عضو مؤسس منظمة "بايو دايفرستي"
نانسي باباثانا سوبولو: رغم الكوارث البيئية.. التنوع البيولوجي في الكويت مثير ونابض بالحياة
رجب أبو الدهب
عملية ولادة سلحفاة بحرية غيرت مجرى حياتها.. وأصبحت من خبراء العالم في السلاحف البحرية.. يونانية الأصل.. درست القانون الدولي.. والدها تخصص فيزياء نووية.. عملت في المحافظة على البيئة البحرية مع العديد من الحكومات والمنظمات البحثية في العالم..
نانسي باباثانا سوبولو.. التقيناها للوقوف على العديد من رؤاها تجاه قضايا بيئية في الكويت.. خاصة وأنها تعمل في البلاد منذ سنوات..
* حدثينا عن نفسك قليلا؟
نانسي باباثاناسوبولو، يونانية الأصل ولدت في موطني حيث البيئة والطبيعة، ودرست القانون ورغبت في التخصص في القانون البيئي. ترعرت في صغري في ألمانيا، حيث كان والدي يملك شركة علمية متخصصة في الفيزياء النووية.. أتكلم خمس لغات، وعملت في مختلف المجالات البيئية كمتخصصة، متطوعة، مستشار قانوني، مدير مشاريع وعضو في المشاريع وصحفية ومعلمة في البيئة لمدة جاوزت 22 عاما, عملت في منطقة الخليج العربي (عمان والكويت) منذ عام 2004.
درست الماجستير في القانون البيئي في ليون بفرنسا عام 1996. وعملت في المحافظة على البيئة البحرية مع الحكومات والمنظمات البحثية مما أكسبني خبرة مهنية أشبعت رغبتي وطموحي.
ومن البحث العلمي إلى النظم والقوانين لحماية الحياه الطبيعية والبيئة، وأنا من مؤسسي شرطة بيودايفرستي ايست، وهي منظمة غير حكومية مقرها قبرص، والتي تحمل في محتواها الكثير من المشاريع التي تخافط على البيئة والاستشارات في منظقة الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض.
* متى بدأتِ العمل في البيئة؟
لا أستطيع أن احدد بالضبط متى بدأت، ككل الأطفال في اليونان، ولدنا ورأينا الطبيعة والكائنات الحية والبحر، حلمنا بالحياة وكتنبا القصص لبيئة المستقبل كما نراها ونتخيلها للأبد، كان والدي مهتمين في البيئة وواعين تماما لحبي واهتمامي في النباتات، الحيوانات، والمحافظة على البيئة نظيفة وطبيعية (تماماً كما نحافظ على منازلنا من الداخل، نحافظ على الحياة في الخارج نظيفة).
في عمر السادسة عشر من عمري شاهدت لأول مرة عملية ولادة سلحفاة بحرية في جزيرة زايكتونثوز، في البحر الأيوني، وكانت تجربه غيرت مجرى حياتي. ومنذ ذلك اليوم وانا اعمل للسلاحف البحرية دون توقف بكل ما أستطيع من امكانيات و قدرات.
وعلى قدر كبير من الكفاءة الكاملة، بدأت مسيرتي في مقر الأمم المتحدة للتربية العلوم والثقافة (اليونسكو)، منظمة في باريس بفرنسا، حيث كان لي وظيفتي الأولى في برنامج الإنسان والمحيط الحيوي.
* وما هي بايو دايفرستي ايست؟
تأسست في نيقوسيا، قبرص. وبايو دايفرستي ايست هي منظمة غير حكومية تعمل للبيئية وتربط مع العلماء والطبيعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط لدراسة الأقاليم وحمايتها وتعزيز الطبيعة. أعضاء المنظمة لديهم خبرة واسعة في العمل في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط، وتحديدا في حفظ المناطق المحمية والبيئية والتعليم، والسياحة البيئية وتطوير البحوث ذات الصلة بالسياسات.
وموقعهـا على شبكة الانترنـت www.bio-e.org، وهو مصمم بعناية لتسهيل الحصول على المعلومة منه حتى لغير البيئيين، تنشر المنظمة في الموقع مجموعة كاملة من المنظمين بالتفاصيل، وتقدم جميع الأعضاء، مشاركتها في دراسة البيئة والمحافظة عليها في جميع أنحاء المنطقة والمشاريع التي وردت في الصحافة. وتعمل المنظمة حاليا على مشروعين في الكويت، وتشارك كمساهمة في مناطق أخرى.
* ما سبب زيارتك للكويت في هذه المرة؟
جنبا إلى جنب مع زميلي على المدى الطويل آلان ريس، الخبير في عالم الحيوان والسلاحف البحرية والقياس عن بعد بواسطة الأقمار الاصطناعية في جامعة إكستر، وجهت لنا دعوة من قبل معهد الكويت للأبحاث العلمية من أجل تقديم الاستشارات في إعداد مشروع حفظ البيئة البحرية، والتي تقوم بها المنظمة. اتخذنا هذه الفرصة لمواصلة ما كنا نقوم به حول السلاحف البحرية في الكويت في السنوات الثلاث الماضية، ورصد تجمعات السلاحف على جزيرتي قاروه وأم المرادم، بالتعاون مع خفر السواحل.
* ماذا فعلت حتى الآن في الكويت، من حيث العمل في المشروع؟
بدأت مشاركتي مع البيئة للكويت في عام 2008، عندما أوكلت إدارة المشروع الأول من نوعه في البيئة البحرية لمدة 3 سنوات في حماية السلاحف الكويت، برعاية مؤسسة توتال وبالتعاون مع مركز العمل التطوعي، وخفر السواحل والمركز العلمي. عملنا في الرصد المستمر للمجموعات من السلاحف على جزيرتي قاروه وأم المرادم، وهما اثنتان من الجزر التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة ما لم يتم تحقيق التعاون الوثيق مع خفر السواحل. خلال هذه السنوات الثلاث، دُعي 16 خبيرا من 8 دول إلى الجزر لتقديم ملخص أبحاثهم التي شملت القياس عن بعد الأقمار الاصطناعية، وتحليل DNA الميتوكوندريا من الكبار والسلاحف فقس البيض، والتعليم البيئي، معرضا السلاحف البحرية في المنطقة المركز المائي العلمي، حملة إعلامية على السلاحف البحرية في الكويت، وخطة ادارية للجزر استنادا إلى بيانات علمية من قاروه وأم المرادم، الكتاب الإلكتروني على التراث الكويتي بشأن السلاحف البحرية المسماة "روح السلاحف الكويتية" والتطبيق الخاص بجهاز الاي فون والمجاني المتوفرة على جميع المتاجر في جميع أنحاء العالم والمسمى "قاعدة بحر الكويت"، ويضم 127 فصيلة بحرية التي شاهدها ورصدها فريق المشروع وصورها أثناء العمل في قاروه وأم المرادم، واستمر هذا الجهد حاليا على السلاحف البحرية مع التكتلات المختلفة.
لقد كان أيضا لنا شرف إدارة مشروع بيئي على كتاب مثير جدا للاهتمام في الكويت، وسوف يطلق ويعرض في وقت لاحق من هذا الشهر بواسطه الرعاة الرسميين له.
* ماذا يمكن أن تقولي عن الإيجابيات والسلبيات للبيئة في الكويت؟
على عكس ما قد يعتقده البعض، تاريخ الكويت الطبيعي غني ونابض بالحياة مع التنوع والتفرد البيولوجي. حتى بعد الكوارث البيئية الواسعة جدا بعد الغزو في أغسطس 1990، عاد التنوع البيولوجي في الكويت مرة أخرى بطريقة مثيرة للإعجاب. الصحراء مليئة بالحياة، ويضم المفصليات والثدييات والزواحف وأنواعا من النباتات البرية الرائعة التي تنمو وحدها في الأشهر الباردة.
والسواحل البحرية ومناطق المد والجزر الرائعة تعج بالحياة، حيث يسكن مئات الأنواع، وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث لمعرفة المزيد عنها. منطقة البحر الشمالية مع جزيرة بوبيان هو نظام بيئي غني لا مثيل لها في المنطقة، التي تحتاج إلى تحقيق شامل لكشف النقاب عن كافة الأسرار.
وفي دراسة سطحية أثبتت أن الآلاف من الطيور تبني أعشاشها هناك كل عام، ونظرا لمساهمة العناصر الغذائية جيئة وذهابا فإن الثدييات البحرية، والزواحف البحرية، والآلاف من أعلاف الأسماك متوفرة هناك على مدار السنة. حتى الحيتان القاتلة تزور هذه المنطقة من وقت لآخر، حتى لو أنها لا تزور الا عادة مياه أعمق بكثير وأكثر برودة.
من حيث السلبية، أنا قلقة من رؤية الانفجار السكاني يغلب استصلاح الموائل الطبيعية دون تخطيط كاف.. والتنمية المستدامة هي بداية فقط مظاهر خجولة في الكويت، وهو ما قد يعني أن استصلاح البيئة من أجل التنمية يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة دون أخذ بالاعتبار العناصر الطبيعية، مما أدى إلى افتقار كبير من الطبيعة في هذا البلد. ويحدوني الأمل في سياسات بيئية أكثر كفاءة قريبا، من أجل التوازن الضروري بين الطبيعة والتطور في الكويت.
* وماذا عن الجهود التي تبذلها الجهات الحكومية الأهلية والخاصة للبيئة في الكويت برأيك؟
كل ما أعرفه أنه تم وضع خطط استراتيجية في كل مؤسسة عامة ذات الصلة بعلوم وحماية البيئة في الكويت. هناك نوايا للحفاظ على البيئة. القطاع الخاص بدأ بالمساهمة كثيرا أيضا، وأنا أعرف عن مشروع الشعاب المرجانية الاصطناعية تم برعاية شركة نفط الكويت، ومشروع حماية السلاحف البحرية تم برعاية كاملة من شركة توتال، وأحداثا أخرى كثيرة، مثل المهرجان السينمائي الأخضر، حملة إعادة تدوير النفايات وإعادة تصنيع المهملات ومعارض للاطفال. أعتقد، مع ذلك، أن المزيد من الجهود يجب القيام بها ومزيدا من المساعدة المهنية البيئية يحتاج إلى التعاقد مع فنيين ومختصين في تحسين جودة الاداء.
وأعتقد أيضا أن هناك أهمية لتحسين التشريعات البيئية، مثل القوانين اللازمة للحفاظ على الطبيعة وقانون بشأن الصيد.
* وما هي المشكلات والأخطار التي تهدد البيئة في الكويت وفقا لتجربة العمل الخاصة بك في البلاد؟
المشكلات التي تواجهها متعددة ومعقدة. وجود كميات مفرطة من القمامة في كل النظم الإيكولوجية الثمينة، خاصة الزجاجات البلاستيكية والاكياس، وهي التهديد الهائل لجميع الأنواع وكذلك نوعية التربة والمياه لهذه النظم الإيكولوجية. الشعاب المرجانية والحشائش البحرية تعاني والصيد الجائر.
ومن المشكلات التي لا يمكن تحملها هي عدم اهتمام الناس وتواجدهم بشكل هائل في فترة الصيف بتلويث المياه والمساهمة في حوادث التلوث المستمر. تغير المناخ لا يساعد منطقة الخليج العربي، حيث تساهم الحرارة في رفع درحات حرارة المياه وجعلها دافئة بالفعل، مما يؤدي الى أضرار محتملة للنظم الإيكولوجية الإقليمية، سواء البحرية والبرية.
والوعي العام بشأن القضايا البيئية والتشريعات وتكييفها وكذلك مشاركة أكبر عدد ممكن من الشعب الكويتي في المشاريع البيئية تساعد في الحفاظ على الطبيعة الكويتية المدهشة التي نحبها جميعا.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 153