أدوار بيئية لفريق الفارسي للطائرات الورقية
عبدالرحمن الفارسي: نظفنا 50 ألف متر مربع في بنيدر ورفعنا مخلفات منطقة المخيمات
رجب أبو الدهب
سألناه عن بداية وفكرة تأسيس الفريق.. لينتقل بنا الحديث عن أبرز وأهم الأدوار البيئية لأعضائه وأنشطته.. وسألناه عن رؤيته البيئية للواقع القائم في البلاد.. ثم انتقل بنا الحديث للوقوف على التطوع في الكويت.. وجمعيات النفع العام والفرق التطوعية.. وأدوارها وأهدافها..
عبدالرحمن شيخان الفارسي.. رئيس ومؤسس فريق الفارسي للطائرات الورقية.. التقيناه فكان هذا الحوار.
* قبل أن نعرج على أدوار الفريق التطوعية والبيئية، نود تقديم فكرة عامة عن بداية وفكرة التأسيس..
شهد عام 2003 بداية مشاركة فريق الفارس للطائرات الورقية في المهرجانات، وذلك من خلال المشاركة في مهرجان هلا فبراير الأول واستمر ذلك لمدة عامين، ففي السنة الأولى كنا نشارك مع وزارة الإعلام ثم بعد ذلك لمدة سنتين مع هلا فبراير ثم انفصلنا في المهرجان، ولأن الفكرة الرئيسية لتأسيس الفريق كانت عام 1995 عندما كنا أنا وولدي فارس بسويسرا والصديق عبدالرزاق الخميس، حيث شاهدنا ولأول مرة الطائرات الورقية الحركية بخيطين تتحرك يميناً ويساراً ولأعلى وأسفل، وبها حركات ومهارات وأعمال ذهنية وتدريبية متواصلة، فقد انطلقت لدينا تلك الهواية، ومع بداية انتشار أجهزة الكمبيوتر عرفنا المحلات والأسواق المخصصة لها، ومن ثم ذهبنا إلى انجلترا وزرنا العديد من تلك المحلات وتعرفنا على أحجامها، حتى وصلنا عام 2003 لمهرجان (بورت ثموث) ومن هنا تعرضنا على بيتر لين. وللعلم فهو أبو الطائرات الورقية الكبيرة في العالم، إنه يصنعها بداية من 60 متراً مربعاً فما فوق، ويكفي أن تعرف أن آخر 5 أرقام عالمية هو مصنع طائراتها. وعلى إثر ذلك دخلنا عالم الطائرات الكبيرة بطائرة 60 متراً مربعاً فما فوق حتى أصبح لنا مع ذلك العالم اسم كبير، ويكفي أن تعرف أن نحو 60 شخصاً أجنبياً جاءوا للمشاركة في المهرجان هذا العام.
* على ذكر مهرجانكم من يشارككم من دول العالم؟
مهرجان الكويت العالمي للطائرات الورقية الذي شهد أول تنظيم له عام 2004 بثلاثة فرق وصل هذا العام لأحد عشر فريقاً من 11 دولة في العالم من نيوزيلندا وفرنسا وانجلترا وسويسرا وهولندا وأمريكا وغيرها من الدول العالمية.
* وكيف تصف للقارئ تلك الطائرات العملاقة؟ وهل هناك فرق عربية في نفس المجال؟
الفرق العربية قليلة عموما في هذا المجال، والمهرجانات سواء المحلية أو الدولية تعتمد على الطائرات الكبيرة والعملاقة والحركية، وما يجذب الناس للطائرات الورقية في المقام الأول تلك الكبيرة منها، والتي دائما أصفها بـ«شجرة في صحراء» لجاذبيتها العالية للمشاهدين والمتابعين.
وعموماً يصل أعداد الاعضاء في الفريق خلال فترة المهرجانات إلى نحو 90 عضواً أغلبهم كويتيون، وهنا أود الإشارة إلى أن الطائرات الكبيرة عندنا يبلغ عددها نحو 40 طائرة، أما الصغيرة فعددها فوق المائة طائرة، والطائرات نستوردها من نيوزيلندا وبعضها من ألمانيا وانجلترا، وكما أود الإشارة أيضا إلى أن الفريق لديه ورشة صيانة خاصة (ماكينة خياطة).
* نود إلقاء الضوء على علاقة الفريق بالبيئة مروراً بأهم أدواره البيئية التي نفذها.
فيما يتعلق بالبيئة ومسؤولية الفريق تجاهها، يكفي أن تعرف أن مكان «بنيدر» كان مكاناً للمخيمات وبه العديد من الحفر والمخلفات للأسف، وقد قمنا بتنظيف المكان وتقريبا نحو خمسين ألف متر مربع تم تنظيفها وإزالة المخلفات والنفايات بمجهودات تطوعية وذاتية، وكل عام منذ 2009 حتى الآن ولمدة خمس سنوات يقام المهرجان هناك وتقدم به احتفالات العيد الوطني متضمنة خيمة لعرض صور وإنجازات الفريق، فضلا عن 3 أيام تقدم خلالها فرقة عرضة كنوع من اضفاء البهجة على الاحتفالات.
وخلال المهرجان الأخير شاركنا في الدعوة الوطنية التي تتبناها الجمعية الكويتية لحماية البيئة للمحافظة على الحياة الفطرية في البلاد، وذلك بعمل خيمة كبيرة للرسومات، وكانت سابقاً عادة على الطائرات ولكن هذا العام كانت على شكل الورود الكويتية والطيور المستوطنة والمهاجرة، وقام الأطفال بتلوينها مع وضع الأسماء ومنها نوير وهدهد وعرفج وهكذا، وهذا بهدف التعريف بمكونات الحياة الفطرية في الكويت، وكما أننا أعطيناهم الألوان الطبيعية ليحاكي الصغار برسوماتهم تلك الكائنات لتزداد عناصر التوعية والتوجيه لديهم ومن ثم نحقق هدفاً بيئياً كبيراً وهو نشر التوعية بين تلك الفئة العمرية المهمة، بالإضافة إلى العمل الرئيسي في الاحتفال وهو تصميم 6 طائرات ورقية لنباتات فطرية كويتية، ومنها طائرة وردة النوير وطائرتا وردة العرفج، وكما أننا عملنا حديقة أسفلها وكنا نطير بها على ارتفاعات منخفضة وحاولنا أن نوصل رسالة للحضور والمشاركين بأنها تمثل وروداً كويتية نطلب منهم المحافظة عليها.
ثلاثية بيئية
على هامش اللقاء وقف ضيفنا عبدالرحمن شيخان الفارسي وقفات بيئية لها دلالات خاصة عنده.. وهي كالتالي:
1. طائرة اللخمة التي طيرناها في فرنسا كانت ذات مغزى بيئي كويتي كبير، فكونها طائرة على هيئة اللخمة فهي ترمز للبيئة البحرية، ومربوطة بحبال بالأرض فهي ترمز للبيئة البرية، وكونها تطير فهي ترمز للبيئة الجوية، وبذا ربطنا البيئات الثلاث في كيان واحد عبرنا خلاله أن دورنا كل لا يتجزأ ونهدف من خلاله إلى الدعوة للعمل البيئي المتكامل.
2. حملات التنظيف التي تنتشر بين وقت وآخر، ويشارك ويساهم بها العديد من المجموعات الشبابية والطلابية، أراها من صميم أدوار شركات التنظيف، فليست هي التي ترسخ في نفوس الشباب والصغار مفاهيم المحافظة على البيئة، وإن كانت لها رمزية ولكن ترسيخ الأعمال التطوعية البيئية يجب أن يمر بأعمال تطبيقية وتنفيذية أعلى قدراً وقيمة من تلك الحملات.
3. نشاهد كثيراً المخلفات والنفايات بجوار وحـــــول حـــــاويات جمــع القمامة (الدرامات) ومعــنى ذلك أن ثمة مسؤولية تجاه مستخدمي تلك الحاويات وهو الحث والدعوة لاستخدامها لدرجة أن بعضها يظل خاليا من المخلفات، وهنا دور كبير للتعليم في الصغر، فعلينا تكريس أهمية ذلك في نفوس الصغار لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.
* من يصمم لكم «الطائرات البيئية» أو التي ترمز للنباتات الفطرية الكويتية؟
معظم تلك الطائرات كانت من تصميمي وكان التنفيذ في مصنع (بيتر لين) في نيوزلندا، وأود الإشارة إلى أننا أقمنا ورشة للطائرات كانت من (نايلين هود) وهي عمل الأطفال وكان يكتب عليها الأسماء لتثبتها في الأذهان وأنها موجودة في الكويت ومن ثم المحافظة عليها.
* كيف ينظر عبدالرحمن شيخان الفارسي للتطوع في الكويت؟
التطوع في أي مكان هو للدلالة على ثقافة عالية جدا في حب الوطن والناس والمجتمع، وتلك الأمور أراها منتشرة في الكويت بصورة كبيرة، خاصة في المجتمعات والمنظمات التي انتشرت في الآونة والسنوات الأخيرة في البلاد.
وأود لفت الانتباه والتأكيد على أن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني المستفيدة من الدعم المادي من الحكومة قليلة العدد مقارنة بأعدادها عموما، ومنذ عام 2004 صدر قرار بأن أي جمعية تنشأ حديثا لن تأخذ دعماً، رغم أنه مبلغ بسيط جداً يغطي أعمالاً يومية فقط، وهنا أسجل وجهة نظري بأن يزداد الدعم الحكومي لجمعيات النفع العام لأنها تستقطب الشباب وبمثابة مراكز لممارسة أنشطتهم، وكما أن كلا منها له دوره الوطني في مجاله. وعلاوة على استقطابها للشباب فيوجد لها جهود كبيرة، وإن كان البعض يرى سوء استغلال بعضها من قبل قلة ولكن هذا ليس تعميماً، ولذا أرى أن يتم معاقبة مثل تلك الجمعيات، ولكن ثمة تأكيد مني بأهمية زيادة دعم مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام.
* وبرأيك ما هي صور التطوع وأعظمها فائدة للمجتمع؟
التطوع يأتي على صورة ثلاثة محاور إما بالمال أو النفس أو المال والنفس معا، والناس تنفق الأعمال، وهذا من أفضلها عن طريق الجهد والنفس، وهذا لا ينقص أبدا ممن يتطوعون بالمال وأداء واجب تجاه هذا المجتمع، وذلك يدل على ارتقاء المجتمع، وأود الإشارة إلى أن بعض الجامعات الأجنبية تطلب من دارسيها بعداً تطوعياً للمجتمع، ولا يمنحونه شهادة التخرج ما لم يبذل عملا تطوعياً، وتلك الفلسفة ترسخ مفهوم أن (وقتك لمجتمعك) وكما أنها تمنحك فرصة لكسب الخبرة في مجال التطوع، وكما أنني أرى أن المتطوعين يخففون من عبء الإنفاق في الجهات التي تنظم أعمالا أو أنشطة هم يؤدونها من خلال توفير نفقات الموظفين وتلك فلسفة أخرى أيضا لفائدة التطوع.
* وهل ترى أن مفاهيم التطوع باتت مترسخة في المجتمع؟
رغم أننا في الكويت من أكثر الدول الخليجية أعداداً من المتطوعين إلا أننا ما زلنا نحتاج إلى ترسيخ معنى ومفهوم التطوع الحقيقي خاصة عند بعض الفرق، فالتطوع هو أن تؤدي عملا بدون أجر، ولكني أرى أن البعض يستغل ذلك بطريقة خاطئة، والبعض يربح ويتقاضى أموالاً، والبعض يريد البروز بسبب هذا العمل، وذلك مخالف لمفهوم وغاية التطوع، الذي هو صدقة وعمل خير للمجتمع.
* وكيف تصف لنا تلك الفرق التطوعية المتشابهة؟
بمرور الوقت تظهر وتتكون العديد من الفرق التطوعية، ثم ما تلبث أن تتقسم إلى فريق أخرى، وكل واحد يكون فريقا مختلفاً في الاسم ولكنه بنفس الاداء والدور، وهنا قد تجد نوعا من الحساسية التي تحدث الفرقة والانقسام بين اعضاء الفريق الواحد بأن يرفض شخص ما إدارة شخص له مما يؤدي إلى انشقاق ومن ثم تكون فريق آخر، وهنا تحدث بعض التصرفات السلبية من القلة، ولهذا لا نزال نحتاج إلى تأصيل دور المتطوع في خدمة المجتمع والوطن.
وأرى أن أشرف التطوع وأعظمه قوة وتأثير هؤلاء الذين تطوعوا بأرواحهم للكويت (الشهداء) فهو عمل تطوعي خالص لخدمة الكويت، ولا يوجد إنسان حي قدم تضحية بالأولاد والروح والنفس مثل هؤلاء، وهذا أرقى عمل تطوعي يقدمه الإنسان.
* كيف تنظر إلى المسؤولية البيئية للجهات المتشابهة في الدولة؟
ثمة عملية تشابك موجودة في المسؤوليات البيئية بين العديد من الجهات، وقد يصل عددها أحياناً 6 جهات، الكل يخدم وطنه ويقدم أدواره، ولكن هناك فجوات قانونية بين مسؤولية هذه الجهة والأخرى، وكل منهما يلقي بالمسؤولية على الآخر، وبالنهاية هناك فراغ موجود قد يؤدي إلى الفوضى أو الدمار أو السلب تجاه البيئة، فمثلا نرى في محيط المخيمات دماراً بيئياً، وكل جهة لها دورها المحدد بمفردها، وهنا أتساءل لماذا لا تتداخل الجهود جهة واحدة تشمل كل تلك الجهات وتوضع لها القوانين والروابط، على الأقل نستطيع فك هذا التشابك، ومن ثم لا نلقي باللائمة على جهة معينة ما دامت أصبحت هناك جهة شاملة للعديد من الجهات ومخول لها دور بيئي معين، ولهذا فأطالب الجهات ذات العلاقة بالشأن البيئي أن تتداخل معا في كيان له مسؤولية بيئية معينة للنظر في فك الكثير من التشابكات التي تحدث علماً بأن جميع تلك الجهات حكومية.
* وماذا عن إيجابيات وسلبيات العمل البيئي في البلاد من وجهة نظرك؟
من الإيجابيات البيئية في البلاد، انتشار هذا اللون الأخضر، وأعني الزراعة رغم قساوة الجو حتى أن الزراعة في الكويت أصبحت من الأمور الطيبة، وكما أن وجود الفرق والجهات البيئية التطوعية الخادمة للبيئة من الأمور الرائعة وتضيف للعمل البيئي في البلاد، وثمة حملات توعوية بدأت تنتشر خاصة بين الفئات العمرية الصغيرة، وذلك يأخذنا إلى أهمية نقل الحملات التوعوية إلى المدارس لإبراز الكفاءات وزرع تلك المفاهيم في نفسية الطلاب من الصغر.
وثمة أمر أراه من الأهمية بمكان أن ألفت النظر إليه وهو يجب أن نهتم بزراعة الأشجار قليلة الطلب على المياه، فضلا عن استخدام أفضل وسائل الري، فكيف أزرع هذا الكم من الأشجار وأهدر تلك المياه المكلفة. ومن المؤثرات بالسلب على البيئة في البلاد أيضا، هذه الازدحامات المرورية وما ينتج عنها من استخدامات للبنزين المحروق يوميا والسموم الناتجة عن الغازات المتصاعدة من السيارات وتأثيرها على الصحة والخضرة في البلاد.
وللأسف لا يوجد من أعطاها أهمية كبيرة من زاوية مخاطرها البيئية، فأصبحت الازدحامات المرورية مصدراً للسموم يتحرك بيننا ويسير في جميع المناطق ويبث هذه السموم ولا ينافسها فيها أحد، فضلا عن التلوث السمعي ومضاره الصحية والعصبية، وهذا الأمر يؤثر بالسلب على كفاءة الاداء لدى مستخدمي الطرق، فضلاً عن تأثيره على إنهاء بعض المشاريع والأعمال بسبب هذا الازدحام المروري الموجود.
"البنزين المروري"
للعلم فإن وزن لتر البنزين يساوي ما يقارب 760 غرام وعند حرقه ينتج لدينا 2360 غراما من الغازات الكربونية، وهنا نلاحظ هذه الزيادة في الوزن وذلك بسبب اتحاد الكربون مع الأكسجين المتواجد بالهواء مما تنتج عنه هذه الزيادة، وعليه من السهل لدينا أن نقدر الأطنان من هذه الغازات السامة الناتجة من معدل استهلاك البنزين في الكويت فهذا لو تم تخفيض ساعات الازدحام في الكويت فيجب عليه أن تسعى الجهات المعنية إلى تخفيض الازدحام المروري لدينا في الكويت ولو بنسب مئوية أي بنسبة %20 وبذلك سوف نقوم بتخفيض الأطنان الناتجة عن الغازات السامة بنسبة %20 الناتجة من السيارات وهذا الرقم ممكن يزيد كثيرا جدا لو قمنا بحرق البترول المستخدم في محطات الكهرباء في الكويت.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 159