 دونما أما الأراضي غير الصالحة للزراعة فقد بلغت 16279510 دونم، وبالنسبة لمساحة الأراضي الصالحة للزراعة فكان توزيعها كالتالي :-

(1) أراضي صالحة ولم تزرع 121829 دونم.

(2) أراضي مزروعة أشجاراً ومراعي 1262210 دونم.

(3) أراضي مزروعة بالخضر والمحاصيل 54451 دونم (منها حوالي 10 - %15  زراعات محمية والباقي زراعات حقلية).

المناطق الزراعية في دولة الكويت

تغطي المناطق الراعية بكل من الوفرة والعبدلي والصليبية حوالي 24,000  هكتار منها حوالي 5000 هكتار مزروعة، وتنتج هذه المناطق الفجل والخيار والطماطم والبصل في الشتاء وتنتج في فصل الصيف البطيخ والشمام بالإضافة إلى المنتجات الدائمة مثل البرسيم الحجازي (الجت).

(1) منطقة الوفرة الزراعية :

تبلغ مساحة الاراضي المرزوعة بمنطقة الوفرة حوالي 12520 دونما تمثل حوالي 26,5 % من اجمالي مساحة الاراضي المزروعة بالخضراوات والمحاصيل فى الدولة، وبلغ عدد مزارع الوفرة قبل الغزو 634 دونما بمتوسط مساحة للمزرعة الواحدة تبلغ حوالي 98 دونما، ويوجد في منطقة الوفرة 370 مزرعة (زراعة محمية وزراعة حقلية) بمساحة تبلغ 119 كيلومتراً مربعاً وتتكون من رمال سائبة متجانسة من ناحية التركيب المعدني والتصنيف الحجمي. وتتميز تربة منطقة الوفرة بأنها ذات قطاع عميق، رملية مفككة جيدة التهوية والصرف، وغير ملحية وفقيرة فى المواد العضوية الغروية والعناصر الغذائية الضرورية، كما تتصف بوجود طبقة صلبة تعرف باسم الجاتش فى بعض المناطق، وهى طبقة غير منفذة للماء، وتعمل كعائق على انتشار الجذور تحت التربة.

(2) منطقة العبدلي الزراعية :

تبلغ مساحة الاراضي المزروعة فى منطقة العبدلي حوالي 26337 دونما تمثل 55,7 فى المائة من اجمالي مساحة الاراضي المزروعة بالخضر والمحاصيل فى الدولة، وبلغ عدد مزراع منطقة العبدلي قبل الغزو 323 مزرعة مساحتها الكلية 129755 دونما بمتوسط مساحة للمزرعة الواحدة تبلغ حوالي 401 دونم، ويوجد في منطقة العبدلي 156 مزرعة بمساحة إجمالية تقدر ب 315 كيلو متر مربع  وتربة العبدلي جبسية رملية سلتية جيدة الصرف، وقدرتها على الاحتفاظ بالماء قليلة،، بها طبقات جاتش بدرجة أكبر من منطقة الوفرة  وتمتاز تربتها باحتوائها على نسبة من كربونات الكالسيوم والجبس كما تحتوي نسبة من الطين والغرين مما يجعلها أكثر خصوبة من تربة الوفرة .

(3) منطقة الصليبية الزراعية :

تربة الصليبية من اجود انواع التربة فى الكويت من الناحية الزراعية، وهى رملية جيدة الصرف والتهوية، وخالية من الاملاح مع عدم وجود طبقات صماء وتعتبر تربتها رملية بها طبقات من الجاتش على أعماق تقل عن 100 سنتيمتر في بعض المواقع.  وتتركز فى منطقة الصليبية مزارع تربية الابقار (لانتاج الحليب الطازج)، حيث وزعت الدولة القسائم المرخصة على مربي الابقار بايجار رمزي، والذين كونوا فيما بينهم اتحاد منتجي الالبان الطازجة (34 مزرعة مرخصة) يمثلون 80 فى المائة من منتجي الحليب الطازج، ويقومون بتوريد انتاجهم من الحليب الى الشركة الكويتية للالبان فى الصليبية، وقد عادت احدى وعشرون مزرعة فقط للعمل بعد التحرير حتى موسم 92/93، كما ان الشركة الكويتية الدنمركية للالبان حصلت على ترخيص باستلام الحليب الطازج من بعض المزارعين.
كما توجد فى المنطقة ايضا الشركة المتحدة للانتاج الزراعي، وهى شركة انشأتها الحكومة فى البداية لتتخصص فى انتاج الاعلاف الخضراء (للانتاج الحيواني) باستخدام مياه المجاري المعالجة الا ان الشركة تنتج بعض المحاصيل الزراعية الاخرى، ويوجد كذلك فى المنطقة نفسها مقار لايواء الاغنام المستوردة تتبع شركة نقل وتجارة المواشي.

(4) منطقة الشقايا :

تختلف التربة فى منطقة الشقايا عن منطقتي الوفرة والعبدلي حيث تعتبر التربة فى منطقة الشقايا غير صالحة للزراعة لوجود الجاتش فى اغلب مساحتها وهو ظاهر غالبا على سطح التربة، وللجاتش آثار سلبية على خواص التربة الطبيعية والكيميائية وينعكس ذلك على حالة نمو النباتات وتتركز بها مزارع الدواجن.

أسباب تدهور واستنزاف قطاع الزراعة والأراضي

هناك العديد من الأسباب التي  تؤدي إلى تدهور واستنزاف موارد قطاع الأراضي الزراعية في الكويت وهي :

أولاً : الأسباب الطبيعية :

(1) الجفاف، والذي يعتبر سمة مميزة للمناطق الجافة التي تشغل دولة الكويت جزءاً منها حيث المطر نادر ومتذبذب في كميته وحينما يسقط بعد عدة سنوات من الجفاف يكون غزيراً مركزاً لبضع ساعات وغالباً ما يعقب هطول الأمطار حدوث سيول تسبب أضراراً بالغة للتربة والغطاء النباتي، وينتج عن الجفاف العديد من الآثار البيئية الضارة مثل زيادة معدلات انجراف التربة وفقدان ما تحتويه من مواد عضوية وزيادة معدلات تراكم الرمال على المنشآت الحيوية مثل المزارع والطرق الرئيسية بالاضافة إلى تدهور الغطاء النباتي المعمر والاختفاء الكامل للنباتات الحولية بسبب انعدام رطوبة التربة والآثار السلبية للرياح القوية.

(2) درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، والتي تؤدي إلى تسخين التربة الرملية مما يهيىء أفضل الظروف للتجوية الريحية والتي تؤدي إلى فقدان المواد العضوية والطين والغرين واستنزاف خصوبة التربة، كما يؤدي اختفاء الغطاء النباتي بسبب الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة الى ظهور القشرة الصلبة بالجزء العلوي من التربة الرملية وتعمل هذه القشرة بمثابة عازل يمنع تسرب مياه الأمطار في التربة ويؤثر في إمكاناتها، كما تعمل درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة معدلات التبخر من التربة  الزراعية.

(3) معدلات البخر العالية تؤدي إلى تركيز الأملاح بالتربة هذا بالنسبة إلى التربة الزراعية أما بالنسبة إلى التربة الصحراوية فإن معدلات البخر العالية تؤدي إلى تدهور التربة والغطاء النباتي عليها.

(4) السرعات العالية للرياح خلال فصل الصيف  تؤثر على زيادة نسبة التبخر والنتح من المحاصيل لذا تزداد نسبة الاستهلاك المائي، وتؤدي إلى سقوط الأزهار والثمار بالاضافة إلى زحف وتراكم الرمال على الحافات الشمالية لمزارع مناطق الوفرة والصليبية والعبدلي إلى جانب انجراف التربة الرملية الواقعة للشمال من المزارع وتلف وتدمير الأشجار.

(5) الموقع الجغرافي لدولة الكويت، حيث إن وقوع دولة الكويت في الجنوب الشرقي من السهل الفيضي لأرض الرافدين جعل الكويت مسرحاً للعمليات الريحية من تجوية ونقل وإرساب.

(6) إمكانات التربة المتدنية لا تسمح بازدهار النباتات بسبب ضعف قوامها وافتقارها إلى المواد العضوية والعناصر المغذية وضحالة قطاع التربة بسبب وجود طبقات الجاتش الصلبة، كما أن الطبيعة الرملية للتربة تساعد على سهولة انجرافها ريحياً خلال فصل الصيف ومائياً أثناء العواصف المطيرة ويساعد على زيادة معدلات الانجراف ضعف الغطاء النباتي.

(7) ضعف ومحدودية الغطاء النباتي واختلاف معدلات نموه سنوياً بسبب التباين الكبير في كميات الأمطار.

(8) محدودية الموارد المائية وزيادة ملوحة المياه الجوفية، حيث تقع الكويت في نطاق المناطق الجافة التي لا تتوفر فيها المياه العذبة الطبيعية بكميات كبيرة بحيث يمكن استغلالها في الأنشطة الزراعية.

ثانياً : الأسباب البشرية :

(1) سوء إدارة المناطق الزراعية، ويتمثل ذلك فيما يلي :

- الإفراط في مياه الري مع قصور في الصرف.

- عدم ترشيد استخدام المبيدات والأسمدة.

- عدم توفر العمالة الماهرة.

- القصور في الوعي البيئي وبرامج الإرشاد.

- تقلص دور البحوث العلمية وغياب التكنولوجيا الحديثة.

- عدم الجدية في إعداد خطط وبرامج فاعلة للحد من مشاكل زحف الرمال.

(2) سوء إدارة الأراضي والممارسات البشرية الخاطئة خارج المناطق الزراعية ويتمثل ذلك فيما يلي :

- الموارد الرعوية.

- مخيمات الربيع.

ثالثاً : حرب الخليج :

نتج عن حرب الخليج (1990-1991) العديد من الآثار السلبية على قطاع الأراضي الزراعية، ومن أهم هذه الآثار ما يلي :

(1) القضاء على مساحات من الأحزمة الخضراء المحيطة بمناطق الوفرة والعبدلي والصليبية الزراعية.

(2) التلوث النفطي للتربة والغطاء النباتي بسبب حرق آبار النفط.

(3) تدهور الخصائص الطبيعية للتربة والقضاء على الغطاء النباتي بسبب إقامة التحصينات الدفاعية من سواتر ترابية وحفر وخنادق، وأثناء تطهير البلاد من الألغام والذخائر.

(4) تدمير البنية التحتية لقطاع الزراعة.

مراقبة الحيازات الزراعية في المناطق الزراعية البعيدة

الزراعة الكويتية تعتز بما وصلت اليه وبالمكانة الرائدة التي تحتلها بين القطاعات الزراعية العالمية بشكل عام والعربية بشكل خاص وتفتخر حقا بما وصلت اليه من تقدم وازدهار وبما حققته من نجاحات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وما رافقها من تسهيلات وخدمات وانجازات اهلتها لتتبوأ مكانة مهمة على الصعيدين الرسمي والشعبي. وتقوم الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية باستخدام اجهزة متطورة في اعمال المساحة مرتبطة بالاقمار الصناعية للملاحة العلمية (GNSS) لتحديد المواقع وحساب مساحة الحيازات الزراعية ومراقبتها في المناطق الزراعية البعيدة (العبدلي – الوفرة – الصليبية – كـبد)، ويتألف هذا النظام من منظــومة تتكون من ثلاثة اقسام الاول عبارة عن جهاز كمبيوتر يعمل على نظام التشغيل Windows- TMXP يتم تركيبه في المكتب الرئيسي للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بمنطقة الرابية ويتم من خلاله استقبال وتحليل البيانات الواردة من المناـــــطق الزراعية، والثاني يتكون من ثلاث محـطات مرجعية تستخدم لاستقبال وتصحيح البيانات الحقلية وارسالها الى المكتب الرئيسي، اما القسم الثالث فــــيتكون من اجهزة متنقلة لاستقبال وتحديد المواقع حيث يمكن احتساب المساحة فــي الحقل وعرض النقاط والخطوط والاضلاع بشكل بياني.
وباستخدام هذا النظام يمكن انجاز العمل بشكل اسرع وبدقة متناهية حيث تصل نسبة الخطأ الى اقل من سنتيمتر واحد، كما يمكن من خلاله متابعة ومراقبة العمل من خلال الحاسب الآلي الموجود في المركز الرئيسي بالهيئة.
 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 100