الجهراء.. مستقبل اقتصادي ينطلق من ماضيها العريق
عنود القبندي
الجهراء، مدينة كويتية عريقة، وهي من أشهر قرى الكويت وأكبرها مساحة، وتقع في الجهة الغربية من مدينة الكويت. سميت بهذا الاسم نتيجة انجهار المياه عندما تم حفر آبار فيها، كانت في السابق قبل أن تشكل محافظة قرية صغيرة تابعة لمدينة الكويت، يزرع فيها النخيل وكميات محدودة من الشعير والقمح. وقيد شيد فيها بالسابق قديما قصران، واحد للسيد خلف النقيب والآخر هو القصر الأحمر التابع للشيخ مبارك الصباح، الذي شهد نشوب معركة الجهراء عام 1920، حيث قام الكويتيون بتجهيز سفن شراعية مليئة بالذخيرة، وأيضا العديد من التشالات المليئة بالطعام، وكانوا يتنقلون فيها الكويتيون من مدينة الكويت إلى أن يصلوا «بر غضي» ينزلون هناك ومن ثم يتوجهون إلى القصر الأحمر في الجهراء وقد شارك جدي علي بن عقاب في معركة الجهراء، وقد أصيب في ساقه. وبعد المعركة شيد حول الجهراء سور بشكل مستطيل.
طبيعتها ونباتاتها
التربة في مدينة الجهراء مماثلة في صفاتها العامة لبقية تربة الكويت، تربة صحراوية غير متكاملة النمو، عالية الملوحة، وفقيرة بالمواد العضوية. ويغلب على التربة في الجهراء التركيب الرملي، حيث يمثل من 60 إلى %90 من قوام التربة. أما الطين والصلصال فنسبته قليلة. لذلك نجد التربة في الجهراء مسامية قلوية، وتركيب الدبال فيها قليل. وعلى الرغم من فقر التربة بشكل عام، يوجد في بعض المناطق في الجهراء، تركيب تربة الليثوسول Lithoslols Soil، والتربة الفيضية Alluvials Soil، وهما من الأنواع الصالحة نسبياً للزراعة، خاصة بعد استصلاح الأرض وتخصيبها.
وعن النبات الطبيعي في الجهراء، يعتمد على عوامل عديدة، أهمها المناخ والتربة؛ لذلك نجد أن المنطقة فقيرة في نباتاتها الطبيعية؛ إذ تتصف النباتات الطبيعية في المنطقة بالفقر، والفصلية القصيرة، وصغر حجم النبات، وتركزها في المنخفضات وبطون الأودية. كما أن هذه النباتات غير منتظمة في نشاطها؛ نظراً للتذبذب الكبير في معدلات الأمطار السنوية.
بشكل عام يمكن تقسيم نباتات المنطقة إلى مجموعتين رئيسيتين هما:
* النباتات المعمرة: ويمثل ذلك الأثل والسدر والعرفج وغيرها. وأكثر هذه النباتات في المنطقة العرفج وهو نبات معمر، تسقط أوراقه في فصل الصيف، حين يسود الجفاف، وشجرته صغيرة الحجم، حيث يراوح ارتفاعها بين 8 و12 قدماً. وهي نبات رعوي جيد، وينتشر في وسط محافظة الجهراء وغربها.
* النباتات الحولية: وهذه تنمو في موسم سقوط الأمطار، الذي يمتد عادة بين شهر أكتوبر وأوائل شهر مايو.
وهذه النباتات الحولية هي الأعشاب والحشائش القصيرة في المنطقة، التي من أهمها الحلفاء، الذي ينمو في التلال والكثبان الرملية، والثمام، والحمض، والرغبل وغيرها. وتمثل هذه النباتات مصدراً جيداً للرعي، خاصة في سنوات الخصب ووفرة الأمطار. منها منطقة تتأثر برطوبة الساحل وأمطاره القليلة مما يساعد على نمو النباتات الصغيرة مما يساعد على تربية الإبل وللجهراء.
المياه والزراعة
تتمثل الموارد المائية في الجهراء في ثلاثة موارد، هي: المياه السطحية، والمياه الجوفية، والمياه المحلاة.
* المياه السطحية هي تلك المياه التي تكون على السطح أو قرب السطح في آبار قريبة من السطح. ومصدر هذه المياه هو الأمطار؛ لذلك نجد المياه السطحية الظاهرة على السطح، تظهر فقط بعد سقوط الأمطار على هيئة غدران ما تلبث أن تجف بعد أيام قلائل من سقوط الأمطار. ويتسرب جزء منها نحو الآبار السطحية غير العميقة.
* النوع الثاني فهو المياه الجوفية، وهي متمثلة في العديد من الحقول أهمها:
1. حقل الصليبية: وهو أول حقل مياه جوفية تم اكتشافه في الكويت عام 1941م، يقع جنوب شرق الجهراء، ويُعدُّ عالي الملوحة نسبياً، حيث تبلغ نسبة الملوحة فيه بين 4000 و5000 جزء في المليون، لذلك يستخدم في الغالب للري وسقاية الحيوانات.
2. حقل الشقايا: وتم اكتشافه عام 1963، ويقع جنوب غرب الجهراء وهو أقل ملوحة من حقل الصليبة حيث تبلغ نسبة الملوحة فيه بين 2500 إلى 3500 جزء في المليون، لذلك يمكن استخدامه للشرب في المنطقة، إضافة إلى استخدامه في الأغراض الزراعية، وسقاية الحيوانات.
3. حقل العبدلي: يقع شمال شرق الجهراء، وتتفاوت نسبة الملوحة في آباره بين 2000 و7000 جزء في المليون.
* المصدر الثالث للمياه في الجهراء فهو المياه المحلاة. وهي مياه البحر المقطرة. وتضم محافظة الجهراء محطة الدوحة الشرقية، التي شيدت عام 1977 بطاقة إنتاجية تبلغ 19.3 مليون جالون يومياً. كما تضم المحافظة محطة الدوحة الغربية، والتي يبلغ إنتاجها 96 مليون جالون يومياً، وحسب الخطة المقررة، فإن مجموع إنتاج محطات تحلية المياه في الجهراء سوف يصل إلى 138 مليون جالون في اليوم، وذلك عام 2000.
تتميز الجهراء منذ القدم بمزارعها الغناء وبساتينها الخضراء وآبارها الكثيرة، فكانت تضم مزارع عديدة تتجاوز 28 مزرعة وتتوزع في وسطها وشمالها وجنوبها ويزرع بها القمح والشعير وأنواع مختلفة من الخضراوات. ويعتمد سكانها على مياه الأمطار في الزراعة ويصدر إنتاجها إلى مدينة الكويت.
مدينة زراعية
في العصر الحديث نمت الجهراء بصفتها مدينة زراعية، حيث كان أغلب سكانها مزارعين، قدموا من منطقة نجد على وجه الخصوص، وذلك للإشراف على الأراضي الزراعية لحكام الكويت وتجارها. إذاً فالمدينة نشطت في القرن العشرين بصفتها مدينة زراعية، ولازالت محافظة الجهراء تضم أغلب المزارع في دولة الكويت، حيث تضم تلك المحافظة حوالي 90% من الأراضي الزراعية في دولة الكويت. وتعتبر منطقة مدينة الجهراء من المناطق التي تحوي ترباً خصبة نسبياً توجد قرب مدينة الجهراء.
وقد شهدت منطقة الجهراء قيام العديد من المشروعات الزراعية. أما أهم المحاصيل في الجهراء فهي الخضراوات، والبرسيم، والقمح، والشعير، وبعض الفواكه.
الحديث عن الجهراء يأخذنا للحديث عن كاظمة، حيث لا يمكن فصل الاسمين أو الموقعين عن بعضهما، والمؤكد أنهما اسمان لمكان واحد كما تدل كل المعطيات التاريخية والجغرافية التي تتحدث عن المنطقة بأن كاظمة امتداد للجهراء، خاصة مع ورود موقع كاظمة في موقع الجهراء الحالي بالخرائط القديمة، وحاليا تقتصر كاظمة حاليا على جزء صغير شرق الجهراء. إن موقع الجهراء استراتيجيا لما بها من آبار للمياه التي كانت لها أهميتها بالنسبة للقوافل أو الجيوش وجميع التحركات الصحراوية.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 149